أبدت صحيفة "الوطن" السورية المقربة من دائرة القرار السياسي في دمشق تخوفها من مصادرة الجيش المصري الذي يتولى إدارة مصر حالياً لنتائج ثورة الشعب المصري. وقالت الصحيفة في افتتاحيتها أمس الأحد: خرج علينا قائد القوى الجوية المصرية ليعلن لنا البيان الرابع للجيش ليؤكد من خلاله التزام مصر بجميع المعاهدات والاتفاقيات الموقعة مع الخارج وتكليف حكومة أحمد شفيق التي عينها مبارك قبل تنحيه بتسيير أمور البلاد، واعتبرت الصحيفة أن "هذا البيان يوحي للعالم أن ما جرى في مصر لم يكن ثورة بل انتفاضة تعبر عن سخط الشعب المصري من سياسات نظامه الاقتصادية والاجتماعية"، حسب وصف الصحيفة، وأضافت أن الثورات عادة تفرز في أول أيامها قادة يخطون سياسة الدولة الجديدة ومسارها ويعيدون تشكيل مؤسسات الدولة ويفرزون رجالها.. لكن في الحالة المصرية لم ينفذ الجيش حتى الآن مطالب الشعب، وسارع بلا مبرر إلى طمأنة تل أبيب وواشنطن وكل من عبر عن قلقه تجاه أمن وسلامة إسرائيل. واعتبرت الصحيفة أن هذا "يعني حتمية بقاء الشباب المصري في ميدان التحرير حتى تحقيق المطالب كلها التي لا تنحصر في تغيير مبارك بل كل النظام المرتهن للخارج وغير القادر على تلبية تطلعات شعبه الاقتصادية والسياسية أيضاً".
وإذ وصفت الصحيفة بيان الجيش المصري رقم 4 بالمستغرب وغير الضروري سألت هل تمت مصادرة ثورة الشعب المصري؟ ولمصلحة من؟ ورأت أن الأيام القليلة المقبلة ستجيب عن هذا السؤال وسيتوضح للعالم معالم مصر الجديدة.
وذهبت إلى أن إنجاز الشعب المصري بحاجة إلى حماية وحضانة عربية لأن الدولة الصهيونية لن تتردد في مصادرة إرادة المصريين كما فعلت طوال العقود الثلاثة التي مضت وستفعل كل ما بإمكانها للحفاظ على الحليف المصري وخاصة بعد أن خسرت الصديق التركي وفق تحليل صحيفة الوطن السورية.
وكان التلفزيون الرسمي السوري قد اعتبر أن سقوط نظام مبارك هو سقوط "نظام كامب ديفيد" في إشارة من التلفزيون السوري إلى سقوط اتفاقية كامب ديفيد للسلام التي وقعها الرئيس المصري الراحل أنور السادات مع تل أبيب، وفي أول تعليق رسمي من دمشق كان بيان رئاسي سوري نسب للرئيس بشار الأسد ونظيره العراقي جلال طالباني تعبيرهما خلال قمة جمعتهما في دمشق السبت عن "ثقتهما التامة بقدرة الشعب المصري على النهوض بواقع مصر وإعادة مصر الى دورها الطبيعي العربي والعالمي".
إلى ذلك، قالت صحيفة "تشرين" الحكومية أن سقوط مبارك كان "انعطافة كبرى في حياة الأمة ليس في مصر فقط، وإنما في الوطن العربي كله، ليس فقط لأن مصر من أكبر الدول العربية وفق معايير عديدة، بل لأن شعب مصر هو الذي أطاح بنظام كامب ديفيد وبصاحب الحصار على غزة، الذي عقد للمقاومين محاكم تحاسبهم وتزجّهم في السجون"، ورفعت "تشرين" سقف توقعاتها عندما قالت أيضاً "مصر عادت وعاد معها ألقها القومي ودورها العروبي، وهذا ما يجب أن يحدث، وهذا ما نتوقع من رجال مصر وشبابها ونسائها وقواتها المسلحة أن يفعلوه".
ترحيب صهيونى وفى المقابل، رجحت مصادر في وزارة الخارجية الصهيونية يوم أمس أن لا تشهد العلاقات الدبلوماسية بين تل أبيب والقاهرة أية انتكاسة عقب الثورة المصرية، فيما أجرى وزير الحرب الصهيوني أيهود باراك مكالمة هاتفية مع نظيره المصري المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري في مصر.
وبحسب ما ذكرت الإذاعة الصهيونية فإن وزير الخارجية الصهيوني أفيجدور ليبرمان ترأس ليل السبت نقاشاً مع مسئولي وزارته تم خلاله تباحث الأمور حول أحداث مصر.
وعقب الاجتماع رجحت وزارة الخارجية ألا تشهد معاهدة السلام مع مصر أية انتكاسة.
وأكدت أن عملية إعادة فتح مقر السفارة الصهيونية في القاهرة من المتوقع أن تتم اليوم الاثنين، إلا أنها قالت أن القرار الأخير "سيتخذ بناء على التطورات على الساحة المصرية".
وكان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هاتف ليل السبت أيضاً ليبرمان بحسب ما ذكرت الخارجية الصهيونية، وذلك في إطار المشاورات التي يجريها نتنياهو مع مسؤولي حكومته عقب استقالة الرئيس المصري حسني مبارك.
وقالت مصادر سياسية في حكومة تل أبيب أنه لا تتوقع أن يطرأ اي تغير جوهري في العلاقات بين مصر والدولة الصهيونية، في أعقاب الأحداث التي أنهت حكم الرئيس مبارك، وقالت أنه من مصلحة البلدين الحفاظ على معاهدة السلام المبرمة بينهما.
وكان نتنياهو رحب بإعلان المجلس العسكري الأعلى في مصر باحترام معاهدة "كامب ديفيد" للسلام مع الدولة الصهيونية.
وقال أن هذه المعاهدة، التي وقعت في 1979 "تعود بالنفع على البلدين، كما أنها تخدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط برمتها"!، وفق زعمه.
وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية أعلن في بيان له التزامه بكافة المعاهدات والاتفاقات الدولية والإقليمية التي وقعتها مصر.
هذا وقالت الإذاعة الصهيونية أيضاً أن مستشار الأمن القومي الصهيوني عوزي أراد اجتمع في واشنطن مع نظيره الأمريكي توم دونيلون وغيره من المسئولين وبحث معهم الأوضاع في مصر.
هذا وكشف في تل أبيب أيضاً عن قيام وزير الجيش أيهود باراك بالاتصال هاتفياً بنظيره المصري المشير حسين طنطاوي.
ولم يكشف عن فحوى المواضيع التي ناقشها الرجلان في هذا الاتصال الذي يعد أول اتصال رسمي بين القيادتين الصهيونية والمصرية منذ رحيل الرئيس حسني مبارك.
غير أن موقع "قضايا مركزية" الصهيوني قال أن باراك تمنى خلال المكالمة لطنطاوي النجاح في قيادة الشعب المصري، مؤكدا على "استمرار العلاقات الجيدة التي تربط إسرائيل مع مصر والحفاظ على الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين".
وقال الموقع إن باراك نجح في الاتصال مع طنطاوي، على خلاف نتنياهو الذي فشل في مكالمة الرجل القوي في الحكم الآن بمصر بعد أن بذل جهودا لإجراء المكالمة عقب تنحي مبارك، غير أن الأخير "لم يستجب لهذه المحاولات".
وأضاف الموقع أنه بناء على الاتصال الذي تم بين باراك وطنطاوي، فإن باراك "أظهر تفاؤلا" باستمرار العلاقات الجيدة مع مصر، وكذلك زيادة التعاون بين الجانبين حال بقي باراك وزيرا للجيش، خاصة أن طنطاوي اظهر رفضه للحديث مع نتنياهو واللقاء معه، حتى بعد الإعلان الذي صدر عن نتنياهو والذي بارك للجيش المصري تسلمه للسلطة في مصر.