للمرة الاولي منذ بداية تورّم المعضلة الايرانية النووية، نسمع طبول الحرب تُقرع بصوت عال وعنيف وقفت حياله الآلة الدبلوماسية الغربية شبه عاجزة، رغم حزمة الحوافز الاوروبية والذكاء الفارسي الكسروي كان حاضرا بقوة. في عز التحرّشات الصهيونية والوعيد الامريكي، تفضّل اوروبا مسك العصا من الوسط بيد بها جزرة الحوافز والاغراء لمراودة طهران عن نفسها، حتي تذر ما هي عليه من الشد والصلابة، وباليد الاخري عصا العقوبات ليبقي الاستفهام الاكبر هو، هل ستضرب ايران في ايام بوش المعدودات المتبقية التي لاتزيد عن 6 اشهر، ام ان ذلك مجرّد تمهيد لحرب مؤجّلة تكون اهم مهمة لحاكم البيت الابيض الذي تحمله انتخابات الرئاسة فيكون علي كاهله وزر حرب قد لا تضع اوزارها مطلقا، تضاف الي توحّل جنود امريكا في مستنقعي رمال العراق وجبال افغانستان. ايران ايضا لا تهدّد بالصاروخ والبندقية والطائرة والدبابة فحسب، بل تهدد بقطع شريان الحياة العامة. النفط الذي توعّدت بان اي عمل عسكري ضدها سترد عليه اولا بقطع خطوط امداداته علي الاقل في مضيق هرمز الحيوي. والغرب يعرف جيدا مدي خطورة سلاح النفط عليه، فقد تجرّع آلامها في حرب اكتوبر 1973 ، عندما فعلها العرب ايام كان العرب فاعلا، قبل ان يتحوّلوا الي مفعول بهم وفيهم وعليهم، وعدا عن كل هذا، فايران لن تتواني في الاستعانة بكل حلفائها وكذا بكل من يناصبون العداء للصليبية الامبريالية المتوحّشة والصهيونية العنصرية المجرمة، حتي تجعل من حربها ضد الطاعون الصهيو صليبي حربا مفتوحة شاملة علي اكثر من جبهة، من امثال سورية وحزب الله وحماس، كما ستغتنم ايضا تتبع عثرات امريكا وتستثمر في نكساتها في افغانستان والعراق، ناهيك عن توظيف حياد ايجابي ليس مستبعدا، بل هو منتظر من قبل روسيا والصين. وهذا ما يفسّر تزامن المناورات الصهيونية المهدّدة بضرب المنشآت النووية الايرانية مع مفاوضات تل ابيب مع كل من سورية وحزب الله وحماس، التي جاءت في طي تنازلات غير مسبوقة من اسرائيل لتحييد ايران تحسّبا لمباشرة عمل عدائي مسلّح ضدّها، حيث تفاوض من تسمّيهم بالارهابيين (حماس) وتتقرّب ممن تصفهم بداعمي الارهاب (سورية) وتقبل صاغرة مبادلة مذلة مع حزب الله، تفرج فيها عن اسراه في مقابل رفاة جنودها!!. طبول الحرب لم تُقرع في تل ابيب وطهران فقط، بل انها كانت في لبنان تسمع وتشاهد وتشم وتتذوق لون الدم ورائحة البارود ودوي الانفجارات، وبسلوك مذهبي بائن في معركة طرابلس بين السنّة والعلويين، قد يحمل البصمة الامريكية الهادفة لتوسيع الشرخ بين بيروت ودمشق باعتبار اكبر الرافضين للتواجد السوري في لبنان سنّة وباعتبار النظام السوري يتبنّي المذهب العلوي رسميا، وما تلك الا بداية جنّب الله لبنان الصغير الجريح ويلات تطورها، ومن لبنان الي باكستان لا حديث الا عن حرب داخلية اهلية حيث يكون قائد طالبان باكستان قد مزّق وثيقة الهدنة ليعود الي مجابهة نظام مشرّف المثخن بالمحن، المثقل بالمشاكل.