اندلعت اليوم في كبرى جامعات مصر مسيرات نظمتها الطالبات المنتقبات للتنديد بحظر النقاب وعدم السماح لهن بدخول الامتحانات، التى من المقرر ان تبدأ يوم الأربعاء 13 يناير المقبل, وذلك في خطوة محمومة وغير مسبوقة على طريق علمنة الحياة الجامعية نهائياً في مصر، وتخللت المسيرات وقفة أمام قبة جامعة القاهرة وأخرى صامتة أمام كلية دار العلوم، عبرن فيها عن أسفهن من القرار الذي لم يصدره زعيم حزب الحرية المتطرف خيرت فيلدز في هولندا، بل أصدره رئيس الجامعة في مصر التى ينص دستورها على ان دين الدولة الرسمي هو الإسلام. أحمد الكردي-خاص-الشعب كشفت إحدى الطالبات المنتقبات في جامعة القاهرة أن عدداً منهن حاول مقابلة رئيس الجامعة الدكتور حسام كامل، إلا ان الأخير قابلهم بعجرفة شديدة واخبرهم حينما سألوه عن سبب قرار منعهن من دخول الامتحانات :" أنا غير مطالب بمبررات ويجب عليكم ان تعدلوا أنفسكم من أجل القرار لا ان تغير الجامعة والوزارة قراراتها من أجلكم". وأضاف رئيس الجامعة أمام وفد الطالبات:"رأيي الشخصي ان النقاب تخلف وأنا مش حسمح بهذا التخلف لغاية ما ينحدر مستوى الجامعات المصرية إلى مستوى الجامعات السعودية"..! وبعد التجريح في الجامعات السعودية ومظاهر التدين هناك، قال الدكتور حسام كامل:" أنا حمنع النقاب خالص من كل الجامعات وحفضل أضيق عليكوا ولن اسمح بهذا التخلف في الجامعة". ويقضي قرار مجلس جامعة القاهرة الذي وزع على جميع كلياتها، وحصلت صحيفة الشعب على نسخة منه، بعدم السماح للطالبات بأداء الامتحانات المقبلة بالنقاب. كما يقضى القرار الذي وقع على نسخة منه عميد كلية دار العلوم ا.د. محمد صالح توفيق، بعدم السماح لأعضاء هيئة التدريس من السيدات بارتداء النقاب أثناء التدريس والامتحانات، وكذلك حرمان الموظفات المنتقبات من مراقبة لجان الطلاب أيام الامتحانات. إضراب مفتوح من جهتهن قررت الطالبات المنتقبات بدء إضراب مفتوح عن الدراسة والمحاضرات لحين تحقيق مطالبهم ورفع الظلم عنهم. وكان مجلس الجامعة قد اتخذ قرار المنع فى اجتماعه الأخير بتاريخ 25 نوفمبر، ولم يتم إعلانه رسميا فى كليات الجامعة إلا أمس، ويتوقع أن يتم تعميم القرار فى جميع جامعات مصر. وأكد د.هانى هلال أن المجلس الأعلى للجامعات اتخذ قرارا بمنع المنتقبات من الطالبات، وكذلك من أعضاء هيئة التدريس، والموظفات من دخول لجان الامتحان فى دعوة يعتبرها كثيرون تصعيدا جديدا، فى الحرب ضد النقاب. وأصدر الطالبات المنتقبات بيان تحت عنوان" ارفعوا عنا الظلم" حصلت الشعب على نسخة منه، بخصوص منعهن من حضور الامتحانات بالنقاب، جاء فيه :"إننا نري - نحن الطالبات المنتقبات في جميع كليات جامعة القاهرة- بأن هذا القرار الذي صدر بنصه الإلزامي بمنعنا من دخول الامتحانات يعد مخالفاً لما ينص عليه القوانين المتعلقة بالحريات الشخصية من حرية كل فرد في ملبسه و حريتنا نحن المنتقبات أن ندخل إلي قاعات الامتحانات و نحن نرتدي النقاب . وأضاف البيان :"نحن نطالب ممن وضع هذا القرار – الغير عادل- أن يضع في الحسبان تحقيق المصلحة المنشودة دون إضرار بمصلحة الطالبات المنتقبات و نحن هنا نقدم بعض الطرق - لعلها غفلت عنها عقولهم وهم بصدد إصدار قرار ظالم كهذا - : أولا : تخصيص قاعات للطالبات دون الطلاب و حضور مشرفات للمراقبة عليهن . ثانيا : تخصيص أحد الضابطات المشرفات للتحقق من شخصية الطالبة . وختمت الطالبات المنتقبات البيان بالقول:" بهذا نكون قد طالبنا بحقوقنا دون الإخلال بالقواعد المتعارف عليها في التثبت من شخصية الممتحن و مراعاة لحقوقنا كطلبة في الجامعة نتساوى مع الجميع في حق دخول الامتحانات و نحن لا نمانع من التثبت المسبق للشخصية قبل دخول القاعة بالطريقة الموضحة في النقطة الثانية"، وقد تم توقيع البيان بعبارة "الطالبات المنتقبات بجامعة القاهرة". الحكومة تصر على حرب النقاب وكان فضيلة النائب الشيخ سيد عسكر عضو اللجنة الدينية بمجلس الشعب، قد أكد أنَّ هناك إصرارًا حكوميًّا على حرب بدأها وزير الصحة، ثم وزير الأوقاف وأخيرًا وزير التعليم العالي الذي أصدر قرارًا بمنع المنقبات من دخول المدينة الجامعية. وقال، إنَّ تبرير د. هاني هلال لقرار منع المنقبات من المدينة الجامعية بضبط 15 شابًا داخل مدينة الطالبات العام الماضي علل فارغة لمحاربة شريعة إسلامية. واستغرب إصرار الحكومة على حرب النقاب، وكأن الحكومة حلت جميع مشاكل المواطنين ولم يتبق غير النقاب. وأشار عسكر إلى أنَّ بعض العلماء أقروا بوجوبه والبعض الآخر قال إنه سنة مستحبة وليس بدعة كما يدعي وزير الأوقاف، كما أوصت لجنة الشريعة بمجلس الشعب بأن النقاب يدخل في دائرة الحريات الشخصية. وأشار عسكر إلى أنَّ هناك جهات مشبوهة تستهدف شعائر الإسلام في مصر تقليدًا للغرب وأن الحرب على النقاب بدأت في فرنسا، والنقاب ليس البداية حيث سبقه إلغاء ختان الإناث. النقاب جريمة..وعجبي..! وكان نظم عشرات من الطالبات المنتقبات والمتضامنين معهن قد نظمن أمس الاثنين بجامعة حلوان وقفة صامتة يحتجون فيها على قرار د.هانى هلال وزير التعليم العالي ود.محمود الطيب رئيس الجامعة، بمنع المنتقبات من أداء الامتحان بحجة القضاء على ظاهرة الغش فى الامتحانات. واستنكرت طالبات منتقبات فى الوقفة التى استمرت لمدة ساعتين القرار، وأكدن على أحقيتهن فى ارتداء ما يرغبن، فى إطار الحرية الشخصية، وتضمان معهن عدد من الطالبات غير المنتقبات وأكدن على حقوقهن. وحمل المحتجون لافتات "اليوم النقاب..وغدا؟"، و"لماذا منعنا من دخول الامتحانات"، و"أصبح النقاب جريمة فى دولة مسلمة.. وعجبي"، و"هل أصبح النقاب جرما" حتى الامتحانات منعوا منها المنتقبات" وندد طلاب الإخوان فى كلمتهم بالقرار وطالبوا بعدم تنفيذه، مؤكدين على اتخاذ إجراءات قانونية. دعوى قضائية ضد العلمانيين يتزامن ذلك ، مع رفع عدة طالبات منتقبات بجامعة عين شمس، دعوى قضائية بمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة ضد وزير التعليم العالي، ورئيس جامعة عين شمس، وعمداء كليات التربية والهندسة والتجارة في الجامعة، وذلك لوقف التعنت ضد دخول المنتقبات للجامعات. كذلك اختصم بالدعوى كل من شيخ الأزهر ورئيس جامعة الأزهر ومفتي الجمهورية ووزير الأوقاف، مطالبًا إياهم جميعًا بوقف تنفيذ قرار حظر النقاب. وقد أسست الطالبات المنتقبات رابطة نسائية للتحدث باسمهن أمام القضاء المصري للدفاع عن حقهن في ارتداء النقاب في كليات الجامعة، خاصةً مع اقتراب موعد امتحانات النصف الأول من العام الدراسي الجاري والمقرر في يناير 2010، حيث ستمنع الطالبات المنتقبات من الدخول إلى الجامعة. ووكّلت العديد من الطالبات بكليات جامعة عين شمس المحامي نزار غراب لرفع دعوى قضائية ضد قرار تقييد حرية ارتداء النقاب، والذي أثار جدلًا واسعًا خلال الشهرين الماضيين. فتيل الحرب على النقاب وقال المحامي غراب إنه :"اختصم المؤسسات الرسمية الدينية لأنها التي أشعلت فتيل الحرب على النقاب، حيث طبع وزير الأوقاف آلاف النسخ من كتاب (النقاب عادة لا عبادة)، بينما منع شيخ الأزهر النقاب في المدارس الأزهرية، فيما تراجع مفتي الجمهورية عن رأيه السابق بوجوب النقاب إلى اعتباره ملبس شهرة". ورأى أنه "تثبت ملاحقة كل ما هو رمز يعبر عن الإسلام والفضيلة، رغم أن الدستور المصري يؤكد مكانة الدين والأخلاق والقيم والتقاليد والمبادئ، فنصت المادة الثانية على أن "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع". ونصت المواد 9 و12 و19 على اعتبار الدين والأخلاق والتقاليد مبادئ تلتزم الدولة بإتباعها. ويتابع المحامي المصري: "لما كان ارتداء النقاب بالنسبة للمرأة المسلمة هو أحد مظاهر الحرية التي نصّ عليها الدستور، فإنه لا يجوز لجهة الإدارة أو أي جهة أخرى حظر ارتدائه حظرًا مطلقًا، فكما يترك للمرأة عمومًا الحرية بارتداء ما تشاء من الثياب، غير مقيدة في ذلك بضوابط الاحتشام نزولًا على الحرية الشخصية، فإنه يحق كذلك للمرأة المسلمة أن ترتدي الزى الذي ترى فيه المحافظة على احتشامها ووقارها، وألا تكون ثمة تفرقة غير مبررة بين الطائفتين لا سند لها من القانون أو الدستور". وطالبت الدعوى المحكمة بتحديد أقرب جلسة ليسمع المدعى عليهم الحكم بقبول الدعوى شكلًا، وبإلغاء ووقف تنفيذ قرار رئيس جامعة عين شمس بإهدار حق المدعيات في حريتهن في ارتداء النقاب، كشرط لحصول المدعيات على حقهن الدستوري في التعلم ودخول الامتحان الذي سيعقد في يناير 2010، علمًا بأن المدعيات لا تمانعن التثبت من شخصيتهن قبل دخول الامتحانات. الحجاب يغزو بيوت الوزراء وفي ذات السياق أكد مراقبون أن النقاب لم يكن قضية أبدا لا في مصر ولا في غيرها من بلاد العرب والمسلمين إلا تونس زين العابدين ، لأسباب يطول شرحها ، فقط مشكلة النقاب في بعض العواصم الأوربية وأمريكا ، وهذا يكفي لمعرفة "مصدر" التوجيه بإثارة المشكلة وإعلان الحرب على النقاب وليس على البلطجة الصهيونية في فلسطين. وقال المفكر والباحث الإسلامي الأستاذ جمال سلطان أن :" لو تخيلنا مثلا أن تصريحات صدرت من هذه الجهة السيادية أو تلك أو حتى إشارات من حرم الرئيس تتلطف مع النقاب أو تعلن احترامها لحرية المرأة في اختيار النقاب من عدمه فسوف يخرج زقزوق على الناس بكتاب جديد عن "فضائل النقاب" وسيطبع منه ربع مليون نسخة" ، وأضاف ساخراً:" وستجد البيت بيتك يستضيف عددا من المنقبات ليتحدثن عن تجربتهن مع الستر والفضيلة !!". وأكد أن :"مسألة ستر المرأة لوجهها لا يمكن أن تمثل قضية لأي مجتمع جاد أو لديه ما يشغله بالفعل ، وإنما تفجير هذه القضية بين الحين والآخر يمثل محاولة للتستر على الجرائم التي تنتهك في حق المطحونين في هذا البلد ، وصرف الانتباه عن الحقوق الضائعة أو السياسات الخاطئة أو ترتيبات لأوضاع جديدة ذات حساسية في أعلى هرم السلطة". وأضاف أن:" النقاب مسألة ضميرية بحتة ، لا صلة لها بزوج أو أب أو حتى مناخ اجتماعي ، فتجد بين الشرائح الكادحة وشديدة الفقر منقبات كما تجده في الشرائح الأكثر ترفا ونوادي السبع نجوم ، وتجد بين الأميات منقبات كما تجد بين أساتذة الجامعة منقبات"، وتابع:"وتجد في البيت الواحد الأم منقبة وابنتها محجبة أو العكس ، أو الفتاة منقبة وشقيقتها محجبة ، مجرد قناعة روحية تطمئن إليها المرأة ، بلا وصاية من أحد إلا ضميرها الديني ، وهذه معاني من السماحة في الإسلام والتحرر الكريم والفضائل النبيلة التي لا يفهمها المستبدون والظلاميون الحقيقيون الذين يشنون الحرب المقدسة الآن على المرأة المنقبة ولا يعرفون إلا لغة القمع وفرض الرأي بالقوة ومصادرة حقوق الآخرين". وكشف أ.سلطان أن الحرب على الحجاب والنقاب احد أسبابها أن وصل إلي بيوت المسئولين، وأكد أن بعضا من قادة هذه الحرب الضروس يتعايشون بهدوء وسلاسة في حياتهم الاجتماعية مع النقاب ، ثم يتاجرون أمام الفضائيات أو على صفحات الصحف بالهجوم عليه". وأضاف:"مثل ذلك القيادي الكبير في وزارة زقزوق الذي يشاركه الحملة على النقاب بينما زوجته هو نفسه منقبة ، والصحفي الكبير في المجلة المتشنجة في حربها على النقاب بينما شقيقته منقبة"، وتابع:"بل إن البعض يحاول الربط بين الحملة على النقاب وبين القلق من انتشاره في بيوت قيادات رفيعة في الدولة سياسيين ووزراء سابقين وحاليين بمن فيهم وزراء للداخلية".