سجلت الأسعار ارتفاعاً ملحوظا فى مدينة "بنغازى" الليبية التي تشهد نزاعات مسلحة بنحو 30% منذ مطلع الأسبوع، وفق مواطنين وتجار، متوقعين ازديادها في ظل اشتعال أعمال العنف في المدينة. وفي جولة لمراسل "العربي الجديد"، اتضح أن المصارف التجارية في بنغازي أغلقت أبوابها، وتوقفت حركة تحويلات الأموال، ما دفع العملة الأميركية للصعود إلى مستويات 1.59 دينار، بينما تبلغ في السوق الرسمية 1.3 دينار. حيث تهافت المواطنون، على تخزين السلع الغذائية والضرورية، وسط قفزات في الأسعار، بسبب توقف حركة البضائع وإغلاق ميناء المدينة وأغلب الأسواق والمتاجر. وقال "خالد صالح"، تاجر تجزئة في بنغازي، إن هناك نقصاً حاداً في السلع الغذائية، لا سيما الحليب والأجبان وحليب الأطفال بجميع أنواعه، مشيراً إلى أن الأحداث الحالية دفعت الكثيرين إلى تخزين السلع. وتسببت الأوضاع الأمنية المتردية في إغلاق الجمعيات الاستهلاكية الحكومية، المعنية بتوفير السلع الأساسية من الدقيق والأرز والشاي، حسب مواطنين في المدينة. وشهدت المصالح الحكومية غياباً ملحوظاً لمعظم العاملين، بسبب الأوضاع الأمنية، كما توقفت الدراسة في الجامعات والامتحانات في المدارس العامة للشهادات الإعدادية. ونزح ما يقرب من 850 ألف شخص من مدينة بنغازي خلال الفترة الأخيرة، بحسب الهيئة الليبية للإغاثة والمساعدات الإنسانية، نتيجة المعارك الضارية، التي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر ضد مجلس شورى ثوار بنغازي، لبسط سيطرته على المدينة. المصارف التجارية في بنغازي أغلقت أبوابها، وتوقفت حركة تحويلات الأموال، ما دفع العملة الأميركية للارتفاع في السوق المحلية وأكد "خالد الرقيعي"، الذي يرأس جمعية خيرية، في تصريح خاص، أن الوضع الإنساني كارثي، ولا توجد سلع غذائية أو إمدادات من الأدوية والإسعافات الأولية للأسر النازحة. وتعاني ليبيا صراعاً مسلحاً في أكثر من مدينة، لا سيما طرابلس (غرب) وبنغازي (شرق)، بين كتائب الانقلابى "خليفة حفتر" و كتائب الثوار، إلى جانب أزمة سياسية بين تيار محسوب على الليبراليين وآخر محسوب على الإسلاميين زادت حدته مؤخراً، ما أفرز جناحين للسلطة في البلاد لكل منهما مؤسساته، الأول: البرلمان المنعقد في مدينة طبرق (شرق)، والذي تم حله مؤخرا من قبل المحكمة الدستورية العليا، وحكومة "عبد الله الثني" المنبثقة عنه. أما الجناح الثاني للسلطة، فيضم المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق الذي استأنف عقد جلساته مؤخراً)، ومعه رئيس الحكومة "عمر الحاسي"، ورئيس أركان الجيش "جاد الله العبيدي" وتعاني ليبيا تراجعاً اقتصادياً في ظل حالة الاقتتال وعدم الاستقرار السياسي، التي تسببت في تراجع معدلات إنتاج وتصدير النفط. ويشكل قطاع النفط والغاز، المصدر الأساسي لإيرادات الخزينة الليبية، حيث يدر نحو 94% من عائدات النقد الأجنبي و60% من الإيرادات الحكومية. وكانت ليبيا تنتج قرابة 1.4 مليون برميل نفط يومياً حتي منتصف عام 2013، قبل أن تسيطر ميليشيات مسلحة على عدة حقول وموانئ للتصدير، ما دفع بالإنتاج إلى التراجع لمستويات 200 ألف برميل بداية العام الحالي، قبل التعافي الذي وصل ذروته قبل نحو شهر، مسجلاً 900 ألف برميل، لكنه عاود التراجع بسبب إغلاق حقول وموانئ شرق البلاد خلال الأيام الماضية. وكان مصدر مسؤول في المصرف المركزي الليبي قال أن منتصف أكتوبر الماضي، إن قيمة العجز المالي خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي بلغت 13 مليار دولار. وإذا ما استمر النزاع المسلح، فإن احتياطي النقد الأجنبي معرّض للخطر، حيث سيستنزف لسد عجز الموازنة، والإنفاق على التسليح، والالتزامات العامة الأخرى، حسب محللين اقتصاديين. وتشير تقديرات قاعدة بيانات البنك الدولي إلى أن احتياطي النقد الأجنبي في ليبيا بلغ 119 مليار دولار في 2013، متراجعاً بنحو 5 مليارات دولار عن 2012.