قرار مهم من وزارة العمل ضد شركة إلحاق عمالة بالخارج في بني سويف    فصل الكهرباء عن عدة قرى ببيلا في كفر الشيخ غدًا    نعيم قاسم: سندافع عن أنفسنا وأهلنا وبلدنا ومستعدون للتضحية إلى أقصى الحدود    مصر و7 دول يرفضون تصريحات إسرائيل بفتح معبر رفح لإخراج سكان غزة    رئيس اليمن الأسبق يكشف عن إهدار الفرص السياسية.. وإجبار سالم ربيع على الاستقالة    مراسم قرعة كأس العالم 2026 تجمع قادة الدول المضيفة في مشهد تاريخي (صور)    سوريا تعلن رفع اسمها من قائمة العقوبات الاقتصادية الكندية    ترامب عن الفوز بجائزة فيفا للسلام: «أنقذنا الكثير من الأرواح وهذا شرف كبير لي»    حسام عبد المجيد وديانج على رأس لاعبين أبطال فيلم التجديد بالدوري المصري    معتز بالله عاصم يتوج بذهبية بطولة العالم للتايكوندو تحت 21 عامًا    إصابة النائبة آيات الحداد ووالدها في حادث تصادم على طريق الواحات    أحمد السبكي يكشف موعد طرح فيلم «الملحد» | شاهد    «الست».. بين وهج الاحتفاء فى «مراكش» وجدل السوشيال ميديا    بالأسماء.. تعرف على ال 6 متنافسين فى حلقة اليوم من برنامج دولة التلاوة    ننشر قسيمة زواج بوسي تريند البشَعة بالإسماعيلية ( خاص )    مراد مكرم : لا أشعر بأي غرور بعد نجاح دورى في مسلسل "ورد وشيكولاته"    عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة يوضح أسباب تفشّي العدوى في الشتاء ويقدّم نصائح وقائية    كيف أتجاوز شعور الخنق والكوابيس؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    "مسيحي" يترشح لوظيفة قيادية في وزارة الأوقاف، ما القصة ؟    وزارة العمل: وظائف جديدة فى الضبعة بمرتبات تصل ل40 ألف جنيه مع إقامة كاملة بالوجبات    ليلي علوي تكشف سبب وصول أمير المصري للعالمية    حافظوا على تاريخ أجدادكم الفراعنة    القومي للمرأة يهنئ الفائزين بجوائز التميز الحكومي والعربي وأفضل مبادرة عربية    معدل التضخم الأساسي في الولايات المتحدة يسجل 2.8% في سبتمبر    مصل الإنفلونزا وأمراض القلب    تفاصيل تخلص عروس من حياتها بتناول قرص حفظ الغلال بالمنيا بعد أشهر قليلة من زوجها    البريد المصرى يتيح إصدار شهادة «المشغولات الذهبية» من مصلحة الدمغة والموازين    الإسماعيلي يفوز على الإنتاج الحربي بهدف وديا استعدادا للجونة    تأجيل محاكمة طفل المنشار وحبس المتهم بالاعتداء على طالب الشيخ زايد.. الأحكام × أسبوع    الصحة: فحص أكثر من 7 ملايين طالب ضمن مبادرة رئيس الجمهورية للكشف المبكر عن «الأنيميا والسمنة والتقزم» بالمدارس الابتدائية    فرنسا ترحب بتوقيع اتفاق السلام بين جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا بواشنطن    إصابة سائقين وسيدة بتصادم توك توك وتروسيكل على طريق شارع البحر بمدينة إسنا.. صور    حلمي طولان: تصريحي عن الكويت فُهم خطأ وجاهزون لمواجهة الإمارات    مخالفات جسيمة.. إحالة مسؤولين بمراكز القصاصين وأبو صوير للنيابة    كيف تدعم الحزمة الثانية من التسهيلات الضريبية الاقتصاد والمواطن؟    جامعة المنصورة الأهلية تشارك بمؤتمر شباب الباحثين لدول البريكس بروسيا    جامعة حلوان تنظّم ندوة تعريفية حول برنامجي Euraxess وHorizon Europe    شركة "GSK" تطرح "چمبرلي" علاج مناعي حديث لأورام بطانة الرحم في مصر    «الطفولة والأمومة» يضيء مبناه باللون البرتقالي ضمن حملة «16يوما» لمناهضة العنف ضد المرأة والفتاة    لتعزيز التعاون الكنسي.. البابا تواضروس يجتمع بأساقفة الإيبارشيات ورؤساء الأديرة    الصين تقدم لفرنسا زوجا جديدا من الباندا خلال زيارة ماكرون    لجنة المسئولية الطبية وسلامة المريض تعقد ثاني اجتماعاتها وتتخذ عدة قرارات    طريقة استخراج شهادة المخالفات المرورية إلكترونيًا    بعد انقطاع خدمات Cloudflare.. تعطل فى موقع Downdetector لتتبع الأعطال التقنية    حريق مصعد عقار بطنطا وإصابة 6 أشخاص    "قبل ساعة الاستجابة.. دعوات وأمنيات ترتفع إلى السماء في يوم الجمعة"    خشوع وسكينه....أبرز اذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    محافظ كفر الشيخ: افتتاح مسجد عباد الرحمن ببيلا | صور    الأهلي يلتقي «جمعية الأصدقاء الإيفواري» في افتتاح بطولة إفريقيا لكرة السلة سيدات    سلوت: محمد صلاح لاعب استثنائي وأفكر فيه سواء كان أساسيًا أو بديلًا    لقاءات ثنائية مكثفة لكبار قادة القوات المسلحة على هامش معرض إيديكس    ضبط 1200 زجاجة زيت ناقصة الوزن بمركز منفلوط فى أسيوط    طريقة عمل السردين بأكثر من طريقة بمذاق لا يقاوم    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 5 ديسمبر 2025    مصر ترحب باتفاقات السلام والازدهار بين الكونغو الديمقراطية ورواندا الموقعة في واشنطن    كيف تُحسب الزكاة على الشهادات المُودَعة بالبنك؟    ننشر آداب وسنن يفضل الالتزام بها يوم الجمعة    الحصر العددي لانتخابات النواب في إطسا.. مصطفى البنا يتصدر يليه حسام خليل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصين أكبر شريك تجاري للسودان (دراسة)
نشر في الشعب يوم 17 - 06 - 2015

تواصل الصين نسج علاقات قوية مع السودان التي تُعدّ ثالث أكبر شريك لبكين في إفريقيا بعد كلٍّ من أنغولا وجنوب إفريقيا. وفي الوقت الذي تعد فيه الصين أكبر شريك تجاري للسودان، فإن هذه العلاقة تجاوزت -وبشكل كبير- الروابط التي تجمع الخرطوم بالغرب، وهي تقوم بالدرجة الأولى على "النفط" الذي تستورده الصين من السودان، كما استثمرت فيه هناك بمبالغ ضخمة. هذا، ومع الازدياد المُطَّرِد للمصالح الصينية في السودان، وجدت الصين نفسها مضطرة للعب دور أكبر في قضايا السلام والأمن، خاصة في جنوب السودان -الذي أصبح دولة مستقلة عام 2011- حيث اتجهت نحو مقاربة جديدة تعتمد التوازن وإدارة المخاطر في علاقتها مع كلٍّ من البلديْن، دولة السودان ودولة جنوب السودان، في محاولة منها لتأمين استثماراتها ومواطنيها القائمين على تلك الاستثمارات.
مقدمة
تحتل العلاقة مع إفريقيا موقعًا خاصًّا في سياسة الصين الخارجية؛ لأنها المورد الأساسي الذي تستقي منه بكين المصادر الطبيعية التي يحتاجها اقتصادها القائم على التصدير، وبلغ حجم تجارتها مع القارة السمراء مؤخرًا ضعف تلك التي بين أميركا وإفريقيا، وذلك بعد أن تجاوزت واشنطن سنة 2009، في كونها أكبر شريك تجاري للقارة. ويُذكر أن الصين تقدِّم نصف مساعداتها الدولية التنموية لإفريقيا وحدها. وتتركز مصلحة الصين الأساسية باستيراد المواد الخام والنفط الخام وغيرها من المصادر من إفريقيا، والتي تصل قيمتها سنويًّا إلى أكثر من 100 مليار دولار أميركي. ومن بين البلدان الأكثر أهمية بالنسبة للصين في هذا الشأن هما دولتا السودان وجنوب السودان، وهما اللتان كانتا دولة واحدة غنية بالنفط، ثم انتهت بالانقسام إلى دولتين عام 2011 بعد سنوات من الصراع. وأدى تقسيم السودان بطبيعة الحال إلى إدخال تعديلات كبيرة على سياسة الصين تجاه الخرطوم، إلا أنها ما تزال المستثمر الأكبر في السودان المقسَّم، فهي تستثمر أكثر من 5 مليارات دولار أميركي لتطوير حقول النفط في كلا البلديْن، إلا أنها زادت من مشاركتها في القضايا المتعلقة بالأمن والسلام، لاسيما في ظل عدم الاستقرار الذي يسود شطري السودان، بينما كانت في السابق تركز تقليديًّا -ومن منظور ضيق- على احتياطات النفط هناك.
الصين واضطرابات جنوب السودان
فقدت الخرطوم نسبة كبيرة من ثرواتها الطبيعية عندما حصل جنوب السودان على استقلاله سنة 2011؛ فوَفْقًا لتقرير صادر عن صندوق النقد الدولي، خسر السودان ما يقرب من 55% من عائداته النفطية بعد الانقسام، وتوجب عليه تحمل خسارة ما يقرب من ثلثي احتياطاته من العملات الأجنبية. وفي المقابل، فإن استقلال جوبا لم يتحقق دون تكلفة أمنية؛ حيث تورط جيش جنوب السودان -ضعيف التسليح أصلًا- في صراع داخلي مسلّح نشب بعد حصول البلاد على استقلالها في 2011. وبحسب مؤشر الدول الهشة لعام 2014 الذي يُعدّه صندوق السلام ويقع مقره في واشنطن، فقد تصدر جنوب السودان القائمة في كونه من البلدان الأكثر عرضة للمخاطر، وصُنِّف ضمن فئة الحالات "الأشد هشاشة". ومن بين المشاكل الأكثر خطورةً وإثارةً للمخاوف الآن في جنوب السودان تلك المتعلقة بالفيضانات والأعداد الضخمة للمهاجرين، إضافةً لغياب الاستقرار والشفافية لدى الأجهزة الأمنية للدولة.
لم يعرف جنوب السودان هدوءًا إلا لفترة قصيرة، وتحديدًا بعد الانفصال عن السودان عام 2011، ليعود ويتفجر نزاع في 2013 بين فصائل بعضها داعم للرئيس الحالي سلفاكير، وأخرى تدين بالولاء لنائبه رياك مشار بعد أن عجز الطرفان عن حل الخلافات المستشرية بين الحزب الحاكم والجيش.
يتركز الصراع الحالي في السودان في دارفور حيث الاضطرابات مستمرة، إضافةً لانعدام الاستقرار في ولايات جنوب كردفان والنيل الأزرق. وحسب تقارير أصدرتها مجموعة الأزمات الدولية، أدى هذا القتال المتجدد لمصرع أكثر من 50 ألف شخص، وتسبَّب في تهجير أكثر من مليونيْ شخص. وفضلًا عن المأساة الإنسانية الكبيرة الناجمة عن 17 شهرًا من الحرب الأهلية في جنوب السودان، أضرت هذه الأزمة بموارد الطاقة المهمة الموجودة في جوبا وبالبنى التحتية المشغّلة لها. وما إن اتفقت كل من جوبا والخرطوم في 2103 -وبعد سنوات من الخلاف- لاتفاق بشأن رسوم العبور التي تتلقاها حكومة السودان كمقابل لنقل شحنات النفط بين جنوب السودان والسودان، حتى تفجَّر الصراع الداخلي في جنوب السودان، الأمر الذي عقّد عملية تدفق النفط وحمايته. أمَّا بالنسبة للصين -التي عادة ما تنأى بنفسها عن المخاطر المتعلقة بالتدخل في مناطق الصراعات الخارجية- فقد اضطرت لإعادة حساباتها الاستراتيجية؛ من أجل حماية استثماراتها بوصفها المستثمر الأجنبي الأكبر في مجال النفط في كلٍّ من السودان وجنوب السودان.
قبل استقلال جوبا عملت عدة شركات صينية، ومن ضمنها الشركة الصينية الوطنية للبترول (CNPC)، على بناء خط أنابيب يصل بين حقول النفط في جنوب السودان وميناء بور سودان على البحر الأحمر، وتمتلك الشركة ذاتها 40% من حصص شركة أسهم مشتركة تعمل في حقول النفط الكبيرة في جنوب السودان. وبحسب مجلة النفط والغار (Oil & Gas Journal) "تفاخر الشركة بامتلاك 1600 كيلو متر من خط أنابيب التصدير التي تنقل النفط الخام عبر السودان وصولًا لميناء بور سودان"(7)، كما توجد 120 شركة صينية تعمل حاليًا في جنوب السودان، وباستثمارات تزيد عن 10 مليارات دولار.
الانخراط الأمني وتوقعاته
في حين تبحث الشركة الصينية الوطنية للبترول عن طرق لتعزيز استثماراتها في جنوب السودان، تسعى الحكومة الصينية لإيجاد طرق لتقوية وجودها الأمني هناك لحماية مواطنيها على الأرض من جهة، واستثماراتها المالية من جهة أخرى. ومن بين أهم التطورات في هذا الصدد قرار الصين، في ديسمبر الماضي، نشر 700 جندي كمشاركة في قوات حفظ السلام التابعة لبعثة الأمم المتحدة في جمهورية جنوب السودان (UNMISS). وتُعدّ القوة الصينية -التي تم نشرها بالكامل في مارس من هذه السنة- جيدة التسليح، حيث تمتلك ناقلات مدرعة للمشاة، وصواريخ مضادة للدبابات، ومدافع هاون، فضلًا عن امتلاكها لتكنولوجيا طائرات بدون طيار. وفي أعقاب قرار نشر الجنود، نفت الصين كون استثماراتها المهمة في قطاع النفط هناك هي الدافع وراء مشاركتها العسكرية في البعثة الأممية في جنوب السودان. وأشار
وزير الخارجية الصيني وانغ لي حينها إلى أن "وساطة الصين في قضايا جنوب السودان تمثل مسؤولية وواجبًا من طرف
قوة دولية مسؤولة، ولا صلة لها بمصالح الصين الخاصة".
غير أن التاريخ القريب لا يدعم هذا الادّعاء الصيني. ففي واقع الأمر، وقبل تقسيم السودان عام 2011، كانت الصين
أحد المزوِّدين الرئيسيين للخرطوم بالسلاح عندما انبرت الحكومة التي يقودها عمر البشير لإخماد "المعارضة المسلحة" في
ولايات جنوب وغرب دارفور على نحو "عنيف". ولكن لاحقًا بسبب الأوضاع الجديدة التي نتجت عن تقسيم السودان،
وجعلت من معظم استثمارات بكين تقع تحت سلطة جنوب السودان، اضطرت الصين لتغيير موقفها والتقرب من جوبا
ودعم استقلالها. والجدير بالذكر أن الحكومة الصينية أعقبت قرارها بالمشاركة في بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في
جمهورية جنوب السودان بقرار آخر أرسلت بموجبه قوات حفظ سلام إلى مالي السنة الماضية، حيث الصراع بين الحكومة
في باماكو و"المسلحين الإسلاميين" في الشمال، في تحرك يتجاوز الدور التقليدي التي اعتادت الصين أن تلعبه في القارة
السمراء، ما قد يغيِّر من الصورة النمطية -التي عُرفت بها سابقًا-في السنوات القادمة، خاصة لدى بعض شركائها في
المنطقة.
هكذا نشرت بكين كتيبة ضمن بعثة الأمم المتحدة في جمهورية جنوب السودان، واتخذت بالتوازي إجراءات أمنية قوية
لحماية مواطنيها؛ بسبب الوضع الأمني الهش حول مصافي النفط في البلاد، وأعلنت في مطلع هذا الشهر عن إجلاء أكثر
من 400 من عمال النفط في منطقة "فلج" في جنوب السودان بعد اقتراب الأعمال العسكرية من المصفاة حيث يعملون.
وعدَّت هذه الخطوة نكسةً لجوبا التي تدَّعِي أنها تحرز تقدمًا في القتال من أجل دفع "المتمردين" بعيدًا عن حقول النفط
الاستراتيجية. وفي غضون ذلك، لم يكن أمام الصين سوى ممارسة الضغط على الحكومة في جنوب السودان للعمل على
إيجاد مخرج للصراع قبل أن يؤثر على حقول النفط؛ لذا حث وزير الخارجية الصيني هذا الشهر كلا الطرفين؛ حكومة
جنوب السودان و"المتمردين"، على تحمل المسؤولية لحماية البنى التحتية للنفط في جنوب السودان؛ نظرًا لكون النفط يُعدّ
موردًا مهمًّا لإعادة بناء البلاد وتنميتها الاقتصادية خلال فترة انتقالها السلمي؛ "لذا نطالب الأطراف المتصارعة باتخاذ
قرارات سياسية تُنهي الصراع بأقرب فرصة ممكنة، لبدء مرحلة انتقال سلميّ حقيقي".
خاتمة
إن التنبؤ بمستقبل جنوب السودان صعب في ظل تضاؤل الآمال بوقف إطلاق النار، ولا يبدو أن أيًّا من الطرفين -
الحكومة أو المعارضة- يمتلك ما يكفي من القوة النوعية لإنهاء الصراع لصالحه بالطرق المسلحة وحدها. وسيستمر انعدام
اليقين هذا في دفع الصين نحو المخاطرة المتمثّلة بالانخراط المتزايد في حماية مصالحها في جنوب السودان.
المصدر: الجزيرة للدراسات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.