وانا أتأمل صورة مجموعة من جنود الحكومة العراقية الحالية وهم يصوبون اسلحتهم نحو خمسة اطفال عراقيين اعتقلتهم قوات الاحتلال الأميركي، ولاتتجاوز اعمار هؤلاء الاطفال العشر سنوات ، وقد ارغموا على الجلوس القرفصاء ورؤوسهم مطأطأة الى الارض ، وهم في حالة من الاهانة والاذلال، امام جنود وضباط(الجيش العراقي الجديد). هذه اللقطة الفوتوغرافية ، التي بثتها وكالة (رويترز العالمية في التاسع والعشرين من مايو الماضي، ونشرتها الكثير من الصحف والمواقع الالكترونية)، ترغم هذه اللقطة المؤلمة المرء للتوقف عندها طويلا ، ففي الصحراء الشاسعة التي ظهر فيها الاطفال وهم في وضع اهانة واذلال ، لايوجد الاحشد من جنود وضباط وزارة الدفاع الحالية ، التي اسستها قوات الاحتلال الأميركي ، وتشرف عليها وتوجه زعاماتها لممارسة ابشع الاساليب ضد ابناء العراق. يقول الخبر الذي بثته رويترز، ان القوات الأميركية ، هي التي اعتقلت هؤلاء الاطفال العراقيين ، الا انها وزعت الصورة ، التي تتحدث بدقة عن تفاصيل الخبر ، دون ان يظهر أي وجود للقوات الأميركية ، التي نفذت عملية الاعتقال التي طالت هؤلاء الاطفال العراقيين الصغار ، الذين يجلسون القرفصاء، وتتعرض براءتهم لمختلف انواع الاذلال على ايدي قوات الجيش الحكومي في العراق. في الصورة موضوع الحديث ، يظهر ثمانية اشاوس من الجيش العراقي الجديد ، يصوبون اسلحتهم ، وياخذون مواضع قتالية وسط الصحراء، وليس امامهم سوى الصبية الخمسة ، وتبدو ملامح الانتصار على العسكري العراقي الذي يقف امام الاطفال ، ورغم ان الوكالة لم تنقل الكلام الذي كان يتحدث به هذا العسكري ، الذي يرتدي بذلة تشبه تلك التي يرتديها المحتلون الأميركيون، الا ان حالة الرعب التي ارتسمت على وجوه الاطفال ، تعبر عن طبيعة الكلمات التي يطلقها منتسب وزارة الدفاع الحالية. ان هذه اللقطة الفوتوغرافية، توثق لاسوأ واخطر مرحلة في العراق، مثلها مثل عشرات الآلاف من المواقف المحزنة والمذلة والماساوية، التي ترسخت في اذهان جيل كامل من اطفال العراق، وهم ينظرون الى سلوكيات الاجهزة الامنية من شرطة وجيش، وهو مايختلف تماما عن تلك الصور، التي يتفاخر بها الاباء والاجداد امام الابناء والاحفاد، وتتحدث عن بطولات الجيش العراقي ضد اعداء الامة والعراق منذ حرب عام1948، وحتى ايام غزو العراق ربيع عام2003، وتتناقض والصور التي يتداولها العراقيون عن اجهزة امنية سهرت الليالي لتوفير الامن للعراقيين، وهو مايتناقض تماما ومايراه هذا الجيل الجديد، ويترسخ في ذهنه عن اجهزة اسمها الجيش العراقي والشرطة والامن. الكارثة في تفاصيل الصورة وطريقة اذلال الاطفال من قبل الجيش الحكومي العراقي الحالي، والكارثة في ترسيخها باذهان جيل كامل.