توفي إلى رحمة الله الحاج محمد مدبولي ، صاحب أشهر مكتبة لبيع الكتب في مصر ، وأحد أذكى الناشرين العرب ، ورغم أنه أمي تقريبا ، ولكنه كان يستطيع أن يختار الكتب التى ينشرها بحذق، وكان يعرف جيدا اهتمامات المثقفين العرب الذين يفدون إلى القاهرة والكتب التي يبحثون عنها، فمكتبته في وسط البلد، كانت مقصد الزائرين من مختلف البلدان العربية الذين يبحثون عن الكتب الممنوعة فى بلادهم، سياسية وأدبية، أشعار وقصص وروايات ومسرحيات، وكان الرجل يحتفظ بشبكة جيدة من العلاقات خاصة في بيروت ولندن، ولم يكن له انتماء سياسي واضح، وهذا ما جعله مقبولا من الجميع، ولكنه كان حريصا على أن يتعفف عن نشر الكتب ذات الطابع الإباحي، وقد رفض نشر كتب لبعض الكتاب المعروفين احتجاجا منه على ما فيها من إباحية، وكان مدبولى مستودع أسرار كثيرين من الروائيين والكتاب والمثقفين المصريين، وقد بدت عليه في السنوات الأخيرة مسحة تدين فطرية، وسكينة وما يشبه الزهد، وقد نجح في أن يحافظ على جاذبية مكتبته، رغم التحولات السياسية والاقتصادية والثقافية التي طرأت على المجتمع المصري من الخمسينات وحتى الآن، كان الحاج مدبولي ببساطة رمز ومعلم من معالم القاهرة الثقافية، يرحمه الله.