تلقت المحكمة الدستورية العليا، السبت، أول طعن على دستورية قانون التظاهر الذي أصدره الرئيس المؤقت السابق ورئيس المحكمة الحالي المستشار عدلي منصور، بناء على تصريح من محكمة القضاء الإدارى للمحامين خالد علي، وطارق العوضي، ومحمد عادل سليمان، بالطعن على دستورية المادتين 8 و10 من القانون لما فيهما من شبهة مخالفة لنصوص 13 مادة من دستور 2014. وتم تسجيل الطعن الذي أكد أن الدساتير المصرية قد شهدت تطورا كبيرا في تنظيمها للحق في التظاهر مع آخر ثلاث وثائق دستورية، وهي الوثائق التي وضعت بعد الثورة المصرية، وهذا التطور قيد حق المشرع في المفاضلة بين البدائل، حيث لم ينص فقط على الحق في التظاهر، ويحيل تنظيمه للقانون كما كان في السابق، بل قام المشرع الدستوري بالنص على أن هذا الحق يمارس من خلال الإخطار، وهو ما يفرض على المشرع قيودا أكبر فيما يتعلق بتنظيم الحق على عكس ما نصت عليه الوثائق الدستورية القديمة. وأضاف الطعن، أنه على الرغم من هذا التطور الدستوري فإن القانون 114 لسنة 1923 بشأن تنظيم المواكب والاجتماعات العامة أفضل وأقل تقييدا لحرية التظاهر من القانون الجديد 107 لسنة 2013 «الذي زاد حق التظاهر رهقا ولم يحسن اشتراطات الحصول على الإخطار، والتي حولته لترخيص مسبق على عكس إرادة المشرع الدستوري، حيث اشترط المشرع أن يكون الإخطار كتابة، وأن يسلم باليد أو عن طريق إنذار على يد محضر، ووضع حد أقصى للمدة الفاصلة بين تقديم الإخطار وعقد الاجتماع، واشترط إعلان الداخلية بخط سير المظاهرة، وموعد بدئها ونهايتها والشعارات والمطالب بينما كان قانون 1923 يشترط الإبلاغ عن الزمان والمكان والغرض العام فقط». وكشأن الطعن السابق الذي قدمه المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية على قانون تنظيم حق الطعن على عقود الدولة، دفع الطعن الجديد بعدم صلاحية المستشار عدلي منصور، لنظره لأنه من أصدر القانون، واستند إلى الإحصائية التي أجرتها ونشرتها «الشروق» في 10 يونيو الماضي للقوانين التي أصدرها منصور في عام حكمه البلاد والتي بلغت 147 قرارا بقانون. كما دفع الطعن بعدم صلاحية جميع أعضاء المحكمة لنظر الطعن، مؤكدًا أن هذا الدفع ليس المقصود منه النيل من المحكمة والتعريض بها، بل يرتبط بعلاقة قضاتها برئيسهم مهنيا ووظيفيا وإنسانيا وشخصيا على مدى سنوات شأنهم شأن من يعملون فى مهنة واحدة ويجمعهم مكان واحد «مما قد قد يؤثر فى حيدتهم أو يجعل فى النفس هوى عند النظر فى القضية، لمؤازرته، والتأكيد على صدق قراءته للنص عند إصداره، وعلى حرصه على عدم الخروج على الدستور». ودفع الطعن، بوقوع المشرع فى خطأ بين فى التقدير لما نصت عليه المادة الثامنة من حد أقصى للإخطار بالمظاهرة أو التجمع بخمسة عشر يوما، وما نصت عليه المادة العاشرة من جواز منع التظاهرة أو التجمع مما يمثل اعتداء ومخالفة واضحة لنصوص الدستور، حيث يتنافى الحد الأقصى مع طبيعة الدعوة لتظاهرة، وخاصة أن القانون لم يقصر حق التظاهر على الحقوق والحريات المتعلقة بالحقوق السياسية فقط، كما زاد القانون السلطة التقديرية لجهة الإدارة وتركها دون ضوابط محددة، مما يحول ما تم تحديده دستوريا بأنه «إخطار» إلى ترخيص، على الرغم من تسميته في القانون بالإخطار. وشدد الطعن، على أن الدستور كفل حق التظاهر السلمي ولم يعلقه على أي شرط، وأحال تنظيم هذا الحق للمشرع العادي، وهو ما يجعل سلطات المشرع العادي مقيدة في حدود النص الدستوري لا تستطيع الحيد عنه أو تقييد ما كفله من حقوق وحريات، وطبقا للنصوص السابقة فإن الدستور اشترط شرطين فقط، الأول هو أن يكون المتظاهرون غير حاملين سلاحا، والثاني أن يقوموا بالإخطار على النحو الذي ينظمه القانون.