حذر الدكتور حسن مكى، رئيس جامعة أفريقيا العالمية، عضو مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين فى السودان والمفكر السودانى المعروف، من الامتداد الصهيونى فى العمق الاستراتيجى لأفريقيا من خلال أزمة مياه النيل المثارة حاليا وشدد على أهمية إطلاق حرية الامتلاك والتنقل، وانتقال رؤوس الأموال والبضائع بين مصر والسودان وتشجيع السياحة بين البلدين. وقال مكى "إن الانسحاب المصرى فى السنوات الأخيرة من القارة الأفريقية فى الوقت الذى تقدمت فيه إسرائيل فى العمق الأفريقى من خلال تقديم الدعمين الفنى والتقنى، ساعد على خلق أزمة مياه النيل كما ساعد دول حوض النيل على توقيع الاتفاقية على غير رغبة الجانب المصرى"، ولفت إلى أن الهدف الحقيقى من إثارة الأزمة فى الوقت الحالى هو ضرب مصر فى أمنها القومى لإلهائها عن دورها إزاء دعم القضية الفلسطينية.
وربط المفكر السودانى بين تقدم الدور الصهيونى فى القارة الأفريقية والانسحاب المصرى لعدم انتباه مصر لأهمية هذا الدور وعدم تقديمها أى خبرات عملية، فضلا عن الجهود الصهيونية القديمة والتى بدأت تتوغل فى أفريقيا منذ زمن بعيد مع الاهتمام بالأقليات اليهودية فى منطقة الفلاشا.
وقال إن زيارة وزير الخارجية الصهيونى افيجدور ليبرمان فى وقت سابق للدول الأفريقية، خاصة إثيوبيا، وكينيا، وتنزانيا، والكونغو، فضلا عن عمل عدد من أساتذة الجامعات الصهيونية فى الجامعات الأفريقية كانا عاملاً كبيراً فى فرض سيطرتها على دول حوض النيل وإثارة أزمة مياه النيل.
ولفت إلى أن انشغال مصر عن القضية الأساسية باصطناع عدو وهمى وخارجى جزء من المشكلة فمن المعروف أن الأمن القومى لأى بلد يقوم على أساس من هو العدو، وحسب اتفاقية كامب ديفيد أصبحت الدولة الصهيونية صديقة ومن هنا بدأ التفكير فى خلق أعداء لمصر.
وفسر موقف تل أبيب فى أنها تتطلع لشراء مياه النيل بعد تحويلها إلى سلعة تباع وتشترى وبالتالى تستطيع شراء كمية من المياه من الدول التى لا تستنفد حصتها من مياه النيل من خلال ترعة السلام أو قناة السويس وأن تكون مصر ملزمة بذلك حتى لا يمكن تخفيض حصتها من المياه.
وأشار إلى أن تل أبيب تسعى لقيام دولة فى جنوب السودان وبالتالى فالمنطقة مهددة بحرب أهلية.
وأوضح أن إثيوبيا تشعر بمرارة من قِبَل الدور المصرى الذى بدأ يتراجع كثيرا بعدما زحف إليها الجفاف واجتاحتها الأوبئة وبدا أنها لا تستفيد بمياه النيل على الطريقة المثلى، وتابع "لذلك أصبح التفكير منصرفاً إما فى الاستفادة بمياه النيل وبيعها أو الاستفادة بالمياه الجوفية لديها، خاصة أنها أكبر دولة فى العالم تمتلك مخزوناً من المياه الجوفية".
وقال إن السودان قادرة على خلخلة الأزمة لأنها تمثل دولة مصب ومنبع فى ذات الوقت ولأنها ترفد مياه النيل بنسبة كبيرة فيمكنها أن تغذى مصر ب«المياه» التى حرمتها منها أوغندا على سبيل المثال.
وطالب بتنسيق أكبر مع دول حوض النيل على غرار أول مؤتمر قمة عربى أفريقى 1973 تحت رعاية الرئيس السابق محمد أنور السادات مع التوسع فى إنشاء الجامعات المصرية فى السودان والعكس.
وشدد على أهمية التنسيق بين مصر والسودان وإعمال الحريات الأربع بين البلدين بداية من التملك والتنقل وانتقال رؤوس الأموال والبضائع واستكمال مشروعى جامعة الإسكندرية فى الخرطوم وجامعة الخرطوم فى القاهرة، فضلا عن الانتهاء من الطريق البرى بين البلدين، وتشجيع السياحة بين البلدين.