في الوقت الذي يتواصل فيه العنف في سوريا, وقيام تقوم حكومة الرئيس بشار الأسد بإجراءات وحشية ضد المتظاهرين، يتزايد الجدل في المجتمع الدولي بشأن كيفية التعامل مع الأزمة, وتقف الولاياتالمتحدة في موقف يبدو سلبيا إلي حد كبير. برغم من وجود ضغوط داخلية وخارجية تطالبها باتخاذ موقف أكثر فاعلية. وفيما يلي الاقتراحات التي قدمها أربعة من خبراء مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي لما ينبغي على الولاياتالمتحدة القيام به, من خلال حلقة نقاش نشرها موقع المجلس الإلكتروني, الخبراء هم: اليوت أبرامز، الزميل البارز في مركز لدراسات الشرق الأوسط, التابع لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي وروبرت دانين، وايني انريكو ماتيي وهما زميلين بارزين في مركز دراسات منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا و إد حسين، الخبير في منطقة الشرق الأوسط وميكا زينكو زميل مركز منع النزاعات التابع أيضا للمجلس. قال إليوت أبرامز، أن المحللين السياسيين قد اعتادوا تحليل الفجوة بين ما تفرضه علينا قيمنا وبين ما تحتمه علينا مصالحنا الأمنية, أما فيما يخص سوريا، فلا توجد فجوة من هذا القبيل. نظام الأسد فاسد وقمعي، قتل خلال العام الماضي أكثر من 6000 متظاهر, ليس لديه شرعية ويمارس السلطة عن طريق استخدام القوة الغاشمة فقط, وهو أيضا حليف إيران العربي الوحيد، ومورد السلاح إلى حزب الله، وعدو للولايات المتحدة عمل بجد علي إرسال الجهاديين إلى العراق لقتل الأميركيين, لذلك فإن إسقاط النظام يجب أن يكون هدف السياسة الأمريكية، وفي هذا التوجه سوف نحظى بدعم كبير من العرب والأوروبيين, على الأرجح فإن بديل نظام بشار سيكون من السنة التي ليست لديها علاقات وثيقة مع إيران وحزب الله كتلك العلاقات التي أنشأتها زمرة الأسد, ولكن حتى الآن، فرضنا عقوبات على سوريا وقدمنا مطالب كثيرة, لكن المشكلة هي أن خطاباتنا وعقوباتنا لم تساعد في الدفاع عن الشعب السوري ضد الرصاص الأسد, لقد بدأت حركة المعارضة السورية سلمية وقوبلت بقمع دموي من قبل النظام، لذلك فإنها تحاول الآن أن تدافع عن نفسها, ما يسمى بالجيش السوري الحر، الذي بدأ فقط ببيانات صحفية، هو الآن قوة تضم الآلاف، وعلينا مساعدته بالتسليح والتمويل. في حين يتفق كل من روبرت دانين وايني أنريكو ماتيي علي عدم حتمية تمويل المعارضة السورية من قبل الولاياتالمتحدة , وجاء في اقتراحهما انه ينبغي على الولاياتالمتحدة تحقيق ثلاثة أهداف متوازية في سوريا: إنهاء حكم الأسد، ووقف سفك الدماء، والعمل على توحيد المعارضة السياسية في المستقبل القريب, حسب هذا الخبير.. قيادة جامعة الدول العربية هي مفتاح الحفاظ على جبهة موحدة معارضة لحكم الأسد. ويجب تشجيع موسكو، التي أصبحت معزولة على نحو متزايد، عن طريق مجموعات الاتصال لتفعيل نقل سلطة الأسد إلى نائبه بطرق دبلوماسية، والشروع في حوار مع المعارضة إلى جانب وقف إطلاق نار فوري وشامل, هذا يتطلب من الجميع تقديم تنازلات، ولكن من شأنه أن يصون مصالح روسيا, وفي غضون ذلك، ينبغي تشجيع الأمين العام للأمم المتحدة على تعيين مبعوث خاص إلى سوريا لدفع الجهود الدبلوماسية. أخيرا، يجب على الولاياتالمتحدة وقف التعبير بصراحة عن استبعاد التدخل العسكري, وينبغي أن تكون القوة التي يستخدمها أصدقاء سوريا هي الخطوة الأخيرة في سلم التصعيد. في حين قال إد حسين، إن سوريا، مثل الكثير من دول المنطقة، في حالة تغير مستمر, ويجب على خيارات الولاياتالمتحدة السياسية أن تعكس هذه السيولة، ولكن أيضا لا تغفل عن الأولويات الإقليمية بما في ذلك التهديدات من إيران، وصعود ضراوة التطرف المعادي للولايات المتحدة في باكستان، والهشاشة الاجتماعية والسياسية في السعودية، وحالة عدم الاستقرار المتزايد في مصر، وعدم اليقين في اليمن، وما أعلن عنه رسميا الآن من دخول كوادر من تنظيم القاعدة إلي المزيج السوري. هناك حدود لقوة الولاياتالمتحدة: كلما انتشرت أكثر، كلما زادت التحديات، وقلت فاعلية النتائج. من أجل السير إلى الأمام، اقترح حسين ما يلي: أولا، ينبغي على الولاياتالمتحدة أن تبعد نفسها عن الصراع السوري, وتترك زمام المبادرة للأوروبيين. ثانيا، المعارضة السورية هي قوة من قبائل البدو المتباينة, لديهم القليل من الخيارات ولكن ليس من بينها العودة إلى المقاومة السلمية، مهما طال الوقت اللازم للإطاحة بالأسد, أنها تفتقر بشدة إلي الرؤية السياسية، والتدريب، والقيادة, وفي غياب مثل هذه الأساسيات، المطلوب من الغرب دعمها بالسلاح, ما لم تتحد المعارضة المنقسمة على تفويض ديمقراطي وسلمي، سيكون خطأ قاتلا من جانب الولاياتالمتحدة أن تفتح أبواب سوريا لتنظيم القاعدة والجهات التابعة له, كما هى الحال في مصر وباكستان، ينبغي لمبادرات وزارة الخارجية الأمريكية من الدبلوماسية العامة أن تشمل السوريين, وهذا يمكن أن يبدأ مع أولئك الذين يتمركزون في تركيا وأوروبا لمساعدتهم في حشد السوريين في دمشق وحلب وفق رؤية سوريا جديدة تعددية، ولكن بالوسائل السلمية. أخيرا، يجب أن يتم استبعاد التدخل العسكري ويمكن استبعاده لأجل غير مسمى, طالما أن معظم المساجد والمدارس في دمشق وحلب ، والجزء الأكبر القوات المسلحة يدعم الأسد, سوف يكون من الخطأ أن نقلل من مخاطر اندلاع حرب شاملة، وعنف طائفي، وقتال بين القبائل المتناحرة. أما ميكا زينكو، فقد تحدث عن السبعة أسابيع التي قاد خلالها حلف شمال الأطلسي عملية التدخل في ليبيا، وقال إنه عندما سئل وزير الدفاع السابق روبرت جيتس عن المتمردين، أجاب بكل صراحة: " الجواب الصادق ... لا نعرف من هم ... وهذا هو أحد الأسباب التي تجعلنا نتردد في تقديم أي نوع من المساعدة العسكرية للمعارضة ", وقال زينكو إنه على الرغم من أن الولاياتالمتحدة في نهاية الأمر لم تسلح المتمردين في ليبيا، فإن بلدانا أخرى فعلت ذلك لحسن الحظ، في انتهاك للعديد من قرارات مجلس الأمن الدولي. بعد أحد عشر شهرا على بدء النزاع في سوريا، السؤال هو ما إذا كان يجب علي الحكومة الأمريكية تسليح المعارضة السورية والجواب "لا". حيث يري زينكو, أن توفير المعدات أو الأسلحة للمعارضة من المرجح أن يؤدي إلى تكثيف وحشية نظام الأسد ، مما سيؤدى إلى حرب أهلية صريحة, وقال:"هناك متغيرات كثيرة جدا غير معروفة. على الرغم من أن الهدف المشترك هو إسقاط نظام الأسد، إلا أن المعارضة متباينة وغير قادرة على التحالف, وفقا لمدير الاستخبارات الأمريكية جيمس كلابر، فإن الجيش السوري الحر هو "غطاء، اسم عام يطلق بشكل عام على المعارضة". واشنطن ليست علي اتصال بالمعارضة السورية، ولا تعرف التكتيكات التي ستستخدم إذا قدمت لها الأسلحة, هناك العديد من الذين لا يريدون المزيد من عسكرة الانتفاضة ولا أن يشوب الثورة تقديم المساعدة الغربية, وينبغي على الولاياتالمتحدة آلا تستغل امتيازا تسليح المعارضة على حساب الغالبية الساحقة من السوريين الذين عانوا بشجاعة من خلال احتجاجات سلمية." وأضاف زينكو: "ينبغي على الولاياتالمتحدة المساعدة في بناء معارضة أكثر تماسكا وتمثيلا، ومواصلة الضغط على موسكو، ودعم إيصال المساعدات الإنسانية من خلال منظمات مستقلة مثل هيئة الهلال الأحمر، وليس حلف شمال الأطلسي التي فرضت "ممرات إنسانية"، وتوفير معلومات يمكن التحقق منها مع صناع القرار فيما يتعلق بالتطورات على أرض الواقع."