حاصر الانقلاب الشعب بالفقر والظلام و منح الفاسدين الحياة، وبمرور الوقت تتسع رقعة الحركات الشعبية الرافضة لسياسات السلطة الانقلابية الراهنة والتي أكدت بمال لا مجال للشك فيه أنها لا تجيد سوى سياسة سحق الفقراء ونهب أموالهم لتمتلئ في المقابل جيوب الفسدة وتتضخم حساباتهم في البنوك في الوقت الذي يحاصَر فيه الشعب المعدوم بالفقر والجوع والظلام؛ حيث ظهرت حركتا "ضنك" و"جوعتونا" كما يسعى البعض لتدشين حركة جديدة تحت مسمى "قوت الغلابة" لتتفق جميعها في رفض سياسية التجويع للشعب في مقابل منح الأغنياء ورجال الأعمال امتيازات بالجملة في محاولة صريحة لاستعادة دولة رجال الأعمال. واقرأ أيضًا: "البديل الحضاري": السيسي يجهض المسار الثوري بتمويل من رجال الدولة العميقة حيث حرصت السلطة الانقلابية منذ اليوم الأول على أن تعيد تمكين رجال الأعمال وتهيئ لهم مناخ التربح والإفساد فحصنت لهم العقود وأطلقت سراح المحبوسين منهم ومهدت لهم طريق فرض سطوتهم من جديد على الشعب فألغت الدعم عن البسطاء وهيئت مناخ لهم الاحتكار! كان من أبرز الامتيازات التي حصل عليها رجال الأعمال عليها في ظل الانقلاب العسكري قانون تحصين عقود الاستثمار، فتحت دعوى رغبة الدولة في استعادة الثقة بين الدولة والمستثمرين أصدر رئيس سلطة الانقلاب عدلي منصور في إبريل الماضي قانون تحصين العقود من الطعون والذي بموجبه يمنع أي طرف ثالث من الطعن في العقود المبرمة بين الحكومة والمستثمرين لتصبح هذه العقود محصنة ومقدسة وغير خاضعة لرقابة القضاء ولا الشعب ولا منظماته، وهو القانون الذي يهدف بالأساس إلى تسهيل عملية نهب المال العام تحت دعوى عدم إخافة المستثمرين. واقرأ أيضًا: استاذ اقتصاد: تزايد الفجوة بين الأغنياء والفقراء أخطر إفرازات سياسة رفع الدعم وبجانب تحصين العقود لم يتورع الانقلاب مستخدمًا أهم أذرعه وهو قضاء الانقلاب في إصدار أحكام البراءة على رؤوس عصابات دولة مبارك ليمكنهم من جديد من نهب أموال وأقوات المصريين، فصدر الحكم بإخلاء سبيل أحد أباطرة الفساد في عهد مبارك -أحمد عز- ومن قبل حكم براءة حبيب العادلي من تهمة التربح وغسل الأموال بما قيمته نحو خمسة ملايين جنيه، كما صدر حكم ببراءة أحمد شفيق المرشح الرئاسي الخاسر في قضية أرض الطيارين. وبالرغم من ذلك لم تقتصر عطايا الانقلاب لرجال الأعمال ورموز دولة مبارك عند حدود البراءة وتحصين العقود؛ بل تجاوزت ذلك إلى غض الطرف عن عمد على المتهربين؛ منهم حيث تراجع نجيب ساويرس عن اتفاق التسوية الذي عقده مع النظام في عهد الدكتور مرسي، الذي كان بموجبه سيسدد 7 مليارات و200 مليون جنيه للضرائب مقابل سحب قضية التهرب الضريبي، كما تراجع الملياردير الهارب حسين سالم أيضًا عن عرضه الذي قدمه في عهد الرئيس المنتخب بالتنازل عن 50 %من إجمالي ثروته، حيث أعلن محامي حسين سالم في يناير الماضي عن توقف مبادرة التصالح في عهد نظام الدكتور مرسي.. بما يؤكد حجم الطمأنة الذي أعطاها العسكر للكل الفاسدين. ولا يغيب عن أحد أن سياسيات الانقلاب الرامية لإلغاء الدعم بجانب أنها تصب بشكل مباشر في مصلحة رجال الأعمال فإن حكومة الانقلاب حرصت أيضًا على عدم المساس برجال الأعمال؛ حيث تم رفع أسعار بنزين رجال الأعمال بنسبة 7% فقط فيما بنزين 80 ارتفع بنسبة 87% والسولار بنسبة 63%، ومن جهة أخرى واصلت حكومة الانقلاب انحيازها لفئة رجال الأعمال، حيث أصدر وزير التخطيط أشرف العربي، قرارًا بتأجيل تطبيق الحد الأدنى للأجور، الأمر الذي وجده مجدي البدوي -نائب رئيس اتحاد العمال- أنه يصب في مصلحة رجال الأعمال، ويقف ضد مصلحة 20 مليون عامل يعملون بالقطاع الخاص، كانوا في انتظار قرار الحكومة بتطبيق الحد الأدنى للأجور، خاصة في ظل التضخم وارتفاع الأسعار.