أثار القرار الجمهورى بتعيين 7 مسيحيين فى مجلس الشعب، ضمن العشرة المعينين، غضب العديد من المفكرين والقيادات القبطية، بدعوى أن السبعة الذين تم اختيارهم إما "على المعاش" أو أنهم يمثلون تياراً "ضد الكنيسة"، وإن استحوذ اختيار جمال أسعد على الغضب الأكبر من جانبهم. وقال مصدر مسئول فى الكنيسة الأرثوذكسية، طلب عدم ذكر اسمه، إن تعيين جمال أسعد "خبر سيئ جداً"، لأنه ضد الكنيسة ويهاجم رموزها باستمرار، وفى مقدمتهم البابا شنودة، مضيفاً "اختيار أسعد ربما يكون بمثابة رسالة من النظام إلى الكنيسة بعد أحداث العمرانية وإسقاط كل الرموز القبطية فى الانتخابات".
وأكد ماجد حنا، محامى الكنيسة الأرثوذكسية، أن اختيارات المعينين "مخيبة للآمال" إلا قليلاً منها، وتمثل "رسالة مفادها أن من يرفع صوته يتعرض لإقصاء"، بينما أشار ممدوح نخلة، المحامى المسيحى، إلى أن "جورجيت قللينى التى دافعت ببسالة عن المسيحيين فى أحداث نجع حمادى تم إبعادها مع كل المعارضين الشرفاء"، على حد تعبيره.
وعبر نجيب جبرائيل، رئيس منظمة الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان، عن دهشته لاختيار 7 غالبيتهم من "أصحاب المعاشات"، على حد وصفه. متابعاً "هذه التعيينات جاءت لاستفزاز الأقباط". وطالب القس الدكتور راضى عطاالله إسكندر، راعى الكنيسة الإنجيلية بالعطارين فى الإسكندرية، باستبدال هؤلاء المسيحيين بمسلمين يتمتعون ب"الضمير الحى"، مضيفاً "لا نريد أقباطاً فى وظائف رسمية بمجلس الشعب، وإنما نريد مصريين لديهم أمانة ومسئولية".
ووصف مايكل منير، رئيس منظمة "أقباط الولاياتالمتحدة"، التعيينات بأنها "خيبة أمل وصفعة على وجه الأقباط". وأضاف "الدولة تقوم بتصعيد الخلاف مع الكنيسة وتسترجع أيام السادات". وقال إن جمال أسعد فى آخر دورة برلمانية له كان يمثل فيها الإخوان المسلمين.
من قال إننى سأمثل المسيحيين؟ من جانبه، أكد قيادى حزب العمل، وعضو مجلس الشعب المعين، جمال أسعد عبدالملاك، إنه لا يمثل المسيحيين سياسيا، موجها شكره للرئيس حسنى مبارك لاختياره من أجل إحداث توازن فى وجود المعارضة داخل المجلس، مؤكدا أنه "سيكون نائبا عن كل المصريين".
وقال عبدالملاك ردا على هجوم عليه من بعض المواقع المسيحية المصرية "من قال لهؤلاء إنى أمثلهم كمسيحيين، أنا لا يشرفنى أن أمثل هؤلاء"، مضيفا "الذين يعترضون على تعيينى لا يفهمون مبادئ السياسة دستوريا وقانونيا، ومن يقولون إن هناك نائبا يمثل المسيحيين ينطلقون من فرضية خاطئة ويصلون إلى نتيجة خاطئة".
وأكد عبدالملاك إنه لا يمكن لأقلية أن تنجح فى التمثيل النيابى على أرضية طائفية، فمن يخوض الانتخابات كمسيحى لن يحصل إلا على أصوات المسيحيين، وبالتالى لن يتمكن أحد من المسيحيين من الفوز لأنهم أقلية، أما من يخوض الانتخابات كسياسى ببرنامج سياسى، فلن يتم الالتفات إلى دينه لأنه يمثل المصريين جميعا.
وقال عبدالملاك "إن سبب المفاجأة لدى بعض الأقباط هى أنى ضد الكنيسة، كما يتصورون، وأن الكنيسة تعين من تشاء، ولا يتصورون أن يأتى أحد من خارجها".
وقال عبدالملاك إنه "لا يوجد معارض من أجل المعارضة، وإنما من خلال التوجه السياسى يمكن أن تعارض موقف وتؤيد موقف حسب هذا الموقف وتطابقه مع رؤيتك السياسية".
عناصر معتدلة من ناحية أخرى، قال مراقبون، إن القرار عكس في مضمونه استبعاد كافة العناصر التي كانت ضمن البرلمان السابق وإحلالهم بعناصر معتدلة، وكان أبرز المستبعدين الدكتورة جورجيت صبحي قلليني، والمعروفة بقربها من الكنيسة، فيما اعتبر إضعافا لحضورها داخل البرلمان، وإبعاد الوجوه التي تتبنى مواقفها.
وكانت قلليني قد دخلت في صدام شهير مع النائب عبد الرحيم الغول، بعد أن وجهت له أصابع الاتهام بأنه على صلة بحادثة الهجوم على مطرانية نجع حمادي عشية عيد الميلاد في يناير الماضي، وهو ما أدى إلى حدوث تراشق بالألفاظ بين الجانبين، وقد رفضت التصالح معه على الرغم من تدخل أحمد عز أمين تنظيم الحزب "الوطني".
كما تم استبعاد النائبة ابتسام حبيب رئيس مصلحة الشهر العقاري السابقة من قائمة المعينيين بالمجلس الجديد، فيما يرجح أن عدم اختيارها مجددا جاء لموقفها من أحداث نجع حمادي، وكانت قد أعدت تقريرا عن الهجوم بخلاف تقرير اللجنة التي كلفها البرلمان في ذلك الوقت تحدثت من خلاله الأسباب التي أدت من منظورها إلى وقوع الهجوم ولم يتناولها تقرير اللجنة البرلمانية.
وبخلاف قلليني وحبيب، تم استبعاد النائبة القبطية سيادة إلهامي جريس من القائمة المختارة لعضوية مجلس الشعب.
وكان لافتا أن القرار الجمهوري لم يشمل أيا من علماء الأزهر، حيث تم استبعاد الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر السابق ورئيس لجنة الشئون الدينية من التعيين، لسبب مزدوج، الأول تدهور حالته الصحية، أما الثاني فقد رؤى عدم الحاجة إليه، بعد إقضاء "الإخوان المسلمين" حيث لا يضم المجلس أي نواب باستثناء النائب مجدي عاشور. بينما يضم المجلس نائبين ذوي خلفية دينية، هما: الدكتورة زينب رضوان الأستاذة بكلية دار العلوم، إضافة إلى الدكتور محمد حرز الله، إمام وخطيب مسجد الحسين الذي جاء بالانتخاب عن دائرة الخانكة.
كما تم استبعاد كل من الدكتور رمزي الشاعر أحد القانونيين البارزين وسناء البنا أحد قيادات قطاع البترول، فيما أعيد تعيين الدكتور محمد الدكروري أحد رجالات القانون البارزين، ومدير الحملة الانتخابية للرئيس حسني مبارك في الانتخابات الرئاسة التي جرت عام 2005م، والذي ينتظر أن يقود أيضا معركة الانتخابات القادمة.
وتتضمن القرار إعادة تعيين الدكتور إدوارد غالي الذهبي وجاء تعيينه حاسما للجدل حول استمرار رئاسته للجنة حقوق الإنسان، إضافة إلى إعادة اسكندر غطاس.
وتضم قائمة المسيحيين المعينين المستشار انتصار نسيم حنا الذي حصل على مكافآته في قيادة اللجنة العليا للانتخابات في التجديد النصفي لمجلس الشورى، وأيضا المفكر جمال أسعد المعروف بموقفه المعارض لتجاوز الكنيسة لدورها الروحي، وأدانها في أحداث كنيسة العمرانية، وجاء اختياره مفاجئا لكونه عضوا في حزب "العمل" المجمد حاليا، وفاز بعضوية البرلمان بالانتخابات في دورتين.
وضمت قائمة المعينين ولأول مرة الكاتبة أمينة شفيق الصحفية اليسارية عن حزب "التجمع" ليصبح عدد أعضاء مجلس الشعب من الصحفيين ثلاثة.
وكان نواب البرلمان المعينون الجدد قد قاموا باستخراج كارنيهات العضوية واستكملوا أوراق عضويتهم في ساعة مبكرة من صباح أمس قبل حضور اجتماع الهيئة البرلمانية للحزب "الوطني" باعتبار أنهم أعضاء من الحزب.