ماذا تبقى للأسد؟.. سؤال بات يلوح في الأفق السوري بعد بسط قوات المعارضة نفوذها على غالبية المناطق التي كانت خاضعة لوقت قريب في قبضة قوات بشار الأسد، كان أخرها السيطرة على محافظة إدلب شمالي غرب سوريا فقوات المعارضة والتي تمكنت في الأشهر الماضية من إلحاق هزائم فادحة في صفوف الأسد، استطاعت إخضاع إدلب بشكل شبه كامل تحت سيطرتها، بعد استيلاءها على مجموعة كبيرة من القرى والحواجز، الأمر الذي دفع قوات الأسد للانسحاب إلى سهل الغاب بريف حماة الغربي. وتقود المعارضة حرب شرسة للسيطرة على سهل الغاب ما يمكنها من فتح الطريق باتجاه الساحل السوري، معقل نظام الأسد الرئيس. وتمكن جيش الفتح التابع للمعارضة السورية والذي يضم عدة فصائل عسكرية مثل جبهة النصرة وأحرار الشام وجند الأقصى وفيلق الشام من فرض سيطرته على أكثر من 23 حاجزا في غرب وجنوب إدلب.
وأحكمت فصائل المعارضة سيطرتها على الطريق الدولي الواصل بين محافطتي حلب (شمالاً) واللاذقية (غرباً)، وذلك خلال معارك خاضتها في اليومين الماضيين جنوب غرب إدلب، وشمال سهل الغاب، غرب محافظة حماه. جاء ذلك بعد سيطرة المعارضة، أمس الثلاثاء، على ريف إدلب الغربي بشكل كامل، وعدد من البلدات والحواجز التابعة للنظام السوري، في سهل الغاب، أهمها محطة زيزون الحرارية، شمال السهل . وأفاد أحمد الأحمد مسؤول العلاقات الخارجية في فيلق الشام، أن إحكام السيطرة على الطريق جاء بعد تمكن المعارضة من السيطرة على النقاط القليلة المتبقية للنظام في ريف إدلب الغربي وتحريرها بشكل كامل، وذلك بعد إيقاع عشرات القتلى في صفوف النظام. وذكر الأحمد في تصريحات صحفية أن أهم تلك النقاط هي سلة الزهور، وجنة القرى، وقرية الفريكة، التي تشكل همزة الوصل بين قرى مدينة جسر الشغور وبلدات سهل الغاب. ولفت الأحمد أن الطريق، بات يمتد من كازية الإهرام بمدخل حلب الغربي، وحتى جسر الشغور، ويبلغ طوله 125 كيلو متر. وأوضح النقيب أبو الليث القائد العسكري في لواء صقور الجبل المنضوي تحت تجمع المعارضة، أن السيطرة على الطريق بشكل كامل سيسهل وصول الإمدادات من شمال حلب وإدلب باتجاه الساحل السوري، ونقل المعركة بشكل مباشر إلى جبل التركمان وجبل الأكراد بريف اللاذقية الشمالي. وأضاف أبو الليث في تصريحات صحفية أن هذا التقدم سيسهم كذلك في حسم المعركة في سهل الغاب بحلب لصالح المعارضة، والتقدم باتجاه معاقل النظام في بلدتي القرور وجورين، إلى جانب تمكين فصائل المعارضة من قصف القرى الموالية للنظام في الساحل. وفي سهل الغاب واصلت فصائل المعارضة تقدمها في منطقة "سهل الغاب" والتي تتبع إداريًا محافظتي حماة(وسط) وإدلب (شمال)، والمتاخم لمحافظة اللاذقية الساحلية (غرب) . ويأتي تقدم المعارضة ضمن عملية عسكرية انطلقت الإثنين الماضي هاجمت فيها المعارضة قوات النظام من 3 محاور شمال ووسط وجنوب السهل الاستراتيجي. وبثت مواقع تابعة لجيش الفتح صورا تظهر سيطرتها على بلدتي تل واسط والزيارة، اللتين تتمتعان بموقع إستراتيجي في سهل الغاب، وعلى سد زيزون والمحطة الحرارية التي تغذي عشرات المدن والقرى في حماة وإدلب واللاذقية بالكهرباء. وسيطرت المعارضة على قرى "تل خطاب" و"تل أعور" و"تل حمكي" و"فريكة" و"المشيرفة" و"تل حمكة" و"سلة الزهور" و"الكفير"، ومحطة "زيزون" الحرارية، شمالي سهل الغاب. وكشفت فصائل المعارضة أنها اغتنمت كميات كبيرة من الذخيرة والأسلحة من قوات النظام إلى جانب عدد من الآليات الثقيلة خلال المعارك، وأنها تواصل تقدمها باتجاه بقية الحواجز العسكرية التابعة للنظام. ويقع سهل الغاب أحد أكثر المناطق خصوبة في سوريا بين "جبال اللاذقية" غربًا و"جبل الزاوية" شرقًا ومدينة "جسر الشغور" شمالًا (إدلب) ومدينة مصياف جنوبًا (حماة)، ويمر فيه نهر العاصي. ويعد السهل من المناطق الاستراتيجية المهمة في سوريا، ويشكل بوابة الساحل السوري، الذي ينحدر منه الأسد، ومعظم أركان حكمه، وخط تماس بين القرى ذات الأغلبية "السنية" المعارضة، والقرى ذات الأغلبية العلوية (الموالية للنظام).
وقال أبو النور أحد القادة العسكريين في جيش الفتح إن المعركة بدأت بالتمهيد المكثف للقصف على مواقع قوات النظام، خاصة في التلال المرتفعة، مثل تل خطاب وتل أعور، مما أجبر قوات النظام على الانسحاب بعد سقوط عدد من الجرحى والقتلى في صفوفهم. وأكد في تصريح ل "الجزيرة نت" أن سيطرة جيش الفتح على التلال المرتفعة التي تشكل خط الدفاع الأول عن مناطق سيطرة النظام سمحت بكشف خطوط الإمداد لقوات النظام، ما أدى إلى حالة تخبط بين عناصرها وسهل عملية السيطرة والتقدم في سهل الغاب. وأشار أبو النور إلى أن المعارضة تستمر في التقدم حتى تسيطر على سهل الغاب بالكامل، حيث تسعى للسيطرة أساسا على المناطق التي يتم منها قصف المناطق الخاضعة للمعارضة، خاصة بلدة جورين الموالية للنظام. مناطق استراتيجية
الدكتور يسري العزباوي الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، قال إن فصائل المعارضة السورية تمكنت من السيطرة على العديد من المناطق الاستراتيجية في ريف اللاذقية ومحافظة إدلب ومنطقة سهل الغاب، ما جعلها قريبة جدا من معقل النظام الرئيسي. وأكد الخبير السياسي ل "مصر العربية" أن المعارضة استغلت ضعف النظام وكثفت من هجماتها العسكرية على مناطق استراتيجية تتيح لها بعد ذلك التقدم صوب معاقل النظام. وأضاف أن قدم المعارضة في هذا التوقيت أربك قوات الأسد، مؤكدا في الوقت ذاته أن هذا التقدم ليس نهائيا وأن هناك معارك كر وفر محتملة في الأيام المقبلة، وذلك ففي ظل سيطرة القوات النظامية على مناطق حيوية. وتحاول المعارضة المسلحة بعد إحكام سيطرتها على مدينة إدلب وجسر الشغور في مارس، و إبريل الماضيين، على إنهاء وجود قوات النظام على الطريق الدولي وفي المناطق الاستراتيجية.