البيت الأبيض: بوتين أبلغ ترامب استعداده للقاء زيلينسكي قريبا    وسام أبو علي: أبحث عن الإنجازات الفردية والجماعية مع كولومبوس كرو    الإسماعيلي: لن نصمت على أخطاء الحكام تجاهنا    الداخلية: شائعة الإخوان بفيديو مفبرك محاولة يائسة لضرب الاستقرار    عايدة الأيوبي تتألق بمهرجان الصيف الدولي بمكتبة الإسكندرية.. وتُهدي غزة أغنية جديدة    1 سبتمر.. اختبار حاصلى الثانوية العامة السعودية للالتحاق بالجامعات الحكومية    الشيباني يناقش مع وفد إسرائيلي خفض التوترات في السويداء    بعد فوز ريال مدريد.. جدول ترتيب الدوري الإسباني عقب نهاية الجولة الأولى    راحة سلبية للاعبي المصري قبل الاستعداد لمواجهة حرس الحدود بالدوري    هشام يكن: محمد صلاح لاعب كبير.. ومنحته فرصته الأولى مع منتخب الناشئين    موعد مباراة منتخب مصر أمام الكاميرون في ربع نهائي الأفروباسكت    ملخص وأهداف مباراة الريال ضد أوساسونا فى الدوري الإسباني    إقامة عزاء الإعلامية شيماء جمال بعد تنفيذ حكم الإعدام بحق زوجها القاضي وشريكه    المقاولون العرب يهنئ محمد صلاح    نقابة الصحفيين تعلن المرشحون للفوز بجائزة محمد عيسى الشرقاوي «للتغطية الخارجية»    «كنت بفرح بالهدايا زي الأطفال».. أنوسة كوتة تستعيد ذكريات زوجها الراحل محمد رحيم في عيد ميلاده    أسعار الفراخ البيضاء والبلدي وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الأربعاء 20 أغسطس 2025    رئيس وكالة «جايكا» اليابانية مع انعقاد قمة «التيكاد»: إفريقيا ذات تنوع وفرص غير عادية    مع اقتراب تنفيذ اعترافه بفلسطين.. نتنياهو يجدد هجومه على ماكرون    «تصرف غريب ورفيق جديد».. كيف ظهر يورتشيتش من مدرجات بيراميدز والمصري؟    بعد أزمة الاستاد.. الزمالك مهدد بإيقاف القيد (تفاصيل)    عملية «الحصاد».. حكاية «تكنيك نازي» تستخدمه إسرائيل لقتل الفلسطينيين في غزة    إسرائيل تبدأ استدعاء جنود الاحتياط تمهيدًا لعملية محتملة في غزة    تنفيذ حكم الإعدام في قاتل المذيعة شيماء جمال وشريكه    عاجل.. تنفيذ حكم الإعدام بحق قاتل الإعلامية شيماء جمال وشريكه بعد تأييد النقض    حملة مسائية بحي عتاقة لإزالة الإشغالات وفتح السيولة المرورية بشوارع السويس.. صور    تخريج دفعة جديدة من دبلومة العلوم اللاهوتية والكنسية بإكليريكية الإسكندرية بيد قداسة البابا    «مصنوعة خصيصًا لها».. هدية فاخرة ل«الدكتورة يومي» من زوجها الملياردير تثير تفاعلًا (فيديو)    «بعملك غنوة مخصوص».. مصطفى قمر في أحدث ظهور مع عمرو دياب    شاهد.. رد فعل فتاة في أمريكا تتذوق طعم «العيش البلدي المصري» لأول مرة    بعيدًا عن الشائعات.. محمود سعد يطمئن جمهور أنغام على حالتها الصحية    هشام يكن: أنا أول من ضم محمد صلاح لمنتخب مصر لأنه لاعب كبير    رسميا الآن بعد الارتفاع.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 20 أغسطس 2025    السيطرة على حريق بأسطح منازل بمدينة الأقصر وإصابة 6 مواطنين باختناقات طفيفة    صيانة وتشجير قبل انطلاق العام الدراسي الجديد.. الشرقية ترفع شعار الانضباط والجمال    حدث بالفن| سرقة فنانة ورقص منى زكي وأحمد حلمي وتعليق دينا الشربيني على توقف فيلمها مع كريم محمود عبدالعزيز    أمين مساعد «مستقبل وطن»: الحزب يستعد لانتخابات مجلس النواب بجولات تنظيمية    رجال الإطفاء بين الشجاعة والمخاطر: دراسة تكشف ارتفاع إصابتهم بأنواع محددة من السرطان    جهاز حماية المستهلك يكشف شروط الاسترجاع واستبدال السلع بالأوكازيون الصيفي    «الإسكان» توضح أسباب سحب الأرض المخصصة لنادي الزمالك    اندلاع حريق في عقار سكني بالكرنك بالأقصر والدفع ب4 سيارات إطفاء (صور)    الرقابة على الصادرات: 24.5 مليار دولار قيمة صادرات مصر في النصف الأول من 2025    تحتوي على مواد مسرطنة، خبيرة تغذية تكشف أضرار النودلز (فيديو)    وكيل وزارة الصحة بكفر الشيخ بتابع سير العمل في مستشفى الحميات    رئيس الرقابة على الصادرات: معمل اختبار الطفايات المصري الثالث عالميا بقدرات فريدة    هل الكلام أثناء الوضوء يبطله؟.. أمين الفتوى يجيب    تعدّى على أبيه دفاعاً عن أمه.. والأم تسأل عن الحكم وأمين الفتوى يرد    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    أمين الفتوى ل الستات مايعرفوش يكدبوا: لا توجد صداقة بين الرجل والمرأة.. فيديو    مستقبل وطن بالغربية يكثف جولاته لدعم المستشار مجدي البري في إعادة الشيوخ    4374 فُرصة عمل جديدة في 12 محافظة بحد أدنى 7 آلاف جنيه    الشيخ خالد الجندى: افعلوا هذه الأمور ابتغاء مرضاة الله    وكيل تعليم بالأقصر يتفقد التدريب العملي لطلاب الثانوية الفندقية على أساسيات المطبخ الإيطالي    بالصور- وزير العدل يفتتح مبنى محكمة الأسرة بكفر الدوار    بالصور- افتتاح مقر التأمين الصحي بواحة بلاط في الوادي الجديد    الأرصاد: اضطراب الملاحة على البحر الأحمر وخليج السويس والموج يرتفع ل3.5 متر    تأجيل محاكمة عاطل بتهمة سرقة طالب بالإكراه ل23 سبتمبر    «100 يوم صحة» تقدم 52.9 مليون خدمة طبية مجانية خلال 34 يومًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجدي حسين : الانقلاب محشور فى الركن .. وحالته بالويل .. فلماذا لم يسقط بعد ؟
نشر في الشعب يوم 17 - 03 - 2014


الثورة فى خطر من قادة الثورة لا من الانقلاب
الجيش تحول إلى حزب سياسى بل نظام سياسى فوق النظام الموجود !!
اختراعات الكفتة ظاهرة مهمة جدا فلا تطتفوا بالضحك عليها
المجلس العسكرى ينتخب الآن الرئيس القادم فلاتنشغلوا بهذا الموضوع


الانقلاب يقترب من نهاية شهره التاسع ، ولكنه لا يقترب من الاستقرار بل يقترب من الهاوية . سيرد من يقول : إنك تقول هذا منذ بداية الانقلاب ولكن الانقلاب استمرطوال كل هذه الشهور ، وتمت صياغة دستور جديد والاستفتاء عليه ، ونحن على أبواب انتخابات رئاسية سيخوضها شخص يزعم أنصاره أنه إله أو نبى أو فى منزلة بين منزلتين ، والانتخابات البرلمانية ستكون فى يوليو ، وقيادات الاخوان فى السجون والحمدلله . ونقول : إننا لم نحدد موعدا لسقوط الانقلاب ، ولكن قلنا إن الطريق أمامه مسدود ولن يفتح ولا حتى بقذائف المدفعية والطيران. واعترفنا أيضا – ونحن لا نكابرعندما نخطىء فى التقدير – أن جيشنا " الباسل " أذهلنا بحالته السيئة وبكل مستوياته ورتبه ، فلم نكن أمام قرار أحمق بالانقلاب فحسب بل أمام إصرارعلى مواصلته وإن اقتضى الأمر إفناء نسبة مقدرة من الشعب المصرى ، والهبوط لمستوى مطاردة الأطفال والبنات والنساء قبل الشباب والشيوخ ، وإلى حد إرتكاب كل الموبيقات التى حرمها الله . ومع ذلك فقد كررت أكثر من مرة تقديرى الشخصى : إن هذه الموجة الثورية الثانية ستستغرق سنة تقريبا ، ولكن بشرط إحكام وتسديد قيادة الثورة ، وهذا هو الشرط الأساسى والجوهرى للنجاح أو الفشل لا قدر الله . فشراسة الطغاة ليست مفاجأة إلا فى الكم وليس فى النوع ، والشراسة لم تقم دولة ولم تعمر نظاما ولم تطل عمرا ولم تحقق فوزا خاصة فى زمن الثورات حين يتحرر الناس من عبودية الخوف من الموت . ولكن هزمت الثورات أساسا بسبب أخطاء التقدير وسوء مواقف قادة الثورة . فثورة عرابى هزمت بسبب عدم الحزم فى الاطاحة بحكم الخديو والمتزامنة مع إعلان التعبئة العامة لمواجهة الغزو الأجنبى الذى كان متوقعا ثم بإعلان الاستسلام فى المحاكمات العسكرية التى أعقبت الغزو ( راجع كتابى مدونات ثورية ). وثورة 1919 لم تحقق إلا نصف إنتصار لأن الوفد دخل فى مسلسل المساومات مع الانجليز ووافق على معاهدة كامب ديفيد ( معاهدة 1936 ) . وثورة 25 يناير مهددة بالفشل لأن قياداتها لم تجرؤ على إعلان إلغاء معاهدة الذل والعار 1936 ( كامب ديفيد ) ولا إعلان أن الهدف الأساسى هو طرد النفوذ الأمريكى الاسرائيلى من مصر . ( جلست منذ يومين مع شاب من الثوار يؤمن بضرورة التعاون مع أمريكا لمواجهة روسيا والصين !!). ولكن نبدأ أولا بتقدير الموقف الاستراتيجى . مامعنى أن الانقلاب محشور بالزاوية كالملاكم فى ركن الحلبة وقد حوصر ويتلقى الضربات ولا يملك إلا وضع القفازين على وجهه ليحميه من الضربات أو يحضن فى الخصم حتى يلتقط أنفاسه ؟ كيف نقول بهذا والدماء تسيل منا ، ولا يأمن مواطن ومن باب أولى سياسى على نفسه ؟ وصحيفتنا نطبعها تحت السلم رغم أنها شرعية وتصدر عن حزب شرعى . نقول : ليس المهم تفاصيل الصورة ، المهم الصورة الكلية ، فالشهيد يكون غارقا فى الدماء ولكنه يكون هو المنتصر فى الدنيا والآخرة .
الوضع السياسى
هل تذكرون فى حقبة تبدو نفسيا وكأنها من أعماق التاريخ السحيق ؟ هل تذكرون ماذا كان مطروحا قبيل 30 يوينو 2013 ؟ الانتخابات الرئاسية المبكرة .. نحن الآن أضعنا 9 شهور من عمر الأمة ولم نجر انتخابات رئاسية مبكرة ، أى أننا احتجنا لسنة لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة ! فهل يوجد عبث أكثر من ذلك ؟ وكان كثير من المشاركين حسنى النية فى تحرك 30 يونيو يركزون على ذلك ، وأذكر أن فتاتين من الموقعين على عريضة تمرد ، قالتا لى فى وقتها إن الهدف هو الانتخابات الرئاسية المبكرة ، فقلت لهما ومن ستؤيدان فى هذه الانتخابات الرئاسية المبكرة من ال 13 مرشحا السابقين أو غيرهم ، قالتا بمنتهى البراءة : نحن غير مقتنعين بأحد . قلت لهما : هذا ( أى حركة تمرد) هو العبث بعينه وتضييع وقت الأمة .
فى البداية حدث خلاف هل الدستور أولا أو الانتخابات أولا ؟ وقاموا بعمل دستور جديد تحت بند التعديل . ثم حدث خلاف الرئاسة أولا أم البرلمانية ؟ هل تذكرون كم ضيعنا من وقت الأمة فى هذا الحوار العقيم طوال عامى 2011 و2012 ونحن نظن أننا نحسن صنعا . وكلنا كنا مخطئين لأن المشكلة لم تكن فى هذه الخيارات ولكن فى عدم الاطاحة بأركان نظام مبارك وبالنفوذ الصهيونى الأمريكى المهيمن على هذه الأركان .
الانقلاب أدى إلى مواصلة وقف حال مصر ( محلك سر ) ، والعسكر كانوا مسئولين عن هذا منذ 11 فبراير 2011 من خلال مط واستطالة الفترة الانتقالية كتكتيك لاستيعاب الثورة وامتصاصها ولتأكيد سيطرة العسكر على الحكم من خلال عدة حركات التفافية ، لم يكن انقلاب 3 يوليو إلا آخر حلقاتها وأكثرها سفورا . ونجاح الثورات فى المقابل يتوقف على سرعة الانتهاء من الفترة الانتقالية وبداية عهد جديد . فالمرحلة الانتقالية أشبه بالرمال المتحركة التى يغرق فيها المجتمع بأسره ، والمخلصون للوطن وحدهم هم من يسعون لتقصير هذه الفترة الحرجة ، ولطالما حذر حزب الاستقلال كافة الأطراف من إستطالة هذه المرحلة الانتقالية ، وكان هذا سبب تصويتنا لنعم فى الاستفتاء الأول فى 19 مارس 2011 لأن التصويت بلا كان يعنى وضع خطة أخرى والاستفتاء عليها واعتبرنا ذلك مضيعة للوقت ، وكنا نريد الإسراع بتسليم العسكر للحكم . وهاهو الانقلاب أدى إلى إضافة عام جديد من المرحلة الانتقالية قابلة للمزيد ، خاصة وأن ما فعله العسكر بشكل انقلابى غير شرعى سيتعين هدمه ، وإعادة البناء من جديد !! وبذلك ستصل المرحلة الانتقالية إلى 5 سنوات على الأقل . وهذا يعنى أن مصر فى أجازة 5 سنوات . بل ياليت ذلك ، فالأجازة تكون فترة استرخاء وراحة ، وقد تعنى التوقف عند نفس النقطة . ولكن الواقع أسوأ من ذلك فالمرحلة الانتقالية تعنى عدم استقرار القواعد السياسية والاقتصادية والتشريعية التى تحكم البلاد ، وهذا يؤدى إلى التدهور على كل الأصعدة ، فالدنيا حقيقة لاتتوقف فهى إما إلى الأمام أو إلى الخلف . وبالتالى فإن مصر الآن تتدهور بسرعة الصاروخ فى كل الميادين وعلى كل المؤشرات ، حالها شبيه بالمريض فى غرفة الانعاش ، حيث يرى الطبيب أمامه كل المؤشرات على الشاشة فى تراجع مستمر!
والانقلاب صنع حالة نوعية جديدة فى التدهور فقد أعلنت القوات المسلحة حزبا سياسيا حاكما ، وهذه مهزلة أخرى بكل المقاييس ، لايقبلها عقل ولا منطق ، وهى أمور تجاوزتها البشرية جمعاء فكيف يمكن أن تنجح فى مصر أم الدنيا ( أو التى كانت !). القيادة العليا للقوات المسلحة تجتمع وتناقش مصير البلاد ، وتحدد المرشحين للرئاسة مدنيين وعسكريين ، وتقيل وتشكل الوزارات ، وتدير الاقتصاد ، وتستولى على القطاعات الاقتصادية تباعا ، وتؤكد عسكرة ( لا أخونة ) الدولة ، وبالاضافة لماهو معروف عن هيمنة العسكر على مواقع المحافظين والحكم المحلى ووكلاء الوزارات ومستشاريها والشركات العامة ، أضيف أن العسكرأصبح يوزع الشاى والزيت والسكر ( بدلا من الاخوان والنور ) ، ويوزع البيانات السياسية للحض على التصويت بنعم فى الاستفتاء . ويضع الشعارات السياسية على المركبات العسكرية وصور المرشح لرئاسة الجمهورية رغم أنه لم يترشح رسميا بعد . وكل مايصدر عن الطرطور من تشريعات وقرارات يومية هى بأوامر العسكر، وبالتالى هيمنوا على التشريع تماما . إذن حزب العسكر هو حزب الاكراه وليس حزبا سياسيا يتنافس بشرف فى الانتخابات مثلا ، بل يذكر الناس دوما أنه يتعامل معهم بالدبابة والطائرة والجرينوف ، وأن مسألة المعارضة هى أضغاث أحلام ومن ذكريات الماضى التى يجب أن تنسى . وبحماقة منقطعة النظير بدأ العسكر فى تدمير كل المكونات السياسية التى شاركت معه فى الانقلاب ، بدأ الأمر بالبرادعى الذى أمروه بالسفر بدلا من السجن أو التصفية ، والرجل الشهادة لله يخاف من خياله ، ولم يكذب خبرا وطار إلى بلده الأصلى : النمسا . ثم حمل الانقلاب على الشباب الليبرالى واليسارى والقومى بالتنكيل والحبس والضرب فاكتسب عداء الجميع وبدأ الكثير من رموزالليبرالية يهاجمون الانقلاب على الأقل حرصا على المصداقية. حتى الذين أخلصوا للعسكر ولايزالون يسبحون بحمده كحمدين فتحوا عليه الناروطردوا الثوار الناصريين من الحكومة . ومع ذلك يصر حمدين – الذين أعلن تمسكه بالعلاقات مع اسرائيل – على الاشادة بالانقلاب العسكرى وبالسيسى كبطل قومى . وفيما عدا ذلك لم يبق مع الانقلاب إلا من كان مع نظام مبارك بصورة صريحة : حزبا التجمع والوفد الهزيلان وشخصيات كعمرو موسى ، وحزب الكنيسة وهو الحزب الثانى فى الائتلاف الحاكم الآن مع العسكر . وعلى المواطن المسيحى أن يدرك كيف تضعه قيادة الكنيسة فى مواجهة جموع الشعب .
وهكذا يقف الانقلاب معزولا فى الساحة السياسية لايوجد معه إلا سلاح البطش والاعلام الكذاب والشريحة الأكثر غباء من المرتزقة وقيادة الكنيسة بموقف طائفى أحمق .
عادة عقب إقرار الدساتير الحقيقية تعيش الشعوب فى موسم للحريات ولكن فى أعقاب دستور 2014 المزور شهدنا خنق الحريات فى ذروته ، وهو الخنق الذى بدأ منذ 3 يوليو. ولكن بعد إقرار الدستور لم يهتم العسكر بإثبات أنهم سيحترمون الدستور الذى كتبوه بأنفسهم . فمازالت النيابة والقضاء خارج نطاق الخدمة وتحولت إلى إدارات عسكرية وأمنية ، وتم وقف جريدة الشعب الجديد بالمخالفة للدستور ، وتواصل انتهاك الحقوق والحريات بلا سقف ، بل عدم احترام قانون التظاهر الذى لم ينص على استخدام الجرينوف لفض المظاهرات !!
ربما لا يوجد شخص واحد فى مصر سواى (!!) يتكلم فى هذا الموضوع لأن الدستورالجديد المزعوم تحول إلى مزحة ثقيلة ، ولم يعد أحد يأخذه مأخذ الجد.
والآن نحن على أبواب فصل آخر ثقيل الظل اسمه انتخابات رئاسية ، وهى انتخابات طريفة جدا ، لا مثيل لها فى التاريخ ، إذ تجرى كل مراحلها فى كواليس القوات المسلحة ، فأطراف الجيش والأجهزة الأمنية العسكرية ، هى التى تناقش المرشحين ، المدنيين والعسكريين ، ومن يكون المرشح الأصلى الذى سينجح والمرشح الديكورى لاستكمال المشهد . وتتم الآن تصفية المرشحين داخل الحزب الحاكم العسكرى بحيث يتم التوصل للمرشح الأصلى الذى سينجح من كل بد . والحوار يدور بين 4 أسماء وربما أكثر ولكننا نتحدث عن المعلومات اليقينية التى وصلت إلينا ، والأسماء هى : السيسى – شفيق – عنان – موافى . وتم إجبار شفيق تحت تهديد السلاح ، وذهب خلفه فى المؤتمر الصحفى من يضع المسدس فى ظهره حتى لايغير أقواله ، ولاحظ الجميع أن رئيس أركان حرب مبارك كان مخطوفا شكلا وموضوعا . شفيق خارج البلاد لا يملك إلا الجعجعة ولكن يمكن إسكاته عن طريق كفيله الاماراتى ، وهو يراهن على كفيله أن يفرض ترشيحه ، وحزب المخابرات العامة يريد موافى . ولاشك أن هناك أسماء أخرى طرحت ، ولكن المهم أن العسكر ينتخبون الآن بطريقتهم من يحكم البلاد ، يتآمرون على بعض البعض ويدسون عند بعضهم البعض ، ويتصل كل طرف بالكفيل الأمريكى باعتباره هو المرجح فى كل هذه اللعبة ، لا الكفيل الاماراتى ولا السعودى . وعندما يستقر المجمع المسكونى العسكرى على مرشح ، سيكون هو الناجح ، وبالتالى نرى عدم إجراء الانتخابات واعتماده فورا ، ليس توفيرا للمال ، فالتبذير أخف الأضرار والنفقات يتكفل بها الاماراتيون ، ولكن حرصا على احترام الشعب وعدم خداعه بانتخابات بلهاء ، ستتحول إلى ملهاة ، وستكون مزادا فى التخلف العقلى والبلاهة تزيد الطين بلة وكفى ما نحن فيه من عبث .
الخلاف بين العسكر يدور حول من يتولى وزارة الدفاع ، فالسيسى إذا ترشح للرئاسة لن يكون وزيرا للدفاع ، فسيصبح وزير الدفاع رئيسه ، وسيكون أقوى منه ويمكن أن يطيح به فى أى وقت ككبش فداء باعتباره مسئولا عن جرائم الانقلاب . وهكذا يدفع العسكر ثمن تلاعبهم فى الدستور لوضع هذه المواد الشاذة .
ولذلك ترى أن الشعب المصرى بفطرته السليمة ، وكما قاطع استفتاء الدستور ، هو يقاطع من الآن مايسمى انتخابات رئاسية يقال أنها قادمة خلال أيام بدون مرشحين حتى الآن !
المظاهرات والاضرابات
أما فيما يتعلق بمواجهة المظاهرات الرافضة لحكم العسكر فإن الانقلاب يفتخر بشىء واحد أنه استطاع أن يحتل ميدان التحرير ويصنع له بوابات تغلق وتفتح ، واحتل أيضا عددا من الميادين الأخرى ، لأن الميادين تظهر حجم الحشود . وبالتالى فهم يستخدمون الدبابات والمدرعات ولا أقل لمنع التجمعات فى ميادين القاهرة الكبرى . ولكن المظاهرات حاشدة فى كل مكان فى القاهرة وكل المحافظات : المدن والقرى ، وكل الجامعات ، وهذا يعنى أن حالة التعبئة الشعبية والرفض الشعبى للانقلاب مايزال قائما على قدم وساق كل يوم ولكنه يزداد فى المناسبات وأيام الجمع ، حيث يرتفع عدد الشهداء من جراء ذلك .
ولكن الخناق ضاق على الانقلاب بصورة مضاعفة وقاتلة بتوسع الاضرابات الفئوية والمهنية ذات الطابع الاقتصادى ، والانقلابيون لا يستطيعون أن يفتحوا فمهم بكلمة ، فقد شجعوا هذه التحركات طوال حكم الرئيس مرسى ، وتعاملت حكومات العسكر ( شرف والجنزورى ) معها بأسلوب طبع البنكنوت وإرضاء أطراف دون أطراف أخرى . وأخيرا فى عهد الانقلاب تمت زيادة مرتبات الجيش والشرطة فثار الناس ولماذا نحن لا؟
الآن تطورت الاضرابات من إضرابات متناثرة هنا وهناك إلى إضرابات قطاعية قادرة على شل الاقتصاد والحياة عموما : البريد – النقل – الأطباء – البيطريون – أطباء الأسنان – العاملون فى مجال الصحة عموما – النظافة – الشهر العقارى – النسيج ثم العمال عموما ، ثم الموظفون عموما الخ
وقد كانت إقالة الببلاوى محاولة يائسة كما ذكرت فى مقال سابق لامتصاص الغضب الشعبى وإعطاء الناس أملا فى إمكانية التغيير نحو الأحسن ، ولكن الشعب لم يعد يمكن خداعه بهذه الأساليب ، فاضطر الفاسد الذى استعانوا به لتولى الوزارة إلى مجرد استجداء الشعب وطلب مهلة لمدة 3 شهور ، وهو خداع لحين إنهاء الانتخابات الرئاسية المزعومة التى لن يستطيع خلالها مرشح الجيش أن يسير فى الأسواق ويلتقى بالناس فى هذه الظروف الملتهبة .
اختراع الكفتة مسألة جدية جدا
اختراع الكفتة لعلاج الايدزوالكبد الوبائى – اختراع تمهيد الأرض أمام السيارات – بناء مليون شقة للشباب – تكريم طالبة فى أولى ثانوى لأنها اخترعت غواصة ( أى والله وقام العصار بذلك شخصيا !! ) كل هذه " الأحداث" ليست مجرد فكاهات تسرى عن النفس ومجال للمسخرة على الفيس بوك ، ونحن نحتاج بالفعل لبعض الترفيه فى كل هذه الظروف المعتمة . ولكن أهم مافيها أنها توضح إدراك الجيش أنه فى أزمة خطيرة وأن شعبيته انهارت بالفعل ، فيحاول استرضاء الناس بأى شكل ، فيطلب القادة من المساعدين إبراز أى مشروعات لتبييض وجه الجيش وإعطاء الناس بعض الأمل ، فعندما لا يكون فى جعبة الأجهزة المعاونة إلا هذه الأفكار المضحكة التى قد تصلح للمسرحيات الكوميدى الفاشلة ، فهذا يؤكد عمق الأزمة . ولو كان لديهم بقايا أو أثارة من عقل لأدركوا أن هذه هى نتيجة التفكير المنحرف فى أن الجيش سيحكم مصر ، فهم لا يفهمون لا فى السياسة ولا الاقتصاد ، وخلطوا بين دور الجيش كحزب سياسى حاكم ، وبين تحول الجيش إلى نظام بديل للنظام السياسى المدنى ، فيتصورون أنهم سيحلون مشكلات الصحة والطرق والكبارى التى احتكروها مؤخرا ، ويحلون مشكلة الاسكان ، بينما يعتمدون فى صناعة الأسلحة كالغواصات على طلاب الثانوى المدنيين . أرأيتم كيف أوصلكم طمعكم فى السلطة إلى هذه الحالة الجنونية ؟
هذه نقطة واحدة فى تقديرالموقف الاستراتيجى الآن : الوضع السياسى ، فهناك الأبعاد الاقتصادية والعسكرية وأوضاع السياسة الاقليمية والخارجية عموما . ونواصل فى المقال القادم ربما بعد 3 أيام على الانترنت .
( ربنا لاتزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب )


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.