شدد الرئيس السوداني عمر البشير على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع بالبلاد، مؤكداً التزام الدولة بتنفيذ حدود الله وعدم المجاملة والتفريط فيها. وهاجم البشير أعداء الإسلام والشريعة الإسلامية. وقال إن الدين الإسلامي هو دين الدولة. وقال البشير خلال خطابه، امس الاحد، أمام اللقاء الجماهيري الحاشد بساحة أسواق المحاصيل بولاية القضارف، إن دستور السودان سيعدل في حال انفصال الجنوب، مبيناً أن الشمال يتمتع ببترول جيد وبكميات كبيرة وعمر أطول من بترول الجنوب. وشكر البشير دولة الكويت لرعايتها ودعمها لمؤتمر تنمية شرق السودان، ودولة قطر التي ترعى عملية السلام في دارفور وكل الذين ساندوا السودان ووقفوا معه في كل المناسبات.
كما قلل الرئيس السوداني في خطابه من أهمية فقد الشمال للنفط في حال الانفصال وأضاف أن بترول الشمال سيكون أكثر من بترول الجنوب وأطول عمرا.
وتابع " الجنوب قطعة من جسم السودان لكن انفصاله لن يكون نهاية الدنيا ، السودانيون كانوا عايشين قبل بترول الجنوب وبالتالي لن يضرهم ذهاب البترول" ، مؤكدا في هذا الصدد وجود اكتشافات جديدة للبترول في شمال البلاد وغربها وشرقها بكميات كبيرة وواعدة.
ورغم أن الدكتور نافع على نافع مساعد البشير كان أكد مؤخرا أن الشمال لن يتأثر كثيرا في حال انفصال الجنوب بسبب اكتشاف النفط فيه، إلا أن تصريحات البشير التي أطلق عليها البعض "قنبلة" ما قبل الاستفتاء أثارت تساؤلات كثيرة حول مغزاها خاصة وأنها تأتي قبل حوالي 20 يوما من إجراء استفتاء الجنوب من جهة وتتعارض مع عرضه الأخير بشأن الوحدة من جهة أخرى.
فمعروف أنه بعد توقيع اتفاق السلام الشامل الذي وضع حدا للحرب الأهلية في البلاد عام 2005، أصدر البشير والحركة الشعبية دستورا مؤقتا ينتهي العمل به في يوليو 2011.
وبالنظر إلى أن هذا الدستور المؤقت المستند إلى الشريعة الإسلامية والتوافق الشعبي قام على أساس الاعتراف بالتنوع العرقي والثقافي والديني في السودان وجعل الإنجليزية لغة رسمية إلى جانب العربية ، فقد فسر كثيرون تصريحات البشير والتي تعتبر بمثابة انقلاب على الدستور السابق بأنها حسمت الأمر مبكرا ورجحت أن الانفصال قادم ولا مفر منه.
ولعل ما ضاعف من صحة ما سبق أن البشير كان عرض في 18 ديسمبر قبل يوم من التصريحات السابقة التخلي عن حصة شمال السودان في نفط الجنوب بالكامل إذا صوت الجنوبيون لصالح الوحدة مع الشمال.
ويبدو أن العرض السابق كان بمثابة آخر فرصة لإنقاذ الوحدة من وجهة نظر الشمال ولذا ما أن أعلنت الحركة الشعبية أنه "جاء متأخراً" إلا وسارع البشير لتهيئة السودانيين لما سيكون عليه الوضع في الشمال في حال انفصال الجنوب وهو أمر سيربك بلا شك حسابات الجنوبيين المقيمين في الشمال والذين كانوا يفضلون وحدة البلاد أو البقاء في الشمال في حال الانفصال ، كما أنه سيثير غضب معارضي البشير الذين يشددون على أهمية التنوع الديني والعرقي والثقافي لحل أزمات السودان.
على صعيد متصل وصفت الحكومة السودانية تسريبات موقع (ويكيليكس) باتهام مدعي محكمة الجنايات الدولية للرئيس عمر البشير بإيداع مبلغ 9 مليارات دولار في مصرف (لويدز) البريطاني بأنه تشويه لصورة الرئيس، فيما نفى المصرف وجود أي حساب باسم البشير.
وكانت إحدى البرقيات التي سربها موقع (ويكيليكس)، أشارت إلى أن البشير أودع تسعة مليارات دولار (6.79) مليارات يورو من عائدات بلاده النفطية في حسابات مصرفية في بريطانيا باسمه.
تكذيب بريطانى لمزاعم أوكامبو وأعلن بنك (لويدز) أنه لا يتوافر أيِّ دليل على وجود أموال لديه باسم البشير وجاء في بيان البنك: (ان سياسة المجموعة هي التقيُّد بالالتزامات القانونية والتنظيمية في جميع مناحي عملنا).
واقترح أوكامبو حسب المذكرة المسربة على مسئول أمريكي، التحدث عن وجود أموال باسم الرئيس البشير، لتأليب الرأي العام السوداني ضده لأنه (لا يزال يُحظى بشعبية كبيرة وسط السودانيين).
من جهتها أوضحت وزارة الإعلام في بيان صحفي أمس، أن الخبر يؤكد فشل مهمة أوكامبو في تشويه صورة البشير وقالت إنه اتجه لإقناع الدبلوماسية الأمريكية للترويج لهذه الفرية، وأكدت الوزارة صحة تحليل الحكومة لمهمة المحكمة الجنائية ومدعيها بأنّه مَحض عمل سياسي بائس.
وقالت الحكومة: تأبى حقيقة تسييس العدالة، إلاّ أن تكشف عن نفسها بصورة جلية فيما جاء في تسريبات (ويكيليكس) واعتبرت أن الخبر في أصله يؤكد فشل مهمة أوكامبو في تشويه صورة البشير بالحديث عن الإبادة الجماعية والإغتصاب وغيرها من التهم التي سخر منها الجميع، وأوضحت أن سلوك أوكامبو يتناقض مع ما ظَلّ يردده من أن قيامه بمهمته إنما يأتي إستجابةً لقرار مجلس الأمن بإحالة ملف دارفور للمحكمة.
واعتبرت أن رد الموظف الأمريكي على اقتراح أوكامبو بأنه لم يحن وقته، يؤكد أن مدعي الجنائية يَعمل في إطار خُطة له فيها حَق الاقتراح فقط ويلزمه تنفيذها وفق ما يقره من قاموا بتوظيفه للمهمة.
وأكّدت وزارة الإعلام في بيانها، أنّ حكومة السودان تفخر بثقة شعبها في رئيسها وبتضامن أشقاء السودان مع قضاياه ودَعت الأحرار في العالم لرفع أصواتهم عالية بتجريم المحكمة ومُدّعيها، وطالبت مجلس الأمم باتخاذ قرار يمنع فوضى استخدام قراراته للإضرار بمصالح دول هي أعضاء في الأممالمتحدة، ولم تَستبعد ظهور تَسريبات جديدة تؤكد صحة تحليل الحكومة لمواقف أوكامبو والمحكمة الجنائية.
ادعاءات ملفقة وفي السياق سَخر حاج ماجد سوار أمين التعبئة بالمؤتمر الوطني من الاتهامات، واتهم الجنائية بتلفيق الادعاءات ضد الرئيس البشير، وقال في تصريحات صحفية أمس، إنّ الاتهامات تُعد مرحلة ثانية من مراحل استهداف البشير وقيادة وشعب السودان بعد فشل المخطط الأول، وأضاف: هذه محاولات للاغتيال المعنوي وتشويه صورة الرئيس عبر هذه الأكاذيب البائرة والخاسرة، وزاد: لن تنال تلك المزاعم من ثقة وتأييد شعب السودان الواسع لرمز قيادته.
ووصف سوار، الاتهامات بأنّها تُؤكِّد فساد الممارسة السياسية والتردي الاخلاقي الذي وصلت اليه الدول الغربية عبر تلفيق الأكاذيب.
ويصل الرئيس المصري حسني مبارك والزعيم الليبي العقيد معمر القذافي يوم غد الثلاثاء الى الخرطوم لاجراء محادثات مع الرئيس.
وقالت وكالة الانباء السودانية الرسمية امس ان الرجلين "سيبحثان مع البشير في ما يتعلق بمجمل الاوضاع في السودان والقضايا ذات الاهتمام المشترك بين الدول الثلاث".
وبحسب وكالة انباء الشرق الاوسط المصرية، فان مبارك بحث الاحد في اتصال هاتفي مع الزعيم الليبي اخر تطورات الوضع في السودان. الا ان الوكالة الرسمية المصرية لم تشر مع ذلك الى زيارة لمبارك الى السودان.
من جانب اخر، اجرى وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط الاحد محادثات في القاهرة مع ديريك بلامبلي رئيس بعثة تقييم تطبيق اتفاق السلام بين شمال السودان وجنوبه، كما افادت وكالة انباء الشرق الاوسط.
وقال ابو الغيط بحسب الناطق باسمه انه على القوى الدولية والاقليمية توحيد جهودها للضغط على حزب المؤتمر الوطني الذي يرأسه البشير والمتمردين السابقين من الحركة الشعبية لتحرير السودان.
ويبحث المؤتمر الوطني والحركة الشعبية منذ يوليو اربعة مواضيع رئيسية لفترة ما بعد الاستفتاء وهي المواطنية وتقاسم الموارد الطبيعية وبينها النفط، والامن واحترام الاتفاقات الدولية بما يشمل اتفاق تقاسم مياه النيل. كما يفترض ان يتوصلا الى تفاهم حول مسألة ابيي المنطقة المتنازع عليها والتي يطالب بها الطرفان.
وقال وزير الخارجية المصري بحسب وكالة انباء الشرق الاوسط ان على شمال السودان وجنوبه الحفاظ على علاقات قوية مهما كانت نتيجة الاستفتاء.
سد جديد على نهر النيل من ناحية أخرى، ذكرت صحيفة "نيو فيجن" الأوغندية، الاثنين، أن الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني بحث مع رئيس حكومة جنوب السودان سلفا كير ميارديت إمكانيات بناء محطات للطاقة الكهرومائية في جنوب السودان عن طريق إقامة سد جديد على نهر النيل.
وقالت إن موسيفيني استقبل سلفا كير على رأس وفد كبير في القصر الرئاسي في مدينة عنتيبي الأوغندية، الأحد، وبحثا سبل توليد الكهرباء بطول نهر النيل لتعزيز عملية التنمية.
وذكر موسيفيني أن أوغندا تريد توليد 3800 ميجا وات من الكهرباء في غضون خمس سنوات, وأكد على أن المشروع سيقام بموارد محلية فقط. وتبلغ قدرة أوغندا حاليا على توليد الطاقة 300 ميجا وات فقط في حين أن احتياجاتها تفوق 340 ميجا واتا.
ويتوقع أن تولد البلاد نحو 250 ميجا واتا أخرى باستكمال محطة الطاقة في بوجاجالي في العام 2012. ولفتت "نيو فيجن" إلى أن الطاقة المولدة مائيا هي المصدر الرئيسي للكهرباء في أوغندا خصوصا لاستعمال القطاع الصناعي.
ونقلت الصحيفة عن موسيفيني قوله "نحن نخطط لتوليد 17 ألف ميجا وات بحلول العام 2025".
ووفقا لبيان صادر من القصر الرئاسي في عنتيبي، حث موسيفيني سلفا كير على التركيز على عملية التصنيع وتعبيد الطرق لتعزيز اقتصاد بلاده ولخدمة رفاهة شعبه.
وقال موسيفيني إن العدد الكبير من الصناعات الموجودة في أوغندا لعب دورا كبيرا في توسيع قاعدة تحصيل الضرائب على مستوى جميع أنحاء أوغندا.
وذكرت الصحيفة أن موسيفيني أعرب عن تمنياته الطيبة ل"شعب جنوب السودان" وهو يستعد لاستفتاء التاسع من يناير المقبل، بشأن الانفصال عن السودان؛ ليصبح دولة مستقلة أو البقاء في دولة واحدة.
وكان في رفقة سلفا كير خلال زياته لأوغندا وفد شمل كلا من وزير التعاون الإقليمي في حكومة الجنوب دينج ألو، ووزير المالية دافيد دينج أثورب، ووزير الداخلية جير تشوانج، والدكتور سيرينو إيهنج المكلف بالشؤون الرئاسية في حكومة الجنوب.
تنسيق صهيوأوغندي لتسليح الجنوب يأتى هذا، فيما قال المركز السوداني للخدمات الصحفية ان أوغندا كثفت من نشاط تسليح الحركة الشعبية برعاية صهيونية خلال الأسابيع الماضية، في مسعى لإكمال البناء العسكري للجيش الشعبي قبل الاستفتاء.
ونقل المركز عن مصادر أمس عن أنّ الحركة استقبلت حزمة جديدة من الأسلحة في ( 12 ) حاوية شملت راجمات ومضادات طائرات وعربات مدرعة وصواريخ أرض جو، في الوقت الذي اعترف فيه رئيس شُعبة الاستخبارات العسكرية الصهيونية بوجود دور صهيوني واسع لمساعدة الحركات الانفصالية في السودان، وأشار إلى أن الدور تمثل في إيصال السلاح والتدريب والدعم اللوجستي، إلى جانب تشكيل الجهاز الاستخباري للحركة.
وقال مصدر عسكري إن التنسيق الصهيوني الأوغندي وصل مدىً بعيداً وكشف عن دور واضح للرئيس اليوغندي في ذلك.
واوضح أن الدفعة الأخيرة التي استقبلتها الحركة الشعبية تجيء في إطار الاستراتيجية التي تتبناها تل أبيب عبر يوغندا بدعم التوجه الإنفصالي للحركة الشعبية، موضحاً أن جنرالاً رفيعاً بالحركة الشعبية أشرف على وصول هذه الدفعة للجنوب، مشيراً إلى أنه سبق أن تم إرسال طائرات هليكوبتر، مؤكداً انّ طيّاريها مازالوا يتدربون ببعض القواعد العسكرية فى أوغندا تحت إشراف صهيوني.
على صعيد متصل شهد أحمد بلال عثمان مستشار الرئيس السوداني مع داك دوب بيشوب وزير العمل، يرافقه حاج ماجد سوار وزير الشباب والرياضة وعدد من قيادات العمل السياسي والتنفيذي والعدلي والدستوري (برنامج رفع التمام السنوي لسرايا الخدمة المدنية) وتخريج معسكرات التدريب لمنسقية الخدمة المدنية بالدفاع الشعبي.
وأشار داك دوب بيشوب وزير العمل الى تمام جاهزية الخدمة المدنية للنهوض بالبلاد، منوهاً إلى ان الجاهزية قبل القوة لابد أن تكون في الأخلاق والسلوك، منوهاً ان المرحلة تحتاج لليقظة والحذر لتفويت الفرصة على المتربصين بأمن واستقرار البلاد، مشدداً على دور الدفاع الشعبي في المرحلة المقبلة. وأكد بيشوب أن السودان في حالتي الوحدة أو الانفصال سيظل آمناً بجهد أبنائه وبأخلاقهم وسلوكهم.
من جانبه أكد عبد الله الجيلي المنسق العام للدفاع الشعبي أن قواته لم يسجل عليها خرق واحد لاتفاقية السلام طيلة الفترة السابقة لحفاظها على العهد، وأضاف أن الاحتفالية تجيء لتأكيد الحفاظ على أمن السودان وحماية مقدراته ومكتسباته، ولترد على كل متربص بالوطن، وقال إنه من خلال البرامج نضمن أن لا يؤسس السودان بأهواء غيره بل بفكر أبنائه الأخيار.
من جهته قال حاج ماجد سوار، إنّ ما يواجه البلاد من مؤامرات وكيد، قديم ومتجدد ومستمر، مستعرضاً مجاهدات أهل السودان السابقة. من جانبه قال محمد حسن الابهري منسق الخدمة المدنية، إنّ استمرار البرنامج بصورة راتبة وسنوية يأتي لتأكيد جاهزية هيكل منسقية الخدمة المدنية بالمؤسسات، بالإضافة الى السرايا المختصة.
جنوب السودان وحقائق ورغم أن الحركة الشعبية تعول كثيرا على الدعم الغربي والصهيوني في حال الانفصال إلا أن كافة المؤشرات ترجح أن الجنوب لن يشهد استقرارا.
فهناك شكوك كثيرة حول قيام دولة ناجحة بالجنوب لها مقوماتها وقادرة على إدارة نفسها وخلق علاقات مع غيرها، فدولة الجنوب الوليدة في حال الانفصال ستواجه تحديات تكمن في وجود كثير من القضايا العالقة مع الشمال والتي تدفع الدولتين للحرب وأهمها ترسيم الحدود والنزاع القائم بين الشمال والجنوب حول منطقة أبيي ومشكلة الآلاف من النازحين الجنوبيين الموجودين في وسط وشمال السودان وكذلك ما يخص الشماليين الذين استقروا في مدن الجنوب.
ورغم وجود النفط، إلا أن هناك أيضا احتمالات لنشوب حرب أهلية بالجنوب على ضوء تمرد عدد من قادة الجيش الشعبي إبان خلافهم مع حكومة الجنوب في الانتخابات الأخيرة بجانب التركيبة المعقدة للجنوبيين من حيث العرق والثقافة والدين خاصة مع قلة الموارد وتفشي الفساد.
بل ونقلت قناة "العربية" عن بعض المحللين القول إن النفط في صدارة الموارد التي يعتمد عليها الجنوب بشكل أساسي بنسبة أكثر من 90% ولذا فإن قلة الموارد هناك قد تثير شهية عدد من القوى الدولية والإقليمية للتدخل في الشأن الجنوبي وإثارة القلاقل من أجل تحقيق أجندتها في المنطقة.
ولعل إلقاء نظرة على مقومات دولة الجنوب المتوقعة بالحقائق والأرقام يرجح صحة ما سبق، فجنوب السودان يبلغ مساحته حوالي 700 ألف كيلو متر أي ما يعادل ثلث المساحة الكلية للسودان وللجنوب حدود تمتد إلى 2000 كيلو متر تقريباً مع خمس دول هي إثيوبيا وكينيا وأوغندا والكونغو وإفريقيا الوسطى.
ويبلغ عدد سكان الجنوب 8.260 مليون نسمة من جملة سكان السودان البالغ عددهم 39.154 مليون نسمة أي 25% من إجمالي السكان وذلك حسب آخر إحصاء سكاني أجري في 2009.
وتتعدد لهجات سكان الجنوب حيث يصل عددها إلى 12 لهجة ورغم أن اللغة العربية المحلية التي تنطق بلكنة إفريقية هي اللغة التي يعرفها أغلب السكان تقريباً وتسمى بعربي جوبا، لكن لغة التعليم والحكومة والمعاملات هي اللغة الإنجليزية والتي أصبحت لغة رسمية لجنوب السودان منذ عام 1928، أما من حيث القبائل، فإن قبيلة الدينكا تعد كبرى القبائل في الجنوب تليها قبيلة النوير ثم الشلك والزاندي والباريا والمورو.
وبالجنوب عشر ولايات أبرزها ولاية بحر الجبل وأعالي النيل وبحر الغزال وأراب والبحيرات وولايات الاستوائية وجونقلي، وأهم المدن هي جوبا "العاصمة" وواو وملكال وبور وبانتيو ومريدي وتوريت.
وبالنسبة للموارد، يتربع النفط في صدارة الموارد التي يعتمد عليها الجنوب بشكل أساسي بنسبة أكثر من 90%، وينتج السودان حالياً نحو 500 ألف برميل يومياً من النفط يأتي معظمها من الجنوب نصيب الجنوب منه 80%، وأهم المناطق المنتجة لنفط الجنوب هي بانتيو بولاية الوحدة وعد أرييل وفلج بولاية أعالي النيل.
واللافت للانتباه أنه ليس للجنوب منافذ أو طرق بحرية مباشرة ، كما أنه فيما تشكل عائدات النفط أكثر من 90% من إيرادات السودان بالعملة الأجنبية و45% من الميزانية بكاملها، فإن بقية الموارد في الشمال تتنوع ما بين الزراعة وصيد الأسماك على عكس الجنوب الذي يعتمد بشكل كبير على النفط في ظل ندرة الموارد الطبيعية الأخرى وخاصة الزراعة بسبب انتشار المستنقعات.
وبصفة عامة، فإن مؤامرة تقسيم السودان التي تقودها أمريكا والدولة الصهيونية تناست أن حقائق التاريخ والجغرافيا والاقتصاد والسياسة تؤكد جميعها التداخل بين السودانيين.
فالقبائل الرعوية تتنقل باستمرار بين الشمال والجنوب والغرب والشرق، كما أن النفط وإن كانت تتواجد معظم آباره في الجنوب، إلا أنه يتم معالجته في الشمال، هذا بالإضافة إلى التقديرات التي تشير إلى أن ضحايا الصراع بين قبائل الجنوب أكبر من ضحايا الحرب بين الشمال والجنوب، ولعل هذا ما ظهر واضحا في تصريحات لام أكول الذي انشق مؤخرا عن الحركة الشعبية.
ففي 18 يناير الماضي، أكد لام أكول السياسي البارز في جنوب السودان أن الاستقلال عن الشمال سيكون بمثابة كارثة بالنسبة للجنوب، قائلا "في الوقت الراهن وفي ظل وجود الأعمال العدائية في الجنوب والنزاعات بين القبائل والنزاعات حتى ضمن القبيلة الواحدة فإن أي دعوة للانفصال ستكون دعوة لصوملة جنوب السودان".
وتبقى حقيقة هامة وهي أن هناك المئات من سكان شمال السودان الذين انضموا إلى حركة التمرد الجنوبية السابقة، كما التحق عدد من سكان الجنوب بالقوات الحكومية خلال الحرب الأهلية التي استمرت من 1983 إلى 2005، وانتهت بتوقيع اتفاق سلام شامل نص على تنظيم استفتاء تقرير مصير الجنوب، وهو ما يؤكد صعوبة الفصل التام بين الشمال والجنوب، فالتداخل في كل شيء هو السمة المميزة وإن كانت هناك خلافات فالحكمة تقتضي أن يتم حلها في إطار الوطن الواحد وليس عبر الانفصال التام الذي لا يخدم أحدا سوى أعداء السودان.