لم تكتفي سلطات الانقلاب المصرية بإنتهاك حقوق الأفراد السلميين المعارضين لسياساته بالاعتقال والحبس لمدد طويلة بدون أي مسوغات قانونية أو دستورية، بل تجاوز كافة الخطوط الحمراء وعمد إلى اعتقال هيئات الدفاع الخاصة بالمعتقلين ضارباً بكافة القوانين والأعراف عرض الحائط. يأتي ذلك النهج التعسفي من قبل سلطات الانقلاب بهدف إحكام القبضة القمعية على المعتقلين وإبطاء سير المحاكمات وإنهاك أسر المعتقلين فضلا ًعن توسيع القبضة الأمنية لإرهاب كل محامي يسع لينطق بالحق في الدفاع عن موكله المحبوس ظلما ًوعدواناً. ففي تطور جديد لسياسات الانقلاب قامت قوات أمن الانقلاب بإعتقال 7 محامين من شبرا الخيمة بالقليوبية، وعلى رأسهم “سعيد حامد”، و”عادل المغربي”، و”طه محمد عبدالله”، و”ياسر أبو النور”، وثلاثة آخرين لم يجر تحديد أسمائهم، وذلك بعد اقتحامهم مكتب المحامي”سعيد حامد”. حيث اقتحمت القوات مكتب “حامد بعددٍ كبيرٍ من أفراد المباحث المسلحين الذين يرتدون زيًا مدنيًا، فيما اعتدت على المحامي “طه محمد عبدالله” بالضرب المبرح وتوجيه الشتائم النابية للمحامين جميعًا. كما عبثت قوات أمن الانقلاب بمحتويات المكتب ومستنداته وأجهزة الكمبيوتر الخاصة بالمحامين، فيما تم اقتادتهم إلى قسم أول شبرا الخيمة. هذا واعتدت قوات الانقلاب علي المحامية العاملة في المكتب، وطردوها خارجه. يُشار إلى أنه بحسب المواد “49 و50 و51 و52″ من قانون المحاماة فإن “للمحامى الحق في أن يعامل أمام كافة الجهات معاملة تحترم المهنة، وأنه يجب على جميع المحاكم والهيئات ومأموريات الشرطة وغيرها أن تقدم له كافة التسهيلات أثناء ممارسة عمله”. كما “لا يجوز القبض عليه أو حبسه احتياطيًا لما ينسب له من جرائم أثناء ممارسة عمله؛ بل يجب أن تحرر مذكرة بما ارتكبه، وتحال إلى النيابة العامة التي تقوم بدورها بإرسال صورة منها إلى النقابة العامة لاتخاذ الإجراءات اللازمة”. وكان من أشهر وقائع الاعتقال للمحامين واقعة اعتقال عضو هيئة الدفاع عن فتيات “7 الصبح” في القضية المعروفة إعلامياً التي اعتقلت على إثرها 14 فتاة وتم إخلاء سبيلهن بعد الاستئناف على قرار حبسهن. بدورها أدانت “التنسيقية المصرية للحقوق والحريات” اقتحام قوات الأمن الوطني لمكتب المحامين “عادل المغربي” و “سعيد حامد” بشبرا الخيمة؛ حيث تم اعتقالهم ومعهم كل من “ميسرة سعد محمد” و “طه عبد الحميد عزيز الدين” و “خالد عبد الباقي” المحامين تحت التمرين وأيضا اعتقال 6 آخرين من أهالي الموكلين. وأكدت “التنسيقية” أن هذا الفعل يعتبر تجنيا واضحا علي القانون، وليس فقط علي الحريات والكرامة الشخصية؛ حيث أن القانون لم يكتف بمنح الحصانة للمحامي أثناء الجلسة عندما تكلم عن حصانة المرافعة في المادة (78) من قانون مزاولة مهنة المحاماة، وفي المادة (4.7) من قانون العقوبات بالنسبة لحصانة المرافعة بوجه عام فتشمل المحامي لتمثيله موكله، بل مد هذه الحصانة لتشمل مكتب المحامي أيضا، حيث لا يجوز تفتيشه وحجز ما فيه من كتب ورسائل متبادلة بين المحامي وموكله، أو بينه وبين باقي زملائه لأمور تتعلق بالمهنة. وبناء عليه تكون تصرفات الأمن الوطني خالية تماما من المعايير القانونية ما يحيلها إلي جريمة تستوجب العقاب، فضلا عما تشكله من إشارة علي التغول الشديد الذي تشهده البلاد من السلطة التنفيذية وعدم مراعاتها أية حقوق بموجب القوانين والدستور. وشددت “التنسيقية” علي أن مهنة المحاماة السامية تتعرض هذه الأيام لملاحقة شديدة بما يعصف بمكوّن هام ورئيس من مكونات العدالة، وبما يمهد الطريق لسيادة نظام استبدادي لا يراعي القواعد العالمية المتفق عليها لتحقيق العدالة. يأتي ذلك في الوقت الذي إلتزمت في “نقابة المحامين” الصمت ولم تصدر صوتاً واحداً تعبر فيه عن رفضها لإنتهاك حقوق أعضاءها بالاعتقال في الوقت الذي يمنع فيه القانون ذلك، وكأن صوت أمن الانقلاب يعلو صوتها أو أنه ألجم صوتها فلا تنطق ولا تسمع ولا ترى.. نقابة حريات بلا حريات.