الفاتيكان يدعو إلى وقف القصف الإسرائيلي على غزة    ماريسكا: التتويج بدوري المؤتمر الأوروبي سيكون إنجازًا تاريخيًا    حواء على طريق الريادة| خلية نحل بالأكاديمية الوطنية لإنجاز برنامج «المرأة تقود للتنفيذيات»    أمانة الإعلام بحزب الجبهة الوطنية: حرية تداول المعلومات حق المواطن    انخفاض أسعار النفط بالأسواق بسبب مخاوف من زيادة المعروض    القوات المسلحة تنعى اللواء محمد علي مصيلحي وزير التموين الأسبق    توقيع بروتوكول تعاون بين وزارة الأوقاف والمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية    «جيتوهات الجوع».. مشاهد مأساوية تكشف فشل الاحتلال فى توزيع المساعدات ب غزة    رئيس وزراء قطر يؤكد استمرار الجهود مع الشركاء لخفض التصعيد بالمنطقة    الرئيس اللبناني: دعم الإمارات يجسد عمق العلاقة الأخوية    معهد البحوث الفلكية: زلزال 22 مايو الماضي كان الأقوى.. ومع ذلك شعرنا بزلزال 14 مايو أكثر لهذا السبب    برشلونة يعلن رسميا تجديد عقد لامين يامال    برشلونة يجدد تعاقد لامين يامال    محافظة الجيزة: ضبط 2.5 طن دقيق بلدي مدعم بحدائق الأهرام    متجاهلة أزمتها مع محمد رمضان.. ياسمين صبري: «المشروع X أهم من أي حاجة»    من الكويت إلى دبا.. مصعب السالم يعيد صياغة يونسكو بلغة معاصرة    هل يأثم من ترك صيام يوم عرفة؟.. أمين الفتوى يحسم الجدل    فتاة تسأل.. هل أصارح خطيبي بمرضي؟.. أمين الفتوى يجيب    حالة الطقس غدا الأربعاء 28-5-2025 في محافظة الفيوم    «حيازة مخدرات».. المشدد 6 سنوات ل عامل وابنه في المنيا    بسبب تراكم الديون... شخص ينهي حياته بعد مروره بأزمة نفسية بالفيوم    المؤتمر: لقاء الرئيس السيسي برجال الأعمال الأمريكيين خطوة مهمة لجذب الاستثمارات    رئيس الوزراء يشهد احتفالية تطوير مدينة غرناطة بمصر الجديدة    أفشلت مخططات المذيع الأمريكي للنيل من حضارة مصر.. زاهي حواس يكشف كواليس حواره مع "جو روجان"    زينة "مش هتنازل عن حقي وحق ولادي وأحنا في دولة قانون"    أسهم شركات "الصلب" و"الأدوية" تتصدر مكاسب البورصة المصرية وتراجع قطاع الاستثمار    غضب لاعبي الزمالك بسبب نقل مفاجئ لتدريبات الفريق (خاص)    «متى تبدأ؟».. امتحانات الفصل الدراسي الثاني للشهادة الاعدادية 2025 بالمنيا (جدول)    رئيس اتحاد النحالين يكشف حقيقة فيديو العسل المغشوش: غير دقيق ويضرب الصناعة الوطنية    صحة المنوفية تواصل جولاتها الميدانية لتطوير المستشفيات وتحسين الخدمة المقدمة للمواطنين    31 بالقاهرة.. الأرصاد تكشف التوقعات التفصيلية لطقس الأربعاء    "المشاركة في أفريقيا".. أول تعليق لمحمد عزت مدرب سيدات الزمالك الجديد    ب"فستان جريء"..هدى الإتربي تنشر صورًا جديدة من مشاركتها في مهرجان كان    بيان عاجل بشأن العامل صاحب فيديو التعنيف من مسؤول عمل سعودي    السعودية تعلن غدًا أول أيام شهر ذي الحجة.. وعيد الأضحى الجمعة 6 يونيو    بعد دخوله غرفة العمليات..تامر عاشور يعتذر عن حفلاته خلال الفترة المقبلة    وزير العمل يُسلم شهادات دولية للخريجين من مسؤولي التشغيل بالمديريات بالصعيد    «الإفتاء» تكشف عن آخر موعد لقص الشعر والأظافر ل«المُضحي»    وكيل صحة البحيرة يتفقد العمل بوحدة صحة الأسرة بالجرادات بأبو حمص    السياحة لأمريكا تتراجع.. كيف أطاحت سياسات ترامب التجارية بثقة الزوار؟    تشابي ألونسو يسعى لخطف "جوهرة باريس"    6 أدعية مستحبة في العشر الأوائل من ذي الحجة.. أيام لا تُعوض    ذكرى ميلاد فاتن حمامة فى كاريكاتير اليوم السابع    "ملكة جمال الكون" تضع تامر حسني والشامي في قوائم المحتوى الأكثر رواجا    ميار شريف تخسر منافسات الزوجي وتودع رولان جاروس من الدور الأول    غياب ثلاثي الأهلي وبيراميدز.. قائمة منتخب المغرب لفترة التوقف الدولي المقبلة    مؤتمر الأعمال العُماني الشرق أفريقي يبحث الفرص الاستثمارية في 7 قطاعات واعدة    دليل كليات الطب المعترف بها عالميا في مصر للطلاب المصريين والأجانب    نشاط للرياح وارتفاع أمواج البحر على سواحل البحر المتوسط بالإسكندرية.. فيديو    الإدارة العامة للمرور تبدأ تجربة «الرادار الروبوت» المتحرك لضبط المخالفات على الطرق السريعة    الداخلية تكشف تفاصيل فيديو مشاجرة بورسعيد    قراءة فى نصوص اتفاقية مكافحة الأوبئة    قرار جمهوري بإنشاء جامعة القاهرة الأهلية    خلال 24 ساعة.. ضبط 146 متهمًا بحوزتهم 168 قطعة سلاح ناري    تؤكد قوة الاقتصاد الوطني، تفاصيل تقرير برلماني عن العلاوة الدورية    الزمالك يتفق مع مدرب دجلة السابق على تدريب الكرة النسائية    رئيس أركان حرب القوات المسلحة يلتقي رئيس هيئة الأركان المشتركة الإيطالية.. شاهد    في إطار التعاون الثنائي وتعزيز الأمن الصحي الإقليمي.. «الصحة»: اختتام أعمال قافلتين طبيتين بجيبوتي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المنظومة الأمريكية: لتشارلي ويلسون في أفغانستان
نشر في الشعب يوم 07 - 01 - 2015


العملية سايكلون Operation Cyclone
هي الاسم الكودي لبرنامج وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية لتسليح وتمويل المجاهدين الأفغان قبل وخلال الحرب السوفيتية في أفغانستان. (1979 – 1989 م.). إرتكز البرنامج بشدة على دعم المجموعات الإسلامية المقاتلة المفضلة عند باكستان، أكثر من غيرها من مجموعات المقاومة الأفغانية الأقل إيديولوجية التي كانت تقاتل أيضاً نظام حكم الجمهورية الديمقراطية الأفغانية ذو التوجه الماركسي حتى من قبل التدخل السوفييتي. العملية سايكلون واحدة من أطول وأكثر العمليات المغطاة تكلفة للسي آي إيه ؛ التمويل بدأ بحوالي ما بين 20 – 30 مليون دولار سنوياً عام 1980 م. وبلغ 630 مليون دولار سنوياً عام 1987 م. التمويل إستمر بعد 1989 م. أثناء مقاتلة المجاهدين لقوات حزب الشعب الديمقراطي الأفغاني People's Democratic Party of Afghanistan (PDPA) التابع لنجيب الله في الحرب المدنية الأفغانية (1989 – 1992 م.)
الخلفية
في أبريل 1978 م. استولى الحزب الشيوعي، حزب الشعب الديمقراطي الأفغاني (PDPA) على السلطة في ثورة ثور Saur Revolution. خلال شهور، أطلق خصوم الحزب الشيوعي إنتفاضة في شرق أفغانستان توسعت سريعاً الى حرب مدنية شنتها ميليشيات المجاهدين ضد قوى الحكومة على مستوى الدولة. الحكومة الباكستانية أمدت هؤلاء الثوار بمراكز تدريب مغطاة، بينما أرسل الإتحاد السوفيتي آلاف من المستشارين العسكريين لدعم حكومة جزب الشعب الديمقراطي الأفغاني (PDPA). في نفس الوقت أدى الإختلاف المتزايد بين الفرق المتنافسة (خلق Khalq المهيمنة وبارشام Parcham الأكثر إعتدالاً) داخل حزب الشعب الديمقراطي إلى إقالة أعضاء الوزارة من البارشاميين وإعتقال الضباط البارشاميين بحجة محاولتهم القيام بإنقلاب عسكري.
في منتصف عام 1979 م.، بدأت الولايات المتحدة برنامج مغطى covert program لتمويل المجاهدين. زبغنيو بريجينسكيZbigniew Brzezinski مستشار الأمن القومي للرئيس كارتر نُقل عنه فيما بعد قوله أن الهدف من البرنامج كان "الحث على تدخل عسكري سوفيتي"، ولكنه بعدها وضح أن هذا النقل الخاطئ عنه كان "مهول ومختزل" وأن الغزو السوفيتي حدث بدرجة كبيرة بسبب فشل الولايات المتحدة السابق في كبح التوسع السوفيتي. حسب قول إريك آلترمان، الكاتب في مجلة الوطن The Nation، فإن مارشال شولمان Marshall Shulman مساعد وزير الخارجية سايروس فانس Cyrus Vance أكد بأن "وزارة الخارجية عملت جاهدة لصرف السوفييت عن الغزو ولم تتخذ أبداً برنامج لتشجيعها عليه، ولكنه قال أنه لم يكن على دراية بالبرنامج المغطى في ذلك الوقت."
في سبتمبر 1979 م.، أُغتيل الرئيس الخلقي نور محمد تركي Nur Muhammad Taraki في إنقلاب عسكري من تدبير زميله الخلقي أيضاً حفيظ الله أمين Hafizullah Amin، الذي تولى الرئاسة. ولكن السوفييت لم يكونوا يثقون به، وتم إغتياله بمعرفة القوات الخاصة السوفيتية في ديسمبر 1979 م. وقام السوفييت بتنظيم حكومة برئاسة البارشامي، ببرك كارمل BabrakKarmal وتضم وزراء من الفرقتين. وتم نشر الجيش السوفييتي من أجل جلب الإستقرار لأفغانستان تحت حكم كارمل بعدد كبير. نتيجة لذلك أصبح السوفييت الآن متورطين فيما أصبح حرب داخلية في أفغانستان.
في ذلك الوقت إعتقد البعض أن السوفييت يحاولون توسيع حدودهم جهة الجنوب من أجل وضع أقدامهم في الشرق الأوسط. حركتهم جهة الجنوب بدت أنها من أجل توسعات تجاه باكستان في الشرق وإيران في الغرب. السياسيون الأمريكيون الديمقراطيون والجمهوريون خافوا من أن تكون تحركات السوفييت من أجل الإستيلاء على بترول الشرق الأوسط. ولكن هناك آخرون إعتقدوا أن الإتحاد السوفييتي كان يخشى من الثورة الإسلامية في إيران وأن أسلمة أفغانستان قد تمتد إلى ملايين من المسلمين في الإتحاد السوفييتي.
بعد الغزو أعلن كارتر ما أصبح يُعرف بعقيدة كارتر: أن الولايات المتحدة لن تسمح لأي قوة خارجية بالسيطرة على الخليج الفارسي. ألغى صفقة الحبوب السوفييتية في يناير 1980 م.، التي كان مقصود منها توطيد التجارة مع الإتحاد السوفييتي والتقليل من توترات الحرب الباردة. في نفس ذلك العام منع كارتر الرياضيين الأمريكيين من المشاركة في الألعاب الأوليمبية الصيفية لعام 1980 م. 1980 Summer Olympics في موسكو.
بعد الغزو السوفييتي، دعمت الولايات المتحدة جهوداً دبلوماسية لتحقيق الإنسحاب السوفييتي. علاوة على المساهمات السخية من الولايات المتحدة لبرنامج اللاجئين في باكستان والتي لعبت دوراً رئيسياً في الجهود لمساعدة اللاجئين الأفغان.
البرنامج
في 3 يوليو 1979 م. وقع كارتر مرسوماً رئاسياً يجيز تمويل الميليشيات المعادية للشيوعية في أفغانستان. في أعقاب التدخل السوفييتي في أفغانستان بعملية عاصفة- 333 (Operation Storm-333) في ديسمبر ووضع رئيس أكثر ولاءاً للسوفييت هو ببرك كارمل، أعلن كارتر أن "الغزو السوفييتي لأفغانستان هو أكبر تهديد للسلام منذ الحرب العالمية الثانية"
الرئيس ريغان وسع البرنامج بدرجة كبيرة كجزء فيما سُمي "عقيدة ريغان Reagan Doctrine" والتي تتلخص في مساعدة حركات المقاومة ضد الإتحاد السوفييتي في العالم. لتنفيذ هذه السياسة نشر ريغان الضباط الشبه عسكريين paramilitary officers بقطاع الأنشطة الخاصة Special Activities Division بوكالة الاستخبارات المركزية لتجهيز قوات المجاهدين ضد الجيش الأحمر. بالرغم ان السي آي ايه وعضو مجلس النواب تشارلي ويلسون Charlie Wilson جذبا الانتباه الأكبر للأدوار التي قاموا بها، إلا أن المهندس الرئيسي لهذه الإستراتيجية كان ميخائيل فيكرز Michael G. Vickers، ضابط العمليات الشبه عسكرية paramilitary officer الشاب في السي آي إيه الذي عمل مع جوست أفراتوكوسGust Avrakotos، الرئيس الإقليمي للسي آي إيه الذي كانت تربطه علاقة وثيقة بعضو مجلس النواب تشارلي ويلسون. إستراتيجية فيكرز كانت إستخدام خليط واسع من الأسلحة، والتكتيكات واللوجيستيات، مع برامج تدريب، لتحسين قدرة الثوار على خوض حرب عصابات ضد السوفييت. برنامج ريغان ساعد على إنهاء الإحتلال السوفييتي لأفغانستان. وحسب قول الكتب والمقالات الأكاديمية الحديثة تسبب بنجاحه مسؤول كبير في البنتاغون هو ميخائيل بيلسبوري Michael Pillsbury، بسبب توصيته بتوفير صواريخ ستينجر Stinger missiles للمقاومة الأفغانية.

البرنامج إعتمد بشدة على الرئيس الباكستاني ضياء الحق، الذي كانت تربطه صلات قوية بويلسون عضو مجلس النواب الأمريكي. جهازه الإستخباري Inter-Services Intelligence (ISI) كان وسيطاً في توزيع التمويل، وتمرير الأسلحة، والتدريب العسكري والدعم المالي لمجموعات المقاومة الأفغانية. مع تمويل من برامج مماثلة من إم آي 6 (الإستخبارات العسكرية البريطانية القسم السادس MI6) وإس إي إس (الخدمة الجوية البريطانية الخاصة SAS)، ومن السعودية وجمهورية الصين، قامت الإستخبارات الباكستانية بتدريب أكثر من 100000 متمرد ما بين 1978 الى 1992 م.. وشجعوا المتطوعين من الدول العربية للإنضمام إلى المقاومة الأفغانية في صراعها مع الجنود السوفييت في أفغانستان
حسب قول بيتر بيرغن Peter Bergen في كتابه الحرب المقدسة (Holy War, Inc.,) لا يوجد أمريكي قام بتدريب المجاهدين مباشرة أو كان له إحتكاك مباشر بالمجاهدين. السي آي إيه اللعوبة كان لها أقل من عشرة عملاء ناشطين operatives في الإقليم لأنها "كانت تخاف من أن تُكشف ويوجه لها لوم علني، مثلما حدث في جواتيمالا" موظفون مدنيون من وزارة الخارجية الأمريكية ومن السي آي إيه كانوا يزورون منطقة الحدود الأفغانية الباكستنية تكراراً خلال هذه الفترة، وساهمت الولايات المتحدة بسخاء في مساعدة اللاجئين الأفغان.
صواريخ ستينجر الأمريكية المضادة للطائرات، والتي تم تزويد المجاهدين بها بأعداد كبيرة بداية من 1986 م.، وجهت ضربة حاسمة للمجهود الحربي السوفييتي لأنها سمحت للأفغان المسلحين بتسليح خفيف بالدفاع بفاعلية ضد الطائرات السوفيتية الهابطة في مناطق إستراتيجية. الصواريخ الستينجر ذاع صيتها وكانت مميتة، بحيث أن الولايات المتحدة قامت ببرنامج لإعادة شرائها في تسعينات القرن العشرين لتحتفظ بالصواريخ الغير مستخدمة من الوقوع بأيدي المعادين لأمريكا. هذا البرنامج (برنامج إعادة شراء الصواريخ الستينجر) تم تجديدة بشكل مغطى بعد التدخل الأمريكي في أفغانستان في أواخر عام 2001 م.، خوفاً من إستخدام صواريخ ستينجر المتبقية ضد القوات الأمريكية في أفغانستان.
في 20 يوليو 1987 م. أُعلن إنسحاب الجنود السوفييت من أفغانستان بعد المفاوضات التي أدت إلى إتفاقيات جنيف عام 1988 (Geneva Accords of 1988)، وغادر آخر جنود سوفييت في 15 فبراير 1989 م. تكبدت القوات السوفيتية 14000 قتيل ومفقود وأكثر من 50000 جريح.

التمويل
قدمت الولايات المتحدة حزمتين للمساعدات الإقتصادية والمبيعات العسكرية لدعم دور باكستان في الحرب ضد الجنود السوفييت في أفغانستان. حزمة المساعدة في الستة أعوام الأولى (1981 – 1987 م.) بلغت 3.2 بليون دولار. مقسمة بالتساوي بين مساعدات إقتصادية ومبيعات عسكرية. باعت أيضاً الولايات المتحدة 40 طائرة إف 16 لباكستان خلال الفترة من 1983 إلى 1987 م. بتكلفة بلغت 1.2 بليون دولار خارج حزمة المساعدات. حزمة المساعدات في الأعوام الستة التالية (1987 – 1993 م.) بلغت 4.2 بليون دولار. منها 2.28 بليون خُصصت للمساعدات الإقتصادية على هيئة منح أو قروض بفائدة تتراوح بين 2 – 3 %. الباقي (1.74 بليون دولار) كانت على هيئة إعتماد للمشتريات العسكرية. مبيعات الأسلحة الغير أمريكية لباكستان الموجهة إلى أفغانستان كانت تتم من خلال إسرائيل (إسرائيل كان دورها حيوي وذلك لقدرتها على توفير أسلحة روسية للمجاهدين حتى لا ينكشف دور أمريكا إذا ما وردت أسلحة امريكية وهو ما تم أول مرة فقط عام 1986 عندما وردت صواريخ ستينجر الامريكية الصنع). أكثر من 20 بليون من الموارد الأمريكية وُجهت إل أفغانستان لتدريب وتسليح مجموعات المقاومة الأفغانية.
تمويل البرنامج كان يزداد سنوياً نتيجة الضغط من سياسيين أمريكيين بارزين ومن كبار موظفي الحكومة، أمثال:

تشارلز ويلسون Charles Wilson (1933 - 2010)
عضو مجلس نواب من 1973 الى 1996 عن الحزب الديمقراطي، اشتهر بأنه هو الذي قاد الكونجرس الى دعم العملية سايكلون، أكبر عملية مغطاة (خفية) للسي آي إي التي أمدت المجاهدين بمعدات عسكرية وكذلك بصواريخ مضادة للطائرات وضباط شبه عسكريين paramilitary officers من قسم الأنشطة الخاصة Special Activities Division خلال الحرب السوفيتية الأفغانية. دوره تم تجسيده في كتاب الصحفي جورج كرايل الثالث George Crile III "حرب شارلي ويلسون Charlie Wilson's War: The Extraordinary Story of the Largest Covert Operation in History "
الذي تحول الى فيلم بعنوان "حرب شارلي ويلسون Charlie Wilson's War" الذي قام فيه الممثل توم هانكس Tom Hanks بأداء دور ويلسون
حتى نفهم الدور الذي كان يلعبه ويلسون ونأخذ فكرة بسيطة عن كيفية عمل المنظومة الأمريكية، سأستعرض بعض الأحداث الزمنية وهي عينة لما سأعرضه في الحلقات المطولة للترتيب الزمني للأحداث في الحلقات القادمة بمشيئة الله:

أكتوبر 1973: علاقة حميمة تتطور بين النائب تشارلي ويلسون والإسرائيلي زفي رافيا
تشارلي ويلسون يتصل بضابط الإتصال الإسرائيلي بالكونجرس زفي رافيا Zvi Rafiah فيما يتعلق بحرب يوم كيبور. علاقة عمل شديدة القرب تتطور بين المشرعين تدوم لعدة سنوات. حسب قول المؤلف والصحفي جورج كرايل، "رافيا رجل إسرائيلي قصير شديد الذكاء كان ويلسون دائماً يعتقد أنه عميل له مكانة كبيرة في الموساد" ويقول كرايل أيضاً: رافيا دائماً كان يتصرف كما لو كان يمتلك مكتب ويلسون. كان يحتفظ بقائمة الأشخاص الذين يحتاجهم للضغط على الحكومة، وكان يستخدم التليفونات ويعطي مشاريع لفريق عمل مكتب ويلسون، ويتصل بتشارلي في أي وقت يحتاج إليه" [Crile, 2003, pp. 31-33, 144]
مساعد قريب من واحد من المحافظين الجدد هو ريتشارد بيرلي Richard Perle (يهودي وسأتكلم عنه فيما بعد من ضمن شخصيات مشروع القرن الامريكي الجديد ) سيُتهم فيما بعد بتمرير أسرار محظورة لرافيا (مارس 1978 م.)

1983: النائب تشارلي ويلسون يسمسر لصفقة سلاح بين باكستان وإسرائيل لإستخدامها في الحرب الأفغانية
النائب تشارلي ويلسون سافرإلى إسرائيل حبث إلتقى بزفي رافيا ومسؤولين إسرائيليين آخرين. ومن إسرائيل سافر إلى مصر ثم باكستان، حبث تفاوض سراً على صفقة أسلحة كبرى مع باكستان (نوفمبر – ديسمبر 1982 م.) لصالح الإسرائيليين لدعم المجاهدين المقاتلين للسوفييت في أفغانستان. من بين أشياء أخرى تتضمن الصفقة توريد دبابات تي-55 (التي 55 دبابة روسية إما أن إسرائيل كان لديها مخزون كبير منها من غنائم حرب 1967 إستولت عليها من سوريا و مصر، وإما أن تشارلي كان يتفاوض مع المصريين لصالح إسرائيل على شرائها منهم وذلك هو الإحتمال الأقوى، وربما يكون ذلك سبب زيارته لمصر بعد إسرائيل وقبل إنطلاقه إلى باكستان، ربما يشرح لنا ذلك أيضاً لماذا لم يكن من المسموح لمرسي البقاء رئيساً حتى لا تنكشف له هذه الأنواع من الصفقات السرية التي فيما يبدو كانت ومازالت كثيرة ). المؤلف جورج كرايل سيعلق فيما بعد، "الإسرائيليون كانوا يأملون أن هذه الصفقة ستكون بداية تفاهمات من تحت الترابيزة مع باكستان سيستمر تشارلي في التفاوض عليها لصالحهم [Crile, 2003, pp. 141]

غوردون هامفري Gordon Humphrey
عضو مجلس شيوخ من 1979 – 1990 م.، عمل في لجنة العلاقات الخارجية Committee on Foreign Relations، ولجنة الخدمات المسلحة Armed Services Committee، وكان قائد فريق عمل الكونجرس في أفغانستان Congressional Task Force on Afghanistan، الذي رسم سياسة الولايات المتحدة فيما يتعلق بالحرب السوفيتية في أفغانستان والعملية سايكلون Operation Cyclone.

فريد إيكله Fred Ikle
الدكتور فريد تشارلز إيكله (1924 – 2011 م.) هو عالم إجتماع وخبير دفاع أصبح جزءاً مهماً في وضع سياسة الدفاع في الولايات المتحدة. خبرة إيكله كانت في الدفاع والسياسة الخارجية، والإستراتيجية النووية، ودور التكنولوجيا في النظام الدولي الناشيء. عُين مديراً لوكالة التحكم في التسليح ونزع السلاح (ACDA) Arms Control and Disarmament Agency في الفترة من 1973 إلى 1977 م.، قبل ان يصبح نائب وزير الدفاع للسياسة Under Secretary of Defense for Policy (1981 إلى 1988 م.). بعد ذلك أصبح عضواً في مجلس العلاقات الخارجية Council on Foreign Relations وفي اللجنة الإستشارية لسياسة الدفاع Defense Policy Board Advisory Committee، وباحث متميز في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية Center for Strategic and International Studies (CSIS) ومدير للوقف الوطني للديمقراطية National Endowment for Democracy. إيكله كان له دور في زيادة المساعدات الأمريكية للثوار المعادين للسوفييت في الحرب السوفيتية في أفغانستان. وكان له الفضل في إقتراح وتنمية فكرة تزويد الثوار بصواريخ ستينجر Stinger ، متغلباً على معارضة السي آي إي.

ويليام كاسي William Casey
خلال الحرب العالمية الثانية عمل في مكتب الخدمات الإستراتيجية Office of Strategic Services (OSS) (هذا المكتب هو السابق لتكوين وكالة الاستخبارات المركزية) وأصبح رئيس فرع الإستخبارات السرية Secret Intelligence Branch في أوروبا. في إدارة نيكسون (1969 – 1974 م.) عمل كرئيس للجنة الأوراق المالية والبورصات Securities and Exchange Commission من 1971 الى 1973 م.؛ ثم عمل نائباً لوزير الخارجية للشؤون الإقتصادية من 1973 الى 1974 م. ثم رئيساً لبنك الصادرات والواردات الامريكي Export-Import Bank of the United States من 1974 الى 1976 م.وهو مؤسس مشارك لمؤسسة مانهاتن Manhattan Institute عام 1978 م.
كاسي كاثوليكي متدين وعضو في فرسان مالطا Knights of Malta. كان مدير حملة رونالد ريغان الرئاسية عام 1980 م. بعد تولي ريغان الرئاسة عين كاسي مديراً للاستخبارات المركزية، خلال توليه للمنصب لعب كاسي دوراً كبيراً في تشكيل السياسة الخارجية لريغان. كاسي كان وراء الترويج بأن الإتحاد السوفيتي هو مصدر نشاط الإرهاب العالمي.
أشرف كاسي على إعادة توسيع المنظومة الإستخبارية . تم رفع القيود على إستخدام السي آي إيه في التأثير المباشر والمغطى (الخفي) في الشؤون الداخلية والخارجية للدول المتعلقة بالسياسة الأمريكية. مثال على ذلك التصريح أمام الكونجرس في ديسمبر 1981 م. أن العمليات المغطاة (الخفية) في نيكاراجوا في صالح الأمن الوطني.
كان كاسي يعيش في القاهرة في أوائل الثمانينات وكان له مجلس محجوز في بار فندق في القاهرة وكان مسؤولاً عن القاعدة الجوية الأمريكية في الصحراء الكبرى.


تحت إدارة ريغان، تطور الدعم الأمريكي للمجاهدين إلى محور السياسة الخارجية الأمريكية، فيما يُسمى بعقيدة ريغان Reagan Doctrine، التي من خلالها زودت الولايات المتحدة حركات المقاومة المعادية للشيوعية في أفغانستان وآنجولا ونيكاراجوا وأماكن أخرى بالسلاح وبأشكال دعم أخرى.
إستفاد المجاهدون من الدعم العسكري الأجنبي الموسع من الولايات المتحدة والسعودية وباكستان ودول إسلامية أخرى. السعودية تحديداً وافقت على مجاراة التمويل الأمريكي من السي آي إيه دولار بدولار، فكل دولار كان يُرسل من السي آي إيه للمجاهدين كانت السعودية تدفع بالمثل دولار مقابله. عندما كانت تتأخر مدفوعات السعودية كان ويلسون وآفروتوكوس يطيرون إلى السعودية لإقناع النظام الملكي بالإلتزام بتعهداته.
إختلف مستوى الدعم للفرق الأفغانية المختلفة. المخابرات الباكستانية كانت تميل إلى تفضيل الإسلاميين النشطاء مثل قلب الدين حكمتيار وحزب الإسلامي Hezb-i-Islami وجلال الدين حقاني. وبعض الأمريكان وافقوا على ذلك. ولكن هناك آخرون كانوا يفضلون المعتدلين نسبياً أمثال أحمد شاه مسعود. من هؤلاء المحللين السياسيين في مؤسسة هريتاج Heritage Foundation: ميخائيل جونز Michael Johns وجيمس فيليبس James A. Phillips ، كليهما كانا يناصران مسعود على انه زعيم للمقاومة الأفغانية الأكثر جدارة بدعم الولايات المتحدة بموجب عقيدة ريغان.

ما بعد الحرب :
(النذالة الامريكية بدأت في الظهور مباشرة، هذا إلى جانب وضع خطة لتحويل المجاهدين إلى إرهابيين وخلق أسطورة الإرهاب وتفجيراته وحرب الإرهاب وغزو العالم الإسلامي، ولا ننسى التخلص من ضياء الحق بإغتياله بالطبع)
حولت الولايات المتحدة إهتمامها بعيداً عن أفغانستان بعد إنسحاب الجنود السوفييت. تم قطع التمويل الأمريكي لزعيم المقاومة الأفغاني قلب الدين حكمتيار وحزبه إسلامي مباشرة. وخفضت الولايات المتحدة أيضاً مساعدتها للاجئين الأفغان في باكستان.
في أكتوبر 1990 م. رفض الرئيس جورج بوش (الأب) التصديق على أن باكستان لا تمتلك أداة تفجير نووية، متسبباً في فرض عقوبات ضد باكستان بموجب تعديل بريسلر Pressler Amendment (1985 م.) في قانون المساعدات الخارجية Foreign Assistance Act.
هذا القرار أدى إلى تعطيل حزمة المساعدات الثانية المقدمة عام 1987 م. وقطع مساعدات المبيعات العسكرية لباكستان بإستثناء المساعدات الإقتصادية التي كانت في طريقها بالفعل لباكستان. تم إستبعاد برامج التدريب وطُلب من بعض الضباط العسكريين الباكستانيين الذين كانوا تحت التدريب في الولايات المتحدة بالعودة لباكستان.
تم إغتيال ضياء الحق في اغسطس 1988 م.
بناظير بوتو التي تولت رئاسة الوزراء في ديسمبر 1988، كانت قلقة من تنامي قوة الحركة الإسلامية وقالت لجورج بوش: "أنتم تخبقون فرنكشتاين".
في أواخر 1991 م. أقنع تشارلي ويلسون لجنة الإستخبارات بمجلس النواب بإعطاء المجاهدين 200 مليون دولار من ميزانية 1992 م.، والسعودية أعطتهم مقابلهم 200 مليون أخرى.
نهاية الحرب الباردة تركت أمريكا قوة عظمى وحيدة في عالم أصبح أحادي القطبية
يُقال أن منظمة القاعدة أسسها بن لادن في أغسطس 1988 م. مع عبد الله عزام.
أغتيل عزام في 24 نوفمبر 1989 م. (ربما كانت السي آي إي وراء إغتيال عزام الذي كان أكثر خبرة من بن لادن حتى تترك بن لادن وحيداً وتتمكن من التلاعب به كما تشاء، ربما خشيت أمريكا أن عزام كان بإمكانه كشف عميلها علي محمد مثلما كشفه محمد عاطف وبالتالي إحباط مؤامرات السي آي إيه وربما كان ما يخططه عزام للقاعدة مختلف تماماً وكان مصير القاعدة اليوم مختلف تماماً ولم تكن أمريكا ستستطيع التحكم فيها وإختراقها وتوجيهها من خلال عملائها مثل علي محمد وغيره )

توسيع العمليات Expanding operations
في نهاية المهمة العسكرية السوفيتية في أفغانستان، أراد بعض المجاهدين توسيع عملياتهم لتشمل صراعات إسلامية في أجزاء أخرى من العالم، مثل إسرائيل وكشمير. تم تكوين عدد من المنظمات المترابطة والمتراكبة، لتعزيز تلك الطموحات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.