الرقم الذي أعلنته وزارة الداخلية السعودية عن أعداد المعتقلين المتهمين بالتخطيط لعمليات إرهابية، كبير حقاً.ليس بسيطاً أن يكون الرقم ،520 فقط في الفترة بين يناير/كانون الثاني ويونيو/حزيران ولا هو أمر مطمئن أن يكون غالبية الموقوفين شباناً من إفريقيا الشمالية ودول أخرى. فالمملكة (كما بقية دول الخليج) فيها عمالة أجنبية ضخمة تصل في السعودية وحدها إلى 7 ملايين، إضافة إلى أعداد كبيرة من المقيمين غير الشرعيين. المشكلة أمنية حتماً. لكن حلّها ليس كذلك، ولا هو قصر على السلطات السعودية والخليجية الأخرى. في الشرق الأوسط العربي عشرات ملايين الشبان في سن العمل (المهني والسياسي في آن) الباحثين عن هوية ودور ومستقبل. وما لم يجدوا ذلك سلماً، سيبحثون عنه عنفاً، أو تطرفاً، أو تقوقعاً مدمّراً على الذات والمجتمع. ما لم يجدوه، سيتحوّلون إلى قنبلة ديموغرافية ضخمة يطال انفجارها ليس فقط كل دول المنطقة بل أيضاً كل العالم، كما أثبتت أحداث 11 سبتمبر/أيلول. هناك 350 مليون عربي، 60 في المائة منهم تقل أعمارهم عن 25 سنة. أي أن غالبية الأمة العربية تتكون من الشباب. ووفق أرقام البنك الدولي، سيحتاج هؤلاء إلى 100 مليون وظيفة من الآن وحتى سنة ،2020 هذا في وقت صنّفت الأممالمتحدة المنطقة العربية على أنها الأولى في العالم من حيث قلّة فرص العمل: واحد من كل أربعة شبان تحت الخامسة والعشرين عاطل. وإذا ما كان الوضع على هذا النحو الآن، فكيف سيكون بعد عقد من الآن حين ينضم 150 مليون نسمة إلى العدد الحالي للشعوب العربية؟ ما الحل؟ ثمة حلاّن: الأول، هو تحويل الطاقة التدميرية للشبان العاطلين نحو حروب عسكرية خارجية ما. أفغانستان في الثمانينات لعبت هذا الدور، حين امتصّت طاقة عشرات آلاف اليافعين الذين انضموا إلى الحرب إما لأهداف دينية، أو قومية، أو معيشية. وكذا فعلت الحرب العراقية- الإيرانية، وقبلها حروب منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان والأردن. والثاني، التخطيط لنهضة عربية مشتركة وشاملة دافعها هذه المرة المصالح وليس الإيديولوجيات. “فاينانشال تايمز” تبرّعت في 3 يونيو/حزيران الحالي بتحديد أطر هذه النهضة: الإصلاح الاقتصادي (في المنطقة العربية) ضروري، لكنه غير كاف. من دون الإصلاح السياسي سيكون هدفاً ميتاً. فهيمنة مصالح أجهزة الاستخبارات والعسكريتاريا تؤدي في النهاية إلى قتل الإبداع والمبادرة الاقتصادية. الإصلاح التعليمي له أهمية الإصلاح السياسي، لأن برامج التعليم الحالية تقتل التفكير النقدي والمبادرة. استيراد التكنولوجيا جيد، لكن في النهاية الدول العربية ستكون في حاجة إلى حيازة الفكر العلمي الذي أنتج هذه التكنولوجيا. لا غنى عن التطوير الصناعي. فهو الوحيد القادر على توفير فرص العمل، وهو يخلق أيضاً قوة ضغط (لوبيات) تعمل لفرض حكم القانون والحكومة التمثيلية. هذان، إذاً، هما الخياران المتوافران لحل أزمات 150 مليون شاب عربي: الحروب الخارجية، أو الحرب الداخلية على التخلف الثقافي- التعليمي والتأخر الصناعي- التكنولوجي. أيهما ستختار أنظمتنا؟ نفضّل عدم محاولة الإجابة!