انتشرت شائعة كبيرة في الكيان الصهيوني بأنه يمكن شراء المنازل والأراضي وغيرها من الأملاك شمال قبرص المنطقة التي احتلها الأتراك في العام 1974 وبأسعار زهيدة، وقد بادر الإسرائيليون لانتهاز الفرصة، في الرحلات الجوية اليومية إلى مطار بلرنكا في جمهورية قبرص، حيث ستجد عدد غير قليل من الإسرائيليين الذين كل هدفهم هو شراء منزل آخر في الجزيرة المجاورة، وحقيقة أن معظم الأملاك التي بيعت في الشمال كانت تعود في الماضي إلى قبارصة يونانيين أصبحوا لاجئين منذ الغزو التركي للجزيرة. ويروي أحد أولئك الإسرائيليين انه اشترى منزلاً في منطقة فماغوستا – شرقي الجزيرة – بمساحة أكثر من 140متر مربع، على مسافة بضع عشرات الأمتار من شاطئ البحر، بمستوى تشطيب عال وبأقل من 200 ألف دولار، على منزل مشابه في إسرائيل، وقال الرجل أنه كان سيدفع ما لا يقل عن خمسة إضعاف إن لم يكن أكثر، وقد سئل لماذا يشتري منزلاً آخر في فماغوستا؟ فأجاب: احتياطاً لكل طارئ من صواريخ حزب الله وحتى الصواريخ الإيرانية، ويضيف جيد دوماً للمرء أن يعرف أن له منزلاً على مسافة نصف ساعة سفر من هنا، في مكان محمي وفي طقس مشابه. حتى ما قبل بضع سنين كان ممكناً الوصول إلى شمالي الجزيرة عبر تركيا فقط، من اسطنبول أو انطاليا – وهكذا، فإن الإسرائيلي الذي يرغب في الوصول إلى هناك يضطر إلى السفر لمسافة طويلة، وابتداء من العام 2004 تسمح الجمهورية القبرصية، بغالبيتها الساحقة من القبارصة اليونانيين للسياح بالمرور إلى شمالي الجزيرة عبر طريق الممر لفندق "لأديرا بالاس" في نقوسيا. يذكر أن الإسرائيليون الذين يشترون الشقق والأراضي (إضافة إلى المقامرين- فإن شمالي الجزيرة مزروع بالكازينوهات) يستغلون هذه الحقيقة للوصول إلى هناك وتنفيذ الصفقات مع محامون إسرائيليون وأتراك ممن اكتسبوا الخبرة في نقل مثل هذه الأملاك. سلطات الجمهورية القبرصية التي تنتمي منذ زمن ما إلى الاتحاد الأوروبي (بل ومؤخراً استبدل الجنيه القبرصي باليورو) تعرف جيداً حجم مشتريات الإسرائيليين في شمال الجزيرة، وحسب أقوالها فإن هذه الصفقات ليس فقط غير قانونية ولا تنطبق، بل وبالأساس غير أخلاقية، "مواطنوكم يستولون على أملاك لاجئين قبارصة يونانيين ممن طردوا من هناك بالقوة على أيدي الجيش التركي، وطالما لم يتم ترتيب هذا الوضع، فإن مواطنيكم يكونوا قد اقتحموا باباً مفتوحاً ووضعوا مالهم على قرن غزال". ويواصل المصدر الحكومي في نيقوسيا قوله انه واثق بأنه عندما سيتوصل الطرفان في قبرص إلى تسوية، فإن كل هذه الصفقات ستلغى شرعاً، خاصة وأنها غير قانونية وغير أخلاقية. أما الإسرائيليون فلا يكترثون ويواصلون الاتجار بأملاك اللاجئين القبارصة الأتراك ودون أي ثبات أخلاقي، ويضيف أن يواصلون بذلك سياسة الخطف لأملاك الفلسطينيين في الضفة وشرقي القدس، وأنهم اعتادوا على الاستيلاء على أملاك الآخرين". يشار إلى أنه من المحتمل أن نسمع ذات يوم عن اعتقال إسرائيليين كانوا ضالعين بهذه الصفقات، وذلك لأنه حسب القانون القبرصي السائد في الجمهورية، فإن كل من له ضلع في هذه الصفقات متجاوز للقانون وحكمه السجن، هذا نوع جديد من الاستيطان لطيف وظاهر.