توني بلير دشن في نيويورك مؤسسته الخاصّة بتوحيد الأديان ومحاربة الفقر والصراعات في العالم، وقال في خطاب التدشين أن هدفه تحويل الانسان ليكون مواطنا عالميا بعيدا عن النزعات الوطنية الضيقة وعن التطرف والتعصب، مؤكدا أنه كان يخشى أن يتهمه الناس بالهبل على حد قوله إذا تحدث في هذه الموضوعات عندما كان رئيسا لوزراء بريطانيا، ولا أحد يستنكر على (اللورد العمالي) أن يصبح منظرا وفيلسوفا في خريف عمره، ويجنح بأفكاره حتى تخوم الهبل بعد أن فقد منصبه، لكن الدّور المشبوه للرجل في أكذوبة أسلحة الدمار الشامل العراقية ثم احتلال بلاد الرافدين، يؤكد أن وراء الأكمة ما وراءها! لن ننساق وراء ما يردده البعض حول أهداف استراتيجية بعيدة يسعى بلير لتحقيقها من خلال مؤسسته، تصب كلها في مصلحة المشروع الاستعماري الجديد للمشرق العربي والاسلامي، وأغلب الظن أن المسألة لها علاقة بالمصالح الشخصية للرجل، وتتركز كلها حول تنمية أرصدته البنكية واستثماراته التي يقال أنها تقدّر الآن بالملايين، فضلا عن ميله للعيش الرغيد على حساب غيره، بالتعرف على مذاق لبن الخيل في كاتماندو، وعلى الشعب المرجانية في جزر الأزور، والانتجاع في شرم الشيخ، والاستمتاع بمباهج الحياة في قصور الضيافة، ووطء الأبسطة الحمراء بقدميه الكريمتين في مختلف المحافل و.. وفي كل هذا ليس على الرجل أي ملامة! لكن المؤكد أن فكرة توحيد الأديان مجرد قناع بليري كاذب مغشوش للتغطية على ما ليس له علاقة بأي دين، وهذا يذكّر بممارسات الهواة بالأسواق الشعبية المصرّية في خمسينيات القرن الماضي، فقد كان الواحد منهم يبدأ برنامجه بالقول: موسى نبي عيسى نبي محمد نبي، وكل من له نبي يصلي عليه (صلوات الله وسلامه عليهم جميعا) .. في وقت كانت مصر تتمتع فيه بتعدّديّة تشمل حسن ومرقص وكوهين في نسيج وطني متجانس موحّد الغايات، وبعد عرض ألعابه السحرية يخش الحاوي في الموضوع بالاعلان عن (شربة الحاج عبده) التي تشفي جميع العلل والأمراض باذن رب العباد! كما أن لقب موحّد الأديان يستدعي إلى الذاكرة زعيما عربيا حمل نفس اللقب، وعندما تساءل أحدهم: ليه؟ قيل له: لأن الزعيم جعل المسلم والمسيحي واليهودي.. يكفرون جميعا!