ذكرت شبكة بلومبرج الإخبارية الأمريكية المعنية بالشأن الاقتصادي أن مصر أطلقت الرصاصة الأولى في حرب العملات العالمية وذلك في الوقت الذي يركز فيه المستثمرون على تراجع أسعار الصرف من العملة الروسية "الروبل" إلى "الريال" البرازيلي. وقالت الشبكة المعنية بالشأن الاقتصادي في تقرير لها نشرته اليوم الأربعاء على موقعها الإلكتروني إن مصر قد أقدمت على خفض سعر الجنيه بأكثر من أي عملة أخرى في منطقة الشرق الأوسط هذا العام عن طريق التخلي عن الربط الثابت لعملتها أمام الدولار. وأوضح التقرير أن هذا الخفض في قيمة العملة يظهر تحولًا واضحًا في الأولويات الاقتصادية لدى السلطات المصرية، مشيرًا إلى أن مصر وعلى مدار عقود كانت تدير عملتها للحيلولة دون أن يؤدّي تراجع قيمة الجنيه إلى زيادة تكلفة السلع المستوردة مثل الخبز والوقود. ولفت التقرير أن الجنيه يستقر في الوقت الحالي عند 7.15 مقابل الدولار منذ سبعة أشهر بعد وصول عبد الفتاح السيسي إلى سدة الحكم في يونيو الماضي. وأضاف التقرير أن الهدف الأسمى الذي تضعه الحكومة المصرية نُصب أعينها الأن هو المحافظة على قدرتها التنافسية لصادراتها المتجهة إلى منطقة العملة الأوروبية الموحدة " اليورو" - أكبر الأسواق للصادرات المصرية- والتي تسجل فيها العملة تراجعا ملحوظا. وسلط التقرير الضوء على قيام البنك المركزي المصري في الآونة الأخيرة بالسماح بخفض قيمة الجنيه بنسبة 6.3% في الأسابيع الثلاثة الممتدة إلى الثاني من فبراير الجاري، في أكبر موجة تراجع بين ال 19 عملة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والتي ترصدها بلومبرج. وقال التقرير: إن معدل سعر الصرف هبط إلى أدنى مستوياته في 22 شهر إلى 7.982 مقابل الدولار في السوق السوداء، بانخفاض نسبته 4.4% عن المعدل الرسمي، وفقا لمتوسط تصريحات سبعة من التجار ل بلومبرج في ال3 من فبراير الجاري. وأفاد التقرير أن مصر تسعى إلى تغيير قيمة الجنيه مقابل اليورو والقضاء على السوق السوداء الخاصة بالدولار، بحسب التصريحات التي أدلى بها هشام رامز محافظ البنك المركزي في الثاني والعشرين من يناير الماضي. واستطرد تقرير الشبكة الأمريكية بقوله إن تجارة العملات غير الشرعية شهد ازدهارا من العام 2012 في الوقت الذي أسهمت فيه الاضطرابات السياسية وأحداث العنف في هروب المستثمرين الأجانب وكذلك السياح من مصر، ما تسبب بالطبع في نقص الدولار. وتقلصت الفجوة، وفقا للتقرير، بين أسعار الصرف الرسمية وغير الرسمية بمعدل النصف من 9.4% في ال13 من يناير، بحسب متوسط تصريحات 3 تجار ممن شملهم مسح بلومبرج. على صعيد متصل، يتوقع محللون من بنك " باركليز كابيتال" و مؤسسة " كابيتال إيكونوميكس" في لندن أن يستمر تراجع قيمة الجنيه بنسبة 8% أخرى إلى 8.25 مقابل الدولار بحلول نهاية العام الجاري. وقال "جين مايكل صليبة"، الخبير الاقتصادي في " بنك أوف أمريكا": إن هبوط قيمة الجنيه سوف يستمر على نحو " معتدل ويمكن السيطرة عليه"، لافتا إلى أن مصر تسعى إلى جذب المستثمرين الأجانب لحضور المؤتمر الاقتصادي المقرر له في مارس المقبل في منتجع شرم الشيخ فضلا عن إجراء الانتخابات البرلمانية خلال الفترة بين مارس ومايو. وعلاوة على ذلك، رأى تقرير بلومبرج إلى أن تراجع قيمة الجنيه على الأرجح أن يقلل من استنزاف احتياطي النقد الأجنبي لمصر والذي انكمش بنسبة 10% تقريبا في عام ليصل إلى 15.4 مليار دولار في يناير الماضي، بحسب صليبة. وأردف التقرير أنه على الرغم من أن مصر عليها ديون تُقدر ب 46 مليار دولار، تقل تلك النسبة عن إجمالي الالتزامات البالغ نسبتها 20%، ما يقلل من تأثير تراجع الجنيه في زيادة أعباء الديون بوجه عام.