زادت مخاوف الطلاب بالمملكة، من إيقاف وزارة التعليم السعودية، برنامج الابتعاث "الدراسة الخارجية"، بعد أن سرى كثير من الشائعات التي تؤكد أنه لن يتم المضي قدمًا في البرنامج الذي دشّنه الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، والذي استفاد منه حتى الآن أكثر من 150 ألف طالب يدرسون في أكثر من 30 دولة حول العالم. وأعلنت وزارة التعليم أمس الإثنين، أنها ستبدأ في قبول طلبات الالتحاق بالمرحلة الثالثة من برنامج الابتعاث الخارجي، بعد أن أنهى البرنامج مرحلتيه الأولى والثانية، على مدى السنوات العشر الماضية، بواقع خمس سنوات لكل مرحلة. وأكّد وكيل الوزارة للبعثات، الدكتور ناصر بن محمد الفوزان، أن: "الوزارة ستعلن مواعيد التسجيل في المرحلة الثالثة، فور انتهاء الترتيبات اللازمة التي تشمل استكمال التقييم الشامل للبرنامج، بهدف تطوير التخصصات، بما يلبّي متطلبات سوق العمل، واحتياجات القطاعين العام والخاص، والتركيز على أفضل الجامعات العالمية، في كل مجال دراسي". وكانت شائعات قد انتشرت حول نية وزارة التعليم إيقاف برنامج الابتعاث، بعد دمج وزارة التربية والتعليم مع وزار ة التعليم العالي، خاصة بعد أن قررت وزارة التعليم سحب صلاحيات الملحقيات الثقافية في ترقية البعثات التعليمية للطلاب المبتعثين. وبرر الملحق الثقافي السعودي في الولاياتالمتحدة الأميركية، الدكتور محمد العيسى، حينها، القرار برغبة الوزارة في تنظيم العمل في ما يتعلق ب (ترقية البعثة) للمبتعثين والمبتعثات، وأكدت الملحقية الثقافية أن أي طالب يريد ترقية بعثته بعد الانتهاء منها عليه أن يتقدم للوزارة من خلال القنوات النظامية المتاحة، وفق الشروط والضوابط. وتبتعث السعودية سنويًّا قرابة ال 12 ألف طالب وطالبة للدراسة في الخارج على حساب الدولة في أكثر من 30 دولة وفي جامعات عالمية، وتحتفل سنويًّا بتخريج أكثر من خمسة آلاف طالب في مختلف التخصصات، غير أن هناك ضغوطًا كبيرة من التيار الديني الذي يطالب بإيقاف الابتعاث، معتبرًا أن الهدف منه ليس التحصيل العلمي ولكن تغريب عقول الطلاب. ويؤكد المعترضون أن إنفاق المليارات المخصصة على الابتعاث في إنشاء جامعات في الداخل سيحقق الهدف من الابتعاث، وينفي المشكلات الناتجة عنه. ويركز الدعاة المعارضون للمشروع العلمي على حالات فردية تقع من بعض الشباب للتحذير من خطورة الأمر، ومن أبرز المحاربين للبرنامج الداعية المختص في الأسرة، عبد الله الداوود، والذي يقول: "من الخطأ أن نأخذ شبابًا من الثانوية ونرمي بهم في مجتمع تقاليده الإباحية والمخدرات، هذا الأمر سيوجد لدينا جيلاً مدمنًا على المخدرات ومنحلا أخلاقيا". غير أن وزارة التعليم العالي أكدت أن المشكلات التي تقع من المبتعثين لا تشكل أكثر من 3 في المائة فقط، ويؤكد الدكتور أيمن بدر كريّم على أن: "المجتمع شجع على التخويف من الغرب واعتبار الابتعاث خطرًا على العقيدة، لذا تجد صعوبة التأقلم من بعض المبتعثين مع الحياة الطبيعية". وفي نفس الاتجاه يقول الكاتب الصحافي أحمد عبد الرحمن: "خطر الابتعاث ينادي به الجهلة وأعداء النجاح الذين نسوا أن أكثر المبتعثين أصبحوا دعاة في دول الابتعاث، ومنهم أئمة مساجد، هناك كثير من المراكز الإسلامية ساهم في بنائها المبتعثون، من الواضح أن المشاهير لا يريدون أن ينافسهم جيل جديد يملك رؤية أكثر وضوحاً، ومن المؤسف أنَّ كثرة الهجوم على برنامج الابتعاث شوهت مخرجات البرنامج، وبدأت بتشويش سمعة المبتعثين، ونسوا أنَّ هذا الوطن يستحق منا كل ما هو جميل".