تشهد القدس مظاهرات صاخبة لمئات الآلاف من اليهود الأرثوذكس المتدينين بالزي الأسود الذي يميزهم، احتجاجًا على قانون جديد يجبر طلاب المدارس الدينية "يشيفوت" على الخدمة في جيش الاحتلال. وقد تجمعت تيارات اليهود" الحرديم" بمختلف مشاربها للمشاركة في التظاهرات التي أحرقوا خلالها إطارات اسيارات، وقاموا بإغلاق الطرق الرئيسية في القدس. وقد أدى تكدس المتظاهرين بشكل كبير إلى إصابة 17 شخصًا باختناقات وصعوبة في التنفس، وفقًا للبيانات الرسمية لهيئة الإسعاف الإسرائيلية. اللافت هو مشاركة النساء المتدينات في تلك الفعاليات، حيث تجمعن في شارع "يافا" القريب. وبحسب أحد أشهر المواقع الإلكترونية لليهود المتدينين (كيكار هشبات) فإن عدد المشاركين في تلك المتظاهرات قد بلغ حتى بعد عصر الأحد 2 مارس 600 ألف متظاهر. وكان حاخامات التيارات المتدينة في إسرائيل قد دعوا إلى إضراب المدارس الدينية، وتم تسريح الطلاب للمشاركة في التظاهرات، كذلك الحال بالنسبة لمؤسسات التعليم العالي التابعة ل "الحريديم". من جانبه اتهم "يعقوب آشر" من حزب "يهودية التوارة" رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بخرق الوضع القائم الذي نجح كافة سابقيه في الحفاظ عليه من عهد ديفيد بن جوريون أول رئيس لحكومة إسرائيلية.، معتبرًا – بحسب "يديعوت أحرونوت"- أن هذه التظاهرات هي الرد على مشروع القانون الجماعي الذي يستهدف أبناء التيار الكاثوليكي. من جانبها أعلنت الشرطة وقوات حرس الحدود الإسرائيلية حالة الطوارئ القصوى من القدس وتل أبيب تحسبا لاندلاع اشتباكات دامية. وكان الجدل قد عاد مؤخرًا في إسرائيل حول قانون "تال" الذي يعفي المتدينين ممن يدرسون في المدارس الدينية، وهو القانون صادق عليه الكنيست عام 2002، وتم تمديد العمل به مرة أخرى في يوليو 2007، إلى أن تقرر مؤخرًا انتهاء العمل به، بدء من شهر يوليو المقبل. ويصل نسبة تلك الشريحة (الحريديم) الذين يعكفون على دراسة التوارة إلى نحو 10% من إجمالي السكان، ويعتبرون هدفًا استراتيجيًا للأحزاب الدينية التي تفعل ما بوسعها للحصول على أصواتهم في الانتخابات ويواصلون الضعط لإعفائهم من الخدمة العسكرية. ويتهم العلمانيون في إسرائيل المعاهد الدينية بأنها تمثل البوابة الرئيسية للكثير من الإسرائيليين للتهرب من الخدمة، مستشهدين بالأرقام الرسمية التي تؤكد أن عدد المقبلين على تلك المعاهد قد زاد منذ سن قانون "تال" عام 2002 ليصل في نفس العام إلى نحو 37 ألف طالب، بعدما لم يتجاوز العدد ال 30 ألف عام 1999. ونظرًا للإقبال المتزايد على تلك المدارس والمعاهد الدينية بغية التهرب من الخدمة العسكرية فقد زاد عدد المنتسبين إليها ليتجاوز ال 68 ألفًا عام 2010. وفي إسرائيل يتم التجنيد وفقًا لنظام الخدمة الإلزامية للشباب والفتيات وتصل مدة الخدمة للمجندين في وحدات قتالية 3 سنوات، وتخدم النساء فترة سنتين إن لم يُفرزن في أماكن قتالية واقتصر عملهن على الأعمال المساندة. مُنذ سنة 2000 يسمح للنساء بالخدمة في الوحدات القتالية اختياريًا. ويخدم كل ذكر أو أنثى فوق 18 سنة، باستثناء بعض المجموعات من بينها العرب المسلمين والمسيحيين وطلاب المدارس الدينية اليهودية. وتصل مدة الاحتياط إلى شهر واحد من كل عام، فيما يبقى الإسرائيلي تحت طلب الاحتياط حتى يبلغ 43 عامًا من عمره.