صَعَّد الصهاينة من ممارساتهم السياسية والعسكرية ضد الفلسطينيين، فبينما اجتاحت القواتُ الصهيونيةُ مدينة رفح اليوم الخميس 21 سبتمبر استمرَّ التعنُّت الصهيوني ضد الفلسطينيين فيما يتعلق بتأسيس دولتهم، وبينما أعلنت اللجنة الرباعية الدولية أنها تدعم جهودَ تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية صعَّد الأمريكيون من ضغوطهم السياسية على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. فقد التقى الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن مع محمود عباس على هامش مؤتمر الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقد "أثنى" الرئيس الأمريكي على عباس بعد اللقاء الذي دام لمدة 40 دقيقةً؛ حيث وصفَه بأنه "رجل سلام" ومدَح جهوده لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وقال بوش مخاطبًا عباس: لا أستطيع أن أشكرك بما يكفي على الشجاعة التي أظهرتَها" مؤكدًا أن الإدارة الأمريكية ترغب في العمل معه من أجل ما دعاه بوش تمكين عباس من تحقيق الرؤية التي يتُوق كثيرٌ من الفلسطينيين إلى تحقيقها.
وعقب ذلك أشادت اللجنة الرباعية الدولية- التي تتولَّى مهام الوساطة في الشرق الأوسط- بما سمَّتها "جهود" محمود عباس لتشكيل حكومة وحدة وطنية مع حركة المقاومة الإسلامية حماس، وقال الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان ووزراء خارجية كل من الاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة في بيان مشترك: إن اللجنة الرباعية "ترحِّب بجهود الرئيس الفلسطيني محمود عباس لتشكيل حكومة وحدة؛ أملاً في أن يعكس برنامج تلك الحكومة مبادئ اللجنة الرباعية ويسمح بمشاركة مبكرة"، وقال البيان إن أعضاء اللجنة يتعهَّدون بأن يقدموا المزيد من المساعدات غير المباشرة لكنْ عبْر قناة تتجاوز الحكومة الفلسطينية الحالية التي تقودها حركة المقاومة الإسلامية حماس.
ويأتي ذلك كخطوةٍ لا تُضيف جديدًا في رفع الحصار المالي والسياسي المفروض من جانب الصهاينة وأعضاء اللجنة الرباعية- عدا روسيا- على الحكومة الفلسطينية التي تقودها حماس لدفع الحركة للموافقة على اشتراطات اللجنة، وهي الاعتراف بالكيان الصهيوني، والتخلي عن سلاح المقاومة، والاعتراف بالاتفاقات الموقَّعة بين السلطة الفلسطينية والكيان، وهي الشروط التي ترفضها حماس، مطالبةً الصهاينة بالاعتراف بالحقوق الفلسطينية، وخاصةً حقوق اللاجئين، إلى جانب احترام الإرادة الفلسطينية التي جاءت بالحركة إلى رئاسة الحكومة، وقد أدى الحصار إلى أزمة اقتصادية ومعيشية واسعة في الأراضي الفلسطينية.
وبالفعل فقد نفت وزيرةُ الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس وجودَ تحوُّل في الموقف الأمريكي، وقالت في مؤتمر صحفي إنه إن كان مقدًّرًا حقًّا أن تأتي حكومة وصفتْها بأنها "قادرةٌ على الحكم" فإنها سوف تحتاج إلى دعم المجتمع الدولي، مشيرةً إلى أن تلك الحكومة يجب أن تكون ملتزمةً بما دعته "العمل من أجل السلام".
وفي توازٍ مع تلك الضغوط الدولية على الفلسطينيين من خلال قناة محمود عباس أعلن الصهاينة أنهم يرفضون أن تكون حدود ما قبل حرب ال67 الأساس الذي ستقوم عليه الدولة الفلسطينية، وقالت وزيرة الخارجية الصهيونية تسيبي ليفني- خلال كلمة لها أمام الجمعية العام للأمم المتحدة أمس-: إن إقامة دولة فلسطينية هو الحل لمشكلة اللاجئين، لكنها أكدت أن إقامة مثل هذه الدولة لن يكون وفق حدود العام 1967م، معتبرةً أن ذلك سيكون أحد أسس حل الدولتين الفلسطينية و"الإسرائيلية المزعومة"، وقد حثَّت ليفني المجتمعَ الدوليَّ على إقناع الفلسطينيين بذلك، قائلةً بأن على العالم إقناع الفلسطينيين بأن حلَّ مشكلة اللاجئين الفلسطينيين يكمُن في دولة فلسطينية وليس داخل حدود "إسرائيل"، مضيفةً أنه "إذا كان الزعماء الفلسطينيون غير مستعدِّين أن يقولوا هذا فإن العالم يجب أن يقوله لهم".
كما شنَّت وزيرة الخارجية الصهيونية هجومًا حادًّا على حركة المقاومة الإسلامية حماس، زاعمةً أن "السلطة الفلسطينية التي تهيمن عليها حكومة حماس تعلِّم الأطفال الكراهية" كما ادَّعت أن حكومة الحركة تسعى إلى "تحويل الصراع من نزاع سياسي يمكن حلُّه إلى مواجهة دينية لا نهايةَ لها" وذلك في تجاهلٍ واضحٍ للتعاليم العنصرية التي تتضمَّنها المناهج الدراسية الصهيونية وخاصةً المقدَّمة في المدارس الدينية.
ولم تقتصر الخطوات التصعيدية الصهيونية على الجانب السياسي؛ حيث امتدَّت إلى الوضع العسكري، فقد نقلت وكالات الأنباء عن مصادر أمنية فلسطينية قولها إن عددًا من الدبَّابات والآليات العسكرية "الإسرائيلية" تساندها مروحية قد توغَّلت في الجزء الشمالي من مدينة رفح جنوب قطاع غزة في الساعات الأولى من صباح اليوم، انطلاقًا من معبر صوفا تجاه منطقة موراج، وقامت بإطلاق النار تجاه تلك المنطقة، وقد قامت عناصر المقاومة الفلسطينية بالردِّ على تلك النيران.
وتدور حاليًا اشتباكاتٌ بين المقاومة وقوات الاحتلال المتوغِّلة في القطاع، ونقلت وكالة (رويترز) عن شهود عيان تأكيدَهم على أن 3 فلسطينيين قد استُشهدوا من بينهم امرأةٌ تبلغ من العمر 35 عامًا بعد أن اقتحم الجنود منزلاً لعضوٍ في حركة المقاومة الإسلامية حماس، كما أدى الاقتحام إلى إصابة 3 فلسطينيين آخرين من بينهم صبيٌّ، فيما اعتقَل الصهاينةُ شخصًا رابعًا.
وذكر شهود العيان أن المروحيةَ الصهيونيةَ كانت مخصصةً للنقل، وقد هبطت في موقع المواجهات فيما يبدو أنه لغرضِ إجلاءِ مصابين، وأكد متحدثٌ عسكريٌّ صهيونيٌّ أن "الجنود أغاروا على منطقة رفح"، لكن لم يكُن لديه تعقيبٌ آخر.