فندت "دار الإفتاء"، دعوات المنظمات النسائية التي تتخذ من الدفاع عن المرأة ونصرتها شعارا لها، والتي تخالف في الكثير منها الشريعة الإسلامية، كما في المطالب المتعلقة بقضايا الأحوال الشخصية، مثل الزواج، متمثلا في مطالب بمنع تعدد الزوجات، وسحب حق الطلاق من الزوج، ومساواة المرأة بالرجل في الميراث. وأكدت أن الشريعة الإسلامية أعطت المرأة من الحقوق ما لم تجده في الأديان الأخرى، ومنها أنه جعل عقد الزواج "مدنيًا/ اجتماعيا"، وليس "عقدًا دينيًّا كما في المسيحية"، في إشارة إلى الحرية التي يمنحها الإسلام للمرأة في مسألة الطلاق، أو طلب الخلع من زوجها، بعكس الوضع في المسيحية التي تضع الكنيسة فيها قيودًا مشددة، بما يترتب عليه من حدوث أزمات داخل الأسر المسيحية. وفي بحثها عن التحديات التي تواجهها المرأة المسلمة، عرجت "دار الإفتاء" إلى العديد من المظاهر التي يشهدها هذا العصر "المادي"، ومنها ما يسمى ب "الصداقة الجنسية" دون زواج كما هو متعارف عليه في الغرب حاليًا، مشبهة ذلك بنكاح المتعة الذي يحرمه الإسلام، في أن كلاً منهما يستهدف المتعة الجنسية وحدها، ولا يستهدف إقامة حياة إنسانية كاملة قوامها الأسرة. وقالت: "إذا كان الإسلام يحرم ما كان على عهد الجاهلية من نكاح المتعة، فإنه يحرم بالقطع ما يشبهه وما على شاكلته اليوم من صور للزواج تفتقر إلى شروط وأركان عقد الزواج الصحيح"، في إشارة إلى علاقات الزواج التي تأخذ طابعًا مؤقتًا، بغرض "المتعة"، لانعدام المقاصد والغايات الأساسية من الزواج في مثل هذه الحالات. واعتبرت أن من أسباب الترويج للصور المحرمة في العلاقات بين الجنسين في المجتمعات الغربية المعاصرة، "منع الطلاق في الزواج الكاثوليكي وتعقيده في الزواج البروتستانتي، بينما الإسلام جعل للرجل حق الطلاق، وللمرأة حق الخلع كوسيلة لرفع الضرر عن أي من الزوج أو الزوجة بسبب عقد الزواج". وأبرزت الاختلاف بين الإسلام والمسيحية في عقود الزواج، قائلة إنه في الإسلام "ليس عقدًا دينيًّا كما في المسيحية بمعنى أنه لا بد أن يعقده رجل دين، بل هو أقرب ما يكون في الإسلام إلى أن يكون عقدا (شرعيًّا / مدنيًّا/ اجتماعيًّا) في نفس الوقت، بمعنى أنه عقد يضبطه الشرع إلا أنه ليس من شروط أن يعقده أحد علماء الدين، بل يعقده ولي أمر المرأة مع طالب الزواج منها، وبحضور شهود يشهدون على العقد ويشهرونه لسائر المجتمع"، ودون أي تدخل من المؤسسة الدينية. وأضافت أن التوثيق (عن طريق المأذون الذي لا يشترط فيه أن يكون من علماء الدين، بل يشترط فيه فحسب أن يأذن له ولي الأمر بتوثيق عقود الزواج) ليس من شروط الزواج في الإسلام، كما يعتقد البعض، وإنما هو "عملية تنظيمية محضة"، أوجبه ولاة الأمور لحفظ الحقوق، كالتوثيق لأي عقد آخر. ووصفت عقد الزواج في الإسلام بأنه أكثر تقدمًا بكثير منها في الغرب، حتى مع الاتجاهات الحديثة التي تسعى لتحويله إلى عقد مدني محض، "لأنه بذلك سيقعون في مشكلات اجتماعية أخرى، فمن عقد كنسي محض إلى إباحة محضة للعلاقة بين الجنسين بمجرد القبول الاجتماعي لصيغة الصداقة إلى عقد مدني محض يضطرب مسار الغرب ويتخبط ويدمر مجتمعاته". لكنها أثنت بشدة على قيام الغرب بنقل ولاية الطلاق من يد رجل الكنيسة إلى القاضي، واعتبرت ذلك "يمثل تقدمًا في مسار الفكر الغربي حيث اقتطعها من سلطة رجل الكنيسة بعد صدمات عنيفة محاولا الفكاك من أسر الكنيسة وأعطاها لسلطة القضاء"، لافتة إلى سعي الفكر الغربي ليخرجه من سلطة القضاء إلى أطراف العقد نفسه. غير أنها لم تتطرق لوضع المسيحيين في مصر، حيث تمثل التعقيدات في قضية الطلاق للمسيحيين أزمة لعدد كبير منهم؛ فحتى مع صدور حكم بالتطليق من المحكمة، ترفض الكنيسة الأرثوذكسية الاعتراف به، ولا تسمح به سوى "لعلة الزنا"، كما حصل في العام الماضي، عندما رفض البابا شنودة التزام الكنيسة المصرية بحكم صادر عن المحكمة الإدارية العليا بإلزامها باستخراج تصريح زواج للمسيحي المطلق من زوجته.