يعتبر "التزاوج بين المال والسياسية وتحكمهم في السلطة" سببًا رئيسًا في قيام ثورة يناير قبل 4 سنوات، لكن يبدو أن المشهد يتكرر من جديد، فقواعد اللعبة السياسية أصبح يسيطر عليها عدد من رجال الأعمال الحزبيين. ومع اقتراب الانتخابات البرلمانية، يرى مراقبون للمشهد أن المال السياسي أهم العوامل التي تقف حاجزًا أمام تشكيل التحالفات الانتخابية، من خلال سيطرة عدد من رجال الأعمال على الحياة الحزبية وامتلاكهم عددا من وسائل الإعلام والفضائيات، ما يهدد الشارع السياسي ويجعلهم يتحكمون في مصير السلطة التشريعية المكلفة باختيار الحكومة ومراقبتها بعد انعقاد البرلمان. الدكتور عمرو هاشم ربيع، الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، قال إن سيطرة عدد من رجال الأعمال على الحياة السياسية في ظل وجود النظام الانتخابى الأغلبي المعمول به حاليًا ينذر بكارثة. وأضاف ربيع، لموقع "مصر العربية": رجال الأعمال العاملين بالمجال السياسي نادراً ما يكون لديهم حس اجتماعى، وهو يشير إلى أن قوانين العدالة الاجتماعية لن تكون في أجندتهم التشريعية. وأردف: من مخاطر هذا النظام أيضًا أن الدستور منح البرلمان صلاحيات واسعة، ومنها تشكيل الحكومة، وهو ما يعنى أن رجال الأعمال يمكن أن يتدخلوا في تشكيل الحكومة والتدخل في إقرار قوانين تخدم مصالحهم. ولفت الخبير في الشأن الانتخابى، إلى أن الانتخابات البرلمانية الماضية كان المال السياسي واضحا فيها، فكان لحزب النور وحده قرابة 70 رجل أعمال داخل البرلمان، تلاه حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين. فساد للسياسة فى السياق ذاته، رأى السفير معصوم مرزوق عضو مجلس الحكماء بحزب التيار الشعبي "تحت التأسيس"، أن هذه التوليفة بجانب قانون الانتخابات الحالى تفرز إفسادا جديدا للحياة السياسية، أخطر من الفساد الذي كان موجودًا في عهد المخلوع مبارك. وأكمل: "يضاف إلى كل هذا الترهيب الذي تبثه وسائل الإعلام بدعوى محاربة الإرهاب وتخويف الناس منه، وأن الوقت لا يحتمل المعارضة، وهو ما يجعل المعارضة من خارج البرلمان لأن المجلس القادم سيتحكم في تشكيله المال السياسي". وأضاف مرزوق ل"مصر العربية": سيطرة عدد من السياسيين على وسائل الإعلام الخاصة والفضائيات تحديدًا تجعلهم يتحكمون في الثقافة السياسية للمصريين الذين لا يجدون غير هذه الوسائل لتلقى المعلومات. من جهته، قال أحمد مقلد عضو الهيئة العليا لحزب حراس الثورة:" نعانى من سطوة المال السياسي وفي الفترة الحالية يعاود رأس المال الاقتراب من السياسة، وفي حالة تزاوج سنجد مشهدا سياسيا أقرب لبرلمان 2010. ساويرس إمبراطور الإعلام وبحسب خريطة القنوات الفضائية التي تبث برامجها في مصر فتضم - وفقًا لتقارير صدرت عام 2011 -تكشف عن امتلاك عدد من السياسيين قنوات فضائية وصحفًا خاصة. أولى هذه المؤسسات هي مجموعة قنوات "أون تي في" التي يمتلكها رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس، وهو أحد مؤسسي حزب المصريين الأحرار، صنفته مجلة فوريس الشرق الأوسط كثالث أغنى رجل أعمال بمصر بثروة تقدر ب2.8 مليار دولار. ويعمل ساويرس في مجال الاتصالات، ويعتبر مؤسس أوراسكوم تليكوم، التي بيعت لشركة الاتصالات الروسية فيمبلكوم. ويمتلك ساويرس شبكة تليفزيون “أون تى في" بجانب وكالة أونا الإخبارية، وموقع مصراوى الإخبارى، ومساهم في بوابة فيتو الإخبارية. أما قناة التحرير التي دشنت على يد إبراهيم عيسى خلال الشهور الأولى التالية لاندلاع الثورة في يناير 2011 وتنقلت ملكيتها بين عدد من رجال الأعمال المصريين، واستقرت مؤخرا للدكتور عماد جاد عضو المكتب السياسي لحزب المصريين الأحرار والباحث بمركز الأهرام للدارسات الاستراتيجية. البدوي ويرأس مجلس إدارة شبكة تليفزيون الحياة، الدكتور سيد البدوي رئيس حزب الوفد، وتحرص القناة على تغطية كل فعاليات الحزب مهما كانت أهميتها بالنسبة للمشاهد خصوصًا إذا حضرها البدوي. ويعتبر البدوي أحد أكبر المستثمرين المصريين في قطاع إنتاج الدواء، ويتولى رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة سيجما للصناعات الدوائية، ورئيس شعبة صناعة الدواء باتحاد الغرف الصناعية المصرية. المصري اليوم وفي السياق نفسه، يعد المهندس أكمل قرطام رئيس حزب المحافظين أحد المساهمين بجريدة المصري اليوم، وجريدة التحرير، ورئيس مجلس إدارة مجموعة صحارى للبترول، كما تحرص جميع الأحزاب على تدشين مواقع إخبارية تكون ناطقة باسمها "كبوابة الوفد، وموقع حزب الدستور، وموقع التحالف الشعبي الاشتراكي، وغيرها". فى السياق نفسه، يطل من جديد رجل الأعمال نبيل دعبس صاحب أكاديمية مودرن التعليمية، وصاحب مجموعة قنوات مودرن التي توقفت حاليًا، وجريدة "جورنال مصر" الذي يعد ناطقًا باسم حزب مصر الحديثة الذي يترأسه دعبس. ومن وراء ستار، انطلقت جريدة البوابة نيوز ب3 إصدارات "جريدة يومية، ونسخة أسبوعية، ومجلة" إلى جانب موقع إلكتروني، ويساهم الفريق أحمد شفيق رئيس حزب الحركة الوطنية المصرية بجزء كبير من رأس مال الجريدة.