«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف يشتري مال القمار الصهيوني البيت الأبيض؟
نشر في الشعب يوم 06 - 04 - 2014

المحكمة العليا الأميركية تصدر قراراً قضائياً يرفع فيه كافة القيود الموضوعة على حجم التبرعات الفردية المسموح بها لأي مرشح لمنصب سياسي، بما يسمح للأثرياء بالتبرع بمبالغ ضخمة غير مسبوقة. في هذا السياق تبرز أسماء شخصيات يهودية من بينها شيلدون أديلسون.
حدثان متتاليان، وإن ليس مترابطين، قفزا إلى صدارة اهتمامات الأميركيين هذا الأسبوع ومن شأنهما ترك تداعيات طويلة الأجل على المشهد السياسي والانتخابي لعدة عقود مقبلة.
حدثان تركا بصمات جلية تفيد بسيطرة شريحة شديدة الثراء وقليلة العدد على النتائج الانتخابية والمستقبل السياسي القريب من ناحية، وتعميق معاناة القوى الشعبية والمهمشة تحت وطأة هيمنة رأس المال المصرفي على مراكز صنع القرار.
الحدث الأول، إصدار المحكمة العليا الأميركية قراراً قضائياً يرفع فيه كافة القيود الموضوعة على حجم التبرعات الفردية المسموح بها لأي مرشح لمنصب سياسي؛ وعليه يصبح بوسع الأثرياء التبرع بمبالغ ضخمة غير مسبوقة والتي كانت محددة بنحو 2600 دولاراً للفرد، و10 آلاف دولار للحزب أو متفرعاته من اللجان السياسية والداعمة.
القرار أتى انعكاساً لسيطرة ونفوذ التيار المحافظ على المحكمة، منذ عهد الرئيس الاسبق نيكسون، واستطراداً على التوجهات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الاميركية، بأغلبية 5 ومعارضة 4 قضاة. وعلل رئيس المحكمة العليا وزعيم الاغلبية المحافظة، جون روبرتس، القرار المفصلي بالقول ان "انفاق مبالغ كبيرة متصلة بالعملية الانتخابية .. لا يعزز مفهوم الفساد السائد والمنفعة المتبادلة .. دور المال في السياسة قد يبدو احيانا كريه ومثير للاشمئزاز عند البعض، وينطبق ذلك ايضا على كم من محتويات ونصوص مادة التعديل الدستورية الاولى التي تسعى بقوة لحماية" حرية التعبير. الفريق القضائي المعارض في العليا وصف القرار بأنه "ينتزع القيود القومية والقوانين الناظمة لتمويل الحملات الانتخابية".
وزارة العدل الأميركية أعربت عن قلقها البالغ للتداعيات المستقبلية الناجمة عن القرار "المصيري" في بيان أصدره النائب العام قائلاً، بعد اليوم "سيصبح في متناول مجموعة يقل عددها عن 500 فرد تمويل كلفة الحملات (الانتخابية) بالكامل. هناك خطر حقيقي ماثل قد يؤدي إلى سيطرة تلك المجموعة على كافة مرافق الدولة وادارتها" خدمة لمصالحها. قرار العليا من شأنه قطع الفواصل المسلم بها لمفهوم حرية التعبير المقدسة وإعلاء شأن تمويل الحملات الإنتخابية كنمط من أنماط حرية التعبير.
الحدث الثاني يتعلق بالاصطفاف المبكر لمرشحي الرئاسة المرتقبين عن الحزب الجمهوري وتقربهم من مصادر التمويل الضخمة لدى الجالية اليهودية الاميركية. ففي 29 آذار المنصرم استضاف الملياردير اليهودي شيلدون اديلسون اربعة مرشحين محتملين عن الحزب الجمهوري في مركز نشاطاته الاقتصادية، كازينو "فينيشيان" للقمار في مدينة لاس فيغاس. تمت الدعوة تحت رعاية مجموعة تدعى "تحالف الجمهوريين من اليهود،" يمولها كبار الاثرياء، ينصتون للمرشحين وهم يكيلون آيات الاطراء والتغني "باسرائيل" والتسابق على مدى الالتزام بدعمها وتأييدها في سياساتهم المقبلة. يدرك المرشحون لمنصب الرئيس ان الفوز بتبرعات اديلسون السخية مرهون بالتماثل مع مطلبه الثابت والرئيس: مدى التزام الرئيس المقبل الفعلي بدعم "اسرائيل".
الحدث أثار اعتراض صحيفة "نيويورك تايمز" التي جاءت افتتاحياتها بتاريخ 31 آذار بغضب وتهكم تحت عنوان "الوقوف بالصف لتقبيل قدمي أديلسون" موضحة أن مجموعة التحالف صاحبة الدعوة هي "إحدى الهيئات المملوكة بالكامل لأديلسون .. إذ اصطف أمامه مرشح تلو الآخر .. بغية نيل رضاه ..." كما لفتت الافتتاحية النظر إلى خطورة انتشار ظاهرة "محبي السامية" كنقيض لمعاداة السامية، بين أقطاب الحزب الجمهوري لمحاباة منابع التمويل المصرفي.
يصنف أديلسون بأنه واحد من 10 شخصيات مفرطة الثراء على المستوى العالمي، وتقدر ثروته بنحو 47 مليار دولار العائدة من ملكيته وادارته سلسلة من كازينوهات القمار؛ انفق ما ينوف عن 150 مليون دولار على حملة دعم المرشحين الجمهوريين وفي مقدمتهم المرشح الجمهوري السابق، ميت رومني، عام 2012.
اصطف أمام اديلسون "لتقبيل قدميه،" حكام ثلاث ولايات عن الحزب الجمهوري، أسوة بما فعل سابقاً نيوت غينغريتش وميت رومني: كريس كريستي عن ولاية نيوجيرزي؛ سكوت ووكر عن ولاية ويسكونسن؛ جون كيسيك عن ولاية اوهايو؛ وحاكم ولاية فلوريدا السابق جيب بوش، شقيق الرئيس السابق جورج بوش الإبن. الولايات المذكورة وقع عليها الاختيار بعناية نظراً لحجم الجاليات اليهودية الفاعلة فيها وثقلها السياسي في حسم النتائج الانتخابية، والتي صوتت لصالح المرشح أوباما عام 2012.
من العسير عدم تيقن الحضور من المرشحين للقضايا والمخالفات القانونية التي تلاحق أديلسون، لا سيما التهمة الثابته بقيامه توزيع رشاوى مالية على مسؤولين سياسيين "اجانب؛" الامر الذي اثارته عدد من وسائل الاعلام الرئيسة، واخيرا معارضة اديلسون لمشروع قانون يجيز لعب القمار على شبكة الانترنت.
المتحدث الاسبق باسم البيت الأبيض في عهد الرئيس جورج بوش الإبن، آري فلايشر، وعضو تحالف الجمهوريين من اليهود، وصف اللقاء بدقة قائلاً إنه بمثابة "انتخابات تمهيدية هامة لشيلدون (أديلسون).. كل من يسعى للفوز بترشيح الحزب الجمهوري (لمنصب الرئيس) يرغب في طلب ود شيلدون واصطفافه الى جانبه". ما لم يقله فلايشر إن اديلسون يسعى الى التعلم من أخطائه السابقة في مراهناته الخاسرة على غينغريتش (15 مليون دولار) وميت رومني.
قائمة المستثنيين من دعوة اديلسون
قبل الولوج في بعض تلك الأسماء تجدر الإشارة إلى توقيت ومغزى قرار المحكمة العليا برفع القيود عن حجم التبرعات للمرشحين والأحزاب السياسية. في الجولة الإنتخابية السابقة، ساهم بعض فاحشي الثراء عن الحزب الجمهوري، الأخوان كوك، بتشكيل تيار حزب الشاي ممثلا للتوجهات المحافظة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا. وما لبث التيار ان فقد بريقه السياسي سريعا بفعل الاحداث والتطورات السياسية، وكذلك لسلسلة من المطبات السياسية التي ارتكبها بعض اشهر رموزه: السيناتور تيد كروز، مثالا.
وعليه، قرأ الاخوان كوك ونظراؤهما الاثرياء المحافظون الخريطة السياسية بدقة ورغبتهم بالابتعاد عن دعم تيار أو مجموعة بعينها بعد أن زالت كافة العقبات القانونية لدعم أي مرشح محدد. وستشهد الخريطة السياسية المقبلة تجاوز تيار حزب الشاي وامثاله سريعا، وربما تلاشيه قبل بدء الجولة الانتخابية.
في هذا السياق، استثنى شيلدون أديلسون بعض أهم رموز الحزب الجمهوري من الدعوة: السيناتور تيد كروز، الذي ذهب في تصريحاته المتشنجة مديات ابعدته عن قاعدته الجمهورية رغم تأييده ودعمه "لاسرائيل؛" السيناتور راند بول، الذي يتنقد احيانا السياسة الاميركية في دعم "اسرائيل" ويحظى بشعبية ثابتة في قاعدة الحزب الجمهوري؛ حاكم ولاية تكساس ريك بيري؛ الحاكم السابق لولاية اركنساس والمرشح الرئاسي السابق مايك هاكابي؛ وسارة بيلين. كل له مثالبه وسقطاته السياسية بالنسبة لبرنامج الحزب الجمهوري الاستراتيجي.
يتميز رون بول على الآخرين بجاذبية خطابه وقدرته على استقطاب حشود من خارج دائرة الحزب الجمهوري، بل مخاطبة بعض معاقل دوائر الحزب الديموقراطي الانتخابية، وسعيه الثابت للتقاطع وايجاد نقاط مشتركة مع التيارات الليبرالية واليسارية، لا سيما فيما يخص مناهضته لسيطرة وكالة الأمن القومي وتجسسها على كافة مناحي الحياة اليومية وانتهاكها الصارخ للحقوق الفردية والجماعية.
السيناتور تيد كروز حجز مقعدا مبكرا له في قائمة المحيِرين والمربِكين من بين المرشحين عن التيار المحافظ، رغم تصريحاته المتكررة عن صدق دعمه الثابت "لاسرائيل،" بوتيرة تفوّق فيها على كل منافسيه الآخرين. بيد ان ميوله للتيار الاشد محافظة لم يلقَ اذانا صاغية لدى اديلسون؛ وكذلك الامر مع كل من هاكابي وحاكم ولاية تكساس المحافظ ريك بيري وسارة بيلين.
من بين المدعوين الاربعة على مائدة اديلسون، برز حاكم ولاية ويسكونسن، سكوت ووكر، الذي يتمتع بشعبية معتبرة داخل قواعد الحزب الجمهوري والتي لا تكن احتراما كبيرا للسلالات العائلية وانتماء جيب بوش لتلك الفصيلة، خاصة مع تنامي اعتراضاتهم على امكانية دخول هيلاري كلينتون حلبة الترشيحات الرئاسية وتكرار تجربة السلالات الرئاسية.
كريستي، حاكم ولاية نيوجيرزي، بدأ سباقه الرئاسي بفضيحة سياسية تمثلت بدوره المزعوم في اصدار أمر لسلطة المرور باغلاق جسر رئيسي يربط ولايته بمدينة نيويورك ابان ذروة الازدحام ليعاقب منافسه السياسي الذي سيلحقه اللوم من ازمة السير باعتباره المسؤول المباشر عن تلك المنطقة، فضلا عن مواقفه المتقاربة من النبض الشعبي العام المؤيد لفرض قيود مشددة على اقتناء السلاح الفردي مما جعله يغرد خارج سرب المحافظين في الحزب الجمهوري. اما جون كيسيك فقد اغضب قاعدته الحزبية في ولاية اوهايو لدعمه برنامج الرعاية الصحية الشامل، اوباما كير، ومطالبته اقرانه بتوسيع نطاق تغطيته.
اللافت في لقاء التحالف غياب اديلسون عن خطاب سكوت ووكر، الصاعد بقوة، مقارنة بمحاباته الآخرين، مما يؤشر على عدم تيقن الممولين اليهود ومن بينهم اديلسون من فوز احدهم وقد يجدون انفسهم منفردين بدعم مرشحين لا يحظون بتأييد القاعدة الانتخابية للحزب الجمهوري.
حيثيات لقاء تحالف الجمهوريين من اليهود
إستضافة المرشحين الطامعين بالمنصب الرئاسي والطلب من الآخرين بالحضور كان بغرض الاستدلال واستشراف حظوظ كل منهم قبل ان يقع القرار على تأييد احدهم بشكل جدي. كما ادرك اصحاب الدعوة، بالاضافة الى اديلسون، ان الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري ستكون اقصر من غيرها في الجولة المقبلة، سيما وان ولايات اربع ستجري انتخاباتها مبكرا في شهر شباط 2016؛ تتبعها عدة ولايات تعقد جولة انتخاباتها في الاشهر المقبلة: آذار ونيسان وأيار. مؤتمر الحزب الجمهوري العام سيعقد في فترة اواخر شهر حزيران او اوائل تموز 2016، الامر الذي يقتضي وضع استراتيجية تمويل مبكرة.
ربما هذه الخاصية ساهمت في دغدغة مشاعر اديلسون لادراكه ان فصلا قصيرا من الانتخابات التمهيدية يؤدي الى ثبات مرشح يضح تحت تصرفه اموال كبيرة والفوز بترشيح الحزب، مما حدى باديلسون دخول الحلبة مبكرا وحجز مقعد المرشح الاوفر حظا – وفق رؤيته السياسية بالضرورة.
من سوء حظ اديلسون تجديد الحزب الجمهوري العمل بالقوانين السابقة الناظمة لهوية حضور المؤتمر العام، واعادة القرار النهائي الى القواعد الحزبية وتحديد ممثليهم داخل المؤتمر؛ الأمر الذي قد يثير قلقا لدى اديلسون لعدم ممارسته اقصى نفوذه لترجيح مندوب معين للمؤتمر العام قد لا يحظى بدعم اللجان المحلية للحزب.
وتضاعفت الاخبار السيئة لاديلسون اذ اعتادت ولاية نيفادا، مقر اقامته واعماله التجارية، على عقد انتخاباتها التمهيدية مبكرا وميل الهيئات الحزبية الى سحب تلك الميزة واستبدالها بولاية اخرى تقع في المنطقة الغربية من البلاد، نظرا لتنامي نفوذ الحزب الديموقراطي فيها. القرار النهائي سيتم البت فيه عند انعقاد اللجنة المركزية للحزب الجمهوري في شهر ايار المقبل، ويرجح ان تفوز به ولاية اريزونا.
في الحيثيات، حظي جيب بوش برعاية مميزة من اديلسون وعقيلته اللذين استضافاه على عشاء خاص قبل المؤتمر بيومين، مدركين حث القوى المؤثرة في الحزب الجمهوري لجيب بوش دخول حلبة الترشيحات الرئاسية. وحاضر في اللقاء السفير الاميركي الاسبق لدى الأمم المتحدة، جون بولتون، الذي افرد حيزا واسعا من كلمته لانتقاد السيناتور راند بول "حول اسرائيل." من بين المتكلمين ايضا برز جون كيسيك، اوهايو، كاكبر متذللٍ لاديلسون موجها كلمته له بالاسم مرحبا باستثمارات الاخير في ولاية اوهايو.
كريستي نال القدر الاعظم من التغطية الاعلامية "لزلة" لسانه امام اديلسون قائلا انه صعد على طائرة مروحية وطار في اجواء "الاراضي المحتلة،" ابان زيارته، مما اثار غضب اليهود من الحضور لا سيما صاحب الدعوة اديلسون. بل طالبه رئيس "المنظمة الصهيونية الاميركية،" مورتون كلاين، بضرورة تفسير قصده من "الاراضي المحتلة." ولم يكتفي كلاين بتفسير كريستي اذ علق لاحقا بالقول "اما ان كريستي لا يفهم المسألة، او انه معاد لاسرائيل." وشرع كريستي لعقد لقاء خاص مع اديلسون لاحقا لتقديم اعتذار شخصي عما ورد، والتأكيد على "دعمه اللامحدود لاسرائيل."
أما راند بول، فلم يشأ ان يبقى خارج السرب وأوضح لاحقاً لعدد محدود من أكبر ممولي الحزب الجمهوري رغبته في "بلورة" رؤيته في السياسة الخارجية "لا سيما في ما يتعلق بإسرائيل؛" وعزم على التقرب من الممولين اليهود تعبيراً عن صدق نواياه. بعض أعضاء التحالف المذكور أعرب عن عدم ثقته بموقف راند بول وعقد النية لهزيمته في الانتخابات التمهيدية. الامر عينه ينطبق على اديلسون الذي لا يروق له مرشح سياسي يغلب المصالح القومية الاميركية على ما عداها امام جمهور الناخبين، وخاصة ان نسبة كبيرة من "الوطنيين" الاميركيين يذكّرون انفسهم واقرانهم بمقولة منسوبة لمؤسس الدولة، جورج واشنطن، محذراً من التقارب مع دولة معينة قائلاً "الترابط الإنفعالي والحماسي لدولة نحو أخرى ينجم عنه عدد من الشرور".
الفائز بمقاسات أديلسون ودلالاته
أديلسون ونظراؤه من الممولين اليهود لم يرسوا على قرار بدعم مرشح بعينه، ربما لأن الوقت غير مناسب راهنا. توقع البعض ان يتصدر كريس كريستي قائمة المرشحين، بيد ان زلة لسانه المذكورة حول "الاراضي المحتلة" وتحديد مسؤوليته في فضيحة اغلاق جسر المرور قد ركنتاه جانبا الى حين. ان صحت هذه التوقعات فان الساحة تصبح ممهدة امام جيب بوش الذي لا يزال بعيدا عن حسم توجهاته بدخول حلبة السباق الرئاسي، ويدرك بعمق مديات عدم الرضى داخل قواعد الحزب الجمهوري لاستحداث سلالته سياسيا من جديد.
دور المال في السياسة لا يشكل العامل الحاسم والحصري لفوز مرشح يستند الى تمويل كبير، كما اثبتت تجربة وزيرة الخارجية السابق هيلاري كلينتون ابان ترشحها للانتخابات الرئاسية عام 2008. اديلسون وثروته الضخمة العائدة من صناديق القمار لا يبشر بنيته، برفقة نظرائه الاخرين، دعم مرشح عن الحزب الجمهوري يتمتع بدعم قاعدة شعبية معتبرة، بل صعود مرشح يواكب توقعاته السياسية.
نظرة أديلسون الضيقة بتفصيل مرشح على مقاسه يؤيد "اسرائيل" بشدة لنيل تمويل الحملة قد تنعكس عليه سلبا، ويبدو انه يجنح لتأييد مرشح ينتمي لصلب المؤسسة السياسية وليس على الهامش مثل تيد كروز وراند بول.
العلاقة اللصيقة بين دور رأس المال والنفوذ السياسي ليست وليدة اللحظة، بيد انها في المشهد الاميركي تمضي بعيدا عن اي جهود لكبح تداعياتها او التخفيف من تجلياتها؛ بل التجارب التاريخية للنظام السياسي الاميركي تشير بصورة جلية ان المستفيد الاكبر من الثنائي هو الممول وسوق المصارف وخاصة نتيجة البرامج الحكومية الضخمة كتلك التي تبنتها الدولة ببناء البنى التحتية وتحديث العجلة الانتاجية بعد الحرب العالمية الثانية.
يشار في هذا الصدد إلى أن قائمة تضم أكبر 20 ممولاً لمسيرة الرئيس أوباما السياسية تضم رؤساء مصارف واستثمارات مالية ضخمة، غولدمان ساكس و جي بي مورغان، واللتين ثبت تواطؤهما في صنع الازمة المالية التي عصفت بالولايات المتحدة 2007 – 2008، واستطاعتا الافلات من اي ملاحقة قانونية حقيقية.
بالنظر إلى قرار المحكمة العليا بتحريرها القيود المفروضة على حجم ووجهة التبرعات وتمويل الحملات الانتخابية المختلفة، فان انعكاساته تأتي لتتناغم مع رغبة فاحشي الثراء ابقاء سيطرتهم والتحكم بالمركز الأول في صنع القرار، بصرف النظر عن توجه المرشح السياسي أياً يكن.
المصدر: مكتب واشنطن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.