حين زار الفيلسوف الفرنسي الذي رفض جائزة نوبل للأدب إحتجاجا على الأوضاع في العالم العربي جان بول سارتر مصر في سنة 1967 قال أنه حين زار مصر قبلة الشرق الثقافية حينذاك لم يجد مثقفين بالمعنى الحركي والعملي للكلمة؛ مثقف حقيقي متمرد على الأوضاع ،مثقف يقود حركة التغيير إلى الأحسن ويوقظ مجتمعه الراكد أو الخائف من المجهول ،مثقف لا يصفق دائما حتى تتولرم يداه، هذا المثقف الذي يشعل ضوءا في الغرف المظلمة حتى يرى الناس. هكذا كان انطباع سارتر عن مصر حين زارها في السيتينيات تلك الفترة التي كان بها زخم ثقافي كبير ما من شك ولكنه للأسف كان سطحيا لهذا لم يعجب الفيلسوف الفرنسي. فما بالك باليوم الآن وبمستوى الثقافة التي بالتأكيد تراجعت كثيرا عمّا كانت عليه بل وتلاشت فيها الرؤية نهائيا وأصبحنا في بحر الظلمات، ولكن دعاني سارتر إلى التفكير هل نحن بالفعل نمتلك مثقفين ؟ سؤال بالفعل يحتاج إلى إجابة مقنعة تحمل دلالة حقيقية غير مجازية ، وإذا كانوا موجودين فعلا فلماذا أصبحنا نعيش فترة تعتبر الأسوأ في تاريخنا جميعا! ،فترة أختلط فيها الحابل بالنابل والجاهل بالمتعلم بل وأصبح الجاهل هو من يمتلك أدوات التغيير المجتمعي ويقف المتعلمون خلفه، فترة تبحث بمنتهى الكد عن الخلاص وعن إجابات كثيرة ولكن للأسف لا مجيب ، سارتر ذهب إلى مصر وأكتشف الخلل ونحن ما زلنا نفتخر أننا كنا وأننا نمتلك ونمتلك وها هي النتيجة أمامنا اليوم، شعب يعاني من آلام مبرحة في وعيه الجمعي ،شعب متعب من أجواء الخوف والجهل التي يعيش فيها ويتنفس هواءها العليل،متى نستفيق ونعرف أننا نتجه إلى حيث النهاية الحزينة؟ هذه النهاية التي لا قيمة فيها إلا للعبث والتيه وضياع كل شيء جميل من أيدينا المرتعشة.