تبقى في حياة الأمم لحظات من التشتت لا تعرف فيها إلى أين تتجه؟ أو إلى أين المسير؟ ، هذه الفترة عادة ما تكون بعد لحظات الإستفاقة الثورية بالمستحقات الشعبية وقبيل إرهاصات الثورة الحقيقة ، هذه اللحظات التي يبدأ فيها الوطن بالتعرض لشمس الحقيقة ومعرفة إلى أين وصل ومن هو المجرم الحقيقي والحاجز الكئود أمام تحقيق أحلامه، ، الآن نحن في هذه اللحظة ، وهذا التشتت والتيه طبيعي جدا أن يحدث ولكن إلى متى سيستمر ؟وإلى أين سيأخذنا ؟ هذا هو السؤال الذي نبحث عن إجابة له هذه الأيام ، قرأت قديما أن الشعوب حين تعرف حقها فإنها لا تتنازل عنه إلا بالدم ،لأن من ذاق عرف فيا ترى هل عرفت الشعوب الآن حقوقها أم أن كثرة الضباب الذي يلف المشهد الآن يجعلها لا تدرك حجم المشكلة وأبعادها الحقيقية ،ضف إلى ذلك أن النخبة في أي وطن يجعلها تلعب دورا مما لا شك فيه يؤدي إلى تقصير هذه الفترات أوتقريب لحظة الإقتناص الثوري من ضرب كل مخططات قوى الرجعية التي كلما شعرت بإستفاقة الشعب قامت بتخديره مرة أخرى بتفاصيل غثه لا قيمة لها حتى لا يسلبها من مكتساباتها التي تستميت في الحفاظ عليها، حين قامت الثورة في الهند مثلا طرحت النخبة عدد كبير من الأسئلة ، وهي كيف سيكون شكل الهند في المستقبل ؟، رأى الزعيم غاندي حينذاك أن نبدأ بالقرى نمحو ما بها من فقر وجهل ونتجه تباعا إلى المدن ورأى تلميذه النجيب جواهر لال نهرو والذي أصبح فيما بعد أول رئيس لوزراء الهند بعد الإستقلال أن البداية من المدن مرور بالقرى أي من المعقد إلى البسيط وليس العكس ثم ثبت مع الأيام أن فكرة غاندي هي التي كانت صحيحة وكانت هي البداية الصحيحة، هكذا كانت النحبة تفكر بالهند صادقة في منطلقاتها الوطنية وأسئلتها التي كانت في صميم الوطن وحريصة على تحقيق تنمية حقيقية لهذا بقيت في خلال عشرات السنوات فقط ما نراه اليوم أمامنا أما الشعوب الأخرى فكانت تثير دائما أسئلة بيزنطية لا إجابات لها سوى العودة عصور ضوئية إلى الوراء ، إلى حيث اللا وطن .