أعلنت إدارة الرئيس بوش مؤخراً أنها سوف تسمح لأعضاء مختارين من الكونجرس بالاطلاع على الآراء القانونية لوزارة العدل عن برامج التحقيق مع المعتقلين المثيرة للجدل والتي أخفيت عن الكونجرس حتى وقتنا هذا. ولكن مع سماح إدارة بوش بالقاء نظرة على هذا القانون السري، فقد جعلتنا هذه الخطوة نتساءل عن القوانين الأخرى التي ما زالت مخبئة بعيداً عن الأنظار. ومن المسلم به في الديمقراطية الأميركية أن القوانين يجب أن تكون معلنة. ولكن القانون في هذه الدولة يتضمن نظما وتشريعات لا يمكن للرأي العام الوصول إليها بسهولة؛ كما يتضمن أيضاً التفسيرات القانونية الملزمة التي تصدرها المحاكم أو الجهات التنفيذية. وهذه التفسيرات يتم إخفاؤها بشكل متزايد عن الرأي العام والكونجرس. وربما يكون أحد أكبر النماذج الشهيرة سيئة السمعة هي المذكرة التي نشرتها وزارة العدل في عام 2003 عن التعذيب وكتبها جون يو. وكانت المذكرة، هي القانون الذي اتبعته إدارة الرئيس بوش، لفترة 9 أشهر في عام 2003، فيما يتعلق بالتعذيب. وكان هذا القانون بمثابة إعلان على أن إدارة الرئيس بوش يمكن أن تتجاهل القوانين التي يمررها الكونجرس. وكان محتوى المذكرة مثيرا للمشاكل على نحو عميق، ولكن كانت هناك حقيقة مثيرة للمشاكل بنفس القدر وهي أن هذا الرأي القانوني كان سرياً وأن محتوياته ظلت سرية لعدة سنوات. وكما نعرف الآن، فإن هذه المذكرة كان يجب ألا تكون سرية لأنها لا تحتوي على أي معلومات يمكن أن تضرر بالأمن القومي للولايات المتحدة إذا تم نشرها. وفي جلسة لمجلس الشيوخ شرفت برئاستها يوم 30 أبريل الماضي، شهد المسئول الأول المكلف بالحفاظ على السياسات السرية خلال الفترة من عام 2002 إلى عام 2007 بأن سرية مذكرة "يو" أظهرت جهلاً أو احتقاراً عميقاً لمعايير السرية". وتشير المذكرات المتعلقة بسياسة التعذيب التي تم نشرها أو تسريبها إلى جسم أكبر للقانون لا نعرف عنه أي شيء بالفعل. وكانت مذكرة "يو" مليئة بالإشارات إلى مذكرات وزارة العدل الأخرى التي سوف ترى النور قريباً، بشأن قضايا تتضمن قدرة الحكومة الأميركية على اعتقال مواطنيها دون تفويض برلماني وقدرة الحكومة على تجاوز التعديل الرابع في العمليات العسكرية المحلية. والجسم الآخر للقانون السري يشتمل على قانون التجسس والاستخبارات الأجنبية. وفي عام 1978، أنشأ الكونجرس محكمة خاصة للنظر في قضايا التجسس والاستخبارات الأجنبية من أجل مراجعة الطلبات الحكومية للتجسس على المكالمات الهاتفية في التحقيقات الاستخباراتية التي يجب أن تتم خلف أبواب مغلقة. ولكن، في ظل التغيرات التي حدثت في مجال التكنولوجيا وفي ضوء الجهود التي تبذلها الإدارة الأميركية الحالية لتوسيع صلاحياتها الاستخباراتية، فإن المحكمة اليوم تقوم بأكثر من مراجعة لطلبات التفويضات؛ حيث أنها تصدر تفسيرات مهمة عن قانون التجسس والاستخبارات الأجنبية مع مساهمتها الفعالة في إصدار قانون جديد. وتؤثر هذه التفسيرات بشكل عميق على حقوق الخصوصية للمواطنين الأميركيين، ولكن الأميركيين لا يعرفون شيئاً عن هذه القوانين لأنه لا يسمح لهم بالاطلاع عليها. وقد سمح لعدد قليل جداً من أعضاء الكونجرس بالإطلاع على هذه القوانين. وعندما أقر مجلس الشيوخ مؤخراً بعض التغييرات الواسعة والمثيرة للجدل على قانون التجسس والاستخبارات الأجنبية، فإن أحداً من أعضاء مجلس الشيوخ الذين صوتوا على مشروع القانون لم يكن يعرف المحتوى الحالي للقانون. وتمتد قواعد السرية إلى جسم آخر من القانون وهو التغيرات في النظم التنفيذية. وتتخذ الإدارة الأميركية موقفاً يقضي بقدرة الرئيس على إلغاء أو تعديل النظام التنفيذي المعلن بدون أي إشعار عام، من خلال عدم اتباعه ببساطة. ويمتلك الرئيس الأميركي امتيازاً يخوله إجراء تغيير في النظام التنفيذي، ولكن القيام بهذه الخطوة دون وجود إخطار عام يؤدي إلى حدوث تغيير سري في القانون. ونحن لا نعرف كيف قامت الإدارة الأميركية الحالية أو الإدارات السابقة بهذه التغييرات السرية. ولا أحد يشكك في حاجة الحكومة لحماية المعلومات المتعلقة بالمصادر والوسائل الاستخباراتية وتحرك القوات أو أنظمة الأسلحة. ولكن هناك اختلافا كبيرا بين إخفاء معلومات تتعلق بالعمليات العسكرية أو الاستخباراتية عن الشعب وإخفاء القانون الذي يحكم النظام التنفيذي. ولا يعزز فرض غطاء من السرية على هذا القانون من الأمن القومي للولايات المتحدة، ولكنه يعطي للحكومة الحرية في العمل بدون رقابة أو محاسبة. وحتى لجان الاستخبارات البرلمانية التي يفترض إشرافها على المجتمع الاستخباراتي منعت من الوصول إلى بعض من هذه الآراء القانونية. ويجب أن يمرر الكونجرس قانوناً يطالب الإدارة الأميركية بإخطار الكونجرس، عندما يغفل القانون الذي يتم صياغته من آراء موظفي وزارة العدل، أو ينتهك القوانين التي مررها الكونجرس، وأن يطالب بالحصول على إخطار عام عند قيامه بإلغاء أو تعديل النظام التنفيذي المعلن. ويجب ألا يتساءل الكونجرس أو عامة الشعب الأميركي عما إذا كان النظام التنفيذي يتبع القوانين الموجودة في الكتب والوثائق القانونية أم يتبع قانونا سريا آخر.
*عضو لجنة الاستخبارات واللجنة القانونية في مجلس الشيوخ الأميركي. لوس أنجلوس تايمز