أدانت أحزاب المعارضة وحملات مناهضة الحرب في بريطانيا قرار رئيس الوزراء جوردن براون يوم أمس الاثنين فتح تحقيق "مستقل وراء أبواب مُغلقة" بشأن مشاركة القوات البريطانية في الحرب على العراق عام 2003. فقد اتهم زعيم حزب المحافظين، ديفيد كاميرون، براون بممارسة "التلفيق المؤسساتي"، بينما هدد حزب "الليبراليون الأحرار" بمقاطعة "التحقيق السري" بالحرب الذي أعلن عنه رئيس الحكومة البريطاني وقال إنه يجب أن يشمل أيضا الفترة من العام 2001 حتى الآن.
وقال كاميرون إن براون تعمَّد إرجاء إعلان نتائج التحقيق إلى ما بعد الانتخابات التشريعية القادمة "لتفادي أي استنتاج غير ملائم".
أمَّا جون ميلر، وهو بريطاني قُتل ابنه سايمون في العراق في عام 2003، فقال: "إن جلسات التحقيق الخاصة ستكون مقرونة بالأكاذيب والخداع".
لا أعتقد أنه كان بوسعنا إنجاز عمل لبلدنا أفضل مما قمنا به، وذلك قياسا بما كان يمكن أن نقوم به فيما لو أجرينا تحقيقنا في العلن
إلاَّ أن آخرين جادلوا بأن من شأن التحقيق السري بحرب العراق أن يكون أكثر فعالية.
فعضو مجلس العموم عن حزب المحافظين، مايكل ميتس، والذي كان أحد أعضاء لجنة بتلر للتحقيق بالمعلومات الاستخباراتية التي أدت إلى حرب العراق، فقد دعم قرار براون بجعل التحقيق سريا.
وقال ميتس "كل من مثُل أمامنا كان قادرا على أن يتكلم بصراحة، وكانوا جميعا قادرين على أن يفصحوا عن أي جزء لعبوه في هذا القسم أو ذاك من الملف الاستخباراتي (الخاص بالعراق)".
وأضاف البرلماني البريطاني قائلا: "لا أعتقد أنه كان بوسعنا إنجاز عمل لبلدنا أفضل مما قمنا به، وذلك قياسا بما كان يمكن أن نقوم به فيما لو أجرينا تحقيقنا في العلن."
وكان براون قد كشف في كلمته أمام مجلس العموم أن التحقيق، الذي لن يكون هدفه تحديد الأفراد المسؤولين عن الحرب، سيتم فتحه "في أسرع وقت ممكن بعد انسحاب آخر الجنود البريطانيين من العراق في نهاية يوليو/ تموز القادم".
وأضاف بروان قائلا إن نتائج التحقيق ستُعلن بشكل شبه كامل، ولكن ليس قبل مضي عام على بدايته، أي بعد الانتخابات التشريعية المقبلة التي ستجري في موعد أقصاه يونيو/ حزيران من عام 2010.
وقال براون إنه قرر أن تكون جلسات الاستماع خلال التحقيق مغلقة "لأسباب أمنية"، وذلك خلافا لما كانت قد طالبت به المعارضة والكثير من عائلات الجنود البريطانيين.
وأوضح براون أن التحقيق "سيشمل مرحلة تبدأ في صيف 2001، أي قبل بداية العمليات العسكرية في العراق في مارس/ آذار 2003 وتدخلنا في العراق، حتى نهاية يوليو/ تموز من هذا العام".
وأكد أن "هذا التحقيق جوهري، لأننا عندما نتعلم دروس هذه الحرب، سنتمكن من دعم ديموقراطيتنا ودبلوماسيتنا وجيشنا".
وأبدى براون "اعتزازه الكبير" بمهمة القوات البريطانية في العراق، مشيرا إلى أن 179 جنديا بريطانيا قتلوا منذ 2003.
وكان وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند قد أعلن في مارس الماضي أنه سيتم البدء بإجراء تحقيق في التدخل البريطاني في العراق بعد انسحاب القوات البريطانية من تلك البلاد في نهاية يوليو/ تموز القادم.
وسيتناول التحقيق الظروف التي دفعت حكومة رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير إلى إقحام بلاده في الحرب على العراق إلى جانب الولاياتالمتحدة وتداعيات هذا القرار.
ولدى إلقاء براون كلمته أمس، تجمع العديد من المتظاهرين أمام مجلس العموم، منددين بقرار الحكومة إجراء هذا التحقيق في جلسات مغلقة.