تداولت الدوائر الأطلسية فى بروكسل معلومات مصنفة حول تغيير في سلوك المسئولين العسكريين الأميركيين حيال حكومة نوري المالكي ، وأنهم باتوا يؤيدون أفكاراً لدعم انقلاب عسكري ضده، ووفق معلومات هذه الدوائر، فإن القادة الأميركيين باتوا ينظرون بقلق إلى الموقف المزدوج الذي يتخذه المالكي من بقاء القوات الأميركية في العراق، وجوهر الاتفاقية الأمنية التي ستوقع بين البلدين. وحسب التحليل الأميركى ، فإن المالكى يتعامل بوجهين، الوجه الأول مع الأميركيين بتأكيد حرصه على التحالف الاستراتيجى مع واشنطن، والثانى مع العراقيين ومع الجوار الإيرانى، بدعوته إلى جدولة الانسحاب الأميركي من العراق، وذلك لأغراض انتخابية لاكتساب دعم شعبي في انتخابات مجالس المحافظات والانتخابات العامة المقبلة. انقلاب (فيتنامى) وترى مصادر أميركية أن المالكي وتحالفه الحاكم، باتوا يشعرون بثقة كبيرة في قوتهم، ولكن هذه القوة مستمدة من إنجازات الجيش العراقي في الجنوب والوسط والشمال، من خلال عملياته الناجحة ضد الميليشيات والحركات المتطرفة، وليس من أداء الحكومة الذي يتسم بالضعف والفشل والفساد، ولا تستبعد أوساط سياسية فى واشنطن التهديد بسيناريو لا ينهى حكومة (المالكى) بل الأحزاب الرئيسية التي يقود سلطتها، عبر انقلاب شبيه بآخر سبق أن رعته واشنطن فى فيتنام الجنوبية زمن الحرب ضد فيتنام الشمالية، ويطرح السيناريو أيضا تخوفات من ألا تكون مطالبة (المالكى) بجدولة الانسحاب مرتبطة بمناخ الانتخابات، ويعنى هذا أن إصراره على إنهاء الوجود الأميركى واستقلال البلاد وسيادتها، سيحوله إلى بطل وطنى يمكن أن تلتف حوله قوى كثيرة. ويرى البعض أن استخدام (المالكى) لمفردة الجلاء الشهر الماضي في دولة الإمارات العربية في معرض حديثه عن جدولة الانسحاب كان متعمداً وأنه كان يعنى خروجا كاملاً للقوات الأميركية من العراق، وأنه شدد على موفق الربيعى مستشار الأمن القومى إعادة استخدام هذه المفردة مرة أخرى فى تصريحاته للتأكيد عليها. من جانبهم السياسيون العراقيون أدلوا بدلوهم حول التصريحات التي أدلى بها رئيس الحكومة في الإمارات، وأشار نصير العاني رئيس ديوان رئاسة الجمهورية إلى أن تصريحات رئيس الحكومة لا تهدد بقاء حكومته لأنها جاءت معبرة عن آراء الكتل السياسية والشارع العراقى، أى أنه لم يكن موقفا فرديا منه بقدر ما كانت تصريحات مسؤولة بصفته قائداً للقوات المسلحة. ردود فعل في بغداد والواقع، أن السيناريو الأميركي للانقلاب على المالكي ، وصل إلى علم القيادات العراقية، وقال مصدر في بغداد: إن المالكي يحظى بدعم مختلف القوى السياسية وليست هناك بوادر انقلاب ضده، وهو ليس متشبثاً بالحكومة مما يستدعى حياكة انقلابات ضده فى الخفاء، كما أنه يلقى قبولا جماهيريا محليا وانفتاحاً عربيا جيداً، مبينا أن الحكومة ستكون أكثر صلابة بعودة جبهة التوافق إلى التشكيلة الحكومية، لافتاً إلى أن مصير الحكومة العراقية أصبح بأيدى العراقيين من خلال التصويت الانتخابى والممارسة الديمقراطية وهذا ما شدد عليه مصدر آخر قال: إن واشنطن أصلا تخلت عن عقد اتفاقية عسكرية واستبدلتها بفكرة بروتوكول أمنى يلحق باتفاقية الإطار الاستراتيجى بديلا عنها، وأضاف: إن المفاوضات مازالت مستمرة مع الجانب الأميركى، وإن التوجه الحالى هو التوصل إلى مذكرة تفاهم، إما لجلاء قواته، أو مذكرة تفاهم لجدولة انسحابها، وبين أن أميركا تتحدث عن أفق زمنى لانسحاب هذه القوات خلال خمس سنوات من تاريخ توقيع الاتفاقية، ويرى أن الأفق الزمنى الذى يطرحه العراق من 2 إلى 3 سنوات كحد أقصى، وأكد أن تسلم الملف الأمنى فى محافظات البلاد جميعا سيتم نهاية العام الحالى، وسيكون هناك انسحاب جميع قوات الاحتلال خارج المدن منتصف العام ،2009 ومع نهاية العام 2010 ستكون جميع تلك القوات منسحبة باستثناء الغطاء الجوى الذى ستؤمنه تلك القوات للعراق، حيث سيكون بإمكان القوات العراقية عام 2011 السيطرة حتى على الأجواء، وبشأن اتفاقية الإطار الاستراتيجى، وما إذا كان سيتم توقيعها بمعزل عن الاتفاقية الأمنية، قال المصدر: على الرغم من عدم وجود مشاكل حول اتفاقية الإطار، وقد أنجز الكثير منها، إلا أن الحكومة لا تريد التوقيع عليها بمعزل عن تحديد وضع القوات الأميركية، مؤكداً أن اتفاقية الإطار تلزم إخراج العراق من البند السابع وحماية أموال العراق، فضلا عن الالتزام بالديمقراطية واحترام الدستور والاقتصاد العراقى، فضلا عن إيجاد حلول لمشكلة الدائنين للعراق. لكن ردود الفعل فى بغداد، تشير إلى أنه لا دخان بلا نار، وأن المخاوف من انقلاب عسكرى ليست مجرد أوهام، ولذلك فإن المراقبين فى بروكسل يتوقعون فعلاً انقلاباً على الطريقة الفيتنامية. اتصالات مع قيادات عسكرية وفى المعلومات التى تم تداولها فى الدوائر الأطلسية فى بروكسل ، أن هناك اتصالات أميركية فعلية قائمة مع قادة فى الجيش العراقي ، وأن اجتماعات دورية عقدت بين عسكريين أميركيين وعراقيين، مضمونها العام، هو انتقاد أداء حكومة المالكى ، وأن سوء إدارتها للبلاد بحيث باتت توصف بحكومة المنطقة الخضراء فقط، وفشلها فى حل مشاكل العراقيين المستعصية فى جميع المجالات الخدمية والمعيشية والأمنية، باتت تلقى بظلالها على الجيش الوليد، وأن هذه الحكومة العرجاء باتت تعتمد على إنجازات الجيش لتغطية فشلها. وحسب المصادر، فإن الجيش العراقي الذي شن عمليات نوعية ناجحة فى الشمال والوسط الجنوبى ، وضد الخارجين عن القانون من مختلف المذاهب أثبت أنه بات قادراً على حفظ الأمن فى البلاد، كما أثبت أنه جيش وطني وليس جيشاً طائفياً، ولذلك فإنه لا يجوز لحكومة عاجزة أن تبدد هذه الإنجازات، ومن الأفضل أن يتولى الجيش الحكم بنفسه ليقود عملية البناء والاستقرار، حيث أنه يملك مقومات النجاح، خاصة أن الولاياتالمتحدة ستواصل دعمه وإمداده بما يلزم للقيام بمهامه . وتقول المصادر إن القيادة العسكرية العراقية العليا تصغي إلى هذه النصائح، خاصة أن تاريخ الجيش العراقي منذ تأسيسه فى العام ،1921 يشير إلى أن هذا الجيش لعب فى مختلف المراحل دوراً وطنياً داخلياً، بخلاف حماية حدود البلاد. ولهذا فإن السؤال المطروح فى بغداد حاليا هو: من سيخرج من العراق أولا: المالكى أم الجيش الأميركى؟