فى أكبر موسم تصفيات بالجملة، وأكبر أوكازيون تضحية بالصحفيين قررت إدارة صحيفة المصرى اليوم الاستغناء عن أكثر من 150 صحفىا، وقد يصل العدد إلى 250 صحفىا، كما قررت هيئة الاستعلامات -فى الوقت ذاته- طرد 296 من شباب الإعلاميين، وبعضهم يعمل منذ أكثر من ثمانى سنوات، وهذه التصفيات الكبرى تجرى بدون أى تعويض، أى أنه أوكازيون مجانى .. فماذا عن هذه القرارات التى تطيح بمستقبل المئات فى وقت تنشر تلك المواقع الإعلامية صاحبة قرارات الفصل انتقاداتها لبعض الشركات الخاصة التى تقوم بفصل عدد محدود من العاملين؟ فى صحيفة «المصرى اليوم»أعلن عبد المنعم سعيد - رئيس مجلس الإدارة - عن ضرورة الاستغناء عن صحفيين بالجريدة يتراوح عددهم مابين 150 إلى 250 صحفىا، وهومما أدى إلى ثورة داخل الجريدة، هددت «سعيد» نفسه حتى أنه لايأتى إلى مقر الجريدة ولايقابل أحدا من الصحفيين المظلومين؛ خوفا من التجمهر ضده أو الاعتداء عليه. وترجع جذور القصة إلى قيام (رئيس تحرير الصدفة) عندما دعاه رجل الأعمال محمد الأمين لرئاسة تحرير جريدة«الوطن» لسان حال ورأس حربة فلول مبارك .. فقرر «الجلاد»اصطحاب نحو 15 صحفيا من أقرب الموالين له ب«المصرى اليوم» للعمل معه ب«الوطن». ومع تخوف القائم بأعمال رئيس التحرير من أن يصطحب الجلاد مزيدا من صحفيى الجريدة، قرر فتح باب العمل بالمصرى اليوم على مصراعيه، حتى تحولت الجريدة إلى ملاذ للمحررين المتعطلين عن العمل، أو الباحثين عن وظيفة، كما انضم إلى الجريدة عدد ممن انتقلوا إلى صحف أخرى، خاصة مع الوعد بمرتب ومكافأة ضعف ماكانوا يحصلون عليه، وأيضا ضمن مايحصل عليه محرروالمصرى اليوم .. وهكذا انضم إلى الجريدة أكثر من 200 من الصحفيين الجدد، بل الأكثر من هذا انضمام عدد كبير من العاملين والإداريين؛ حتى أن إدارة التنمية البشرية التى كان يعمل بها ثلاثة فقط أصبح يعمل بها نحو 15 من الموظفين .. وبالتالى تحولت الجريدة إلى أشبه بالسوق، ووصل الحال إلى أن معظم المحررين لم يعرفوا زملاءهم الذين يعملون معهم فى الصحيفة نفسها. وعندما وجدت إدارة «دياب» أن الجريدة تتعرض لخسائر، خاصة مع تراجع التوزيع وزيادة عدد المحررين، وبالتالى زيادة الأجور، استعانت بعبدالمنعم سعيد لرئاسة مجلس الإدارة، خاصة مع وجود صفات عديدة تتماشى مع المصرى اليوم مثل اهتمامه بأمريكا وإسرائيل .. ولم تتنبه الإدارة إلى أن «سعيد» كان رئيسا فاشلا لمجلس إدارة الأهرام، بدليل القلاقل التى كانت تثار فى عهده والأموال الطائلة التى كان يتم إهدارها على مكافآت المحظوظين، وهدايا كبار المسئولين، وغيرها من أوجه السفه والتى تصدى لها الزميل ممدوح الولى، وهو ما أثار حمق من تم إيقاف استفادته من هذا السفه، وإن كان «الولى» قد ضرب القدوة بنفسه بإيقاف حصوله كرئيس مجلس الإدارة على مئات الآلاف من الجنيهات من مكافآت واجتماعات مجلس إدارة والجمعية العمومية، والجامعة الكندية. نعود إلى «المصرى اليوم» وبحثا عن توفير النفقات، بحث عبد المنعم «سعيد» عن اتخاذه قرارا بالاستغناء عن عدد كبير من الصحفيين بالجريدة بعد أن وصل عددهم إلى نحو 500 صحفى، بينما العدد المطلوب يجب ألا يزيد على 250 صحفىا، ووضع معايير مشددة لتبرير عملية الفصل،منها وضع حجم إنتاج للصحفى فى الشهر، بما لايتوافر للبعض تقديمه، خاصة الاعتماد على الكم وليس الكيف، وعدم وضع معايير للانفرادات أو التحقيقات الصحفية أو الحوارات، وهى أعمال تستهلك من المحرر جهدا كبيرا، ثم تحتسب إلى رقم عمل واحد فى وقت لايستطيع المحرر عدم رفض الاستجابة للتكليف بعمل التحقيق أو الحوار .. كم أن القرار جاء فى وقت لايتم فيه نشر العديد من الأخبار والأعمال الصحفية للمحررين لطبيعة استحواذ الأحداث الجارية منذ 3 يوليو الماضى على المواد المنشورة بالصحيفة مثل كل الصحف، ووصلت الطامة إلى إمكانية الإطاحة بالعديد من الصحفيين القدامى، والذين قاموا ببناء الجريدة منذ تأسيسها؛ ليبقى بعض المحظوظين من الجدد. وقد أثار التمهيد لقرارات الفصل ثورة، بل فوضى داخل الجريدة، خاصة أن هناك أحداثا أخرى تثير التوتر فى الوقت الحالى،منها إحالة عدد من المحررين للتحقيقات فى موضوع «تسريب» شريط حوار ياسر رزق -رئيس التحرير- مع الفريق «السيسى»، وقد وصلت درجة الغليان إلى تذبذب أداء الصحفيين بالجريدة ذاتها، خاصة مع تمسك جميع المحررين بالعمل فى الجريدة. كارثة هيئة الاستعلامات أما فى هيئة الاستعلامات، فقد قام الأمن بمنع 296 من الإعلاميين من دخول المبنى، رغم أن بعضهم يعمل بانتظام منذ عام 2004 أى منذ أكثر من 8 سنوات متواصلة. وترجع جذور القصة إلى إلحاق الهيئة لعدد من الإعلاميين (خريجى كليات الصحافة والإعلام) للعمل -دون تعاقد- ولكن على أمل تثبيتهم فى يوم ما، وكان عددهم عام 2004 ثمانية، ثم تزايد عددهم إلى 52 حتى وصل عددهم حاليا إلى 296، وظل هؤلاء يعملون بامتياز وانتظام ويحصلون على دورات تدريبية لتطوير الأداء، ونتيجة لهذا التميز، ومع قيام الجهات المختلفة بإجراءات تعيين وتثبيت عقب ثورة يناير وعدهم السفير د. محمد بدر الدين زايد -رئيس الهيئة- فى اجتماع موسع بتعيينهم وتثبيتهم، ووقف إلى جانبهم رئيس قطاع الإعلام الداخلى وكيل أول الوزارة «على النويهى». ولأنالهيئةالتىمهمتهاالأساسيةإيضاحمايجرىداخلمصربصورةتجميليةتحولتإلىنظامأشبهبكهوفالمخابرات،وقدكانتإحدىأذرعصفوتالشريف،حتىأصبحالبعض لايعرف من الذى يديرها بالضبط، ثم تحولت إلى وزارة الخارجية لتكون «استراحة» للسفراء! وعليه، فإن تأثير الأداء الإعلامى أصبح لايتناسب مع واقع الأحداث، رغم أن الهيئة تضم كفاءات إعلامية من أبنائها يمكنهم النهوض بها إذا ماتم تصحيح الأوضاع .. ومايهمنا فى هذا السياق أنه نتيجةانعدام الوضوح والشفافية فى الإدارة فإنه كان طبيعيا أن يتم تعيين العشرات «بالبراشوت» أو ب«الكوسة» على حساب الكفاءات الحقيقية، ومنهم هؤلاء الإعلاميون والذين وصل عددهم إلى 296 ومضى الحال حتى ثلاثة شهور سابقة، عندما جاء السفير أمجد ماهر عبد الغفار ليتولى بدلا من السفير «زايد»فلجأ إليه هؤلاء فوعدهم باتخاذ قرارات التعيين، إلا أنهم فوجئوا بقرارات معاكسة، حيث قام أمن الهيئة بمنعهم من دخول المبنى، وعندما سألوا عن سبب ذلك، أجابهم أمن الهيئة بأنها تعليمات رئيس الهيئة .. فقاموا بالشكوى لرئيسهم «على نويهى» رئيس القطاع والذى قام بالاتصال بالسفير أمجد عبد الغفار فأخبره بأنه لم يصدر قرارا بمنعهم، وهو مايعنى أن الهيئة -كما سبق أن ذكرنا - تدار بطرق خفية، خاصة مع وجود رجال صفوت الشريف مثل عطية شقران وكيل الوزارة ومسئول شئون مكاتب رئيس الهيئة، واللواء حمدى الشوادى، وكذلك عبد الحكيم حسن عبد العال، مدير عام الأمن. وعليه قام عدد من هؤلاء الإعلاميين، وفى مقدمتهم حسام محسن محمد ومحمد رشدى عبدالعزيز وفوزية أحمد الباز ووئام محمد نصر الدين وعلاء الدين بركات عبد الحفيظ،بتقديمشكوى إلى الأستاذ محمد عبد القدوس بصفته مقرر لجنة الحريات بنقابة الصحفيين ووكيل أول النقابة وعضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، أكدوا فيها أنهم من خريجى كليات الإعلام ويعملون بالهيئة منذ سنوات طويلة، وتم تدريبهم على أعلى مستوى؛ تمهيدا لتعيينهم، وهو ما سبق أن وعدهم به السفير محمد بدر الدين زايد رئيس الهيئة السابق، والسفير أمجد عبد الغفار رئيس الهيئة الحالى، ثم فوجئوا بوجود تعيينات لأشخاص غيرهم وبطرق مريبة، حيث لم يتم إجراء أىإعلانات أو إجراء مسابقات وتم تجاهلهم، حيث فوجئوا بقيام أمن الهيئة بمنعهم من الدخول للهيئة، وعندما سألوا وكيل أول الوزارة رئيس قطاع الإعلام الداخلى، والذى سبق أن أعلن وقوفه بجانبهم قام على الفور بالاتصال برئيس الهيئة أمام الجميع، ونفى رئيس الهيئة إصداره القرار، بينما الواقع أنه تم منعهم بالفعل وهو مايضر بمستقبلهم. ترى هل تتحرك الحكومة لإنقاذ مستقبل شباب الإعلاميين بالاستعلامات، خاصة أن الهيئة فى حاجة إلى دماء جديدة وأشخاص مخلصين لتطوير الأداء؟