استطاع محامون مصريون، يوم الخميس، أن يكشفوا فصلاً جديداً من فصول التعذيب التي يتعرض لها الطلاب المعارضون في مصر، وذلك خلال جلسة استماع لمعتقلي جامعة القاهرة الذين تعرضوا للتعذيب في أحداث سجن وادي النطرون، فأثبتوا نحو 22 إصابة تعرض لها الطلاب من جراء التعذيب، وسُجّل ذلك في محضر الجلسة، ومع ذلك كان رد فعل القاضي تجديد السجن 45 يوماً للمتهمين الضحايا. وكانت قوات الأمن قد ألقت القبض بشكل عشوائي على 34 شاباً وطالباً في 16 يناير/ كانون الثاني الماضي في محيط جامعة القاهرة، على خلفية اقتحام رجال الأمن حرم جامعة القاهرة واشتباكها مع الطلاب، ما أسفر عن مقتل طالبين وإصابة العشرات، من بينهم ابن رئيس الجامعة جابر نصار، واتهمتهم النيابة بقتلهما، فضلاً عن تهم "الانضمام لجماعة إرهابية"، و"إتلاف ممتلكات عامة"، و"الشروع في القتل" و"حيازة أسلحة نارية وذخائر وأسلحة بيضاء، واستعراض القوة والاشتراك في التظاهر من دون تصريح من وزارة الداخلية". وقالت المحامية فاطمة سراج، أثناء نظر الجلسة، "تمكنّا من معرفة ما حدث للمتهمين داخل سجن وادي النطرون ليمان، إذ سرد لنا أحد المتهمين أن قوات الشرطة اقتحمت عليهم العنابر، وقامت بفض الطعام المُخزّن لهم وإلقائه على الأرض. ثم قاموا بتمزيق الملابس المدنية التي كانت بحوزتهم، واعتدوا عليهم بالضرب في جميع أنحاء أجسادهم. وتابعت: "تبيّن لنا وجود إصابات عدة، ظهرت على المعتقلين" الذين أوردت أسماءهم. وأضافت أنه "بعدما أثبتنا الإصابات المبيّنة على وجه الطالب سيد عبد العاطي، وطلبنا التحقيق في وقائع الاعتداء عليه داخل سجن وادي النطرون، لم يتمكن بقية الشباب من إثبات إصاباتهم بمحضر الجلسة، لذلك قررنا تقديم طلب للمحامي العام لنيابات جنوبالقاهرة لاستخراج تصريح لنا بزيارتهم في مقر احتجازهم، للوقوف على ملابسات ما حدث معهم داخل السجن، ولتقديم بلاغ للنائب العام لفتح تحقيق عاجل". من جانبه، قال المحامي محمد الباقر، ل"العربي الجديد": رأيتُ الطالب سيد الغيطاني، المعتقل بقضية جامعة القاهرة، وهو مصاب بجرح قطعي أعلى الحاجب الأيمن، نتيجة اعتداءات إدارة وقوات سجن وادي النطرون على ليمان 430 خلال الأيام السابقة، وبعد الاعتداء عليه وضربه وإحداث الإصابة، تم عمل ثلاث غرز له في مستشفى السجن، على حد تعبيره. وأضاف الباقر أنه "تم تحرير محضر ضده بتهم حيازة هاتف محمول، والتواصل مع قناة الجزيرة، وتسريب معلومات"، مشيراً إلى أن الغيطاني تحدث عن عملية مقايضته من قبل إدارة السجن جوهرها "إما أن يصمت عن الاعتداء ولا يطلب عرضه على الطب الشرعي، وعندها يكون المحضر كأنه لم يكن، أو يتحدث ويطلب عرضه ويتم تحريك المحضر ضده". وشدد الباقر على أن "علامات التعذيب بالعصي ظهرت بوضوح على ظهور وأذرع الطلاب على شكل كدمات زرقاء بسبب الضرب المبرح والاعتداء الممنهج من إدارة وقوات السجن بعنبر 5 تحديداً". ولفت باقر إلى أن قاضي التجديد بدائرة الجنايات كان يسأل باستغراب: "مَن الذي فعل ذلك بهم؟". ثم يلحقه بالقرار الجاهز المعتاد وهو 45 يوماً حبساً لمعتقلي جامعة القاهرة، من دون النظر في شروط الحبس الاحتياطي، وانطباقها على حالات المعتقلين ال34 الذين حضروا الجلسة. في غضون ذلك، كشف عضو حركة "شباب 6 إبريل"، كريم طه، يوم الخميس، والمعتقل منذ 25 يناير/ كانون الثاني الماضي بسبب مشاركته في تظاهرات إحياء الذكرى السنوية الثالثة للثورة، عن واقعة تعذيبه ورفاقه في سجن وادي النطرون الأسبوع الحالي. وقال طه: "أجبرونا على غناء تسلم الأيادي وترديد عبارة: السيسي رئيسي، ومَن يرفض كان يتعرض للضرب"، في مشهد يعيد إلى الأذهان صور التعذيب المنتشرة في سورية. وأضاف طه: "لقد تعرّضنا للصعق بالكهرباء والضرب بالعصي الخشبية وإطلاق الغاز المسيل للدموع، حتى مات المعتقل محمد عبد الله، البالغ من العمر 49 عاماً". وأوضح طه أن المعتقلين الكبار في السن أصيبوا بكسور في أماكن متفرقة من أجسادهم. وتابع: "تم ترحيلي و30 معتقلاً آخرين إلى سجن الفيوم بالملابس الداخلية. كانت هناك حفلة تعذيب، ضرباً وصعقاً بالكهرباء، في انتظارنا، يقومون بعلاجنا بالإكراه لإزالة آثار التعذيب فيدخل علينا يومياً ثلاثة أفراد أمن ملثمين، اثنان يحملان المدافع الرشاشة، والثالث بحوزته دهان يضعه على أجسادنا المصابة تحت تهديد السلاح". بدوره، اعترف عضو مجموعة "6 إبريل" في جامعة الأزهر، المعتقل محمود فرحات، بتعذيبه في "ليمان 430" بسجن وادي النطرون باستخدام الكلاب البوليسية، قائلاً إنه "تم إرغامنا على الانبطاح على بطوننا وأيادينا مقيّدة للخلف، وتم إطلاق الكلاب البوليسية علينا لتنهش في أجسادنا". وبحسب شهادة فرحات، "لم يكتفِ الضباط بذلك، بل أغرقوا الزنازين والمعتقلين بالمياه وأحرقوا ملابسنا ومتعلقاتنا الشخصية بما فيها كتب الامتحانات". بدوره، هاجم عضو المكتب السياسي لحركة "شباب 6 إبريل جبهة أحمد ماهر"، محمد كمال، "المجلس القومي لحقوق الانسان الذي لم يستجب لمطالبهم بالتوجه إلى سجن وادي النطرون لإيقاف حفلات التعذيب التى ترتكب بحق المعتقلين بشكل عام، ومعتقلي الحركة بشكل خاص، وخصوصاً كريم طه وإمام فؤاد ومحمد شريف. واتهم كمال، في تصريحات ل"العربي الجديد"، المجلس "بالانحياز للسلطة الغاشمة والتستر على جرائمها، التي لن تسقط بالتقادم والتي تعتبر جرائم ضد الانسانية تستوجب محاكمة المسؤولين عنها والساكتين عليها أمام المحاكم الجنائية الدولية"، على حد تعبيره.