"إنها سيرة امرأة انتخبت علي أساس أنها أهم امرأة ظهرت في القرن العشرين، إنها امرأة دفعت دفعاً إلي ساحة المعترك السياسي من قبل الرجل، ثم أفسدت من قبل السلطة، ثم قتلت من قبل أولئك الذين ينبغي أن تثق بهم أكثر من غيرهم: حرسها الشخصي بالذات". هكذا تؤرخ الكتب عن قصة حياة المرأة التي لقبوها بالحديدية، رئيسة وزراء الهند "أنديرا غاندي". ولدت "أنديرا غاندي" لأسرة تمارس العمل السياسي منذ زمن بعيد، فوالدها الزعيم "جواهر لال نهرو"، كان يُعتبر بمثابة الأب الروحي للنضال في الهند ضد الاحتلال ورئيس الوزراء المفضل لدي شعبه. اعتقد" نهرو" أن ابنته جاءت لتكون وريثة قصة نضاله الطويلة، ودفع بها من اللحظة الأولى للعمل بالسياسة وما يخدم مصلحة الوطن، وعلى الرغم من أن الجميع كان ينتظر منه أن ينجب ولد ليرث عنه حمله الثقيل، إلا أنه جلب فتاة في زمن الصراعات والعواصف، كما قال فيما بعد. أراد الأب لأبنته أفضل تعليم ممكن، ولأنه لم يكن يعترف بالجامعات الهندية فقد أراد إرسالها للجامعات البريطانية، ولكن قبل ذلك فقد التحقت بجامعة الشاعر الهندي المعروف والمحبوب "طاغور"، وقد قالت أنها أكثر الجامعات التي أثرت فيها من دون كل الجامعات الدولية التي زارتها. تزوجت "أنديرا" من "فيروز غاندي" الذي تعرفت عليه أثناء دراستها في إنجلترا، على الرغم من رفض الأب، لكنها فقدته بعد عدة سنوات. كان حزن المرأة الحديدية حقيقيا وقويا عندما فقدت الأب والزعيم " جواهر لال نهرو" وشعرت أنها يتيمة بالفعل، عرض عليها رجال القانون والمقربون منها أن تترشح لتملئ مكان والدها المحبوب في رئاسة الوزراء، لكنها رفضت مؤكدة أنها لا تملك الخبرة الكافية، ثم استجابت وقامت بترشيح نفسها بعد ذلك بعامين، وحصلت على المنصب لأربعة جولات انتخابية متتالية. على الرغم من حب وتمسك الشعب الهندي برئيسة وزرائه، إلا أنها كانت تلاقي معارضة من قبل البعض، خاصة من الأقاليم والمدن البعيدة عن العاصمة الهندية، كذلك بعض الطوائف مثل طائفة "السيخ" التي شعرت بالاضطهاد. وقد نظم السيخ اعتصاما كبيرا في معبدهم ترأسه زعيم الطائفة، لكن "أنديرا" أمرت بفضه بالقوة، الأمر الذي أدي لمقتل عدد كبير ممن ينتمون إلى هذه الطائفة بالإضافة إلى رئيسهم..، وكانت هذه البداية. فقد أعُلنت الاحتجاجات من قِبل المنتمين لهذه الجماعة ومؤيديها لمناهضة المرأة الحديدية، مُعللين أسباب رفضهم لها بأن السلطة قد أفسدتها، واستندوا في اتهامهم على أنها قد أمرت بعمل جنازة مهيبة وعسكرية لزوجها وابنها الأكبر الذي توفي لاحقاً على نفقة الدولة، مما جعل البعض يفكر في أنها تستخدم أموال البسطاء لمصالحها الشخصية. حاول الجميع بعد ذلك أن يقنع "أنديرا" أن تُزيد من حرسها وتتخذهم من الجيش، بدلا من قوات الشرطة، مستبعدة أي عناصر منتمية لطائفة السيخ، لكنها رفضت ذلك، مؤكدة أنها جاءت نتيجة انتخابات نزيهة ومستقلة، وليست ديكتاتورة ظالمة لشعبها، وأن جميع من يعمل معها يحبها. هذا هو الخطأ الذي ارتكبته رئيسة الوزراء الهندية، فولا عدم استماعها لمن حولها من النصحاء، لما قام اثنين من حراسها الشخصيين والمنتمين لطائفة "السيخ" بتفريغ أسلحتهم فيها، انتقاما منها على اضطهادها لطائفتهم كما كانوا يعتقدون. على الرغم من اغتيال "أنديرا غاندي" بهذه الطريقة والجدل الذي أثارته بين بعض الأشخاص بالهند، إلا أنها اكتسبت حب واحترام الغالبية، وأقامت علاقات دولية وقادت جيشها في الوقت الذي تطلب الأمر منها هذا، ووصلت إلى منزلة لم تصلها من قبل امرأة هندية.