المصريون بالخارج يدلون بأصواتهم فى انتخابات 30 دائرة ملغاة بأحكام المحكمة الإدارية العليا    أوقاف الغربية تعقد ندوات علمية بالمدارس حول «نبذ التشاؤم والتحلّي بالتفاؤل»    خدمة اجتماعية بني سويف تحتفل باليوم العالمي للتطوع    أسعار اللحوم اليوم الاثنين 8 ديسمبر بأسواق البحيرة    رئيس الوزراء: ضرورة فاعلية منظمة الفاو لدعم سلاسل الغذاء بغزة والسودان    مؤسسة «Join» اليابانية تعتزم الاستثمار بمشروعات تحلية مياه البحر في مصر    محافظ المنيا يستقبل نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية لتفقد محطات ومسار القطار الكهربائي السريع    ملفات إيلون ماسك السوداء… "كتاب جديد" يكشف الوجه الخفي لأخطر رجل في وادي السيليكون    تقرير "بروجيكت سينديكيت": الكهرباء هي الحاسم في سباق الذكاء الاصطناعي    «ناشيونال إنترست»: زيلينسكي قد يفرّ إلى إسرائيل لهذا السبب    الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر للمبادرات التي تستهدف إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الليبية بشكل متزامن    وزير الإعلام الكمبودي: 4 قتلى و9 مصابين جراء الاشتباكات مع تايلاند    جيش الاحتلال يشن غارات جوية داخل مناطق انتشاره وراء الخط الأصفر في رفح الفلسطينية    الدعم السريع تستهدف محطة كهرباء الدمازين بطائرة مسيرة    سقوط مدوٍ والريال تائه.. صحف إسبانيا تتحدث عن هزيمة الملكي ضد سيلتا فيجو    مع اشتعال الأزمة مع ليفربول .. سان دييجو الأمريكي ينافس الهلال السعودي على ضم محمد صلاح    منتخب مصر بالزي الأبيض أمام الأردن غدا    الزمالك يختتم تدريباته اليوم استعدادًا للقاء كهرباء الإسماعيلية بكأس عاصمة مصر    منتخب مصر يرتدي الطاقم الأبيض فى مواجهة الأردن بكأس العرب غداً    إصابة 4 أشخاص فى انقلاب ميكروباص على طريق القاهرة الفيوم الصحراوى    الأرصاد: نشاط للرياح وسقوط أمطار على هذه المحافظات    «الوزراء» تكشف عن موعد افتتاح حديقتي الحيوان والأورمان    النيابة تطلب تقرير الصفة التشريحية لجثة سيدة قتلها طليق ابنتها فى الزاوية الحمراء    ضبط شخص و4 سيدات يستقطبون الرجال لممارسة الأعمال المنافية للآداب بالإسكندرية والجيزة    وزارة التعليم: إجراء تحديث على رابط تسجيل استمارة الشهادة الإعدادية    مهرجان الأوبرا العربية في دورته الأولى يكرم المايسترو عمر خيرت    سرقة إسرائيل ل تراث أم كلثوم.. برلماني يطالب بتدخل حكومي    جمهور نيللي كريم يترقب دراما رمضانية مشوقة مع "على قد الحب"    وزير الثقافة يعلن اختيار شمال سيناء عاصمة للثقافة المصرية 2026    "الصحة": الوضع الصحي في مصر مستقر رغم زيادة الإنفلونزا الموسمية    وزير الصحة يترأس اجتماعا لمتابعة مشروع «النيل» أول مركز محاكاة طبي للتميز في مصر    الصحة تكشف الوضع الوبائى لإصابات الأنفلونزا فى مصر مقارنة بالوضع العالمى    علاج 2.245 مواطنًا ضمن قافلة طبية بقرية في الشرقية    مشتريات الأجانب تصعد بمؤشرات البورصة فى بداية تعاملات اليوم    مدير جهاز تنمية البحيرات: عودة طيور الفلامنجو لبحيرة قارون بعد تحسين أوضاعها    أسعار اليورانيوم تتفجر.. الطاقة النووية تشعل الأسواق العالمية    دار الإفتاء توضح حكم التماثيل في الإسلام: جائزة لغير العبادة    خبير تحكيمي عن طرد ثنائي ريال مدريد: لم تؤثر على النتيجة.. ولكن    حسام أسامة: بيزيرا «بتاع لقطة».. وشيكو بانزا لم يُضِف للزمالك    «بسبب عطل مفاجئ فى خط الطوارئ».. محافظ بني سويف يوجه فرع الإسعاف بإخطار المواطنين للحصول على الخدمة    غرفة عمليات الشعب الجمهوري تتابع تصويت المصريين بالخارج في الدوائر الملغاة    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025 فى المنيا    مجلس الدولة يفتح باب التعيين لوظيفة «مندوب مساعد» لخريجي دفعة 2024    الدفاع الروسية: إسقاط 67 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليلة الماضية    عيد ميلاد عبلة كامل.. سيدة التمثيل الهادئ التي لا تغيب عن قلوب المصريين    وزير الرياضة: إقالة اتحاد السباحة ممكنة بعد القرارات النهائية للنيابة    التريلر الرسمي للموسم الأخير من مسلسل "The Boys"    جامعة الفيوم تنظم ندوة توعوية عن جرائم تقنية المعلومات الأربعاء المقبل    مي عمر تحسم الجدل: الاعتزال مش في قاموس محمد سامي    بصوتها تُغلق الحكاية.. ياسمينا العبد تتألق في تتر نهاية «ميد ترم»    "من يريد تصفية حسابات معي فليقبض عليّ أنا" ..لماذا تعتقل "مليشيا السيسى "شقيق مذيعة في قناة تابعة للمخابرات !؟    وزير الإسكان: سنوفر الحل البديل ل الزمالك بشأن أرضه خلال 3-4 شهور    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    مستشار الرئيس للصحة: نرصد جميع الفيروسات.. وأغلب الحالات إنفلونزا موسمية    متحدث "الأوقاف" يوضح شروط المسابقة العالمية للقرآن الكريم    تجديد حبس شاب لاتهامه بمعاشرة نجلة زوجته بحلوان    الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم تشمل فهم المعاني وتفسير الآيات    «صحح مفاهيمك».. أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة بالمدارس حول احترام كبار السن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. ثابت عيد يكشف: الرسالة الثانية للمستشارة الألمانية
نشر في الشعب يوم 04 - 06 - 2015

أَيُّهَا القَارِئُ الْكَرِيمُ، فِي كُلِّ الأنْحَاءِ وَالْجِهَاتِ، دَعْنِي أُقَدِّم لَكَ بَعْضَ المُلَاحَظَاتِ السَّرِيعَةِ عَنْ ثَوْرَةِ مِصْرَ الْمَجِيدَةِ، قَبْلَ أَنْ أَعْرِضَ عَلَيْكَ التّرْجَمَةَ الْعَرَبِيَّةَ لِرِسَالَتِي الثَّانِيَةِ لِلْمُسْتَشَارَةِ الأَلْمَانِيَّةِ أَنْجِيلَا مِيركِيلَ. أَوَّلًا: سَعَيْتُ مُنْذُ سَنَوَاتِ إِلَى إِقْنَاعِ الْمَعَارِفِ وَالأَصْدِقَاءِ بِضَرُورَةِ مُخَاطَبَةِ الغَربِيّينَ، وحَثّهمْ عَلَى مُسَاعَدتِنَا فِي تَأْسِيسِ دَوْلَةٍ دِيمقرَاطيّةٍ حَدِيثَةٍ. لكنّي أَعْتَرِفُ بِكُلّ شجاعةٍ وَمرارةٍ بفَشَلي الذّريعِ فِي ذَلكَ حَتّى الآنَ. وَالأَسْبَابُ مُتعَدّدَةٌ: فَكثيرٌ مِنَ الإخوةِ الإسلاميّينَ، أَوْ غالبيّتهم العُظمَى، لَا يَعرفُونَ شَيئًا عَنِ المجتمعِ الغَربيّ. بَلْ هُمْ بَعِيدُونَ كُلّ البُعدِ عَنْ حَضَارَةِ العَصرِ، وَرُوحِ العَصْرِ. جُذُورُ بَعضِهمُ الرّيفيّةُ جَعَلَتْ نَظرَتهمْ لِلحَياةِ سَاذِجَةً جِدًّا، وَقَاصِرةً جِدًّا. فَهمُهمُ الفلكلُورِيّ لِلإسْلامِ دَفعَهمْ إِلَى التّركيزِ عَلَى الدّعَاءِ، وَإِهمَالِ العَمَلِ وَالاجتِهَادِ، وَالتّقصيرِ فِي السّعي وَالجهَادِ. هَمْ يَحسبُونَ أَنّ البَارِئ تعَالَى سَوفَ يَنصرُ الثّورةَ المصريّةَ، عِندمَا نكثرُ مِنَ الدّعَاءِ، وَنقلّلُ مِنَ العَمَلِ، بَلْ نَلغِي العَمَلَ تمامًا. مُعظمُ مَن تمكّنَ مِنَ الفَرارِ إِلَى قَطرَ أَوْ تُركِيَا، لَا نَسمعُ لَهُ عَنْ أَيّ أنشطَةٍ جادّة لِدَحرِ الانقِلابِ، بَلْ هُمْ يَكتفُونَ بِكتَابَةِ سَطرٍ أَوْ سَطرينِ كُلّ أُسبوع عَلَى الفِيسبُوك أَوِ التّويترِ، مُعتبِرينَ أَنّ هَذَا هُوَ الجهَادُ بِعَينِهِ، وَهَذِهِ هِيَ رُوحُ ثُورَةِ يَنايرَ بِذَاتِهَا !! وَهَذَا لا مَحالَةَ سُلُوكٌ لا يجوزُ أنْ يَصْدرَ عَنْ أشخَاصٍ حَسبنَاهُمْ نُخبًا حقيقيّةً. ثَانِيًا: مُخاطبةُ الغَربيّينَ بِالذّاتِ تَحتاجُ إِلَى إِتقَانِ اللّغاتِ الأوروبيّةِ، وَالإلمامِ بمَا يَحدثُ فِي الشّرقِ وَالغَربِ، وَمَعرِفَةِ شَيءٍ عَنِ الدّيمقراطيّاتِ الغَربيّةِ، وَتوفّرِ الشَّجاعَةِ وَالثّقةِ بِالنّفسِ لمخَاطَبَةِ قَادَةِ العَالَمِ، وَحَثّهمْ عَلَى مُنَاصَرةِ الحَقِّ، وَزَهْقِ البَاطِلِ. ثَالثًا: نَحنُ جَميعًا مُقصّرونَ فِي حَقّ وَطنِنَا، وَفِي حَقّ دِينِنَا، وَفي حَقّ ثورتِنَا، وَفِي حَقّ شعبِنَا المقهُورِ، وَأهلِنَا المعتقلينَ. لَا شَيءَ فِي هَذِهِ الحياِة الدّنيا بِلَا مُقَابِلٍ. العَملُ، يَا ناسُ، لَابدّ مِنهُ. الاجتهادُ، والجهَادُ، وَالتّفانِي فِي خِدمَةِ الوَطنِ وَالدّينِ. ُكلّ هَذِهِ الشُّروطِ غَيرُ متوفّرةٍ، وَهُوَ مَا أدّى إِلَى اسْتمرارِ الانقلابِ الأسودِ، وَتمادي المجرمينَ فِي جَرائمِهمْ، مَادَامَ الشّعبُ خَائِفًا مِنْ عِصَابَةِ الخصيَانِ! رَابعًا: لَوِ اتّفقنَا عَلَى ميثاقِ شَرفٍ، يَقومُ بمقتضاه كُلُّ مِصريّ مُحترمٍ بتَخصِيصٍ عِدّةِ سَاعَاتٍ يَوميًّا لِلعَملِ مِن أَجلِ إنجاحِ الثّورةِ، ودَحرِ المجرمينَ، لَتَمكّنّا مِنْ سَحقِ الانقلابِ خِلالَ أيّامٍ أَوْ أسَابِيعَ قَليلةٍ. خَامِسًا: القِيادَاتُ المزعُومةُ للثّورةِ مُقصّرة جِدًّا فِي حَقّ بَلدِهَا. بَعضُهمْ يفضّلُ تكديسَ الأموالَ فِي البنوكِ عَن تَخصِيصِهَا لِدَحرِ العَسْكرِ !! وَهَذَا سَبَبٌ آخَرُ مِنْ أَسْبَابِ اسْتِمْرَارِ الانْقِلَابِ الْمُجْرِمِ، وَبَعْدُ. فَهَذِهِ هِيَ التَّرْجَمَةُ الْعَرَبِيَّةُ لِرِسَالَتِي الثَّانِيَةِ إِلَى الْمُسْتَشَارَةِ الأَلْمَانِيَّةِ الَّتِي أَرْسَلْتُهَا إِلَيْهَا لَيْلَةَ الثَّانِي مِنْ يُونيُو سَنَةَ 2015م عَلَى بَرِيدِهَا الإِلِكْتِرُونِيِّ فِي بَرْلِينَ. وَقَدْ بَعَثْتُ بِنُسْخَةٍ مِنَ الأَصْلِ الأَلْمَانِيِّ إِلَى رَئِيسِ الْبَرْلَمَانِ نُورْبِرْتَ لَامِرْتَ، وَرَئِيسِ الْحِزْبِ الْيَسَارِيِّ جِرِيجُورَ جِيسِي، وَرَئِيسِ الْبَرْلَمَانِ الأُورُوبِيِّ مَارْتِنَ شُولْتِسَ. وَالآنَ إِلَى نَصِّ الْخِطَابِ:
السّيّدةُ المستَشَارَةُ المحترَمةُ مِيركِيلُ،
بَعدَ السَّلَامِ
بَعثتُ إِليكِ قَبلَ عِدّةِ أسَابيعَ بِرسَالَةٍ عَنِ العَلَاقاتِ المصْرِيّةِ-الألمانيّةِ، وَالمجْرِمِ المدعُو السّيسِي. وَفِي تِلكَ الأَثناءِ سَمعنَا عَنِ الموقِفِ الشّجَاعِ لِرَئيسِ البَرلمانِ الألمانيّ، البروفِيسُورِ نوربرتَ لامرتَ الَّذِي أَدانَ مَذابِحَ مُجرِمي عَسْكَرِ مِصْرَ، وَأعلَنَ رَفضَهُ استِقْبالَ المدْعُو السّيسي. وَقَد كَانتْ هَذِهِ لفتةً طيّبةً مِنْ جَانبِهِ تجاهَ الشّعبِ المصرِيّ المبتَلَى بِحُكمِ مُجرِمي عَسكَرِ مِصْرَ مُنذُ سَنةِ 1952م. وَقدْ بَعثتُ إِلَيهِ مؤَخّرًا بِخَالِصِ شُكرِي وَتقدِيري عَلَى مَوقِفِهِ الحَازِمِ الرّافِضِ للانقَلابِ وَجَرَائِمِهَ، وَبعدُ.
فَقَد سَمعتُ لِتوّي عَنْ عَزمِكَ استقبَالَ السّفّاحِ المدعُو السّيسي فِي بَرلينَ فِي الثّالثِ مِنْ يونيو 2015م. وَهُوَ قرارٌ أَصابَ مَلايينَ مِنَ المصرِيّينَ بِالخيبةِ وَالإِحبَاطِ، وَاعتَبرُوه صَفعةً عَلَى وَجهِ الإِنسَانيّةِ جَمعاءَ.
السّيّدةُ مِيركيلُ، لقدْ فَقدتِ بِهَذهِ الخطوَةِ مِصَداقيّتِكَ لَدَى مَلايينَ مِنَ العَربِ وَالمسْلِمينَ، وَلطّخْتِ سُمعةَ ألمانيَا فِي عُقُولِ النَّاسِ أجمعينَ:
إِذْ كَيفَ لَكِ أَن تَدعمِي سَفّاحًا يَستحقّ الإعْدامَ؟
وَكَيفَ لَكِ أَنْ تَتَعاوَنِي مَعَ انقِلابِيّ خَائنٍ لَابدّ مِنْ مُحَاكَمَتِهِ وإعدامِهِ بَعدمَا قتلَ آلافَ المصريّينَ المحترمينَ؟
بَلْ كَيفَ لَكِ أَنْ تَتَجَاهَلِي القَانونَ الدّولِيّ؟
وَكَيفَ لَكِ أَنْ تَضرِبي بِحُقُوقِ الإنسَانِ عُرْضَ الحَائِطِ؟
السّيّدةُ مِيركِيلُ، نَحْنُ نَعِيشُ فِي عَصْرِ «حُقُوقِ الإِنسَانِ». تَنصُّ الْمَادَّة الثّالِثَةُ مِنَ الإِعْلَانِ الْعَالَمِيِّ لِحُقُوقِ الإِنسَانِ (سَنَةَ 1948م) عَلَى «حَقّ كُلّ إِنسَانٍ فِي الحَيَاةِ، وَالحُرّيّةِ، وَالأَمَانِ».
بَيْدَ أَنَّ مُجْرِمِي عَسْكَرِ مِصْرَ قَدْ سَلَبُونَا تَمامًا مِنْ حَقّنا فِي الحيَاةِ وَالحرّيّةِ وَالأَمانِ مُنذُ انقِلابِهمُ الأَسوَدِ سَنَةَ 1952م.
السّيّدةُ مِيركِيلُ، يَنبَغِي الاسْتِعْلَامُ جيّدًا مِنْ مُنظّماتِ حُقوقِ الإنسَانِ عَمّا ارتَكَبهُ مُجرِمُو عَسكَرِ مِصْرَ، وَبلطَجِيّةُ الدَّاخِليّةِ، مِنْ جَرائمَ بشعَةٍ مُنذُ انقلابِ المدْعُو السِّيسِي قَبلَ سَنتينِ. لَيسَ يَجوزُ أَنْ تَتَجَاهَلِي هَذِهِ الجَراِئمَ، أَو تَنظرِي إِلَيهَا بِلَامبَالاةٍ.
وَهُنَا لَابدّ مِنَ الإِشَارَةِ إِلَى العَملِ غَيرِ الأَخلَاِقيّ الَّذِي تَقُومُ بِهِ بَعضُ وَسَائِلِ الإِعْلامِ الغَربيّةِ بِعَدمِ نَقلِهَا الصُّورةَ الحقيقيّةَ لمَا يَحدثُ فِي مِصْرَ. وَينبَغِي بِالإضَافَةِ إِلَى هَذَا الأَخذُ بِعَينِ الاعتِبَارِ أَنَّ مُجرِمي عَسكَرِ مِصْرَ قَدْ أَسَّسُوا دِيكتَاتُورِيّتهِمُ العَسكَريّةَ مُنذُ 1952م عَلَى الكذبِ وَالخِدَاعِ.
تُروّجُ وَسَائِلُ إِعَلامٍ غَربيّةٌ كِذبةً كَبيرةً عَنْ مِصْرَ، حِينَ تَزعمُ أَنَّ مِصْرَ لا يُوجَدُ فِيهَا إِلّا الإخْوَانُ «الأشْرارُ»، وَالعَسكَرُ «الطّيّبونَ»!! بَيدَ أَنّ الحقِيقَةَ هِيَ أَنّ «الإِخوَانَ» وَ«الْعَسكَرَ» جَميعًا لا يمثّلونَ أَكثرَ مِنْ عَشرةٍ فِي المئةِ مِنَ المصريّينَ.
إِنَّ غَالبيّةَ المصرِيّينَ تُريدُ أَنْ تَحيا حَياةً كَريمةً، فِي حُرّيّةٍ وَدِيمقْراطِيّةٍ وَكَرَامَةٍ إنْسَانِيَّةٍ.
أمّا أَتباعُ العَسكَرِ، فَهمْ عصَابَةٌ مِنَ المهرولِينَ، المنَافِقينَ، المُستنفعِينَ، الجَشعِينَ، الطّمّاعِينَ، المستعدّينَ لِخدَمَةِ أَيّ نِظَامٍ، ديكتَاتُورِيٍّ أَوْ دِيمُقْرَاطيٍّ أَوْ أَجَنَبِيٍّ، فَي سَبيلِ مَنفعَتِهمُ الشَّخصِيّةِ. إِنّهُ بِالْفِعْلِ عَصْرُ الرّممِ والحُثَالَاتِ.
لَكِنَّ الغَالِبَيَّةَ العُظمَى مِنَ المِصْريّينَ قَدْ سَئمَتْ مِنْ هَذَا الْوَضْعِ الْمُخزِي، حَيثُ يَتمُّ تَجاهُلُهَا، وَتدفعُ هِيَ ثَمنَ هَذَا الصّرَاعِ المزعُومِ بَينَ «الإخْوانِ» وَ«العَسكَرِ».
إِنَّ غَالِبيّةَ الِمصريّينَ يُفضّلونَ «الإِخوانَ»، بِرَغمِ عُيوبِهمْ، عَلَى «العَسْكَرِ»، لأَنَّ الجَميعَ قَدْ سَئمَ مِنْ جَرائمِ العَسكَرِ وَكذبِهمْ وَنِفَاقِهمْ.
السّيّدةُ ميركيلُ، أنتِ تُقابِلينَ شَخصًا يُريدُ استعبادَ الشّعبِ المصريّ بِأَسْرِهِ، وَهَذَا غَيرُ مَقبُولٍ عَلَى الإطلاقِ.
وَالمصِيبَةُ هُنَا أنّكِ تَتَجَاهَلينَ حَقائقَ وَاضِحَةً وُضُوحَ الشَّمسِ:
فَهذَا المَدعُو السِّيسِي هُوَ فِي الوَاقِعِ شِبهُ أُمّيّ. تَعلِيمُهُ بَسيطٌ جِدًّا، وَعُقلُهُ أَتْفَهُ مِنْ عَقْلِ فَرخَةٍ، وَأفقُهُ أَضْيقُ منْ خُرمِ الإبرةِ. وَلَيْسَ يُوجَدُ أَيُّ تَفسيرٍ لِصُعُودِهِ المُفَاجئِ لِلسُّلطَةِ، سِوَى عَملِ المخَابرَاتِ الأجنبيّةِ. إنّهُ لا يَستطِيعُ تَكوِينَ جُملَةٍ وَاحِدةٍ مُفيدَةٍ بِاللّغَةِ العَربيّةِ.
صَحِيحٌ أنّهُ يُعتبرُ يَهوديّا مِصريّا، لِأَنّ أُمّهُ يَهُودِيّةٌ، لَكِنّهُ فِي الحقِيقَةِ يُعدّ عَارًا عَلَى الدّيانَةِ اليهُودِيّةِ وَمِصْرَ جَميعًا. فَالأعمَالُ البَشعةُ الَّتِي ارْتَكَبَها بَعدَ انقِلابِهِ عَلَى الشّرعيّةِ فِي مِصرَ لَيسَ لَها أَيُّ عَلاقَةٍ بِالوصَايَا العَشرِ اليَهودِيّةِ، أَوْ بِالحضَارَةِ المصْرِيّةِ العَظِيمَةِ.
وَعِنْدَمَا يُقَدّمُ نَفْسَهُ، كَمَا يَحلُو لَهُ، عَلَى أنّهُ «المسِيحُ المُخَلِّصُ» الّذِي قَامَ بِإنقَاذِ مِصْرَ مِنْ «شُرورِ» الإِخْوانِ، فِإنّهُ هُنَا ُيَمارِسُ النَّصْبَ وَالدّجَلَ وَالتّضلِيلَ.
وَلَيسَتْ سِيَاسَتُهُ إِلّا اسْتمرارًا لِسيَاسَةِ الدّيكتاتوريّةِ العَسكريّةِ الّتِي أَسّسهَا المجْرِمُ عَبدُ النّاصِرِ سَنَةَ 1952م، وَالّتِي جَعلَتْ مِنْ مِصْرَ الغَنيّةِ دَولَةً فَقِيَرةً جِدًّا.
أَمّا المصْرِيّونَ، فَصَحيحٌ أنّهُمْ رَزحُوا تَحتَ الاسْتِعمَارِ الأَجنَبِيّ لِنَحْوِ ثَلَاثَةِ آلافِ سَنةٍ، لَكنّهمْ أَصبَحُوا اليَومَ أَكثرَ نُضجًا، وَأكثرَ عَزْمًا عَلى التَّحَرُّرِ مِنْ أَغْلَالِ العُبودِيّةِ.
فَلمْ يَحْدُثْ مُنذُ سَنةِ 1952م أَنْ خَرجَ المصريّونَ فِي مُظَاهَراتٍ مِليونيّةٍ يُطَالِبُونَ فِيهَا بِإسقَاطِ حُكمِ العَسْكَرِ، وَيهتفُونَ مِنْ أَعمَاقِ قُلوبِهمْ: «يَسقطُ، يَسقطُ حُكمُ العَسْكَرِ»، وَ«الدّاخِليّةُ بَلطَجِيّةٌ». هَذِهِ تَحوّلاتٌ عَظيمَةٌ فِي حَياةِ أَحفَادِ أَصْحَابِ أَعظَمِ حَضَارَةٍ فِي تَارِيخِ الإنْسَانِيّةِ.
لَقَدْ خَلّفتِ الدّيكتاتُوريّةُ العَسكَريّةُ لَنَا فِي مِصْرَ، بَعدَ سِتّةِ عُقودٍ، شَعبًا فَقيرًا، مَريضًا، يُعَانِي مِنْ تَخلّفِ التّعلِيمِ، وَتَفَشي الأمّيّةِ، وَانتِشَارِ السّذَاجَةِ، وَهوَ مَعَ ذَلكَ مَازَالَ صَبورًا جدًّا.
إِنَّ الغَالِبيّةَ العُظمَى مِنَ المِصْريّينَ الْيَومَ مُصَمّمونَ عَلَى سَحقِ هَذِهِ الدّيكتَاتُورِيّةِ العَسكَرِيّةِ البَغِيضَةِ، وَتأْسِيسِ دَولَةٍ دِيمقرَاطِيّةٍ حَدِيثَةٍ، وَبَعْدُ.
فَإِنَّ الحُكُومَةَ الأَلمانِيَّةَ تَرتَكِبُ خَطَأً جَسيمًا لا يُغتفرُ عِندَمَا تَتَعاوَنُ مَعَ سَفّاحِينَ قَتَلَةٍ، مِنْ أَمثَالِ المَدعُو السِّيسِي الّذِي يَنْبَغِي القَبْضُ عَلَيْهِ فَوْرًا وَمُحَاكَمَتُهُ.
وَيَجِبُ تَذكِيرُ الحُكُومَةِ الأَلمانيَّةِ بِأَنَّ أَيِّ تَعَاوِنٍ مَعَ الانقلابيّينَ يُعتبرُ عَمَلًا مُخَالِفًا لِلدّستُورِ وَالقَانُونِ، وَسَوفَ يَتمُّ مُقَاضاتُهُ قَريبًا فِي المحاكِمِ الدّولِيّةِ.
بِسِيَاسَتِهَا فِي الشَّرقِ الأَوْسَطِ تُسَاهِمُ ألمانيَا الاتّحادِيّةُ اليَوْمَ فِي إِتعَاسِ الملايينَ مِنَ الْعَربِ والمسلِمِينَ وَإِمَلاقِهمْ، وَإِرغَامِهمْ عَلَى الهِجْرَةِ إِلَى أُوروبّا، حَيْثُ يَتَسبّبونَ فِي مَشَاكِلَ كَثيرَةٍ.
فَألمانيَا مُتَحَالِفَةٌ اليومَ مَعَ الأنظِمَةِ الاستِبدَادِيّةِ القَمعِيّةِ الَّتِي لَا يَنتَفِعُ مِنهَا ِإلّا أقلّيّةٌ قَليلَةٌ، فِي حِينِ لَا تَجدُ الأَغلبيّةُ السَّاحِقَةُ إلّا الفَقرَ، وَالمرَضَ، وَالجهلَ، وَالجُوعَ، وَالتّضلِيلَ.
لِكُلّ هَذَا وَغَيرِهِ يَلِيقُ بِأَلمانيَا أَنْ تُسَارِعَ بِمسَاعَدَةِ المصْريّينَ فِي تَأسِيسِ دَولةٍ دِيمقراطيّةٍ حَديثةٍ، بَدلًا مِنْ التّعَاوِنَ مَعَ القَتَلَةِ، وَالتّحَالُفِ مَعَ المجْرِمينَ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.