الجنرال أو مهندس حرب أكتوبر، هذه الألقاب حصل عليها الفريق سعدالدين الشاذلي، رئيس هيئة أركان حرب القوات المسلحة المصرية، في الفترة ما بين 16 مايو 1971 وحتى 13 ديسمبر 1973، وهو أيضا مؤسس وقائد أول فرقة سلاح مظلات في مصر، حرمه الرئيسان السادات ومبارك من حقوقه، بعدما كان أحد أسباب انتصار حرب أكتوبر، فالأول قرر إبعاده عن البلاد بعدما أقاله بعد خلاف حول آلية الحرب خاصة "الدفرسوار"، والثاني صدر في عهده حكم بالسجن 3 سنوات بحق الفريق الشاذلي بعدما قرر كتابة مذكراته. واليوم.. تمر الذكرى الثالثة، لرحيل الفريق سعد الدين الشاذلي، الذي فارق عالمنا في 10 فبراير 2011، أثناء ثورة 25 يناير،وليلة تنحي الرئيس الأسبق، حيث كانت الشوارع تكتظ بالملايين من المصريين، حينها رفع الثوار صورًه، وطالبوا بتكريمه بعد سنوات من العناء مع الرئيسين الأسبقين السادات ومبارك. وُلد سعد الدين الشاذلي، في أبريل 1922، بقرية "شبراتنا" مركز بسيون بمحافظة الغربية في دلتا النيل، ووُصف بأنه "الرأس المدبّر" للهجوم المصري الناجح على خط بارليف في حرب أكتوبر. واشتهر لأول مرة في عام 1941 عندما كانت القوات المصرية، بالاشتراك مع القوات البريطانية، تواجه القوات الألمانية في الصحراء الغربية، خلال الحرب العالمية الثانية، وعندما صدرت الأوامر للقوات المصرية والبريطانية بالانسحاب بقي الملازم الشاذلي ليدمّر المعدّات المتبقية في وجه القوات الألمانية المتقدمة. وأثبت الشاذلي نفسه مرة أخرى في نكسة 1967 عندما كان يقود وحدة من القوات المصرية الخاصة المعروفة ب"مجموعة الشاذلي" في مهمة لحراسة وسط سيناء ووسط أسوأ هزيمة شهدها الجيش المصري في العصر الحديث وانقطاع الاتصالات مع القيادة المصرية وكنتيجة لفقدان الاتصال بين الشاذلي وبين قيادة الجيش في سيناء، فقد اتخذ الشاذلي قرارًا جريئًا فعبر بقواته الحدود الدولية قبل غروب يوم 5 يونيو وتمركز بقواته داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة بحوالي خمسة كيلومترات وبقي هناك يومين إلى أن تم الاتصال بالقيادة العامة المصرية التي أصدرت إليه الأوامر بالانسحاب فورًا. وعيّنه السادات رئيسًا لهيئة أركان حرب القوات المسلحة بعد يوم واحد من ثورة التصحيح التي أطاح فيها بأقطاب العهد الناصري. وعُرف "الشاذلي" بأنه الرأس المدبّر لعملية اقتحام خط بارليف، لكنه دخل في خلافات شديدة مع الفريق محمد أحمد صادق، وزير الحربية، فكان صادق يرى أن الجيش يجب ألا يدخل أي هجوم إلا إذا اكتمل عتاده بل وتفوّق على معدّات العدو، في حين طالب الشاذلي بالقيام بعمليات هجومية في حدود إمكانيات الجيش حتى يمكن استرداد من 10 إلى 12 كم في عمق سيناء. وأقال السادات الفريق صادق، وعيّن المشير أحمد إسماعيل وزيرًا للحربية، وكان في خلاف شديد مع الشاذلي، وظهر ذلك أثناء حرب أكتوبر 73 حين وضع خطة "المآذن العالية" التي تقوم على شن هجوم مصري سوري على إسرائيل بطول الجبهتين ونجحت الخطة بكفاءة شديدة. وعندما طلبت القوات السورية من مصر الضغط العسكري على إسرائيل حتى تخف الضغوط الإسرائيلية على الجولان أصدر المشير إسماعيل أوامره بذلك ورفض الشاذلي أي تطوير لعمليات على الجبهة خارج ال12 كم، حيث وجود مظلة الدفاع الجوي، وكان الهجوم غير موفق كما توقع الشاذلي ونتج عنه ثغرة "الدفرسوار" واختراق شارون لها بقواته بعد رفض السادات وأحمد إسماعيل إمداد الشاذلي بأربعة ألوية. وكانت "ثغرة الدفرسوار" أحد الأمور التي كان سبب في الخلاف بين "الشاذلي" و"السادات" وحوّلت الشاذلي- الرأس المدبّر لخطة الهجوم على خط الدفاع الإسرائيلي في حرب 1973- إلى "لاجئ" خارج مصر، وتم مسحه من سجل بطولات أكتوبر وحُكم عليه بالسجن ثلاث سنوات. وتم تسريح الشاذلي من العسكرية وعين سفيرًا في بريطانيا ثم البرتغال، وعندما انتقد معاهدة كامب ديفيد تمت مطاردته فخرج إلى الجزائر لاجئًا سياسيا لمدة 14 عامًا، وكتب مذكراته هناك التي اتهم فيها السادات بإساءة استخدام السلطة والتسبب في الثغرة نتيجة لقراراته الخاطئة هو ومن حوله وإخفاء حقيقة الثغرة. وأدى الكتاب إلى محاكمة الشاذلي غيابيًا في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك بتهمة إفشاء أسرار عسكرية وحُكم عليه بالسجن ثلاث سنوات ووضعت أملاكه تحت الحراسة. واستمر الرئيس الأسبق حسني مبارك، في سيسة التجاهل المتعمد تجاه الفريق الشاذلي، خاصة عدم ذكره في "بانوراما حرب أكتوبر" التي أُقيمت في عهد مبارك تكريمًا لأبطال 73، وحصل على عفو رئاسي بعد قضاء مدة حبسه بشرط عدم الحديث لوسائل الإعلام. بينما أصدر الرئيس المعزول محمد مرسي، قرارًا بمنح وسام "قلادة النيل" لاسم الراحل الفريق أركان حرب سعد الدين الشاذلي، "تقديرًا لدوره البطولي بحرب أكتوبر"، وأنتجت القوات المسلحة فيلمًا تسجيليًا عن حياته.