الفريق "سعد محمد الحسيني الشاذلي" قائد عسكري مصري شغل منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية في الفترة ما بين 16 مايو 1971 وحتى 13 ديسمبر 1973 وهو مؤسس وقائد أول فرقة سلاح مظلات في مصر وأمين عام مساعد جامعة الدول العربية للشؤون العسكرية وسفير سابق لدى إنجلترا والبرتغال ويعتبر من أهم الأعلام العسكرية العربية المعاصرة يوصف بأنه الرأس المدبر للهجوم المصري الناجح على خط الدفاع الإسرائيلي بارليف في حرب أكتوبر عام 1973. الميلاد والمنشأ. ولد بقرية "شبراتنا" مركز "بسيون" في محافظة "الغربية" في الأول أبريل عام 1922 في أسرة فوق المتوسطة كان والده من الأعيان وكانت أسرته تملك 70 فدانًا أبوه هو الحاج "الحسيني الشاذلي" وأمه السيدة "تفيدة الجوهري" وهي الزوجة الثانية لأبيه وسمى على اسم الزعيم "سعد زغلول" كان والده أحد ملاك الأراضي الزراعية وقد تزوج مرتين وأنجب من الأولى تسعة أبناء أما الثانية "تفيدة الجوهري" وهي والدة الفريق الشاذلي فقد أنجبت له أربعة ابناء ومنذ الطفولة الباكرة ارتبط وجدانياً وعقلياً بحب العسكرية كان الطفل الصغير يستمع إلى حكايات متوارثة حول بطولات جده لأبيه الشاذلي الذي كان ضابطاً بالجيش وشارك في الثورة العرابية وحارب في معركة التل الكبير. تلقى "الشاذلي" المدرسة الابتدائية في مدرسة بسيون التي تبعد عن قريته حوإلى 6 كيلو مترات وبعد إكماله الإبتدائية انتقل والده للعيش في القاهرة وكان عمره 11 سنة وأتم المرحلة الإعدادية والثانوية في مدارس القاهرة ثم التحق بالكلية الحربية في فبراير 1939 وكان أصغر طالب في دفعته و تخرج من الكلية الحربية في يوليو 1940 برتبة ملازم في سلاح المشاة . وتزوج الشاذلي في 13 ديسمبر 1943 من "زينات محمد متولي السحيمى" ابنة محمد متولي باشا السحيمى مدير الكلية الحربية في آنذاك وأنجب 3 بنات هن شهدان وناهد وسامية. مناصب هامه: في عام 1943 تم انتدابه للخدمة في الحرس الملكي وكان حينئذ برتبة ملازم. شارك في الحرب العالمية الثانية. شارك في حرب فلسطين. مؤسس وقائد أول فرقة سلاح مظلات في مصر عام 1954.. قائد الكتيبة 75 مظلات خلال العدوان الثلاثي عام 1956. قائد أول قوات عربية وقائد كتيبة مصرية في الكونغو كجزء من قوات الأممالمتحدة عام 1960. ملحق حربي في لندن عام1961. قائد اللواء الأول مشاة وشارك في حرب اليمن عام 1965. قائد القوات الخاصة المظلات والصاعقة عام 1967 . قائد لمنطقة البحر الأحمر العسكرية عام 1970. رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية بين عامى 1971 - 1973. أمين عام مساعد جامعة الدول العربية للشؤون العسكرية بين عامى1971 - 1973. سفير مصر في بريطانيا بين عامى 1974-1975. سفير مصر في البرتغال بين عامى 1975-1978. حرب 1967 أظهر الفريق الشاذلي تميزاً نادراً وقدرة كبيرة على القيادة والسيطرة والمناورة بقواته خلال نكسة 1967 عندما كان برتبة لواء ويقود مجموعة مقتطعة من وحدات وتشكيلات مختلفة كتيبة مشاة وكتيبة دبابات وكتيبتان من الصاعقة مجموع أفرادها حوإلى 1500 ضابط وفرد والمعروفة بمجموعة الشاذلي في مهمة لحراسة وسط سيناء . بعد ضرب سلاح الجو المصري وتدميره على الأرض في صباح 5 يونيو واجتياح القوات الإسرائيلية لسيناء اتخذت القيادة العامة المصرية قرارها بالإنسحاب غير المنظم والذي أدى إلى إرباك القوات المصرية وانسحابها بشكل عشوائي بدون دعم جوي ما نتج عنه خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات وانقطعت الإتصالات بين القوات المتواجدة في سيناء وبين القيادة العامة المصرية في القاهرة ما أدى إلى حدوث حالة من الفوضى بين القوات المنسحبة والتي تم قصفها بواسطة الطيران الإسرائيلي. في تلك الأثناء انقطع الإتصال بين الشاذلي وقيادة الجيش في سيناء وكان عليه أن يفكر في طريقة للتصرف وخصوصاً بعد أن شاهد الطيران الإسرائيلي يسيطرعلى سماء سيناء فاتخذ الشاذلي قرارا جريئا حيث عبر بقواته شرقًا وتخطى الحدود الدولية قبل غروب يوم 5 يونيو واتجه شرقاً فيما كانت القوات المصرية تتجهة غرباً للضفة الغربية للقناة وتمركز بقواته داخل الأراضي الفلسطينيةالمحتلة بحوإلى خمسة كيلومترات شرقا داخل صحراء النقب من خلال شريط ضيق بعيد عن مسار الطيران الإسرائيلي وبقي الشاذلي في النقب لمدة يومين 6 يونيو و7 يونيو واتخذ موقعاً بين جبلين لحماية قواته من الطيران الإسرائيلي إلى أن تمكن من تحقيق اتصال بالقيادة العامة بالقاهرة التي أصدرت إليه الأوامر بالإنسحاب فورًا. استجاب الشاذلي لتلك الأوامر وقام بعملية مناورة عسكرية رائعة حيث قام بعملية الإنسحاب ليلا وقبل غروب يوم 8 يونيو في ظروف غاية في الصعوبة ورغم هذه الظروف لم ينفرط عقد قواته كما حدث مع وحدات أخرى لكنه ظل مسيطراً عليها بمنتهى الكفاءة. خطة المآذن العالية "عملية بدر" الفريق الشاذلي المخطط الرئيسي لعملية بدر للاستيلاء على خط بارليف والتحصينات الإسرائيلية وهي الخطة التي وضعها الشاذلي للهجوم على القوات الإسرائيلية واقتحام قناة السويس في شهر أغسطس 1971 والتي سماها خطة المآذن العالية . وضعت هذه الخطة بسبب ضعف القوات الجوية المصرية وضعف امكانيات في الدفاع الجوي المصري ذاتي الحركة مما يمنع القيام بعملية هجومية كبيرة. ولكن يمكن القيام بعملية محدودة لعبور قناة السويس وندمير خط بارليف واحتلال من 10 إلى 12 كيلومترا شرق القناة والتحول بعد ذلك لأخذ مواقع دفاعية كانت فلسفة هذه الخطة تقوم على أن لإسرائيل نقطتي ضعف هما عدم قدرتها على تحمل الخسائر البشرية نظرًا لقلة عدد أفرادها و إطالة مدة الحرب فهي في كل الحروب السابقة كانت تعتمد على الحروب الخاطفة التي تنتهي خلال أربعة أسابيع أو ستة أسابيع على الأكثر؛ لأنها خلال هذه الفترة تقوم بتعبئة 18% من الشعب الإسرائيلي وهذه نسبة عإلىة جدًّا. ثم إن الحالة الاقتصادية تتوقف تمامًا في إسرائيل والتعليم يتوقف والزراعة تتوقف والصناعة كذلك؛ لأن معظم الذين يعملون في هذه المؤسسات في النهاية ضباط وعساكر في القوات المسلحة. حرب أكتوبر 1973 في يوم 6 أكتوبر 1973 في الساعة الثانية وخمس دقائق ظهراً شن الجيشان المصري السوري هجوما كاسحا على القوات الإسرائيلية بطول الجبهتين ونفذ الجيش المصري خطة المآذن العالية التي وضعها الشاذلي بنجاح غير متوقع لدرجة عدم صدور أي أوامر من القيادة العامة لأي وحدة فرعية لأن القوات كانت تؤدي مهامها بمنتهى الكفاءة. بحلول الساعة الثانية من صباح يوم الأحد 7 أكتوبر 1973حققت القوات المصرية نجاحا حاسما في معركة القناة، وعبرت أصعب مانع مائى في العالم وحطمت خط بارليف في 18 ساعة وهو رقم قياسى لم تحققه أى عملية عبور في تاريخ البشرية وقد تم ذلك بأقل خسائر ممكنة بلغت 5 طائرات و20 دبابة و280 شهيدا ويمثل ذلك 2.5% من الطائرات و2% من الدبابات و0.3% من الرجال أما العدو ففقد 30 طائرة و300 دبابة وعدة آلاف من القتلة وخسر معهم خط بارليف بكامله وتم سحق ثلاثة ألوية مدرعة ولواء مشاة كانت تدافع عن القناة وانتهت أسطورة خط بارليف التى كان يتغنى بها الإسرائيليون الفريق الشاذلي وهو يعبر قناة السويس لزيارة جبهة القتال يوم 8 أكتوبر 1973. أرسلت القيادة العسكرية السورية مندوبًا للقيادة الموحدة للجبهتين التي كان يقودها المشير أحمد إسماعيل علي تطلب زيادة الضغط على القوات الإسرائيلية على جبهة قناة السويس لتخفيف الضغط على جبهة الجولان، فطلب الرئيس أنور السادات من أحمد إسماعيل تطوير الهجوم شرقًا لتخفيف الضغط على سوريا. عارض الشاذلي الفكرة بشدة بسبب أن أي تطوير خارج نطاق ال 12 كيلو التي تقف القوات فيها بحماية مظلة الدفاع الجوي وأي تقدم خارج المظلة معناه أننا نقدم قواتنا هدية للطيران الإسرائيلي مازالت القوات الجوية الإسرائيلية قوية وتشكل تهديداً خطيراً لأية قوات برية تتحرك في العراء دون غطاء جوي وأغلق الموضوع. بعد الظهر كانت التعليمات الخاصة بتطوير الهجوم قد تم إعدادها ووصلت إلى قائدي الجيشين الثاني والثالث . اتصل اللواء سعد مأمون قائد الجيش الثاني الميداني بالقيادة العامة طالباً مكالمة الشاذلي ليخبره بإستقالته ورفضه تنفيذ الأوامر وبعدها بدقائق اتصل اللواء عبد المنعم واصل قائد الجيش الثالث الميداني بالقيادة وأبدى معارضة شديدة لتلك التعليمات التي أرسلتها القيادة العامة إليه والمتعلقة بتطوير الهجوم قال الفريق الشاذلي لهم أنه نفسه معترض على تطوير الهجوم لكنه أجبر على ذلك . فاتح الفريق الشاذلي المشير أحمد إسماعيل مرة أخرى في الموضوع وأبلغه باعتراضات قائدي الجيشين وتقرر استدعاء اللواء سعد مأمون واللواء عبد المنعم واصل لحضور مؤتمر بالقيادة العامة في مساء إلىوم نفسه وفى خلال هذا المؤتمر الذى عقد من الساعة 6 إلى الساعة 11 مساءً كرر كل منهم وجهة نظره مراراً وتكراراً ولكن كان هناك إصرار من المشير أحمد إسماعيل أن القرار سياسي ويجب أن نلتزم به والشيء الوحيد الذي تغير هو تأجيل الهجوم من فجر يوم 13 أكتوبر إلى فجر يوم 14 أكتوبر كما كان محددا. فشلت خطة التطوير كما توقع الشاذلي وخسرت القوات المصرية عدد 250 دبابة من قوتها الضاربة الرئيسية في ساعات معدودة من بدء التطوير للتفوق الجوي الإسرائيلي وكان قرار التطوير وبتقدير الكثيرين من المتابعين للشأن العسكري أسوأ قرار إستراتيجي اتخذته القيادة السياسية مما أضر كثيراً في سير العمليات فيما بعد وأثر على نتائج الحرب وجعل ظهر الجيش المصري غرب القناة مكشوفاً لأية عملية التفاف وهو ما حدث بالفعل. انتقاده لمعاهدة كامب ديفيد بعد توقيع أنور السادات لمعاهدة كامب ديفيد عام 1978 انتقد الفريق الشاذلي بشدة تلك المعاهدة وعارضها علانية وهاجم الرئيس أنور السادات واتهمه بالديكتاتورية واتخذ القرار بترك منصبه سفيراً لدى البرتغال والذهاب إلى الجزائر كلاجئ سياسي عرض عليه العديد من الرؤساء والملوك الإقامة عندهم لكنه اختار الجزائر وبرر اختياره أنها دولة تقوم على مبدأ الحكم الجماعي وليس الحكم الفردي. خلافه مع السادات أمر أنور السادات بالتخلص من جميع الصور التى يظهر فيها الفريق الشاذلى إلى جواره داخل غرفة العمليات واستبدالها بصور يظهر فيها اللواء محمد عبدالغني الجمسى رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة في ذلك الوقت في محاولة منه بمحو أى دليل يشير إلى دور الفريق الشاذلي في معركة العبور. وفي عام 1978 أصدر الرئيس أنور السادات مذكراته البحث عن الذات واتهم فيها الفريق الشاذلي بالتخاذل وحمله مسؤولية التسبب بالثغرة ووصفه بأنه عاد منهاراً من الجبهة يوم 19 أكتوبر وأوصى بسحب جميع القوات في الشرق هذا ما دفع بالفريق الشاذلي للرد على الرئيس أنور السادات بنشر مذكراته "حرب أكتوبر" والذي يعتبر من أدق الكتب إلى تحدثت عن حرب أكتوبر. اتهم الفريق الشاذلي في كتابه الرئيس أنور السادات بإتخاذ قرارات خاطئة رغماً عن جميع النصائح من المحيطين به من العسكريين وتدخله المستمر للخطط العسكرية أثناء سير العمليات على الجبهة أدت إلى التسبب في الثغرة وتضليل الشعب بإخفاء حقيقة الثغرة وتدمير حائط الصواريخ وحصار الجيش الثالث لمدة فاقت الثلاثة أشهر كانت تصلهم الإمدادات تحت إشراف الجيش الإسرائيلي. كما اتهم في تلك المذكرات الرئيس أنور السادات بالتنازل عن النصر والموافقة على سحب أغلب القوات المصرية إلى غرب القناة في مفاوضات فض الإشتباك الأولى وأنهى كتابه ببلاغ للنائب العام يتهم فيه الرئيس أنور السادات بإساءة استعمال سلطاته وهو الكتاب الذي أدى إلى محاكمته غيابيا في عهد محمد حسني مبارك عام 1983 بتهمة إفشاء أسرار عسكرية وحكم عليه بالسجن ثلاثة سنوات مع الأشغال الشاقة ووضعت أملاكه تحت الحراسة، كما تم حرمانه من التمثيل القانونى وتجريده من حقوقه السياسية. خلافه مع حسني مبارك ودخوله السجن الحربي في مساء 14 مارس 1992 عاد الفريق الشاذلي إلى مصر بعد أن قضى 14 سنة منفياً في الجزائر منها سنتان في عهد الرئيس أنور السادات و12 سنة في عهد المخلوع حسني مبارك قبض عليه فور وصوله مطار القاهرة وصودرت منه جميع الأوسمة والنياشين وأجبر على قضاء مدة الحكم عليه بالسجن الحربي التابع للجيش الثالث الميداني لأن الأحكام العسكرية ليس بها استئناف ولا نقض ولا تسقط بالتقادم وجهت للفريق للشاذلي تهمتان: التهمة الأولى هي نشر كتاب بدون موافقة مسبقة عليه واعترف الفريق الشاذلي بإرتكابها. التهمة الثانية هي إفشاء أسرار عسكرية في كتابه. وأنكر الشاذلي صحة هذه التهمة الأخيرة بشدة بدعوى أن تلك الأسرار المزعومة كانت أسرارًا حكومية وليست أسرارًا عسكرية طالب الفريق الشاذلي أن تتم إعادة محاكمته وبشكل علني إلا أن طلبه قد رفض . وفاته تُوفي الفريق "سعد محمد الحسيني الشاذلي" يوم الخميس 7 ربيع الأول 1432 ه الموافق في 10 فبراير2011 م، بالمركز الطبي العالمي عن عمر بلغ 89 عاماً قضاها في خدمة وطنه بكل كفاءة وأمانة وإخلاص وقد جاءت وفاته أثناء ثورة 2011 في مصر وذلك بعد معاناة طويلة مع المرض قام ثوار ميدان التحرير بأداء صلاة الغائب على روحه وقد شيع في جنازة عسكرية وشعبية مهيبة حضرة آلاف الضباط والجنود من أفراد القوات المسلحة بعد صلاة الجمعة وقد تقدم المشيعين الشيخ حافظ سلامة قائد المقاومة الشعبية في السويس إبان حرب أكتوبر وكانت جنازته في نفس اليوم الذي أعلن فيه عمر سليمان تنحي المخلوع محمد حسني مبارك عن منصبه كرئيس للجمهورية.