نشرت صحيفة ميدل إيست الامريكية اليوم مقالاً لوزير الإستثمار فى حكومة هشام قنديل" يحيى حامد"ولخص مقاله قائلاً أنه فى الوقت الذي تحتضن فيه الولاياتالمتحدة الديكتاتورية في مصر مرة أخرى، ربما تجد أن أسلحتها لن تفعل شيئا سوى زيادة عدم الاستقرار والتطرف بدلا من أن تمنعهما. وإلى مقتطفات من المقال: في الأول من إبريل الجاري، أعاد الرئيس الأمريكي بارك أوباما المساعدات العسكرية إلى مصر، ما يُعد تغيرًا كليًا في موقف حكومة واشنطن، التي سحبت المساعدات العسكرية في 2013 في أعقاب الإطاحة بأول رئيس مصري منتخب ديمقراطيا محمد مرسي. ومع فتح صنبور المساعدات العسكرية مرة أخرى، فإن ما يقرب من 1.3 مليار دولار أمريكي أصبحت متاحة لنظام عبدالفتاح السيسي، وفي القريب العاجل ستكون مقاتلات إف -16 جديدة ودبابات أبرامز وصواريخ هاربون في حوزة القوات المسلحة المصرية، وستصبح مصر ثاني أكبر مستورد للأسلحة من أمريكا بعد إسرائيل. ولا يوجد أفضل من ذلك ليرمز إلى استعادة العلاقات بين واشنطن والقاهرة التي تعود إلى عقود بشكلها الحالي، حيث تكون السياسة الحقيقة هي دعم الحكام الأقوياء في الشرق الأوسط وتلك السياسة تخدم مصالح الولاياتالمتحدة وتضرب عرض الحائط بالديمقراطية وحقوق الإنسان. في حقيقة الأمر، فإن إعلان الأسبوع الماضي يعكس التلاشي التدريجي للأحلام والمثل العليا للربيع العربي، ليس فقط بعودة الأنظمة الديكتاتورية القوية والمصالح الخاصة، بل أيضا باستعداد الدول الغربية للتعاون مع تلك الأنظمة بعد أن أصبحت المخاوف الأمنية الوشيكة تمثل أولوية للغرب عن الديمقراطية والحرية. وفي حين ينبغي استئصال سرطان التطرف، فمن الواضح أن الدعم الضمني لاستبداد جديد في مصر هو تضحية تستعد واشنطن لتقديمها بينما تشاهد الشرق الأوسط يدخل الفصل الأكثر تعقيدا وخطورة في التاريخ الحديث. إن استئناف المساعدات العسكرية أمر لافت بالنظر يعكس إلى أي مدى قد تأرجح البندول بعيدا عن الإصلاح، فالسيسي قد ارتكب أسوأ تجاوزات عصر حسني مبارك بل وذهب لما هو أبعد من ذلك أكثر مما توقعه منتقدوه، وفي الوقت الذي حظي فيه اعتقال صحفيي الجزيرة الثلاث باهتمام دولي، لم يكن سوى نقطة في بحر الاستبداد الذي اجتاح البلاد منذ انقلاب عام 2013. واليوم، بات خروج التظاهرات أمرا مستحيلا والسيسي يمسك بقبضة من حديد وسائل الإعلام الحكومية، واختفى أوكسجين النقد وتم تجريم وذم الساسة المعارضين والإسلاميين السلميين، فضلا عن أن التعديلات التشريعية الجديدة تفرض عقوبات قاسية على المنظمات التي تتلقى أموالا وتضر ب "المصالح القومية". ويكون العقاب هو السجن مدى الحياة، حيث يهدف ذلك القانون بشكل واضح لقطع التمويل عن المنظمات غير الحكومية، والسيسي يدرك أن خنق المجتمع المدني ومنظماته أمر ضروري لتشديد قبضته على السلطة. لكن بيع الأسلحة يثير الكثير من الأسلحة الهامة حول الغرض التي سيتم استخدامها لأجله لاسيما بعد تقارير أفادت بها منظمة هيومن رايتس ووتش عن حملة وحشية عنيفة في معسكر اعتصام مؤيدي الإخوان بالقاهرة (اعتصام رابعة) وتم حظر المنظمة من دخول مصر لهذا السبب، أما في سيناء، حيث يشكل التمرد الوليد مشكلات حقيقية للحكومة، فإن الدبابات الأمريكية من طراز "أبرامز" تقوم بقصف مباني المدنيين. الأحاديث التي تتم في الغرف الخلفية بين الدبلوماسيين شيء جيد لكن ما الشيء الذي يوضح الصداقة بين بلدين أكثر من بيع أسلحة بمليارات الدولارات؟ ينبغي على الأمريكيين أن يسألوا أنفسم عن كيفة دورهم في المنطقة، ففي سبتمبر 2014 وافقت روسيا على إبرام صفقة أسلحة بقيمة 3.5 مليار دولار مع مصر وفي فبراير الماضي توسطت مصر في صفقة أسلحة بين روسيا وليبيا. ومع خوض الولاياتالمتحدة في هذه الطفرة من الأسلحة، لا يمكن السيسي أن يؤمن بحظه حيث إن الخوف من انهيار الشرق الأوسط يعني أن واشنطن ستلتحق بعدوتها روسيا في إغداق مصر بالعتاد العسكري، ما يبعد أية فرصة للإصلاح السياسي داخل مصر بالتأكيد سوف يكون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مسرورا بنفاق السياسة الأمريكية في حين أن الدراما في أوكرانيا لا تزال مستمرة. على المدى الطويل، ثمة مفارقة لنهج الولاياتالمتحدة، فاستئنافها للمساعدات العسكرية أساسه الخوف من تزايد عدم الاستقرار في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، ومنطق الخارجية الأمريكية هو أن وجود مصر قوية سيكون بمثابة الحصن ضد النفوذ الزاحف لتنظيم داعش في المنطقة. لذا وبعد خيانة الإدارة الأمريكية للمثل العليا للربيع العربي وتخليها عن أول حكومة منتخبة ديمقراطية "حكومة الإخوان المسلمين" والإسلاميين المعتدلين، فإن ذلك ترك الملايين من المصريين المحبطين دون خيار.\ وفي الوقت الذي يصبح فيه نظام السيسي أكثر وحشية، سيضطر هؤلاء المظلومون والساخطون للجوء إلى التطرف في المشهد السياسي، وينبغي على واشنطن أن تكون حذرة حيث إن أفعالها ينظر إليها بيأس ملايين المصريين، الذين نادوا بالحرية ولكن تم تجاهلهم داخليا وخارجيا.