بعد فشل جيش الاحتلال الإسرائيلي في أن يقهر مصر في حرب الإستنزاف قرر مهاجمة الأهداف المدنية في مصر لإجبار القيادة المصرية على قبول وقف إطلاق النار، ومنعهم من استكمال بناء حائط الصواريخ الذي سيقطع الأيد الطولي للعدو المتمثلة في قواته الجوية. انطلق الطيران الإسرائيلي في مثل هذا اليوم 8 إبريل 1970 بدم بارد ليقصف مدرسة بحر البقر الابتدائية فقتلت الأطفال الصغار فاختلطت الدماء الطاهرة بكتبهم وأدواتهم وأثاث مدرستهم في جريمة من أبشع الجرائم ضد الإنسانية التي طالما برعت الصهيونية في القيام بمثلها وأبشع منها عبر تاريخهم الملطخ بالدماء. بحر البقر مدرسة بحر البقر الابتدائية المشتركة تقع بقرية "بحر البق"ر وهي قرية ريفية بسيطة قائمة علي الزراعة وتقع بمركز "الحسينية" بمحافظة الشرقية. تتكون المدرسة من دور واحد وتضم ثلاثة فصول بالإضافة إلى غرفة المدير وعدد تلاميذها مائة وثلاثون طفلا أعمارهم تتراوح من ستة أعوام إلى اثني عشر عاماً ومن حسن الحظ أن هذا اليوم كان عدد الحضور 86 تلميذاً فقط وعدداً قليل من المعلمين والإداريين. وفي صباح يوم الأربعاء 8 أبريل 1970 الموافق للثاني من صفر عام 1390 حلقت 5 طائرات إسرائيلية من طراز إف-4 فانتوم الثانية على مستوي الطيران المنخفض وقامت في تمام الساعة التاسعة وعشرين دقيقة من صباح يوم الأربعاء بقصف المدرسة بشكل مباشر بواسطة خمس قنابل تزن 1000 رطل وصاروخين مما أدي هذا تدمير المبنى بالكامل. أصدرت وزارة الداخلية المصرية بياناً تفصيلياً بالحادث وأعلنت أن عدد الوفيات 29 طفلا وقتها وبلغ عدد المصابين أكثر من 50 فيهم حالات خطيرة بالإضافة إلي 11 معلم وعامل من العاملين بالمدرسة. وقامت الحكومة المصرية بعد الحادث بصرف تعويضات لأسر الضحايا بلغت 100 جنيه للشهيد و10 جنيهات للمصاب، وتم جمع بعض متعلقات الأطفال وما تبقى من ملفات، فضلاً عن بقايا لأجزاء من القنابل التي قصفت المدرسة، والتي تم وضعها جميعاً في متحف عبارة عن حجرة أو فصل من إجمالي 17 فصلا تضمها جدران مدرسة "بحر البقر الابتدائية" تعلو حجرة المتحف عبارة مكتوبة بخط اليد "متحف شهداء بحر البقر". هجمه سياسية أم عسكرية؟ في صباح يوم الحادث قطعت الإذاعة المصرية بثها لتذيع هذا البيان العاجل:- "أيها الأخوة المواطنون لقد أقدم العدو في في تمام الساعة التاسعة و 20 دقيقة من صباح اليوم علي جريمة جديدة تفوق حد التصور عندما أغار بطائراته الفانتوم الأمريكية على مدرسة بحر البقر الإبتدائية المشتركة بمحافظة الشرقية و سقط الأطفال بين سن السادسة و الثانية عشر تحت جحيم من النيران". ونددت مصر بالهجوم رسمياً ووصفته بأنه هجوم متعمد غير إنساني بهدف إخضاع مصر وإجبارها علي وقف الهجمات التي تشنها خلال حرب الإستنزاف والموافقة على مبادرة مبادرة روجرز لوقف إطلاق النار. قام حسن الزيات مندوب الجمهورية العربية المتحدة في الأممالمتحدة بإرسال مذكرة رسمية إلى "رالف باتش" مساعد السكرتير العام للأمم المتحدة لإبلاغه باحتجاج مصر الرسمي ومطالبته باجتماع عاجل للدول الأعضاء كما قام وزير الخارجية المصري بعقد اجتماع موسع لسفراء الدول الأجنبية في مصر. ونددت العديد من الجهات والهيئات والمنظمات بالحادث ووصفته بأنه تجرد من كل معاني الإنسانية، كان واقع الهجوم عنيفاً وأليماً وأشعل حالة من الغضب والاستنكار العارم، فلم يكن أحد يتخيل أنه يمكن استهداف مدرسة أطفال في منطقة ريفية بعيدة تماماً عن أي وحدات عسكرية، خاصة وأنها أتت بعد شهرين من جريمة أخرى عندما قصفت إسرائيل مصنع أبو زعبل والتي خلفت 70 قتيلا من المدنيين. أرسل فى التوم التالي أطفال مدرسة بحر البقر الذين لم يصابوا في الهجوم رسالة إلى "بات نيكسون" زوجة الرئيس الأمريكي وقتها وسألوها: "هل تقبلين أن تقتل طائرات الفانتوم أطفال أمريكا؟! أنتي أم لجولى و تريشيا والجدة هل نستطيع أن نذكر لكي ما فعله زوجك مستر نيكسون؟!". وفي حرب أكتوبر 1973 بعد أن أسقطت قوات الدفاع الجوي طائرة فانتوم إسرائيلية فوق مدينة بورسعيد الباسلة وكان من بين الأسرى الإسرائيليين كابتن طيار تدعى "آمي حاييم" اعترفت أنها شاركت في قصف "بحر البقر"حيث أقرت بأنهم قصفوا المدرسة عن عمد وأنهم كانوا يعرفون أنهم يستهدفون بقنابلهم وصواريخهم مجرد مدرسة ابتدائية. إسرائيل.. افكٌ دائم عقب الحادث صرح "موشى ديان" وزير الدفاع الإسرائيلي إلى راديو "إسرائيل" أن المدرسة التي ضربتها طائرات الفانتوم هدف عسكري وادعى قائلا أن المدرسة كانت قاعدة عسكرية وأن المصريون يضعون الأطفال فيها للتمويه. وفي الساعة الثالثة من مساء يوم الحادث صرح المتحدث العسكري في تل أبيب أنهم يحققون في الأمر ثم أعقبه بتصريح آخر بعد ساعة أن الطائرات الإسرائيلية لم تضرب سوى أهداف عسكرية في غارتها على الأراضي المصرية. وقام يوسف تكواه مندوب إسرائيل في الأممالمتحدة برسالة للمنظمة الدولية إدعى فيها أن تلاميذ المدرسة الابتدائية كانوا يرتدون الزي الكاكي اللون وكانوا يتلقون التدريب العسكري وصرح راديو إسرائيل عن الضحايا أنهم كانوا أعضاء في منظمة تخريبية عسكرية.