في الوقت الذي تتزايد فيه معدلات البطالة بين الشباب إلى أكثر من 13.5%، تصر الحكومة على تعيين "العواجيز" ومجاملتهم بمناصب استشارية تُكلِّف الدولة مئات الملايين من الجنيهات التي كان من الممكن أن يتم من خلالها حل مشكلة البطالة بين الشباب الذين يمثلون قوة الدفع الحقيقية للاقتصاد. واعتبر خبراء اقتصاد الاستعانة بالمستشارين إهدارًا للمال العام، ومجاملات تضر بالأداء الاقتصادي للدولة؛ وهو الأمر الذي يتسق مع تحذيرات أطلقها المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، في مؤتمر صحفي بداية الأسبوع الجاري، حيث أكد أن الرقم الذي يتقاضاه المستشارون بهيئات الدولة ارتفع إلى 515 مليون دولار خلال عامين. ومن جانبه أكد الدكتور صلاح جودة، الخبير الاقتصادي، في اتصال هاتفي ل "مصر العربية" أن عدًا كبيرًا من المستشارين الذين يتم الاستعانة بهم داخل المؤسسات الحكومية يمثلون إهدارًا للمال العام، خاصة أن عددًا كبيرًا منهم يتم تعيينه على سبيل المجاملة وليس لخبرته أو القيمة المضافة التي سيحققها. وأضاف أن الحكومة تعلم أن المستشارين يمثلون عبئًا على الموازنة العامة ومع ذلك لا تُحرِّك ساكنًا إزاء التعامل مع هذه القضية، مطالبًا بضرورة التدخل لحل الأزمة وتوفير الملايين التي يتم إنفاقها عليهم دون جدى أو وجه استفادة. وكانت الحكومة قد أعلنت في الفترة الماضية، أن لديها خطة لتقلص عدد المستشارين الموجودين بالوزارات والهيئات المختلفة لتقليص عجز الموازنة، إلا أنها لم تتحرك في سبيل تنفيذ ذلك. في السياق نفسه ذكر الدكتور شريف دلاور الخبير الاقتصادي، أن المستشارين في بعض الوظائف والمهام الحكومية، خاصة في ظل الآونة الأخيرة لهم دور في أرباح بعض الشركات، مشيرًا إلى أن هناك بعض المستشارين في الأماكن والوظائف الحكومية يتم تعينهم عن طريق الوساطة والمحسوبية. وأضاف ل "مصر العربية" أنه يجب على الحكومة دراسة كل موضوع على حدة، فهناك بعض الموضوعات التي لا تقبل التعميم كقضية المستشارين، موضحًا أن الدول العربية والأجنبية المتقدمة يعتمدون بشكل كبير على المستشارين الأكْفّاء، الأمر الذي جعلهم يحققون نسبًا عالية من التقدم والربحية. وأشار دلاور إلى أن هناك عددًا قليلاً من المستشارين يفيدون الهيئات والشركات التي تستعين بهم، لافتًا إلى أن هناك بعض الشركات التي تحقق أرباحًا مرتفعة كالهيئة العامة لقناة السويس ويرجع ذلك لجودة المستشارين الموجودين بالهيئة. وطالب دلاور الحكومة بضرورة، دارسة حالة كل مستشار على حدة، حتى لا نعمم الانتقاد للجميع فتخسر الشركات. وكانت جيهان عبد الرحمن، رئيس جهاز التنظيم والإدارة، قد أكدت في تصريحات سابقة، أن أكثر من 90 % من الجهات تقوم بتعيين مستشارين فوق سن ال 60 عامًا، دون إخطار التنظيم والإدارة، مشيرة إلى أن حالة التضارب في أعداد المستشارين، وراء عدم وجود قانون ينظم عمل المستشارين داخل قطاعات الحكومة، مؤكدة أن الجهاز انتهى من إعداد القانون، وسيتم عرضه على مجلس الشعب المقبل لإقراره. وأوضحت أن المستشارين يحصلون على مبالغ طائلة من الصناديق الخاصة، مشيرة إلى أن راتب المستشار الواحد قد يتعدى ال 50 ألف جنيه شهريًا، مشيرة إلى أن فساد الصناديق الخاصة وراء ارتفاع أعداد المستشارين في أجهزة الدولة.