اعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن الرئيس المصري الجديد عبد الفتاح السيسي يبدو وكأنه يسير على خطى الديكتاتور البرتغالي السابق أنطونيو دي أوليفيرا سالازار الذي امتد حكمه للبرتغال لأكثر من أربعين عامًا. وقالت الصحيفة إن السيسي بدأ في الظهور على الساحة قبل نحو عام في صورة الرئيس المصري الراحل محمد نجيب الذي قاد زملاءه بالجيش للإطاحة بالنظام الملكي في عام 1952، لكنه بعد ذلك ناشد زملاءه العودة إلى الثكنات العسكرية حتى تعود مصر للديمقراطية. ولفتت إلى أن السيسي سرعان ما بدأ التحول عن شخصية نجيب، ليشبهه أنصاره المتحمسين بجمال عبد الناصر الذي عزل نجيب وبنى نظامًا اشتراكيًا طموحًا، وناطح بأنفه القوى العظمى في العالم، لكنه كان بالنسبة لمعارضيه نسخة جديدة من الرئيس المخلوع حسني مبارك، في بطئه واستبداده وعدم وضوح رؤيته. لكن الصحيفة قالت إنه بالنظر إلى تصريحات السيسي، يمكن الخلاص إلى أنه يسير على خطى سالازار الحاكم الاستبدادي الذي تمكن من الاستمرار في الحكم لأربعة عقود، لكنها تساءلت: هل سيتمكن السيسي من الاستمرار طويلاً؟
واعتبرت "نيويورك تايمز" أن مصر في ظل حكم السيسي يبدو وكأنها سيكون فيها تجاهل أو قمع للأحزاب السياسية الحقيقية، بينما سيفسح المجال للأحزاب الهزيلة كما توقعت الصحيفة أن يكون البرلمان في عهد السيسي منقسمًا بشكل كبير، وسيسيطر عليه المستقلون. وفي سياق آخر، أشارت الصحيفة إلى أن من أهم أسباب استمرارية سالازار في الحكم طوال هذه العقود، هو أنه كان له عدد من النجاحات على الصعيد الاقتصادي، لافتة في الوقت ذاته إلى أن السيسي لم يتضح بعد ما إذا كانت إدارته لاقتصاد البلاد في المرحلة القادمة ستعود عليه بنفس الفوائد التي جناها سالازار أم لا، كما أنه لم يتضح أيضًا ما إذا كان نظامه سيستقر سياسيًا أم لا. كما تساءلت الصحيفة: هل سيلتزم المصريون الصمت بعد أن اكتشفوا القوة السياسية لأصواتهم ويعودون للعمل كما يطالبهم السيسي؟ واختتمت بالقول إن الجهود لبناء نظام شبيه بنظام سالازار قد تنجح وقد لا تنجح، إلا أنه من المؤكد أنه ستترك أثرًا، ملقية الضوء على أن سالازار في النهاية، وبعد مرور نحو أربعة عقود على وفاته، صوت له البرتغاليون في عام 2007 كأعظم شخص في التاري جدير بالذكر أن سالازار شغل منصب رئيس الوزراء وديكتاتور البرتغال في الفترة من 1932 إلى 1968، وكان رئيس الجمهورية في عام 1951، بصفة مؤقتة، حيث أسس وقاد نوفو استادو "الدولة الجديدة" التي حكمت وسيطرت على البرتغال من 1932 حتى 1974. وأقام سالازار دولة عسكرية، فوضع النقابات تحت إدارة الحكومة، ومنع حرية الصحافة والحريات السياسية، وأقام الاقتصاد على قواعد محكمة، ولكنها كانت على حساب الأجور، ورفاهية كثير من المواطنين. وفي وسط الحرب العالمية الثانية، احتفظ سالازار بحياد البرتغال، فأصبحت العاصمة لشبونة حلقة الوصل بين الدول الحليفة ودول المحور، حيث كان عملاؤهم يعملون بحرّية تامة في أنحاء الدولة المختلفة، ومع ذلك استطاع أن يحافظ على علاقات البرتغال التقليدية بإنجلترا، ومنح الدول الحليفة قواعد جوية وبحرية في جزر الآزور، وهي مجموعة جزر برتغالية.
وتزايدت المعارضة السياسية ضده في البرتغال في أواخر الخمسينيات، ولفتت سياساته نحو أنجولا وموزمبيق، وبعض المستعمرات البرتغالية الأخرى في إفريقيا أنظار العالم في أواخر الستينيات، حيث عمل سالازار على الاحتفاظ بسيطرة البرتغال على هذه المستعمرات بالرغم من عدم موافقة الأممالمتحدة والأفارقة وفي عام 1968، بدأ سالازار يعاني من شلل في الدماغ عجز معه عن القيام بواجباته، وتم إبعاده عن الحكم بطريقة لم يكن يتوقعها، وتولى السلطة مكانه مارسيلو كايتانو، وتوفي سالازار بعد ذلك بسنتين.