علق الكاتب الكبير البريطانى "ديفيد هيرست" فى مقال له نشر فى موقع "هافينجتون بوست" على بيان السفارة السعودية فى لندن, وهو كان نشر سابقًا، للرد على مقال سابق ل"هيرست" اتهم فيه السعودية والإمارات، ومصر بأنهم يقودون الحرب الإسرائيلية على غزة وأن السعودية لها خصوصية خاصة عند إسرائيل. وأكد هيرست فى مقاله أنه "ليس يسيرًا أن تكون السفير السعودى فى المملكة المتحدة. بادئ ذى بدء يتوجب عليك أن تنهمك بإنكار ما لا يمكن إنكاره: أى حقيقة أن العدوان الإسرائيلى على غزة جاء بتمويل سعودى. إنها بلا شك مهمة مهينة. إلا أن الأدهى، أنك بمجرد ما تفتح مدافع الغضب على متهمى بلادك حتى يخرج زميل لك بما يناقض ما ذهبت إليه. والأسوأ فى كل ذلك، أنه شقيق رئيسك فى العمل"، فى إشارة إلى المقال الذى نشره الأمير تركى الفيصل، شقيق وزير الخارجية السعودى، فى صحيفة الشرق الأوسط اللندنية. وأضاف هيرست: "لم يكد يجف حبر البيان الرسمى الصادر عن السفير السعودى فى لندن حتى خرجت علينا صحيفة الشرق الأوسط بمقال كتبه الأمير تركى الفيصل"، بعنوان "نريد قيادات فلسطينية أكثر حذرا". ويتابع هيرست "يلوم تركى الفيصل فى مقاله ذاك حماس ويحملها المسئولية لإطلاقها الصواريخ ورفضها قبول المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار (التى لو قبلت لترتب عليها نزع السلاح من أيدى المقاومين)، وهذا هو بالضبط موقف كل من إسرائيل ومصر". ويتساءل هيرست فى مقاله "أى الموقفين يمثل المملكة العربية السعودية إذن؟ هل تدعم المملكة الفلسطينيين فى مقاومتهم ضد الاحتلال؟ (كما أكد بيان السفارة السعودية فى لندن)، أم أنها تدعم الحصار المفروض عليهم من قبل إسرائيل ومصر إلى أن يتم نزع السلاح من غزة؟ (كما يبدو من مقال تركى الفيصل)... هاتان سياستان مختلفتان تمامًا، كما هو واضح: دعم المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال، وإنهاء الحصار المفروض على غزة، أو إبقاء الحصار كما هو إلى أن تسلم جميع الفصائل أسلحتها. إما أن إسرائيل تقوم بإبادة جماعية أو أن المقاومين ما هم إلا إرهابيين ينبغى تجريدهم من السلاح. قرروا، لو سمحتم، ما الذى ترغبون فى أن تقوله المملكة؛ لأنه ليس من الممكن التعبير عن موقفين متناقضين فى نفس الوقت. لا يمكنك أن تبايع الفلسطينيين، ثم تعطى إشارة من طرف خفى للقتلة؛ ليفتكوا بهم.
ويوجه هيرست فى مقاله سؤالا مباشرا للسفير السعودى فى لندن "لماذا يثرثر أصدقاؤك الإسرائيليون الجدد كثيرًا؟ فعلى سبيل المثال، لماذا قال دان غيلرمان سفير إسرائيل إلى الأممالمتحدة فى الفترة من 2003 إلى 2008 نهاية هذا الأسبوع: "لقد طلب منا ممثلون عن دول الخليج مرارًا وتكرارًا إنهاء المهمة فى غزة". إنهاء المهمة؟ قتل ما يزيد عن ألف فلسطينى جلهم من المدنيين؟ هل هذا ما قصدته حين قلت "ولن نفعل شيئًا يضر بهم أبدًا"؟ ويحذر هيرست فى مقاله من أن السعودية ترتكب خطأ كبيرا "بتخليها عن الورقة الفلسطينية"، حسب قوله. ويضيف: "حينما اجتاح الإسرائيليون لبنان فى عام 2006 ارتكب مبارك حماقة مشابهة إذ دعم العملية التى ظن أنها ستفضى إلى شل حزب الله وإعاقته تمامًا. وفى النهاية اضطر إلى ابتعاث ابنه جمال إلى بيروت؛ ليعرب عن دعم مصر للشعب اللبنانى. تعلم المملكة العربية السعودية ويعلم السيسى أيضًا أن الرمى بالورقة الفلسطينية أمر فى غاية الخطورة. ويختتم "هيسرت" مقاله بالقول:"تسير المملكة العربية السعودية فى طريق محفوف بالمجازفات، فبحسب مصادرى الخاصة ما كان نتنياهو ليجرؤ على رفض مبادرة كيرى، لوقف إطلاق النار نهاية هذا الأسبوع لولا الدعم الكامل الذى يتلقاه من حلفائه العرب. ولولا الدور السعودى لما استمرت هذه الحرب الوحشية على غزة يومًا واحدًا. وكانت السفارة السعودية قد نشرت سابقا على موقعها على "تويتر" بيانا نفت فيه اتهامات هيرست بتواطؤ السعودية مع العدوان للحرب على غزة، وأكدت على ما أسمته الموقف السعودى الثابت بدعم الشعب الفلسطينى وحقه بالمقاومة إلى حين الحصول على حقوقه والعودة إلى وطنه.