وصف الرئيس السوداني عمر حسن البشير علاقة بلاده مع مصر بأنها "ليست فاترة وليست حميمة"، معربًا عن ثقته في "حزب الله" اللبناني الشيعي الذي أوقفت القاهرة مؤخرًا خلية إرهابية تنتمي له كانت تخطط لتنفيذ اعتداءات في مصر. وقال البشير ردًا على سؤال حول فتور العلاقات مع مصر على خلفية حضوره قمة الدوحة التي سعت مصر لمنع عقدها ولأن القاهرة دعت إلى عقد مؤتمر دولي حول دارفور دون علم الخرطوم أو استشارتها: "إن العلاقات مع مصر ليست فاترة وليست حميمة، لكنها إيجابية مع ذلك، والتفاهم والفهم المتبادل قائم بين البلدين وذلك هو الأهم". وأشار الرئيس السوداني في حوار أجراه معه الكاتب فهمي هويدي إلى أن "السودان كان أول من دعا إلى عقد القمة بعد بدء العدوان على غزة، وقد اتصلت هاتفيًا بالرئيس بشار الأسد لهذا الهدف، ولذلك فإن قطر حين عرضت استضافة القمة فإننا كنا في مقدمة الملبين". البشير: "نثق في حزب الله" وفي تعليقه على الأزمة التي نشبت مؤخرًا بين القاهرة و"حزب الله" اللبناني، قال البشير: "نحن نثق في حزب الله وقيادته ونعتبره مقاومة شريفة جديرة بالحفاوة والتقدير" وأضاف: "نعرف أنه لم يمارس أي أنشطة ضد أي دولة عربية أو غير عربية، معربًا عن أمله في "احتواء الأزمة بأسرع ما يمكن حتى لا ينصرف الاهتمام عن "إسرائيل" التي تمثل العدو الأساسي والأول للدول العربية" كما قال. وتحتجز السلطات المصرية مجموعة يقودها قيادي من "حزب الله" يدعى سامي شهاب، وتضم أشخاصا يحملون الجنسيات المصرية والفلسطينية والسودانية واللبنانية، وتتهمها بالتخطيط لشن هجمات في البلاد. وترفض القاهرة أي وساطة سياسية في قضية خلية "حزب الله"، وتؤكد أن الموضوع في يد القضاء. وتؤكد مصر أن "حزب الله"، الذي يوصف بأنه الذراع الإيرانية في لبنان، ينفذ أجندات إقليمية في المنطقة تُملى عليه من قبل طهران. وكان وزير الخارجية أحمد أبو الغيط قد شن مؤخرا هجوما على إيران وقال إن طهران استخدمت "حزب الله" لاختراق الأراضي المصرية واستخدام ذلك كورقة ضغط. وقال أبو الغيط في حديث صحفي: إن تقرير النائب العام حول خلية "حزب الله" سيكشف "حجم الاختراق الإجرامي" في مصر.، مضيفًا أن التحقيقات ستكشف مفاجآت وستظهر حجم المؤامرة ضد مصر. البشير يؤيد سحب مبادرة السلام العربية: من جانب آخر، أكد الرئيس السوداني أنه من أنصار سحب مبادرة السلام العربية؛ "لأنها لم ولن تؤدي إلى شيء"، موضحًا أنه "أبلغ الرؤساء العرب بذلك في أحد الاجتماعات المغلقة، ولولا حرص الخرطوم على عدم شق الصف العربي لكان لها موقف آخر". وتنص المبادرة العربية للسلام على إقامة سلام عربي شامل مع "إسرائيل" مقابل انسحاب الكيان الصهيوني من الاراضي العربية المحتلة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدسالشرقية فضلاً عن التوصل إلى حل عادل وتفاوضي لمسألة اللاجئين الفلسطينيين. وترفض "إسرائيل" القبول بالمبادرة العربية المطروحة منذ عدة سنوات. ومؤخرًا، وصفها وزير الخارجية الصهيونية المتطرف "أفيجدور ليبرمان" ب "المدمرة"، مؤكدًا أن الغرض من تلك المبادرة هو تدمير تل أبيب. وفي جوابه على سؤال حول ما إذا كان يعتبر السودان من الدول التي توصف ب"دول الممانعة" أم "دول الاعتدال"، قال البشير: "لا تنس أن السودان دولة "اللاءات" التي أعلنت في قمة الخرطوم بعد هزيمة 1967 (لاتفاوض ولا صلح ولا اعتراف)، وهو ما زال على ذلك العهد إلى الآن، ولذلك فهو يقف مع المقاومة على طول الخط". الترابي آخر المعتقلين السياسيين: وفيما يتعلق بوجود معتقلين سياسيين في السودان، قال البشير: إن الدكتور حسن الترابي كان آخر المعتقلين وقد أطلق سراحه. وحول رأيه في موقف الترابي المؤيد لقرار المحكمة الجنائية الدولية، قال الرئيس السوداني: "إن الترابي عزل نفسه عن الإجماع الوطني منذ استسلم لأحقاده الشخصية وتراجعت لديه أولوية المصالح العليا للوطن". يذكر أن حسن الترابي البالغ من العمر 76 عامًا كان حليفًا وثيقًا للرئيس البشير حتى عام 1999. وكان الترابي يشغل منصبي زعيم الجبهة الوطنية الإسلامية ورئيس البرلمان السوداني. وأصدرت محكمة الجنايات الدولية في الرابع من مارس الماضي مذكرة توقيف بحق البشير، في سابقة من نوعها ضد رئيس دولة أثناء رئاسته، بدعوى ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور. وقوبلت مذكرة الاعتقال برفض واسع داخل السودان، إلا أن الترابي عقب إطلاق سراحه أعلن تأييده لمذكرة الاعتقال ودعا البشير إلى تسليم نفسه للمحكمة الجنائية الدولية، معتبرًا أن "العلاقات الدولية سوف تتحسن إذا ما سلم الرئيس السوداني نفسه للمحكمة".