الجهاد فى الإسلام لم يكن لقهر الناس أو لإجبارهم على اعتناق الإسلام، وإنما كان لتحرير الإنسان وتحييد القوى الظالمة. الإسلام غزا القلوب، وأسر النفوس.. وإن كان بإمكان السيف أن يفتح أرضًا.. فليس بإمكانه أبدًا أن يفتح قلبًا. كتب على القماش صدر للزميل الكاتب ربيع إبراهيم سكر، الصحفى بجريدة الحقيقة وعضو نقابة الصحفيين، وعضو اتحاد الصحفيين العرب، كتابه الأول، وهو بعنوان " معارك إسلامية خالدة من غزوة بدر إلى نصر أكتوبر 1973 "، الصادر عن مكتبة جزيرة الورد. يتناول الكتاب عددًا من أبرز، وأهم الغزوات و المعارك الشهيرة فى التاريخ الإسلامى من غزوة بدر فى العام الثانى من الهجرة النبوية؛ مرورا بمعارك كثيرة، أشهرها فتح مكة، وفتح الأندلس، وحطين، وعين جالوت، وفتح القسطنطينية؛ حتى جاء نصر الله على الصهاينة، وتم العبور المصرى فى العاشر من رمضان 1393 هجرية، الموافق السادس من أكتوبر 1973م. ويضم الكتاب ثلاثة أبواب، الباب الأول: العسكرية الإسلامية، و أخلاقيات الحرب فى الإسلام، وتضمن أربعة فصول، الفصل الأول: عن الرد على أكذوبة انتشار الإسلام بالسيف. والفصل الثانى: تناول القيود الأخلاقية التى وضعها الإسلام فى الحروب، وفى الفصل الثالث تحدث المؤلف عن مميزات العسكرية الإسلامية عن غيرها من المدارس القتالية. وفى الفصل الرابع اختص بالعقيدة العسكرية الإسلامية. وفى الباب الثانى، تناول المؤلف المعارك الإسلامية الخالدة فى التاريخ الإسلامى، منذ صدر الإسلام، وحتى عصر المماليك، وتضمن فى الفصل الأول الحديث عن الغزوات فى عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وفى الفصل الثانى، تناول المعارك الإسلامية فى عهد الخلفاء الراشدين، ومنها: القادسية، اليرموك، ذات الصوارى، وفى الفصل الثالث استعرض المعارك الإسلامية الكبرى، التى غيرت خريطة العالم، ومنها: ملاذكرد ، القسطنطينية، الزلاقة، حطين، عين جالوت. أما الفصل الرابع، فتناول حرب العاشر من رمضان السادس من أكتوبر 1973، والتى انتصر فيها الجيش المصرى على العدو الصهيونى. وفى الباب الثالث، عرض المؤلف للأسلحة القديمة التى استخدمها المسلمون الأوائل فى معاركهم وحروبهم؛ ليكون الجيل المعاصر على علم بها؛ لنعلم كيف أن المسلمين كانوا يبتكرون أسلحتهم ويحصلون على كل ما هو جديد فى مجال التسليح العسكرى فى كل عصر من العصور. ويهدف الكتاب إلى إثبات أن الغزوات والمعارك الإسلامية، لم تكن مجرد مواقع حربية، بل صفحات مضيئة من التاريخ الإسلامى تستفيد الأجيال المتعاقبة من تجاربها، وتستخلص منها الدروس التى تبين عوامل النصر وأسباب الهزيمة ، كما أنها تعتبر منبعا خصبا لدروس العسكرية الإسلامية من خلال القيم والمبادئ الأخلاقية التى أقرها الإسلام فى الحروب، ومنها حسن معاملة الأسرى، وعدم التعرض لدور العبادة، والنساء، والأطفال، وكبار السن، والشجر. ويؤكد الكِتاب، أن تلك الغزوات والمعارك التى خاضها المسلمون ليس بدافع الاعتداء؛ بل دفاعا عن النفس، مصداقًا لقول الله -سبحانه وتعالى-: {وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين}(البقرة 190) ، فكانت المعارك الإسلامية؛ لمواجهة الغزاة الذين جاؤوا من كل حدب وصوب إلى بلادهم فى المشرق والمغرب؛ طمعًا فى ثرواتها الطبيعية الوفيرة، وسعيًا دؤوبًا منهم لبلوغ هدفهم القديم لاحتلال أراضى بلاد المسلمين والسيطرة على موقعها الفريد ذى الأهمية البالغة على خريطة العالم. ويشير الكِتاب إلى أن القراءة المتأنية لمقدمات وأحداث تلك المعارك الإسلامية وظروفها التاريخية تثبت لنا عدم صحة ما ذهب إليه المستشرقون الحاقدون على الإسلام، عندما زعموا أن الإسلام انتشر بحد السيف، فالحقيقة التى تعمد المستشرقون تجاهلها، هى أن الإسلام انتشر فى الشرق والغرب من دون إراقة دماء الأبرياء، ودخلت معظم شعوب العالم فى الإسلام؛ بسبب تسامح العقيدة الإسلامية، وعدل الإسلام، وحسن الأخلاق التى يدعو إليها، وأمام حرص المسلمين فى عصور الإسلام الأولى على التخلق بأخلاق الإسلام، فقد حبب غير المسلمين فى الدخول فى الدين الإسلامى أفواجا طواعية من دون كره أو حرب. ويوضح أن الإحصائيات الرسمية الحالية لأعداد الذين يعتنقون الإسلام، تدل على أن عدد المسلمين فى ازدياد مستمر، على الرغم من كل ما ينالهم من اضطهاد، وما يتعرضون له من عوامل الإغراء!! فهل أُكره أحد الأوربيين، والأمريكيين، واليابانيين، وغيرهم على دخول الإسلام؟! إن ما حدث معهم هو الذى حدث مع كل من أسلم فى تاريخ الإسلام. إن القوة الحقيقية للإسلام داخلية ذاتية. إنه دين الفطرة الذى يُقْنِع أى باحث صادق، ويعجب أى قارئ محايد. وأيسر من أن نستقصى الحروب وأسبابها فى صدر الإسلام لنعى تلك الحقيقة، أن نلقى نظرة عامة على خريطة العالم فى الوقت الحاضر؛ لنرى الشعوب التى دخلت فى الإسلام دونما حرب أصلاً. إن السيوف لم تحمل بتاتًا فى إندونيسيا، وماليزيا، والهند، والصين، وسواحل القارة الإفريقية، وما يليها من سهول الصحارى الواسعة؛ ومع ذلك فأعداد المسلمين فيها هائلة! ولو كان هناك إكراه على الإسلام، فكيف نفسر بقاء المسيحيين واليهود والوثنيين وأشباه الوثنيين إلى الآن فى داخل معظم بلاد العالم الإسلامى؟!! أما تشريع الجهاد فى الإسلام، فلم يكن لقهر الناس أو لإجبارهم على اعتناق الإسلام، وإنما كان لتحرير الإنسان، وتحييد القوى الظالمة التى قد تحول بينه وبين الإسلام، فالإسلام -إذن- إنما غزا القلوب، وأسر النفوس.. وإن كان بإمكان السيف أن يفتح أرضًا.. فليس بإمكانه أبدًا أن يفتح قلبًا.