في الوقت الذي يحاصر فيه الكيان الصهيوني وأمريكا وعملاؤهما من الحكام العرب غزة بكل ما أوتوا من قوة لتركيع أهلها وكسر شوكة المقاومة الإسلامية وفي القلب منها "حماس"، ورغم المحنة والبلاء الشديد من جراء استمرار الحصار الغاشم، يأبى الله عز وجل إلا أن يظهر عباده المجاهدين على أعدائهم ويؤيدهم بنصره، فها هو ديبلوماسي أمريكي يعترف بفشل الحصار على غزة في تحقيق أيًا من أهدافه، وعلى الجانب الآخر نجد وزير دفاع الكيان الصهيوني "باراك" يطلب من حكومته قرابة 90 مليون دولار لتحصين التجمعات السكنية الصهيونية المحاذية لقطاع غزة من صواريخ القسام التي وصفها العملاء مرارًا وتكرارًًا ب "العبثية"، وها هي غزة بمقاومتها ترهق الاقتصاد الصهيوني وتذيق من أرادوا إذلالها الويلات. ففي اعتراف صريح، أقر مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأمريكية بفشل سياسة الحصار التي تنتهجها الولاياتالمتحدة والكيان الصهيوني ضد قطاع غزة منذ نحو عامين، في إخضاع الفلسطينيين في القطاع والنيل من شعبية حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وذلك وفقًا لما نقله المركز الفلسطيني للإعلام. ونقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" الصهيونية الناطقة باللغة الإنجليزية عن المسؤول الأمريكي قوله: "إن استمرار الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة يعتبر عملاً خاطئاً، وإنه ساعد حركة "حماس" بدلا من إلحاق الأذى بها"، على حد تعبيره. وبحسب ما نُشر؛ فمن المرجع أن تنقل وزارة الخارجية الأمريكية هذا الشعور، المتعلق بسياسة الحصار، الذي وُصف بأنه "غير سار"، إلى رئيس الوزراء الصهيوني إيهود أولمرت عندما يصل إلى واشنطن فجر الثلاثاء (3/6). وأضاف المسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية القول: "إن ما نرغب في إعلام الإسرائيليين هو أن السياسة التي تبنوها بعد يونيو (حزيران) 2007 حيال قطاع غزة لم تكن فعّالة بالنسبة لإغلاق الحدود". ونصر آخر لصواريخ المقاومة وعلى جانب آخر، كشفت وسائل الإعلام العبرية النقاب عن أنّ وزير الحرب الصهيوني إيهود باراك، ونائبه ماتان فلنائي، سيتقدمان إلى الحكومة الصهيونية خلال جلستها المقبلة بطلب لرصد مبلغ أربعمائة مليون شيكل (قرابة تسعين مليون دولار) لتحصين المنازل في التجمعات السكنية التي تبعد حتى مسافة 4.5 كيلومترات عن قطاع غزة. ويأتي هذا الطلب لتأمين المغتصبات الصهيونية ومحاولة حمايتها من الهجمات الفلسطينية بصواريخ "القسام"، التي باتت تشكل تهديداً حقيقياً أجبر الآلاف من الصهاينة على إخلاء منازلهم في المغتصبات المحاذية لقطاع غزة. وحسب وسائل الإعلام العبرية التي تناقلت الخبر؛ فإنه وبموجب الخطة التي تم إعدادها، ستبدأ أعمال بناء الغرف الآمنة في حوالي ثلاثة آلاف وثلاثمائة منزل في هذه التجمعات السكنية، في غضون شهرين، على أن تنتهي هذه الأعمال خلال بضعة أشهر، كما ورد. إصابات صهيونية وعلى الجانب الميداني أيضًا، أصيب ستة صهاينة بجروح، بينهم خمسة أصيبوا بصاروخ أطلق على منطقة شكول من جنوب قطاع غزة، بعضهم في حالات خطرة وفقًا لما أعلنت القوات الصهيونية. وفي حادث آخر أعلن متحدث باسم جيش الاحتلال إصابة جندي متمركز عند نقطة عبور كيسوفيم جنوب القطاع، برصاص قناص فلسطيني، ووصف حالته بالخطيرة أيضًا. وفي غزة أفاد شهود عيان بوقوع اشتباك بين مقاتلين فلسطينيين وقوة من جيش الاحتلال قامت بتوغل في الأراضي الفلسطينية عند قطاع كيسوفيم، وقال الشهود إن نحو سبع دبابات وجرافة عسكرية توغلت أكثر من ستمائة متر بالمنطقة الواقعة شرق بلدة القرارة جنوب القطاع. من جانبها ذكرت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن إحدى مجموعاتها أطلقت النار من السلاح المتوسط على "قوة صهيونية" راجلة. قتل متعمد!! من جانبها، حذّرت مصادر فلسطينية في غزة من سعي صهيوني لنشر الأوبئة والأمراض القاتلة في قطاع غزة، الذي يتعرّض لحصار شامل مشدد يستهدف جميع مناحي الحياة لمليون ونصف المليون إنسان فلسطيني، وذلك وفقًا للمركز الفلسطيني للإعلام. وأضافت تلك المصادر، أن المشاكل والكوارث البيئية الواقعة والمنتظرة في غزة كثيرة، "فهناك كوارث نجمت عن توقف محطات المعالجة بسبب منع الاحتلال إدخال الوقود"، محذرة من "كارثة بيئية يموت فيها مئات الناس بفعل الأمراض المعدية والأوبئة، مؤكدة أن الاحتلال يريدها سلاحاً تقتل به الناس في غزة بدم بارد. وأشارت المصادر إلى أن الأمراض المزمنة تعتبر من أكثر الأمور خطورة في غزة، ومنها أمراض القلب والسكر والسرطان والفشل الكلوي، وهذه أخطر أربعة أمراض يعاني منها أهل غزة نتيجة نقص العلاج، لا سيما وأن عدد الوفيات من المرضى ارتفع إلى مائة وستة وسبعين حالة خلال أحد عشر شهراً. وطالبت الحكومة الفلسطينية مجددًا بفتح المعابر وإنهاء الإغلاق والسماح بالحركة التجارية والتنقل التجاري وإدخال البضائع ودخول وخروج الناس من وإلى قطاع غزة، موضحة أن مجرد إدخال مواد غذائية أو أدوية لا يعني انتهاء الحصار. وكانت "الحملة الأوروبية لرفع الحصار عن غزة" قد نبّهت من كوارثة إنسانية لم يشهدها التاريخ البشري الحديث من جراء استمرار الحصار، الذي سيدخل عامه الثالث على التوالي بعد أيام، مناشداً المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لمنع وقوع مأساة حقيقية. يشار إلى أن الحصار يشمل منع تدفق العقاقير الطبية والمستلزمات العلاجية والتجهيزات الطبية، وكذلك المواد الغذائية والتموينية والمساعدات الإنسانية، فضلاً عن إمدادات الوقود والطاقة الخارجية التي يعتمد القطاع عليها اعتماداً كلياً، علاوة على المستلزمات الصناعية الأوّلية ومواد البناء والكثير من السلع والاحتياجات اللازمة لمعيشة السكان.