الأصالة.. الأمانة.. رقة القلب .. الواقعية..المصداقية.. حب الخير..الهدوء الجميل..الثورة البناءة...وغيرها من الصفات الكريمة اجتمعت في شخص هذا الرجل النبيل. عرفت المستشار الفاضل محمود الخضيري وتعاملت معه خلال عشرات السنوات صديقًا ونسيبًا، فهو نسيب عائلتي وهو الشاهد الأول على عقد زواجي بصفته خال زوجتي. ولا أذكر أنني اختلفت معه يومًا في أي حوار أو أي رأي، ولا أذكر على الإطلاق تهاونه في أي موقف إنساني مفاجئ أو محنة طارئة .. وغيرها من المواقف النبيلة في هدوء وروية، فهو دائمًا مسارع للخير وإنصاف المظلومين، وملبيًا أصحاب الحوائج والحقوق. ولم أعرف عنه يومًا أنه ينتمي إلى أي فصيل سياسي أو أي توجه حزبي، ولكنني أعلم علم اليقين أنه ينتمي بكل كيانه إلى الرحمة والعدالة وإنصاف الضعفاء ومساعدة كل محتاج. ولم أره يومًا فظًا أو غليظ القلب، وإنما أراه دائمًا رحيمًا متواضعًا سمحًا مرحأ. كما أنني لم أره يومًا متعصبًا أو متشددًا ولكنني أراه دائمًا وسطًيا بسيطًا مصلحًا ووطنيًا نزيهًا لايميز بين أحد من الناس لأي سبب من الأسباب.
وكان والدي -رحمه الله- الكاتب الإسلامي والرائد الإعلامي الأستاذ محمد علي ماهر كثير الترحيب والمودة والاهتمام بالمستشار محمود الخضيري وبآل الخضيري جميعًا لأسباب عديدة أهمها: والدهم الأكبر هو الشيخ الخضيري الولي التقي، المعروف لعائلة آل ماهر وجميع أهل مدينة طهطا بمحافظة سوهاج، وهي المدينة التي تنتمي إليها عائلتي آل ماهر، وأيضًا آل الخضيري وهي من أكثر العائلات الدينية تميزًا واحترامًا بمدينة طهطا. والشيخ الولي الخضيري له مقام ومسجد بمنطقة البساتين بالقاهرة. ومن دواعي اهتمامنا جميعًا بالرجل، وترحيبنا به وبأبنائه المشرفين، وزوجته الرقيقة الفاضلة المستشارة القانونية، صلة القرابة والنسب، والصداقة الصادقة، والمودة الصافية.
ومن خلال تواصلي الدائم مع أسرة المستشار الخضيري علمت من كريمته الصغرى" مروه الخضيري" أنها تريد نشر مقالة عن والدها بعنوان "مكالمة هاتفية " فطلبت منها كتابة مقالتها وإرسالها لي، ويسعدني عرض المقالة للقراء دون أي تبديل أو تعديل.
مكالمة هاتفية مروه الخضيري
في خلال مكالمة هاتفية لي مع أحد الأصدقاء أعتذر قائلاً، "معلش أصل أنا مش باحب الإخوان!!". قالها علي استحياء ظنًا منه أنني سأختلف معه. أخبرته أنني أنظر للأمور بصورة مختلفة، فأنا أري أن المعركة ليست مع الإخوان، كما أنها ليست مع السيسي أو غيره، بل معركتي ومعركة كل المصريين يجب أن تكون ضد الظلم. فأنا أكره الظلم في كل أشكاله، أكره أن أري إنسان يستحل ما حرمه الله علي نفسه!! هكذا كان المصريون علي قلب رجل واحد في 25 يناير وهكذا كان يجب أن يستمروا...
هي مسألة مبدأ، أنا ضد الظلم سواءً كان الظالم صديقي أو عدوي، أعتقد أن معركة المصريين يجب أن تتجرد من الأهواء، أنا أحب هذا الفريق ساؤيدة مهما فعل، وأنا أكره ذلك الفصيل سانتقده مهما فعل. احترمت البرادعي كثيرا لأنه رغم اختلافه مع الإخوان وتأييده للانقلاب إلا أنه رفض المجزرة التي تعرضوا لها في رابعة. موقفة يعتبر نموذجًا يحتذي به في السياسة النظيفة رغم تعرضه للعديد من محاولات التشويه ممن كانوا حلفاؤه بالأمس. أختلف معك "نعم" و لكنني رغم الاختلاف أتحاور و أتشاور ولا أقبل أن يصبح القمع هو المهيمن على المشهد.
يحسب الكثيرون المستشار الخضيري علي تيار الإخوان وذلك لمواقفه المؤيدة لهم في بعض الأحيان. و لكن الواقع هو أن معركة أبي هي معركة ضد الظلم وهو ليس ضد أو مع فصيل معين. ولا يخفي علي أحد إنتقاد الخضيري لتزوير الانتخابات والتوريث في عهد مبارك، كما أنه وقف بجوار بعض قيادات الإخوان في عهد مبارك عندما كانوا ممنوعين من الوصول إلي العديد من المناصب القيادية و تنتهك حقوقهم. وعندما بدأ الإخوان في الظهور علي الساحة السياسية بعد الثورة انتقد والدي العديد من الأعمال الاحتكارية التي كانوا يمارسونها. كما أنه انتقدهم أيضا في ترشيح الرئيس مرسي للرئاسة، وكان يري أن عليهم الاكتفاء بالحصول علي أغلبية في مجلسي الشعب و الشوري. كما استنكر أيضًا الإعلان الدستوري وعزل النائب العام بهذ الطريقة. كما انتقد أيضًا عدم استجابتهم لمطالب الجماهير قبل 30 يونية.
معركة والدي كانت و ستبقي دائمًا ضد الظلم و ذلك بحكم قضائة أكثر من أربعين عامًا من عمره علي منصة القضاء, وصل في نهايتها إلي أرفع منصب قضائي في مصر و الذي لم يعبأ به, بل و استقال منه احتجاجًا علي عدم تنفيذ أحكام القضاء. وهو الآن يسطر بحروف من نور أنصع صفحة في تاريخ نضاله الطويل. طوبي لك يا أبي ولكل من يناضل من أجل كلمة الحق.