لما حطم سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام الأصنام الصغيرة التي يعبدها قومه ترك الصنم الكبير وقام بوضع القدوم في يد ذلك الصنم الكبير لعلهم يعتقدون أنه غار على نفسه من تلك الأصنام الصغيرة التي تُعبد معه ، ولما كان سيدنا إبراهيم قد قال { تاللّه لأكيدن أصنامكم} وسمعها منه بعضهم { قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم} فأتوا به على أعين الناس وسألوه : { قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم } فكان جوابه عليه الصلاة والسلام : { قال بل فعله كبيرهم هذا } أي يقصد الصنم الكبير الذي تركه ولم يحطمه ووضع في يده القدوم ، وكان مراد سيدنا إبراهيم أن يفهموا أنها مجرد أصنام لا تنفع ولا تضر وأن يعترفوا أن الأصنام لا تنطق ،فإذا بقومه يرجعون إلى أنفسهم بالملامة على ترك الأصنام دون حراسة ثم { ثم نكسوا على رءوسهم} أي أطرقوا في الأرض وأصابتهم حيرة سوء وقالوا له : { لقد علمت ما هؤلاء ينطقون} أي أقروا أن تلك الأصنام لا تنطق فكيف نسألها .! ولما اعترفوا وأقام عليهم الحجة قال لهم سيدنا إبراهيم { أفتعبدون من دون اللّه ما لا ينفعكم شيئاً ولا يضركم} ثم قال { أف لكم ولما تعبدون من دون اللّه أفلا تعقلون } فماذا كان جواب قومه رغم دحض حجتهم وبيان عجزهم وإندفاع باطلهم ووضوح الحق كالشمس في رابعة النهار .؟ قالوا { قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين } فجمعوا حطباً كثيراً حتى أن المرأة كانت تمرض فتنذر إن عوفيت أن تحمل حطباً لحريق سيدنا إبراهيم، ثم وضعوه في حفرة أضرموها ناراً يُقال أنه لم توقد نار مثلها من قبل . ثم ماذا .. إلى ماذا انتهوا ؟ { وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين}. فهل بعد ذلك تستغرب من ذاك المعدوم البائس الذي لا يستطيع ان يدخل دارا من دور القوات المسلحة فضلاً عن أن يستطيع أن يمر على قدميه من أمامها ورغم ذلك يؤيد وينتخب ثم يرقص فرحاً لمن يستعبده ويمص دمه، لماذا تستغرب من ذلك الذي لا يجد سريرا في مستشفى له ولابنائه بينما يهلل لمن اولادهم يتلقون أفضل الرعاية في كل المجالات ؟ لماذا تستغرب وكان قبلهم أقوام يعبدون الأصنام وإن يَرَوا كل اّية لا يؤمنون بها، دعك من استغرابك ولا تذهب نفسك عليهم حسرات واعلم أن الحق مُمتحن ثم منصور واحمد الله على نعمة الإيمان والعقل والكرامة