«يأتي حاملًا البهجة والأمل».. انتصار السيسي تهنئ الشعب المصري ب«شم النسيم»    جامعة أسيوط تنظيم أول مسابقة للتحكيم الصوري باللغة الإنجليزية على مستوى جامعات الصعيد (AUMT) 2024    «شعبة المستوردين»: مصر نجحت في كسب ثقة المؤسسات المالية العالمية    إزالة 164 إعلان مخالف وتقنين 58 آخرين في كفرالشيخ    توريد 58 ألفا و99 طن قمح إلى صوامع وشون القليوبية    «التنمية المحلية»: مبادرة «صوتك مسموع» تلقت 798 ألف شكوى منذ انطلاقها    رفع 980 طن مخلفات بحملات نظافة بالمراكز والقرى تزامنًا مع شم النسيم في أسيوط    الطن يسجل هذا الرقم.. سعر الحديد اليوم الاثنين 6-5-2024 في المصانع المحلية    بدء عملية التصويت بالانتخابات الرئاسية في تشاد.. مَن المرشحون؟    «أونروا»: سنحافظ على وجودنا في رفح الفلسطينية لأطول فترة ممكنة    بمناسبة عيد ميلاده.. كوريا الشمالية تدعم الزعيم كيم جونج أون بقسم الولاء    موعد مباراة باريس سان جيرمان وبوروسيا دورتموند في دوري أبطال أوروبا.. المعلق والقنوات الناقلة    ذكرى وفاة المايسترو.. صالح سليم الأب الروحي للقلعة الحمراء (فيديو)    «الرياضة» تستعد لإطلاق 7 معسكرات شبابية جديدة في مختلف أنحاء الجمهورية    تشغيل قطار شم النسيم من القاهرة إلى الإسكندرية اليوم.. اعرف طريقة الحجز    «الداخلية»: 4 متهمين وراء مقتل «مسن الوادي الجديد» بسبب خلافات مالية    «الداخلية»: ضبط قضايا اتجار في العملة ب13 مليون جنيه    إيرادات علي ربيع تتراجع في دور العرض.. تعرف على إيرادات فيلم ع الماشي    4 أفلام تحقق أكثر من 7.5 مليون جنيه في دور العرض خلال 24 ساعة    في ذكرى ميلادها.. محطات فنية بحياة ماجدة الصباحي (فيديو)    رانيا محمود ياسين تعلن وفاة عمها الإعلامي فاروق ياسين    وسيم السيسي: قصة انشقاق البحر الأحمر المنسوبة لسيدنا موسى غير صحيحة    استشاري تغذية توجّه نصائح لتفادي خطر الأسماك المملحة    في شم النسيم.. هيئة الدواء توجه 7 نصائح ضرورية عند تناول الفسيخ والرنجة    قبل أولمبياد باريس.. زياد السيسي يتوج بذهبية الجائزة الكبرى ل السلاح    التعليم العالي: تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس    سام مرسي يتحدث عن.. عودته للمنتخب.. تأثير صلاح.. ورسائل الشعب الفلسطيني    بالفيديو.. مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية: شم النسيم عيد مصري بعادات وتقاليد متوارثة منذ آلاف السنين    التعليم تختتم بطولة الجمهورية للمدارس للألعاب الجماعية    الاتحاد الأوروبي يعتزم إنهاء إجراءاته ضد بولندا منذ عام 2017    «المستشفيات التعليمية» تناقش أحدث أساليب زراعة الكلى بالمؤتمر السنوى لمعهد الكلى    استشاري تغذية ينصح بتناول الفسيخ والرنجة لهذه الأسباب    موعد عيد الأضحى لعام 2024: تحديدات الفلك والأهمية الدينية    إصابة أب ونجله في مشاجرة بالشرقية    فنان العرب في أزمة.. قصة إصابة محمد عبده بمرض السرطان وتلقيه العلاج بفرنسا    لاعب نهضة بركان: حظوظنا متساوية مع الزمالك.. ولا يجب الاستهانة به    مقتل 6 أشخاص في هجوم بطائرة مسيرة أوكرانية على منطقة بيلجورود الروسية    إزالة 9 حالات تعد على الأراضي الزراعية بمركز سمسطا في بني سويف    فشل في حمايتنا.. متظاهر يطالب باستقالة نتنياهو خلال مراسم إكليل المحرقة| فيديو    تعرف على أسعار البيض اليوم الاثنين بشم النسيم (موقع رسمي)    ولو بكلمة أو نظرة.. الإفتاء: السخرية من الغير والإيذاء محرّم شرعًا    إصابة 7 أشخاص في تصادم سيارتين بأسيوط    أول تعليق من الأزهر على تشكيل مؤسسة تكوين الفكر العربي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-5-2024    قصر في الجنة لمن واظب على النوافل.. اعرف شروط الحصول على هذا الجزاء العظيم    هل يجوز قراءة القرآن وترديد الأذكار وأنا نائم أو متكئ    طقس إيداع الخميرة المقدسة للميرون الجديد بدير الأنبا بيشوي |صور    الدخول ب5 جنيه.. استعدادات حديقة الأسماك لاستقبال المواطنين في يوم شم النسيم    مفاضلة بين زيزو وعاشور وعبد المنعم.. من ينضم في القائمة النهائية للأولمبياد من الثلاثي؟    كولر يضع اللمسات النهائية على خطة مواجهة الاتحاد السكندرى    دقة 50 ميجابيكسل.. فيفو تطلق هاتفها الذكي iQOO Z9 Turbo الجديد    وزيرة الهجرة: نستعد لإطلاق صندوق الطوارئ للمصريين بالخارج    مع قرب اجتياحها.. الاحتلال الإسرائيلي ينشر خريطة إخلاء أحياء رفح    البحوث الفلكية تكشف موعد غرة شهر ذي القعدة    طبيب يكشف عن العادات الضارة أثناء الاحتفال بشم النسيم    تعاون مثمر في مجال المياه الإثنين بين مصر والسودان    استشهاد طفلان وسيدتان جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلًا في حي الجنينة شرق رفح    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في اصدار جديد للمجلس الأعلى للثقافة عن سارتر
نشر في نقطة ضوء يوم 13 - 01 - 2012

اصدر المجلس الاعلى للثقافة كتابا هو مجموع الابحاث التي القيت في الجلسة النقدية الموسعة التي اقامها المجلس تحت عنوان جان بول سارتر .. رؤى وقرارت، بمناسبة مرور مئة عام على مولد سارتر. وقد ضم الكتاب معظم الابحاث المشاركة لباحثين عرب واجانب بينهم بونو ادوني، حمادي بن جارالله، اور مغيث، صبري حافظ، سامية عبد الرحمن، حسن يوسف، منى طلبة، محمد الجمل، ادوارد الخراط، ماهر شفيق فريد، نفيسة شاش، عبد الحي الديوري، محمد علي الكردي، حسن طلب، هاني دانيال، عبد الحي ازرقان، الزواوي بغورة، ابراهيم فتحي، محمد برادة، عبد السلام بنعبد العالي. وكان المؤتمر قد شهد العديد من الاوراق البحثية التي حملت عناوين لافتة تدور حول المشروع الكبير الذي قدمه سارتر. وسنحاول هنا التوقف امام بعض الاوراق التي شهدتها الندوة والتي ضمها الكتاب في ما بعد.
من بين الاوراق، البحث المقدم من الناقد ابراهيم فتحي تحت عنوان مغامرة الذات الفردية مع البنية التاريخية في مسار سارتر ويتناول فيه موضوع الذات الانسانية في هويتها الشخصية الباطنية باعتبارها نقطة البدء في كتابات سارتر الفلسفية، ولذلك فهو يراها المرجع الاصلي للحركات والاحداث التاريخية والاجتماعية الاكثر شمولا. ويقول انه في كتابه الوجود والعدم 1943، يقدم تساؤلات عن تفسير الماركسية الستالينية التي تخضع دور الفرد لقوى خارجية من قبيل علاقات الانتاج او صراع الطبقات وتظل الذات حية فاعلة والقوى ميتة خامدة، ويضيف ان سارتر يكرر كثيرا، في فترة امتدت من الوجود والعدم الى الوجودية فلسفة انسانية 1945، أن الذات الفردية مركز للوجود في العالم يجعل الاشياء تحدث، كما انها اولية موحدة رغم الشقاق. وفي الوجود والعدم يرسم صورة فردية اساسية للوجود الانساني، او الوجود لذاته من جانب آخر.
ويقول ابراهيم فتحي ان سارتر في نقد العقل الجدلي 1960، يتبنى مدخلا شبه جمعي للتاريخ والسياسة يقع في 600 صفحة، قدم فيه متاهة من المداخلات بين الممارسة الفردية والصيرورة الاجتماعية، أي بين الافراد والمجموعات. وينتهي ابراهيم فتحي بعد استعراض الانتقالات الفكرية لسارتر الى انه في السنوات الاخيرة ومع استمرار الحرب الباردة وجمود اليسار الفرنسي وحركة الطلبة والعمال عام 1968، استنكر الشيوعية المؤسسية ورفضها، ووقف مؤقتا مع حركات اليسار الجديد، ولكن ابراهيم فتحي يعود ليؤكد ان لقاءات سارتر مع مجلات مثل النضال المستمر الايطالية عام 1977، ونوفيل اوبزرفاتير الفرنسية 1980، تؤكد تغيير اتجاهه في سنواته الاخيرة باعلانه تخليه المصرح به عن الماركسية باسم فوضوية جديدة راديكالية.
اما الورقة المقدمة من الروائي والناقد ادوارد الخراط فقد جاءت تحت عنوان سارتر من العبث الى الالتزام يبدأها بقوله، العمل هو رد سارتر عن العبث، فليس العبث مفضيا عنده الى الشكل، والقعود عن العمل، وهو يؤكد انه لا يدعو الى فلسفة هدوء واستكانة، وهو ينكر في عنف كل اتجاه الى الاستسلام او التسليم، وهو في ذلك انما يعود الى قضية اساسية من قضايا الوجودية.
ويختتم الخراط ورقته بالقول ان الاختيار مسؤولية بالقطع، وانا اذ اختار نفسي عند سارتر - فانما اشرع للانسانية جمعاء، فاختياري اذا يقع في داخل الناس، وهو يقع لهم، وبارادتهم، وليس ابعد عن الوجودية من الفردية المطلقة، وان كانت الوجودية تبرز ما يسميه سارتر بكرامة الانسان لانها تعيد له حقه المطلق في الاختيار ما دام ملتزما، ذلك الاخلاص الكلي وذلك الوضوح الكلي، ما دام ملتزما حسن النية من دون اجبار يأتيه من عل ومن دون تقييد. ويختتم ادوارد كلامه بالقول: البؤرة التي توجد فيها فكرة الالتزام عند سارتر على ما قد يبدو في ذلك من غرابة هي الحرية.
اما الورقة المقدمة من الزواوي بغورة فقد جاءت تحت عنوان اللغة والوجود والحرية .. قراءة في المسار الفلسفي لجان بول سارتر. ويبدأ بغورة من قول سارتر عن موقفه من اللغة منزلتنا من اللغة كمنزلتنا من جسدنا: نشعر بها ذاتا على حين نتجاوزها الى ما ورائها وغايات اخرى، على نحو ما نشعر بأيدينا واقدامنا وندرك اللغة حين يستخدمها متكلم آخر.
هنالك كلمة يحياها المرء وكلمة اخرى يصادفها، وفي الحالين رهن بمشروع اقوم به قولا، بغية التأثير في الاخرين او يقوم به الاخرون بغية التأثير فيّ، فالكلام لحظة خاصة من لحظات العمل، ولا معنى له خارج ذلك النطاق...
ويرى بغورة ان هذا الموقف يحتاج الى بحث لم يقف امامه الدارسون الا لماما حسب تعبيره، ليس باعتبار سارتر ينتمي الى فلاسفة اللغة أو الى التحليل اللغوي او من مؤسس فلسفة اللغة، ولكن باعتبار ان للغة مكانة مهمة في تفكيره الفلسفي، وان هذه المكانة لا يمكن دراستها بمعزل عما اسسه الفيلسوف على صعيد الوجود والحرية، وان تأسيس الفلسفة الوجودية لا يتأتى من دون موقف فلسفي من اللغة، ومن هنا حسب بغورة، يأتي تشابك وتداخل العلاقة بين اللغة والوجود والحرية، وهو ما تعكسه اثار الفيلسوف المختلفة.
ويتناول بغورة في بحثه على هذه المرجعية محاور اللغة والوجود، بين الوجود والحرية، بين الحرية والتحرر.
اما الورقة المقدمة من العفيف الاخضر فقد جاءت تحت عنوان سارتر من الذين علموني، يبدأها بقوله، لن اخوض في فلسفة سارتر الوجودية لأن خطابي عنها تكون له شرعية اهل الاختصاص، حسبي تقديم شهادة عن تأثير سارتر في، بل ربما كان بين اوائل من علموني ابجدية التفكير الحديث، أنا الآتي من ثقافة تقليدية تعد النقل مرجعها الاعلى وتعد العقل رأس الشرور.
ويضيف الاخضر: كان عمري 15 سنة عندما قرأت اول كتاب لسارتر، التقيت خلال الاجازة الصيفية، في قريتنا باحد زملائي في المدرسة، اعارني كتابا كان يحمله وقال لي، انه لم يفهمه. عنوان الكتاب كان البغي الفاضلة ، لم يسبق لي ان قرأت مسرحية، بل لم اسمع بهذه الكلمة
اعتقدت وانا اقرأها انها تروي احداثا وقعت فعلا. فلم اكن قد قرأت شيئا عن دور الخيال والتخييل في الكتابة الادبية، وعندما اعدت المسرحية لزميلي في الموعد التالي لسوق القرية حاولت افهامه ان مغزاها هو ان امريكا سجن عنصري للسود الذين لا حليف لهم الا البغايا الفاضلات. ويضيف العفيف الاخضر: بدا لي انه اقتنع بفهمي السابق لمسرحية سارتر.
وبعد حوالي اربع سنوات من قراءة البغي الفاضلة تعرفت على الوجودية خاصة من خلال ما كانت تنشره دار الآداب ومجلة الآداب البيروتية . وهكذا بدأت اتأثر بوجودية سارتر، ومن خلالها اكتشفت ان الحياة كواقعة بيولوجية تفتقد المعنى الحي، الفرد البشري هو الذي يعطيها المعنى هنا والان. وحياة بلا معنى غير جديرة بأن تعاش. ويقول الاخضر، ماتيو بطل دروب الحرية يقول لا يكون الانسان انسانا ما لم يعثر على شيء يقبل ان يموت من اجله، او يحيا من اجله. واعطاء الفرد لحياته معنى لم اتعلمه الا من سارتر، وهي الفكرة التي سكنتني ولا تزال، ووجهت مسيرتي شابا وشيخا، وكم كانت تسحرني كلمة سارتر حتى تعرف قيمة حياتك عرضها للخطر بين حين وحين.
ويقول العفيف: تعلمت من سارتر ان لا اخاف من قراءة ماركس الذي كان الاقتراب منه في ذروة الهذيان القومي العربي خطيئة مميتة.
ويضيف انه مدين لسارتر بمفهوم المثقف، بما هو منخرط في صراعات عصره للدفاع عن مصالح المحرومين من حقوقهم الانسانية والمدنية والاجتماعية الاقتصادية والثقافية والنساء، غير المسلمين والفقراء والعمال . لكن من الديماغوجية السارترية الدفاع غير المشروط عن مصالح المحرومين، وهو في نظري لا يغني عن اضافة المصالح الحقيقية كما يفهمها المثقف الذي يجازف بحريته او حياته دفاعا عنها.
ويضيف العفيف: ان الدفاع عن المحرومين لا يعني التطابق مع درجة وعيهم الراهن، الذي هو غالبا مغترب سادي مازوخي، خاصة في مجتمعاتنا التقليدية التي يسودها العنف الرمزي، أي استبطان شرائح اجتماعية بكاملها لأفكار جلاديها.
اما الدكتور حسن طلب فقدم ورقة تحت عنوان سارتر الظاهرة الجمالية من منطلق فينومينولوجي وحسبما يقول طلب فان بحثه يطمح الى معالجة الاساس الفينومينولوجي الذي انطلق منه سارتر في رؤيته للظاهرة الجمالية، سواء على نحو ما بدت تلك المعالجة في عمله المهم الخيالي الى جانب كونه تمهيدا او مدخلا اساسيا لدراسات سارتر الانطولوجية اللاحقة على المستوى الفلسفي النظري، ولتأملاته وتحليلاته المتنوعة حول قضايا الفن المعاصر على المستوى التطبيقي.
ويضيف حسن طلب قائلا: ان الدراسات والمقالات الكثيرة التي كتبها سارتر حول بعض الاعمال الادبية والفنية، يمكن ان تمتحن في هذا السياق على ضوء رؤيته الفينومينولوجية للظاهرة الجمالية .
اما الباحثة زينات احمد عبد الفتاح شمس فقدمت ورقة بعنوان اللحظات الاخيرة.. مفهوم المقاومة في مسرحيات سارتر وردبلس وعلي سالم ، وتشير الى انها تهدف بدراستها المقارنة بين ثلاثة كتاب معاصرين ينتمون الى ثلاث ثقافات مختلفة، الى مقارنة مفهوم المقاومة وردود الافعال المختلفة للمقاومين عند مواجهة الموت، وذلك في الاعمال المسرحية: موتى بلا قبور لسارتر، ومونسرات لعمانوئيل ردبلس الجزائري المولد الفرنسي الثقافة، وتقول زينات ان الدراسة تقوم على محورين..
الاول: هو ابراز الصراع الداخلي الذي يمزق المناضلين، وهم على وشك ان يلقوا حتفهم، حيث تعتبر اللحظات الاخيرة في حياة المقاومين حجر المحك الذي يظهر الفرق بين المناضل الحقيقي والمقاوم الذي لا يستطيع الصمود للنهاية، فتلك الاعمال المسرحية الثلاثة تقوم على وضع ابطال المقاومة في موقف اختبار صعب، حيث يكون عليهم الاختيار بين التضحية بحياتهم والتخلي عن مبادئهم. فتكون تلك الاوقات العصيبة تتويجا لانتصار المقاوم الحقيقي، حتى لو كان ثمن الانتصار هو حياته نفسها، اما بالنسبة لمن يرتد عن موقفه فان القناع يسقط عنه في لحظة صدق مع النفس قبل ان يلقى حتفه مهزوما منخذلا ويكون رد فعل شخصيات المسرحية في هذا الموقف الصعب مرتبطا ارتباطا وثيقا بنظرتهم للموت خاصة وللايمان بالله عامة. وتضيف زينات: هنا يظهر الفرق الشاسع بين فلسفة سارتر بشقها الالحادي واثرها على ابطال مسرحيته الذين يعانون من فراغ نفسي شديد، وبين النظرة المتزنة للدين عند ردبلس وعلي سالم، تلك النظرة التي تجعل شخصياتهم تتمسك بالامل حتى في احلك الظروف.
اما الباحثة صفاء عبد السلام فقدمت ورقة بعنوان موت الامكانية وامكانية الموت دراسة مقارنة في انطولوجيا الموت بين سارتر وهايدجر .
تقول صفاء عبد السلام ان التفسير الانطولوجي لظاهرة الموت عند سارتر يختلف عن مثيله عند اهم فلاسفة الوجود الالمان مارتن هايدجر اختلافا شاسعا، وينصب هذا الاختلاف بصورة اساسية حول مفهوم امكانية الموت بحيث يتحول هذا المفهوم الى نوع من الموت للانطولوجيا عند سارتر، حيث يرى ان الموت هو تلاش لجميع امكانيات الوعي، بينما يتحول هذا المفهوم عند هايدجر الى انطولوجيا عن الموت، حيث يرى ان الوجود للموت امكانية تخص الموجود الانساني او هو وجود للامكانية.
وتضيف صفاء عبد السلام قائلة: ان سارتر يرى ان الموت لا يمكن ان تكون له امكانيته الخاصة ولا يمكن ان يكون واحدا من امكانياتي لأن الموت يعني الشروع في استحالة كل مشروع بما في ذلك نفس الشروع نحو الموت، فهو تلاش لجميع امكانيات الوعي، وهو بذلك شيء سلبي منتفي المعنى.
اما ورقة الباحث عبدالحي الديوري فكانت بعنوان سارترعلى مشارف ما بعد الحداثة.
ويقول الباحث ان بعض المتخصصين يرى في تطور فكر سارتر انه وضع الانظومات النظرية الواحدة تلو الاخرى بدون ان يضع لها خلاصات، في حين كان يعد القارئ بها في اعمال لاحقة لم تأت ابدا، هذا فضلا عن كون معظم لاحقات هذه الانظومات تناقض سابقاتها وكأنها مشدودة كلها تحت طموح جامح الى عقلنة المتجدد والمتغير بعد الحرب العالمية الثانية في حقول الفكر والثقافة والسياسة وضبطها في انظومة الكلي الثابت، على غرار الكلي الذي ركد وراءه امثال بريك، ولهثوا في تلك الحقبة لكن بدون جدوى.
اما الدكتور عبد السلام بنعبد العالي فقدم ورقة تحت عنوان نحن وسارتر ويبدأها بالقول: ان لم يكن لسارتر مفعول على تكويننا الفلسفي، فقد كان له اكبر الاثر على مفهومنا عن الفلسفة وممارستنا لها. فمعه ادركنا ان الفلسفة ليست بالضرورة تاريخا للفلسفة، وانها ليست بالاولى عملا اكاديميا، ومعرفة فلسفية، وان فضاءاتها ليست بالضرورة هي رحاب الجامعة.
ويضيف بنعبد العالي: لقد امدنا سارتر بمفهوم جديد عن الفلسفة، وساهم في بلورة رؤية مغايرة الى المثقف والتزامه، وابرز لنا ما ينطوي عليه الادب من طاقة، وما تتمخض عنه الكتابة من بعد سياسي، ويقول مردفا: صحيح انه حال بيننا وبين مفاتيح الحداثة الفكرية، وجعلنا نجهل ما كان يجهله، ولا نهتم بما لم يكن ليهتم به، ولا نعرف الا ما كان يعرفه، وصحيح انه لم يفتح اعيننا على الحداثة الفكرية الا انه رغم ذلك قد حال بيننا وبين التقليد، وصاننا ضد التوتالتيارية الفكرية، وعقمنا ضد كل ماركسية وثوقية، فمكننا من ان نزاوج بين الضرورة والحرية، بين الالتزام والابداع، بين لا معقولية وضرورة العمل، بين عبث الوجود والمسؤولية الاخلاقية وبين قوة الاشياء وقوة الكلمات فمكن جيل القدر والمهزومين من البحث عن مخرج من ورطة التاريخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.