مجدى أحمد حسين [email protected] أشعر بالمهانة عندما أكتب ضد وزير ثقافة مصر, أشعر أنني هبطت إلى الدرك الأسفل لمناقشة موضوع هذا "الشئ" الذي ظهر في مسرحية سكة السلامة, ولكنني أشعر بذات المهانة عندما أكتب معارضاً حاكم البلاد, فهذا الشخص بلا مواهب أو قدرات من أي نوع يحكم مصر منذ 31 عامًا كنائب رئيس 6 سنوات وكرئيس 25 عامًا ,وأنا اليوم مضطر للكتابة عن حسني الأول وحسني الثانى, ليس لأهميتهما أو لأفكارهما, بل لأن ما سمى اسدال الستار على زوبعة الحجاب فى إحدى لجان مجلس الشعب كان لحظة مكثفة لخصت الحال الذى هوت اليه مصر على يد العصابة الحاكمة. وبالتالي فإن شعوري بالمهانة لا قيمة له فكلنا مهانون مذلون. ولم تبق إلا صرخة يجب أن تنطلق ليست الأولى ولن تكون الأخيرة بإذن الله طالما فى الصدر قلب ينبض ورئة تتنفس ( على حد تعبير الطاغية ) سألني الصحفي منذ أيام عن نتيجة هذا الصراع فقلت له : ان فاروق حسني سينتصر وسيبقى فى الوزارة ولن يعتذر لأحد، وستخرس الألسنة. ومع الأسف صدق حدسى! استخدمنا الاحصاءات والمعلومات كثيراً لتبيان المستوى الذى هبطت إليه مصر بالمقارنة بمختلف الأممالغربية والشرقية والعربية والافريقية. ولكن اليوم لدينا صورة كاريكاريترية من الكوميديا السوداء، تلخص الموقف أيما تلخيص، وهو موقف بذئ وحقير وقبيح ولكن يجب أن نجرؤ جميعاً على النظر فى المرآة. وكيف أوصلنا حكم مبارك إلى هذه الحالة المشينة. نحن أمام وزير شاذ مفروض علينا منذ عشرين سنة. عندما جاء صرخ شيخ المثقفين: عبد الرحمن الشرقاوى على جثتى أن يأتى هذا الشاذ وزيراً للثقافة فى بلد اسمها مصر. ولكن الشرقاوى مات وبقى حسنى حتى الآن فى موقعه! وعندما هاج الرأى العام وماج وامتشقت د.نعمات فؤاد الحسام لتقضى على الوزير وأخذت تتحدث عن شريط الفيديو الذى يصور مشاركة فاروق حسنى لمظاهرة الشواذ فى اوروبا تبرأ منه د.عاطف صدقى رئيس الوزراء وقال لقد تقدمت لرئيس الجمهورية ب4 ترشيحات لوزارة الثقافة وكان ترتيب فاروق حسنى الرابع ولكن مبارك اختاره!! وسمعة فاروق حسنى كانت تسبقه دائماً من الأنفوشى إلى روما إلى باريس، إلى "سكر". وعندما جاء إلى الوزارة كان من أهم تصريحاته أنه جاء لمحاربة الميتافيزيقا، أى الغيبيات أى الدين. وطوال عشرين عاماً لم يضيع فاروق حسنى وقتاً فقد نشر الفجور فى وزارته وأصدر الكتب التى تنظر للشذوذ وتقول انه لا يمكن أن تكون مبدعاً إلا أن تكون شاذاً رجلاً كنت أم إمرأة. وعندما كتبت عن ذلك لم ينكر الوزير أن مثل هذه الكتب صدرت عن وزارته، ولكن اشتكى لابراهيم نافع من أننى استخدمت تعبير "مخنث". وفى مثل هذه الأحوال تكفى الشبهات لإقالة الوزير لحماية المنصب العام، فنحن لا نطالب بتوقيع الحد عليه. وعلى مدار عشرين عاماً حدثت هبات تلو هبات، من مجموعات مختلفة من المثقفين، ولكن الوزير الشاذ كان يخرج منتصراً دائماً وأقوى، مهما كانت جرائمه فى مجال الآثار، أو الانحرافات المالية (حتى ان مدير مكتبه سجن فى قضية رشوة دون أن يسأل أحد فاروق حسنى عن مسئوليته) أو فى مجال المسرح التجريبى أو الكتب الفاضحة التى استخدمت الألفاظ الجنسية لأولاد الشوارع، أو التطاول على الذات الإلهية، أو القرآن الكريم أو الرسول عليه الصلاة والسلام أو عيسى عليه السلام، أراد أن يحول الأهرام والقلعة إلى ملاهى ليلية فتصدينا له فى المجلس وجريدة الشعب، وفى العيد الألفى تمكن من اقامة حفلة فجور فى سفح الهرم على أنغام اليهودى الشاذ ميشيل جار. والحقيقة لست هنا فى وارد سرد جرائم فاروق حسنى تجاه مصر والايمان والاسلام والثقافة. لأن هذا مما يطول شرحه. ويكفى أن جريدة الشعب قد أوقفت، وحزب العمل قد جمد من الناحية الظاهرية، انحيازاً من السلطة لهذا الوزير. وثبت ان فاروق حسنى أقوى من وزراء الداخلية ومن يوسف والى وربما أقوى من مبارك نفسه. ويقال ان فاروق حسنى هو وزير الست، والست هى التى تحميه- وهو من ضمن كوتة الوزراء التابعة لها. وهو بالتبعية أصبح وزير البك الصغير. وبالتالى فهو رئيس وزراء المستقبل بعد التوريث. منذ سنوات طويلة أصدر الشعب المصرى بطريقته فى المعارضة السلبية بالنكات منشوراً خاصاً تقول النكتة: إن أحد المسئولين سأل الرئيس لماذا تعين 4 وزراء شواذ مرة واحدة. قال الرئيس: هى تجربة وإذا نجحت سوف نعممها. ولكن النكتة تحولت إلى حقيقة، ولكن بمعنى آخر، ان الشواذ أصبحوا هم الجناح الأقوى فى السلطة!! ان فاروق حسنى لم يتوقف عن الاستهزاء بالدين بنفسه أو من خلال الشواذ والملحدين الذين جمعهم حوله وأغدق عليهم من أموال الشعب. حتى أن المناضلين اليساريين المتقاعدين رضوا أن يتحولوا إلى خدم عنده، بعد أن لم يبق لديهم من اليسار إلا الالحاد. وهم يؤمنون أن الشذوذ حرية شخصية لا علاقة للمجتمع بها. فى حين ان الشذوذ يسبب مشاكل للوزراء فى الغرب حتى الآن. وثبت من خلال دراسات أمنية ان الشواذ نقطة ضعيفة تتسلل منها المخابرات الأجنبية. (ثبت ان معظم الذين سقطوا من موظفى المخابرات البريطانية فى براثن المخابرات السوفيتية كانوا شواذاً). هجوم فاروق حسنى على الحجاب ليس هو القضية وحدها إنها آخر سفالاته ضد الله سبحانه وتعالى. فنحن نعلم موقع الحجاب جيداً فى المنظومة الدينية والأخلاقية دون تهوين أو تهويل. ولكننا هنا أمام استهزاء متعمد بالقرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة. وعندما يسب العلماء (بثلاثة مليم) فهو يسب الله، لأن تشريع الحجاب ليس من عند هؤلاء العلماء. وأنا لست مستاءاً من موقف نواب مجلس الشعب من الحزب الوطنى، فهو أفضل من موقفهم أيام وليمة أعشاب البحر، وموقفهم دليل على ارتفاع ضغط الرأى العام عليهم فى أمور الدين، وهو مؤشر جديد للصحوة الاسلامية، بغض النظر عن نواياهم، فبعضهم بلا شك كان يتحرك فى اطار صراع السلطة بين جناح الحرس القديم وهو ضد التوريث وجناح الحرس الجديد وهو مع التوريث. ونترك النوايا لله سبحانه وتعالى. ومع ذلك فإن هؤلاء النواب عادوا وانبطحوا ما عدا نائب واحد فقد الوعى وتم حمله على الأعناق خارج القاعة. ولكن دعونا نرسم الصورة من جديد.. الوزير الشاذ يستهزئ للمرة العاشرة بعد الألف، بالدين، وهذه المرة بصورة فجة وفى موضوع يمثل اجماعاً فقهياً. فيثور مجلس الشعب هذه المرة وطنى واخوان، ويتحدث ضده زكريا عزمى رئيس البلاط الجمهورى وفتحى سرور رئيس مجلس الشعب. ويبدأ الحديث الجدى لأول مرة فى تاريخ المجلس فى سحب الثقة من وزير. ولكن كل هؤلاء وقبلهم الشعب المصرى لا قيمة لهم عند مبارك أو جمال أو سوزان منفردين أو مجتمعين، فلا ندرى من يتخذ القرار فى كل مرة. وذهب الشاذ ليعتكف فى بيته، وهذه ليست المرة الاولى، فهو قدم استقالته (كما يفعل أقطاب السياسة فى مجتمعات الديمقراطية العريقة) عندما لم يعجبه الانتقاد الذى تعرض له بسبب محرقة مسرح بنى سويف. ورفض مبارك استقالة الشاذ وتمسك به. وفى هذه المرة اعتكف فى بيته، والجملة غير متسقة، فمصطلح الاعتكاف يستخدم عادة مع كبار الزعماء كالمهاتما غاندى، أو المرجعيات الدينية الكبرى، وأول مرة نسمع عن اعتكاف شاذ. وكان على الأمة ان تتحرك – كما كانت تتحرك أمة الهند عندما يعتكف غاندى –فذهبت وفود المثقفين، على رأسهم بعض الشواذ المعروفين، وكبار الممثلين، وممثلى النقابات الفنية، وتحول بيت فاروق حسنى الى محج لرموز الثقافة، وأصدر مثقفون بيانات الانحياز والتضامن وكأن من حق الوزير ان يحتكر حرية التعبير، وتتم ادانة الرأى الآخر رغم انه رأى الأغلبية الساحقة للشعب. وتضامنت الاحزاب وصحفها وكان للأهالى فضل السبق، ولكن صحفاً معارضة أخرى قامت بالواجب. بينما حاول فريق ثالث أن يتضامن مع الوزير تحت عنوان ان هذا الموضوع "هايف" "ولا يستحق" أن يشغلنا عن قضايا الوطن الكبرى، خاصة التعديلات الدستورية!! وكأن أحداً فى السلطة العائلية ينتظر أن يشاركه أحد من الامة فى صياغة أى مادة أو حرف فى الدستور. وكما تراجع عبد الناصر عن التنحى، فكان لابد لفاروق حسنى أن يستجيب لرغبات الأمة ممثلة فى الفنان الفلانى والفنانة الفلانية. ولا شك ان الرئيس المنتخب والمحبوب من 72 مليون مصرى قد اتصل به ليأخذ بخاطره، وهو باعتباره يمثل 72 مليون مصرى فى انتخابات حرة نزيهة –وفقاً لشهادة وزارة الداخلية دون باقى العالمين- فكأن الشعب المصرى كله ثار من أجل الوزير الشاذ. وربما كان المتحدث السيدة الأولى أو الشاب الأول، كل هذه تفاصيل. المهم ان الزعيم الشاذ تنازل أمام هذه الرغبة الشعبية الجارفة التى لا تتوقف منذ عشرين عاماً حتى يبقى فى السلطة لحماية ثقافة مصر وآثارها. ولذلك وفى تصريح خاص لآخر ساعة (29-11-2006) قال الوزير الشاذ/ فاروق حسنى لقد شعرت أخيراً بالخلاص، فترة الاعتكاف أراحتنى من العمل وبدأت أفكر فى تأسيس حزب اسمه "الأخوة المصريين" يضم أقباطاً ومسلمين لكن بعد اتصال د.مفيد شهاب وعودتى للعمل أعتقد أن الأمر قد انتهى. ولكن كان لابد حتى تكتمل الدائرة الانتهاء من تفصيلة صغيرة وهى (مجلس الشعب) أى البرلمان. كانت لعبة الشد والجذب قد وصلت الى التالى: حلف نواب الوطنى بالطلاق والاستقالة اذا لم يعتذر فاروق حسنى أن يسحبوا منه الثقة أو يستقيلوا من الحزب الوطنى. وأصر فاروق حسنى- ولم يقسم بأى شئ- على انه لن يعتذر بل ينتظر الاعتذار من المجلس. وهكذا دبر فتحى سرور قعدة عرب (أسموها لجنة) حتى لا يعرضوا سمو الوزير الشاذ لجلسة المجلس حيث الزحام وحيث لا يمكن التحكم فى المواقف والكلمات، وحيث وهذا الأهم وجود عدسات التلفزيون. فذهبوا جميعاً إلى قاعة صغيرة وعقدوا لجنة برئاسة فتحى سرور، وبعد بعض المهاترات تبين أن الوزير لم يكن يقصد الحجاب عموماً ولكن الحجاب من الطراز الايرانى أو الأفغانى أو السعودى، وانه يرى أن الحجاب المصرى هو الأصل!! كذلك تبين أنه لم يكن يقصد العلماء أنهم بثلاثة مليم، ولكن فقهاء الفضائيات. مع انه لا يوجد خلاف بين العلماء وفقهاء الفضائيات حول الحجاب!! انهار عضو واحد من الحزب الوطنى وحملوه الى الخارج وضرب فاروق حسنى بقبضات يده عدة مرات على المنصة (لا ندرى من أين له هذه الخشونة؟!) لم يعتذر فاروق حسنى.. وانحنى مجلس الشعب. وعاد فاروق حسنى لممارسة مهامه فى الوزارة وصوره تملأ كل الصحف فى مختلف الصفحات. وقد ثبت الآن أن الوزير الشاذ أقوى من رئيس ديوان الرئاسة ومجلس الشعب ومجلس الوزراء. وستثبت الأيام أقوى من من أيضاً؟! سأل صحفى نظيف رئيس الوزراء: ألا يوجد توجيه ما لوزير الثقافة؟ " د.نظيف: هل ترضى أنت ككاتب أن أوجهك اعمل دى ومتعملش دى.. محدش بيرضاها النهاردة."!! فعلاً أحسن شئ فى نظيف أنه يعرف وزنه الحقيقى رغم طوله الشديد. وبالتالى نجد النظام السياسى بكل أركانه والمعارضة الرسمية قد جددوا البيعة للوزير الشاذ. وعندما انعقد مجلس الوزراء حيث يكون الجلوس بالأقدمية كان على يمين نظيف يوسف بطرس غالى وعلى يساره فاروق حسنى وكانت صورة معبرة لحالة مصر قبل أن تكون لحالة النظام. " ولوطاً اذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون فى ناديكم المنكر، فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله ان كنت من الصادقين، قال رب انصرنى على القوم المفسدين".